ذ. قاسم اكحيلات يعلق على “حملة حلق الروؤس”
هوية بريس – عبد الله المصمودي
تحت عنوان “حملة حلق الروؤس”، كتب الباحث في العلوم الشرعية ذ. قاسم اكحيلات، تدوينة مطولة بيّن فيها اختلاف العلماء في حكم الحلق لغير عذر أو سبب شرعي، واتخاذ ذلك عادة، كما علق على ما أطلق عليه “حملة الرجولة”، وذلك بحلق مجموعة من الشباب المغربي رؤوسهم ردا على القزع وقصات الشعر الغريبة والقبيحة.
وهذا نص التدوينة كاملا:
“عمد بعض الشباب إلى حلق رؤوسهم بمره، وذلك دعوة منهم لترك القزع، وهذا فيه تفصيل:
القزع مكروه إجماعا، واختلفوا في تعريفه، قال قوم هو “حلق بعض الرأس وترك بعضه”. وقال قوم: “أن يحلق الرأس ويترك منه مواضع متفرقة”.
وفي كل يدخل تعريف أحدهما في الآخر. ففي اللغة هو:”قطع السحاب المتفرقة”.ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما :”أن رسول الله ﷺ نهى عن القزع”.(البخاري.5921.مسلم.2120).
وأنبه على أن القزع هو حلق بعض الرأس، والحلق هو الاستئصال بالموسى، وليس التقصير. لكن قد يمنع أيضا تقصير بعض الرأس دون بعض إن كان شديدا أشبه بالحلق، أو كان تشبها بالكفار، فالتشبه بهم في كل تسريحة حرام. وقد بين ابن القيم انواع القزع في (تحفة المودود.ص:100) فراجعه.
والعلة في القزع قيل هي المثلة وتشويه الخلق، وقيل زي اليهود، وقيل تشبه بالشيطان، ولا أعلم له دليلا- وقيل العدل، قال ابن تيمية :”هذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه؛ لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيا وبعضه عاريا، ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل فإنه ظلم لبعض بدنه، ونظيره نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة بل إما أن ينعلهما أو يحفيهما”.(المستدرك على الفتاوى.28/3). وقد يصل القزع للحرمة إن كان مثلة او تشبه بالكفار.
أما حملة حلق الرؤوس فلا بد من بيانها في نقطتين:
الأولى : فقد اخلتف العلماء في حكم حلق الرجل شعره، فقال قوم مباح واستدلوا بما ورد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم:”رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهى عن ذلك وقال: احلقوا كله، أو اتركوا كله”.(صحيح رواه أحمد.5614).
وقال قوم هو مكروه، لقول النبي ﷺ:”ليس منا من حلق”.(صحيح رواه أبو داود.3130). ويرد على هذا بأن الحلق الوارد هو ما كان في المصيبة. قال أبو داود العيني:”أي: ليس من أهل سنتنا من حلق شعره عند المصيبة إذا حلت به”.(شرح سنن أبي داود.57/6).
وقيل بدعة لانه صفة للخوارج، وقال قوم هو سنة،لحديث وائل بن حجر، قال: :”أتيت النبي ﷺ ولي شعر طويل، فلما رآني رسول الله ﷺ قال: ذباب ذباب قال: فرجعت فجززته، ثم أتيته من الغد، فقال: إني لم أعنك، وهذا أحسن”.(صحيح رواه أبو داود.4190). ويجاب بأن حديثنا عن الحلق لا الجز وهو التخفيف.
الثانية : فإذا تبين أن حلق الرأس مباح، بقى الحديث عن اتخاذه حملة مضادة لعلاج ظاهرة القزع، وحقيقة في هذا الفعل مخالفة وهي الشهرة ويصير سمة غالبة على قوم كأنهم هم أهل الخير والصلاح والزهد ولربما يتخذ سنة فيما سيأتي وتكون علامة على فئة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج: “سيماهم التحليق”. (البخاري.7562.مسلم.1064). قال القرطبي: “(قوله: سيماهم التحليق) أي جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشعارا ليعرفوا به، كما يفعل البعض من رهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم”.(المفهم.122/3).
و قال ابن القيم:”أما الحلق البدعي فهو: كحلق كثير من المطوعة والفقراء يجعلونه شرطا في الفقر، وزيا يتميزون به عن أهل الشعور من الجند والفقهاء والقضاة وغيرهم”. (أحكام أهل الذمة.1292/3). فهذا هو الخلل، بل تعالج بالدعوة والتعليم”.
لقد ورد الحلق في كتاب الله ايضاً في قوله تعالى ( لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبا