رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط: تعديل مدونة الأسرة دون التقيد بالمرجعية الإسلامية سيؤدي لمزيد من التفكك الأسري وكثرة الطلاق
هوية بريس – عبد الصمد إيشن
1ــ ما تعليقكم على الجدل المثار حول تعديل مدونة الأسرة خاصة منظومة المواريث؟
بالنسبة للجدل القائم حول تعديل بعض مواد مدونة الأسرة. فمما لاشك فيه أن أي قانون بشري يبقى ناقصا مهما بلغ واضعوه من العلم، وأن الواقع هو الذي يبين نواقصه مع مرور السنوات.
ومدونة الأسرة فيها ثوابت ومتغيرات، ومن هذه الثوابت المواريث المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية. خاصة وأن علم الفرائض علم تولى الله قسمته من فوق سبع سماوات وبين من يرث وكم يرث ومن لا يرث، ولم يترك هذه القسمة للبشر حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
لهذا فمثل هذه الثوابت لا تقبل النقاش ولا تقبل التعديل ولا ينبغي أن تكون محل جدال خاصة وأن لها علاقة بما قاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه في العرش: “لن أحل ما حرمه الله ولن أحرم ما احل الله”. فمنظومة المواريث من الخطوط الحمراء في تعديلات مدونة الأسرة لأنها من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة.
ومن الناحية المنهجية العلمية في إطار مناقشة تعديل مدونة الأسرة يمكن طرح الأسئلة التالية:
1ـ بأي مقاربة نعدل المدونة؟
2ـ ما هي المرجعية التي ينبغي الانطلاق منها في تعديل مدونة الأسرة؟ ما الأرضية التي ينبغي أن ننطلق منها ونحتكم إليها؟
3ـ ما هو الشعب الذي نريد أن نشرع له؟ ما عقيدته ما دينه ما تقاليده؟
2- طيب، ما هي المرجعيات التي تتنازع حول تغيير المدونة؟
لا شك أن هناك حاليا مرجعيتين تتنازعان حقل تغيير المدونة: المرجعية الإسلامية أو ما يطلق عليه التيار المحافظ بين قوسين. والذي يمثل ويعبر عن رأي أغلبية الشعب المغربي.
وهذا التيار يحتكم في أي اجتهاد إلى نصوص الشريعة باعتبارها القانون الأسمى.
والتيار العلماني الذي لا يعترف بالخطوط الحمراء في التعديل وينطلق ويتحكم إلى الاتفاقيات الدولية حول مناهضة التمييز. وهذا لا يمثل إلا فئة قليلة من الشعب.
إذن بأي منهجية وبأي مقاربة ومرجعية وبأية إرادة نناقش المدونة.
مع استحضار أن المغرب رغم توقيعه على مجموعة من الاتفاقيات الدولية إلا أن هناك مجموعة من القضايا القطعية التي لا يمكن أن يتماشى فيها مع هذه الاتفاقيات كيفما كان الحال. إذا كنا نريد أن نحافظ على الدين الإسلامي باعتباره الدين الرسمي للبلاد كما نص عليه الدستور. وكذا بالصفة التي يتصف بها جلالة الملك باعتباره أميرا المؤمنين وحامي حمى الملة والدين الإسلامي.
والتجربة السابقة لتطبيق مدونة الأسرة أبانت بما لا شك فيه لكل ذي عين بصيرة أن إبعاد الدين الإسلامي من الأسرة ومحاولة تكوينها على النمط الغربي أدى إلى التفكك الأسري وكثرة الطلاق…
وإذا استمر تعديل مدونة الأسرة -وأنا لا أقول إصلاح المدونة لأن الإصلاح يكون من السيئ إلى الجيد وليس العكس-، دون التقيد بالمرجعية الإسلامية المبنية على الأخلاق فالنتيجة ستكون المزيد من التفكك الأسري وكثرة الطلاق وستتوسع دائرة الإهمال الأسري مما سيؤدي إلى الزيادة في أطفال الشوارع وبنات الرصيف وكثرة المخدرات ومضاعفة الجرائم وانعدام الأمن وقطع أواصر العلاقات الأسرية والمجتمعية حتى يفضل المرء باطن الأرض من ظاهرها.
لهذا يجب أن نكون حذرين جدا من بعض الخطابات التي تنادي بالقطع التام مع الدين الإسلامي الذي يعتبر أس الأسس في أي تعديل أو إصلاح، فليست كل الأصوات بريئة وذات نية إصلاح.
فهناك جمعيات نسائية تحترم المرجعية الإسلامية وتريد إصلاح المجتمع وهناك جمعيات نسوية تابعة ذيلية ممولة تخدم منظمات دولية معينة لا يهمها لا الإسلام ولا الأسرة تسعى فقط لتقويض أسس الأسرة المسلمة.
3- ما تأثير تعديل مدونة الأسرة دون الالتزام بالتقيد بالمرجعية الإسلامية على الاستقرار الأسري والاجتماعي بالمغرب؟
إذن هنا نعيد السؤال المرجعي في التعديل: بأي مرجعية وبأي مقاربة نعدل ما يحتاج إلى تعديل في قانون مدونة الأسرة؟ من أنت ومن تمثل؟
وهنا اقترح بعض الجوانب التي تحتاج إلى تعديل في مدونة الأسرة على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ في باب الطلاق الذي أثقل كاهل القضاء لما لا يفوض للسادة العدول كما كان سابقا في تلقي الطلاق الاتفاقي وقبل البناء الذي لا يحتاج إلى أي جهد قضائي سوى محاولة الصلح التي يتقنها العدول.
2ـ المادة 65 لا داعي لها خاصة مع اعتماد الرقمنة فلا داعي لإيداع ملف الزواج ورقيا وأخذ الإذن. بل يفوض للسادة العدول في ذلك تخفيفا على القضاء وعلى المواطنين وتبسيطا للمساطر.
3ـ في إطار الحفاظ على حقوق المحاجير التي غالبا ما تضيع في غياب إحصاء التركات. اقترح إلزامية التركة مع الإراثة التي فيها محجور أو قاصر كما كان معمولا به سابقا حفاظا على أموال اليتامى ولو أن تعفى من واجبات التسجيل.
4ـ وكذلك التصفية أرى أن تكون من اختصاص السادة العدول باعتبارهم المهنيين المباشرين لمثل هذه الملفات وأدرى بها وأن يتم تكليفهم من طرف قاضي المحاجير للتصفية كما كان سابقا.
5ـ وكذلك ما يتعلق بكتاب الأهلية الذي تحدث عن المجنون والسفيه والمعتوه. وقد ظهرت بعض الأمراض الأخرى التي لا يمكن قياسها عليهم كالأطفال التوحديين فينبغي للمشرع إعادة النظر في هذه المادة.
6ـ وتبقى الحضانة هي الأخرى تحتاج إلى تعديل وذلك بإبقائها للأم ولو تزوجت أو أن تنقل إلى أم الأم في حالة الزواج أو السفر. لأن الواقع أبان أن الأب أو زوجته لن ترعى المحضون مثل أمه أو جدته من أم.
المهم الموضوع يحتاج إلى تريث وإلى تؤدة وبعد النظر واستحضار مجموعة من الضوابط حتى لا يعود بنا التعديل إلى الوراء.
ونتمنى أن يكون العدول ممثلين في اللجنة التي ستشرف على تعديل مدونة الأسرة.
ونسأل الله أن يحفظ بلدنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين.
ــــــــــــــــــــــــــ
*د.يوسف آيت الحو: رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط
الحضانة للأب في الاسلام، ولا يجوز شرعا حرمان الأب من الحضانة لأم الأم هذا منطق غريب لاينسجم مع الدين ولا مع العلمانية