د.محمد أحمين يرد على بيان رابطة علماء المغرب العربي حول فتوى د.الريسوني
هوية بريس – د محمد أحمين (أستاذ جامعي في المعاملات المالية)
هذه ردود سريعة على بيان الرابطة رغم أنه ابتدع في العلم بدعة الفتاوى المجهولة المُصْدِر، ولا ينفع في الفتوى التوكيل والتجهيل؛ ففي صحيح مسلم عن محمد بن سيرين قال: “إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم”.
– والرابطة تسجل استنكارها للفتوى، وتؤكد شذوذها لمخالفتها لإجماع العلماء على تحريم كل قرض جر نفعا قل أو كثر…
= البيان يحمل نفسا إقصائيا ينتمي إلى مدرسة الرأي الواحد؛ لأنه يعتبر كل رأي يخالفه شاذا، واستند إلى كلام خارج عن النزاع وكتابته مضيعة للأوقات؛ فلا ينازع أحد في تحريم الربا، وإنما النزاع في أنواعه وتحقيق مناطه.
– ولعل الشيخ يرى -كما ذكر بعض من نصر فتواه- أن ربا القروض من ربا الفضل، وهو محرم سدا للذريعة ويعمل بما ذكره الحنابلة وبعض المالكية من أن ما حرم سدا للذريعة جاز للحاجة.
وهذه القاعدة عند من يقول بها ليست على إطلاقها، ومن أكثر العلماء تقريرا لهذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- ومع ذلك لا يقولان بها بإطلاق، بل الذي يقرر أنه في كتبهما أنه لا يجوز العدول بسبب الحاجة والمصلحة الراجحة عن سد الذريعة إذا وجد سبب أقوى؛ وفي ذلك يقول ابن القيم: “الوجه الحادي والسبعون فقد نهى عن التداوي بالخمر وإن كانت مصلحة التداوي راجحة على مفسدة ملابستها سدا لذريعة قربانها واقتنائها ومحبة النفوس لها، فحسم عليها المادة حتى في تناولها على وجه التداوي وهذا من أبلغ سد الذرائع”. فابن القيم لم يجز التدواي بالخمر بناء على القاعدة (ما حرم سدا للذريعة أبيح للحاجة) وأكل الربا وغشيانها أغلظ من شرب الخمر بل العلماء يجعلونها أغلظ من الزنا..
= هذا أيضا من الهذيان والخلط بين الأحكام؛ فمن الذي قال بأن تحريم الخمر تحريم وسيلة حتى يجاز للحاجة؟، هل يصح أن نناقش من لا يميز بين الوسائل والغايات ويخلط بينهما؟، هل نحن في مدرسة ابتدائية حتى نرجع للمرتسمات الأولية؟
وأما ربا القرض فعلماء الإسلام على أنه من ربا الفضل، جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 424)، “وهو إما ربا فضل بأن يزيد أحد العوضين، ومنه ربا القرض”. ووجه كون ربا القرض من ربا الفضل؛ لأن الأجل في القرض غير لازم، إلا عند المالكية، ومع سقوط الأجل لا يخفى في أنه من ربا الفضل. وهذا هو وجه نص الفقهاء على ذلك، وأما مع لزوم الأجل، فإن اشتراط الزيادة في القرض يقلبه إلى عقد فاسد، وإذا انقلب إلى عقد فاسد أصبح القرض حالا، وقد نص المالكية على ذلك.
فإذا ثبت أن القرض بزيادة من ربا الفضل، فهو عند الجمهور كبيرة، لكن شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم يرون أن ربا الفضل محرم تحريم وسيلة، فجاز للحاجة.
– والمتقرر أن الوسائل والذرائع مراتب وبعضها لا يسوغ فيه الأخذ بالقاعدة المذكورة فالأخذ بالقاعدة من باب المصلحة؛ والمصلحة لا يؤخذ بها إذا عارضت نصا صريحا، لذلك لم يأخذ بها ابن القيم في مسألة التداوي بالخمر للنصوص الصريحة في تحريم الخمر، وقل مثله في الربا..
= هذا من تتمة الهذيان في عدم التفريق بين الحاجة والمصلحة ومراتب الأحكام! فيا حسرة على العلم.
وقد قال السبكي :وينبغي أن يفهم الفرق بين الحاجة، والمصلحة”، وهذا بين في كلام الشاطبي فكل حاجة مصلحة ولا عكس. فجميع أحكام الشرع معلل بالمصلحة، لكنها متفاوتة الرتب. قال ابن عثيمين رحمه الله: “الضرورة: ما تفوت به النفس أو أحد أعضائها.والحاجة: ما يفوت به الكمال.وجود الضرورة يبيح المحرمات تحريم مقاصد، ومثاله أكل الميتة لمن خشي الهلاك.ووجود الحاجة يُبيح المحرمات تحريم وسائل، كإباحة النظر إلى المرأة في البيع والشراء عند من أجاز ذلك. وكلاهما يُقدّر بقدره”. وقال الزركشي:” الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق آحاد الناس كررها إمام الحرمين في مواضع من البرهان وكذا في النهاية. فقال في باب الكتابة إن عقد الكتابة والجعالة والإجارة ونحوها جرت على حاجات (خاصة) (تكاد) تعم، والحاجة إذا عمت (كانت) كالضرورة فتغلب فيها الضرورة الحقيقية”
– من ذلك أيضا أن الشرع إذا حرم الشيء للمفاسد التي يفضي إليها لم يبح للمصلحة الراجحة. والتذرع بالتيسير لإباحة أمر مجمع على تحريمه بغير مقتض شرعي واضح مجازفة كبيرة…
= هذا الكلام يعرفه صغار الطلبة، ويدل دلالة قاطعة على أن كاتبه لم يعرف حرف المسألة ولا سبب الخلاف، فإلى الله المشتكى من مستوى العلم
– وبناء على ما أفاد به بعض المختصين العاملين في المجال المصرفي من تحقق وجود ربح زائد على التكلفة الفعلية وهو مشروط في عقود هذه القروض فإن الرابطة تؤكد على حرمتها عملا بالنصوص الواردة في الباب والاجماع المنعقد على تحريم الربا قليله وكثيره…
= هذا أكبر حجة على المحرمين؛ فإذا ثبت لدى شخص الزيادة فليمتنع وليخبر بأن خطأ الأستاذ الريسوني في تقدير التكلفة لا في إباحة الربا كما يريد المحرمون أن يصوروه، فإذا صدقهم الريسوني فبها، وإلا فآلت المسألة إلى تعارض الأخبار العائدة إلى تحقيق المناط، لا إلى الخلاف في مسألة الربا
– وتدعو الشيخ أحمد الريسوني -وفقه الله- إلى إعادة النظر في المسألة مع استصحاب المعطيات والبيانات المتعلقة بالتكلفة الفعلية لهذه القروض التي أعلنت عنها هذه المصارف والأبناك أو التي نص عليها مختصون ثقات…
= هذا الكلام يرد على المحرمين الذين خالفوا المجامع التي أجازت التكلفة الفعلية على القروض، وهو ما أفتى به الأستاذ الريسوني، وأراد المحرمون أن يصوروه بأنه من الربا المقطوع، لا من تعارض الأخبار في معرفة التكلفة، فهذا أشبه بمن يخبر بأن الماء نجس، ويخبر آخر بأن الماء طهور، ففي هذه الحالة تعارض خبران، فيسقط القولان كالبينتين إذا تعارضتا، فمن ذهب إلى أن الأصل هو التكلفة، لم يعتبر الزيادة من الربا، والعكس بالعكس، أشبه التعارض في تعيين كلب ووقت شربه في إناء؛ فقد نص الفقهاء على أنه لو ادعى شخص بأن كلبا معينا شرب من إناء في وقت محدد، ونفى آخر، سقط القولان، وحل الماء؛ لأن الأصل هو الطهارة.
وهذا الجواب من باب التنزل مع المحرم بأن خبره في تقدير التكلفة صحيح، أما لو كان غير صحيح، فلا مجال للنظر فيه، ومما يؤكد عدم صحته أن نسبة 2% تتوافق مع نسبة النفقات العامة للقطاع البنكي التي أعلنها بنك المغرب، وهو الخبير الأول بالبنوك، في تقرير رسمي منشور عام 2018م، فهل تقارن هذه النسبة الرسمية بمبلغ منسوب إلى خبير مجهول.
ونريد أن يعرف القارئ أن الكلام ليس في مبدأ تحريم الربا الذي كررناه مرارا، وإنما في تكلفة القرض.
فمن أقر بالتكلفة فذاك، ومن لم يقر فيقال له إن المنع المطلق لا يصح؛ فإن لأصحاب الحاجات حكما، لا سيما وأن ربا القرض مرده الى ربا الفضل كما نص على ذلك الفقهاء وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه محرم تحريم وسيلة لا مقصد، فيجوز للحاجة.
ومن أقر بالتكلفة، ولكنه نازع في قدرها ودخول المكاتب اللامعة فيها، يقال ما ذكرتم من المكاتب اللامعة وغيرها لا تدل على انقلاب التكلفة الى ربا؛ لأن البنك لم يأكله، فيبقى النظر في كون هذه التكلفة جائزة أو غير جائزة، لا تحويله الى ربا.
بل إن وجدت زيادة على التكلفة الفعلية، فليس على المقترض حرج، لأنه لم يدفع بسبب الربا، والقرينة تدل على أن الدولة لم ترد عقد الربا؛ لأن النسبة أقل مما يتربح به المقرضون في السوق.
وقد سئل الإمام أحمد عن رجل مات أبوه وعليه دين وله ديون فيها شبهة، أيقضيها ولده؟ فقال: أيدع ذمة أبيه مرهونة. فقال شيخ الإسلام: هذا جواب سديد، فإن قضاء الدين واجب، وترك الواجب سبب للعقاب فلا يترك لما يحتمل أن يكون فيه عقاب،ويحتمل أن لا يكون (المجموع 311/21)، وعلى ذلك فقس أيها النبيه.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
سؤال بسيط و سهل بلا تكثار الهضرة . هل الدكتور محمد أحمين يبيح هذه القروض ؟؟؟ .
الربا حرام قليله او كثيره،
ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم :(الحلال بين والحرام بين وبينهن أمور مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرا لدينه. عرضه… الخ)
كان سلفنا الصالح إذا توغلوا في العلم و تبحروا ازدادوا علما و عملا و تقوى…،و كثير من المعاصرين يزيده توغله في العلم تيها و حيرة و حيادا عن الصراط المستقيم الذي يظهر الحق فيه للقاصي و الداني.و لا حول و لا قوة إلا بالله.