راديو أبراهام… وزعزعة عقيدة المسلم

26 فبراير 2025 20:04

هوية بريس – د.محمد عوام

منذ سنوات والدولة تؤكد على الثوابت المغربية، التي تشكل الوحدة الفكرية والسلوكية والاجتماعية للمغاربة ونظامهم، وأنفقت في ذلك وزارة الأوقاف أموالا لتثبيت هذه الثوابت، وترسيخها، بصرف النظر عما إذا كانت تلك الخطط والأساليب ذات فاعلية وجدوى، وبصرف النظر أيضا إذا كان الإعلام المغربي يستجيب لهذا المنحى أم لا، ويمكن التعويل عليه بجدية. وعلى رأس تلك الثوابت الإسلام باعتباره دستوريا دين الدولة، ودين المغاربة منذ قرون، حتى أفضى بها الأمر إلى سن قوانين تجرم كل من يسعى إلى زعزعة عقيدة المسلم.

غير أن واقعيا لا نجد لتلك القوانين أي أثر، ولم نسمع لها في دنيا الناس أي خبر، ذلك أن كثيرا من القضايا أثيرت طعنا في الإسلام وفي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، إلى حد وصفه بأنه صهيوني، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وتشكيكا في الأحاديث النبوية الشريفة، بل إلى حد السخرية والطعن في أكبر مصدر إسلامي بعد القرآن الكريم، ألا وهو صحيح البخاري، وهلم جرا من التسفيه والتنقيص والسخرية القولية والفعلية، من ثوابت الأمة، ولا تحركت وزارة الأوقاف مثلما تتحرك لإيقاف الخطباء والوعاظ الذين لا يروقونها، ولا تحركت الدولة نفسها بأجهزتها الأمنية مثلما تصنع مع بعض القضايا.

وها نحن اليوم نعيش ميلاد إعلام جديد، جيء به للترويج للإبراهيمية الجديدة، التي تتقمص دور الاستعمار في ثوب الدبلوماسية الروحية، إنه “راديو أبراهام” الذي أسسه المدعو أحمد الشرعي “كلنا إسرائيليون”، وهو المدير العام للمركب الإعلامي “كلومبن ميديا”، وعضو المجلس الإداري jiss التي يرأسها العقيد الصهيوني عيران ليرمان مستشار للنتن هو، كل هذا يقع في بلاد المغرب المسلم. مما يؤكد، من خلال التوجه الصهيوني لهؤلاء، وخدمتهم للأجندة الصهيونية في المغرب، أن الدعوة إلى الدين الجديد “الإبراهيمية” سيحتل الصدارة، وسيحظى بالترويج والانتشار. وكيف لا يقع ذلك ونحن مقبلون في هذه الأيام على “طقس روحي جماعي للدعاء للترحم على شهداء ليلة 29 فبراير 1960، بمقابر إحشاش بأكادير بمشاركة إمام، وقس، وحاخام” متسترين وراء بشهادات عن قيم التعايش والتسامح.

مما يعني أن قانون تجريم من يزعزع عقيدة مسلم، أصبح في مهب الريح، وقد نسخته فعليا وواقعيا الإبراهيمية الصهيونية، وإن بقي حبرا على ورق، لا جدوى منه، ولا فاعلية له. كل هذا يعطينا صورة بئيسة عن الواقع المتردي الذي وصل إليه المغرب، من جراء التطبيع المشؤوم، الذي بلع قطاعات كبيرة في المغرب، وهيمن على مجالات كثيرة وواسعة، إذ ما بقي له باب إلا طرقه وهجم عليه.

إذن فنحن مقبلون على تغيرات خطيرة جدا، تهدد ثوابت المملكة المغربية، وتنقض عراها، إذا لم يتدارك المسؤولون الغيورون هذا الأمر، فليس “راديو أبراهام” كما يقول الدكتور أحمد ويحمان حفظه الله”مشروعا إعلاميا، بل هو منصة دعائية صهيونية صرفة، تهدف إلى غسل العقول وتمهيد الأرضية لقبول الاستعمار الصهيوني الجديد بثوب “السلام” و”التعايش”.

إن المغرب المسلم اليوم يعيش خطر امتداد الأخطبوط الصهيوني، وتوسع الأفعى اليهودية، عبر الوكلاء والمأجورين والعملاء والخونة، الذين أصبحوا لا يستحيون من أنفسهم أن يتلقوا التعليمات من الموساد الصهيوني في واضحة النهار، وعلى ملأ من الناس، بل إن إخفاء ذلك لم يعد مطلوبا منهم، لأنهم أصبحوا محميين، مثل إخوانهم السابقين أيام الاحتلال الفرنسي، فينشرون صورهم الكالحة والبئيسة معهم.

لكن السؤال الأهم من هذا كله، أي دور لمؤسسة إمارة المؤمنين للتصدي لهذه الأجندة الصهيونية باسم الإبراهيمية، التي تمتح من النزعة التوراتية الصهيونية لحفظ دين المغاربة وعدم زعزعة عقيدتهم؟ وأي دور للمجلس العلمي الأعلى كأعلى سلطة علمائية في المغرب وباقي المجالس العلمية المحلية في كشف زيف الدين الإبراهيمي الجديد ومناقضته للإسلام، والتصدي للمخربين والمأجورين والإعلام الخادم للصهيونية؟.

المهم أن على العلماء أن يتحملوا مسؤوليتهم الدينية والتاريخية، لأنهم أهل البيان والمحاسبون عن الكتمان، قال تعالى: “وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنا قَلِيلاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ” [آل عمران: 187].

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
19°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة