رحمك الله أخي “فرانس روتخرينك”.. كم كنت صادقا؟؟ ..تعسا لكل متصهين
هوية بريس – إبراهيم الطالب
رجل من أصل هولندي عاش أغلب حياته كباقي الهولنديين إلى أن علم بقضية المسلمين الأولى، قضية فلسطين والقدس، تغير كل شيء في حياته، جعل نفسه المحامي الأول عنها ليس في المحاكم ولكن في الشوارع وأمام المحلات.
هذا الرجل هو المناضل الشهم الوفي الصادق السيد Frans Rutgrink، يعرفه أغلب أهل مدينة لاهاي الهولندية، بسبب إدمانه الوقوف في شوارعها يوميا، ودون كلل ولا ملل، ماسكا بلوحة مكتوب عليها عبارات من قبيل: “الحرية لفلسطين” “قاطعوا إسرائيل”.
ظل همه الأول والأخير منذ أزيد من 15 سنة أن يعرف الناس بالقضية الفلسطينية ويُعْلمهم بجرائم الصهيونية، واعتداءاتها المتكررة على غزة وفلسطين والأقصى، كان نائبا عن مليار و700 مسلم في نصرة أهم قضاياهم والتوعية بتفاصيلها في بلاد الحريات المطلقة.
أخونا الحبيب المجاهد الحريص على إنكار المنكر الصهيوني “فرانس روتخرينك”، دخل الإسلام قبل عشر سنوات واستمر في ما رآه واجبا عليه دون انقطاع، اقتنع أن الدفاع عن مسرى رسول الله وعن إخوانه المسلمين هو من أوجب الواجبات الدينية التي عليه القيام بها في هذه الدنيا الظالمِ أهلُها.
لم يمنعه كِبَرُ سِنه، حيث كان يقوم بعمله الجبار من أجل فلسطين والقدس وهو في عقديه السابع والثامن، فما كلَّ وما ملَّ رغم كل التهديدات والتعسفات التي واجهه بها الصهاينة والمتصهينون، إلى أن توفاه الله بالأمس عن سن 81 عاما رحمه الله، بعد أشهر عانى فيها من مرض عضال.
كان يقضي يومه في التوعية بالقضية الفلسطينية وشجب الاحتلال الصهيوني لها وتقتيله للنساء والأطفال، واقفا في الشارع كعمود الإنارة، وليلا يعتكف على المنصات الإلكترونية تويتر وفيسبوك، لذات الغرض وهو الدفاع والتوعية بأم القضايا.
أخبرني من يعرفه جيدا أنه كان كثيرا ما يقف أمام الأسواق الممتازة لتحذير المسلمين من شراء المنتوجات “الإسرائيلية”. وكان رحمه الله يوقع تدويناته وتعليقاته دائما بعبارتي:
Boycot israel
قاطعوا “اسرائيل”
ويحرص على وضع اسم هذا الكيان بين فاصلتين معبرا عن إيمانه الجازم بأنها دولة وهمية لا شرعية لوجودها.
المناضل فرانس هو مثال للأجانب الغربيين الصادقين الذين يعرفون حقيقةً ما معنى العدالة والحرية، ويعرفون ما معنى الواجب وضرورة أدائه، إنه ليس مثل عَلمانيي بلاد الإسلام، الذين يؤمنون بالتسامح الداعر الذي يرضى باغتصاب الحرائر من أخواتهم، ويرضى باحتلال الأقصى الشريف وتهجير الفلسطينيين.
أخونا فرانس رحمه الله مسلم تعرف على الحق الذي هو أساس الإسلام وعلِم الحقيقة دون تحريف، وفطِن إلى تلاعبات الإعلام الغربي المتصهين بعقول الشعوب الغربية، فأدرك تمام الإدراك أن قضية فلسطين وكل قضايا المسلمين اليوم هي قضايا عادلة، فترك دين قومه واعتنق الإسلام، ووقف بجانب إخوانه المسلمين غير مكترث بتهم الإرهاب والتطرف.. هذا، وهو الذي نشأ في مدارس العَلمانية في أكثر البلدان ديمقراطية وحداثة وحرية، لا كهؤلاء المُسُوخ الذين عندنا، متطرفون ضد كل ما يمُتّ للإسلام بصلة فقط؛ لأنهم فهموا أنك لا يمكن أن تكون متقدما وحداثيا إلا إذا كنت ضد الدين وعقائد الإسلام.
ندعو غلاة العلمانيين أن يتعلموا معنى الحق والعدالة والحرية من الهولندي المسلم “فرانس روتخرينك” ليكفُّوا عن تقليد الصهاينة والأمريكان ويعلموا أن حماس وكل من يدافع عن القضايا العادلة ليسوا إرهابيين ولا متطرفين، بل يجب أن يدعموا ويشجعوا ويؤازروا، هذا إن كان في علمانيي بلداننا بقية من أولي العقل والفهم.
لقد كانت وصية أخينا الفاضل الحبيب رحمه الله أن تصلى عليه الجنازة في مسجد السنة بلاهاي، وبالفعل تمت الصلاة عليه كما وصى وذلك قبل أقل من ساعتين من كتابة هذا المقال.
فرحمة الله عليك أخي فرانس، وعوض المسلمين فيك خيرا.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم ارحمه و تقبله مجاهدا لرفع راية الإسلام.
و لا حول ولا قوة إلا بالله