ذ. طارق الحمودي يرد على خبير «آخر ساعة» منتصر حمادة حول موضوع عزل وزير الأوقاف
هوية بريس – ذ. طارق الحمودي
نقلت صحيفة “آخر ساعة” العلمانية في عدد 13 أكتوبر 2016 عن من وصفته بـ”الخبير في الحركات الإسلامية “منتصر حمادة” أن ما أثير على المواقع الإلكترونية من دعوة إلى عزل التوفيق من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تندرج في سياق محاولة التمكن من اختراق المشروع الإخواني لمؤسسات الدولة…!
أولا.. ليس عندنا خبراء في الجماعات الإسلامية في المغرب، هذه فقط ظواهر صوتية مجلجلة، ولو وصفوه بالباحث في الحركات الإسلامية لكان قريبا.
ثانيا: كنت سمعت مثل هذا الكلام من كثير من الباحثين والسياسيين والإعلاميين المصريين العلمانيين السيساويين حذو القذة بالقذة، والذي لم ينتبه له حمادة وفقه الله هو أن المطالبة بعزل التوفيق ليست فكرة “إخوانية” -على لغة العلمانية المصرية السيساوية- بل هي فكرة يروج لها طوائف من الشباب المغربي مختلف الانتماءات ولابد عبر المواقع الاجتماعية، ومنهم من لم يصوت أصلا، بل ربما عنده موقف من العدالة والتنمية، ولست أدري مصدره في هذه المعلومة، فالشباب على الفي سبوك لا يضعون صور البطائق الحزبية على صفحاتهم، ولا الإخواني يفعل ذلك، فلا علاقة لها بالإخوان المسلمين .. على الإطلاق.. لأنه ليس عندنا إخوان مسلمون.. إنما عندنا مغاربة مسلمون إخوة في الله.. بالملايين.
“اختراق مؤسسات الدولة”.. هكذا بكل أريحية يصرح الخبير في الحركات الإسلامية، منتصر حمادة… وكأنه نوع من التصعيد ضد حزب وحركة معينة، نحو شيء يشبه سيناريو الانقلاب السيسي على مؤسسات الدولة، أخشى أن يكون حمادة تحول إلى السمسرة الفكرية، وليعذرني الأستاذ حمادة وفقه الله على هذا، فما نسب إليه خطير، يؤول إلى تهديد السلم الاجتماعي، ووضع البلد على صفيح ساخن قد يحرقه، فمعظم النار من مستصغر الشرر، فحينما ينتقل المثقف إلى مثل هذه الفرقعات، يكون مآله غالبا انتكاسة فكرية ونفسية.
مثل هذه التصريحات عند وضعها في سياقها العام، فالجميع اليوم يرمي الحزب المتفوق في الانتخابات السابقة عن قوس واحدة، الجميع يحذر من – تغولهم كما يزعمون- في الدولة، أو يطعنون في مؤسسات الدولة، أو يحاولون اختراق مؤسسات الدولة، تعني ان القوم لا يؤمنون أن هذه المجموعة من المغاربة المسلمين ينفع معهم حوار فكري أو سياسي، بل لابد من ضربهم بيد الدولة، وهذا أمر في غاية الخطورة، والذين يروجون له ينبغي أن يعوا أنهم بهذا يسعون إلى فتح باب الفتنة في البلاد، فمثل هذه التصريحات صب للزيت على شعلة النار الآيلة إلى الخمود.
لم أكن أتصور أن يصرح منتصر حمادة وفقه الله للحق بمثل هذا، خاصة في صحيفة محسوبة على الفكر الإقصائي العلماني في البلد، فمثل هذه الخرجات نوع من الانتحار الفكري، وقد ساءني هذا بشدة، أن أرى المحسوبين على ثقافة الاعتراف الخوض في هذه الأمور بهذه الطريقة العنيفة، وتكفي عبارة الصحيفة ناقلة لموقف منتصر حمادة وفقه الله الذي أكد صحة ذلك عنه “إن نتائج الانتخابات ستفتح الباب بشكل كبير لمزيد من اختراق مؤسسات الدولة”!!! وهذه هي نفسها الطريقة التي كان يسلكها أعداء الحركات الإصلاحية، خاصة المغربية زمن الاحتلال الفرنسي، وكان ملوك المغرب دائما بالمرصاد لمثل هذه المحاولات المردودة على أصحابها.
لقد وصلت هذه الأقلام إلى أفق فكري مسدود، حين وصلت إلى مستوى التحريض على أحد مكونات المجتمع المغربي، والسعي قصدا أو غفلة إلى إفساد السلم الاجتماعي والخصوصية المغربية في أمنه وإيمانه، وليس يخفي الأستاذ منتصر حمادة وفقه الله دعوته إلى وجوب إعادة النظر في المشروع العلماني، بطريقة إيجابية هذه المرة.. وهذه كارثة، أفيظن الأستاذ منتصر حمادة وفقه الله أننا لا نعرف العلمانية؟!
هناك محاولة للتفريق بين المغاربة، ومن ذلك الزعم أن التيار السلفي تيار مستعمل من طرف إخوان المغرب، والسعي في إيقاع الخلاف المطلق بينهما على حد تعبير بعضهم، ونظرة عجلى على ما جرى من أحداث، يستطيع ان يكون الناظر الآن وفي منتهى الوضوح صورة طبيعة المؤامرة. قد يقول قائل، لم تعد نظرية المؤامرة تجدي، والجواب، ربما، لكن “خذوا حذركم”!
نصيحة للمغاربة، احذروا هذه المحاولات، واتقوا الله في الوحدة الوطنية، وما تنعم به البلاد من الأمن والاستقرار، فلا نريد في بلادنا سيساويين، فليس عندنا “إخوان مسلمون”، لا تنظيما ولا فكرا.. وعلى عقلاء البلاد وعدول مثقفيها أن يمنعوا مثل هذه التصرفات غير الواعي أصحابها بألسنتهم وأقلامهم، حفظ الله المغرب وأهله، وأدام أمنه وإيمانه.
اللهم آمين