رابطة علمائية تصدر بيانا مهما بشأن “قانون النوع النَّسَوِي” في موريتانيا
هوية بريس – علي حنين
أصدرت رابطة علماء المغرب العربي بيانا مهما بشأن “قانون النوع” المثير للجدل في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والذي تضمن موادا مصادمة للشريعة الإسلامية، ولأعراف المجتمع الموريتاني.
وفيما يأتي نص بيان الرابطة:
” الحمد لله الذي كرم الإنسان بما شرع له من الشرائع التي تحفظ الفطرة وتزكي النفس وتضع ميزان العدل حيث لا حيف ولا بخس للحقوق. قال تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين الذي كان من وصاياه التي ودع بها أمته أن (استوصوا بالنساء خيرا). وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإننا في رابطة علماء المغرب العربي – من منطلق مسؤولية البيان التي أوجب الله علينا في كتابه بقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) (187 آل عمران) – نتابع باهتمام أطوار السجال الجاري في موريتانيا حول ما اشتهر بـ(قانون النوع) وتستغرب الرابطة استجابة الحكومة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية لإصرار فئة لا تمثل إلا أقلية متغربة لا تتنفس هواء أفكارها إلا من المواثيق الدولية من مثل اتفاقية (سيداو). كما تأسف لانسياق الحكومة الموريتانية وراء محاولات ومساعي تلك الفئة المتكررة لفرض حزمة من القوانين الناشزة عن مصدرية التشريع الأولى في بلاد شنقيط بما يغرق البلاد بثقافة “التحرر” في مستنقع فلسفة النوع، وذلك رغم تكرر رفض العلماء والشرفاء وعموم الشعب الموريتاني لما في تلك البوادر من مخالفة صريحة للشرع والعقل والفطرة والبعد عن نبض الشارع ومصادمة أصول وهوية البلاد.
والرابطة من خلال متابعتها لهذا الموضوع تدون الملاحظات التالية:
1 – تؤكد أن هذا القانون مخالف للشريعة والفطرة السليمة، ويأتي طرحه تحت ضغوط دولية تهدف إلى تفكيك الأسرة في خطوة أولى، ثم في خطوة أو خطوات لاحقة تهوي بالشعب الموريتاني إلى هوة التفسخ والإباحية السحيقة. وبناء عليه ترى الرابطة أنه لا يجوز إقرار وتمرير هكذا قانون، ترى في إقراره مصادمة صريحة لقطعيات الشرع وبديهيات الفطرة.
2 – تستغرب وتستنكر الرابطة أن يأتي بناء ذلك القانون على خلفية ظاهرةٍ نُفِخَ فيها بالمبالغة والزيادة والتهويل لإخراجها في صورة قاتمة مقرفة تُقَدِّمُ المجتمع الموريتاني بما يشبه أن يكون بؤرة للفحش والخنا والفجور وزنا المحارم لتهيئة الأرضية وإيجاد المسوغ لصياغة قانون بكل ذلك التفريع والتفصيل. وعليه، ترى الرابطة أن مثل هذا القانون – في شكله ومضمونه – هو أقرب لخط إشاعة الفاحشة بين المؤمنين منه لخط صيانة النساء من عنف معلوم يمتلك الموريتانيون في مراجعهم الشرعية ما يعالجونه به، وعنف موهوم لا يوجد إلا في أذهان الطغمة التي تتخذه جسرا لتمرير تصوراتها العلمانية، وإسقاط حلولها المستعارة من وراء البحار.
3 – تدعو الرابطة المسؤولين في موريتانيا – وعلى رأسهم سيادة رئيس الجمهورية – إلى رفض هذا المشروع وقطع الطريق أمام كل المساعي الحثيثة الخبيثة لتمرير ما تعتبره إطارا لفرض ما يصادم بديهيات الفطرة وثوابت الدين، كما تُقَدِّرُ الرابطة أن هكذا موقف من السلطة سيثمنه لها أشراف الناس وعامتهم ويدونه لها التاريخ بالذكر الجميل.
4 – تطلب الرابطة من أعضاء البرلمان الوقوف الحاسم في خط الرفض لهذا القانون عند عرضه عليهم. فهذا واجبهم الشرعي والوظيفي لأنهم إنما انتخبوا ليسهروا على مصالح الشعب ويترجموا نبضه الحقيقي في حفظ الدين والهوية والأسرة والنسل، وتربأ بالسادة النواب من أن يكون أداة لتسويق حلول تُمْلَى عليهم من وراء البحار فيكونوا بذلك قد خانوا الله ورسوله ونخبة المسلمين وعامتهم.
5 – تثمن الرابطة جهود العلماء والدعاة وقوفهم الحاسم في خط الرفض لكل محاولات التسرب والاختراق بأمثال هذا القانون وبيانهم ما فيه من مخالفة للشرع وانتكاس للفطرة، وتدعوهم إلى مزيد العمل على إبراز الحقوق الأسرية الشرعية وفلسفتها التشريعية وتقريبها للناس والاستثمار في كل وسيلة تحقق ذلك.
6 – تثمن الرابطة جهود كل الذين ناهضوا ما عُرِفَ بـ(قانون النوع) واصطفوا إلى جانب الفطرة والشرع ونبض شعبهم، وتدعوهم إلى الثبات على هذا الخط والاستمرار في رفض كل بادرة تصادم ثوابت الدين وبديهيات الفطرة في موريتانيا.
7 – توصي الرابطة الجميع بتقوى الله والتوبة إليه والتزام شرعه في كل صغيرة وكبيرة وأن يمتثلوا قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (49-50 المائدة)
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين”.