رد الجرأة في الاعتداء على حديث: “لا لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً”
هوية بريس – رضوان شكداني
الحلقة الأولى: (مناقشة المعترضين على الحديث من جهة الثبوت والرواية).
لقد تعالت هذه الأيام أصوات ناعقة بحقد دفين، ناقمة على هذا الدين، للتنقيص والتبخيس من شعائر الإسلام ، من طرف هؤلاء اللئام.
ومن آخر هذه الدعوات الخداعات التي يروج لها أذناب المستشرقين وأفراخ العلمانيين، ردهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً” واعتراضهم عليه بفهوم سقيمة، وعقول غير مستقيمة.
ومعارضات هؤلاء للحديث من جهتين :
الجهة الأولى: الاعتراض على الحديث بنسبته للضعف في الرواية لاسقاط الاحتجاج به.
الجهة الثانية: الاعتراض على فقه الحديث وفقهمه في الدراية ولي عنقه ليوافق أهوائهم.
وفي هذا المقال سنتطرق للجهة الأولى لبيان درجة هذا الحديث وكشف شبهات المضعفين والمنتقدين له.
هذا الحديث رواه البخاري – بإسناده – عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : “لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم – أيام الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم – قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”.
ورواية الحديث في صحيح البخاري كفيلة بتجاوزه القنطرة لتلقي الأمة لما في الصحيحين القبول، ولكن أورد هؤلاء على ثبوته شبهات واعتراضات نوردها ونرد عليها بتفنيدها -بإذن الله-:
الإعتراض الأول:
أن أبا بكرة تفرد برواية الحديث و لم يذكر هذا الحديث إلا بعد سنين طويلة في ظروف ملتبسة !
الجواب :
أن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرِد برواية الحديث ، فقد رواه الطبراني من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
الإعتراض الثاني :
أن الحديث مكذوب! قالوا : الكذب في متن الحديث لأنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى .
الجواب :
لم يقل أحد من أهل الحديث أن في البخاري حديثا موضوعا مكذوبا ، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له ! لسقوط هذا القول ، ووهاء هذه الشبهة !
كما أن كتب التاريخ تنص على ذلك كمال قال ابن جرير الطبري في التاريخ :
“ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى أنو شروان” .
وعقد ابن الأثير في كتابه ( الكامل في التاريخ ) باباً قال فيه :ذكر ملك ( بوران ) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو شروان .
وذكره ابن الجوزي في المنتَظَم و ابن كثير في البداية والنهاية والذهبي في التاريخ و خليفة بن خياط ، واليعقوبي ، وابن خلدون ، واليافعي ، وذكر في جل كتب تواريخ المدن ، كتاريخ بغداد ، وغيرها .
الإعتراض الثالث :
عدم قبول رواية أبي بكرة وردها وأنه جلد في حد القذف.
الجواب :
علمنا أن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرد برواية الحديث .
وأبو بكرة رضي الله عنه صحابي جليل و الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة ، عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أغْنَتْ عن كل تزكية بل رواية أبي بكرة بالخصوص مجمع علة قبولها كما في إعلام الموقعين لابن القيم 1/ 126.
أما عن قضية الجلد فحديث جلد أبي بكرة لا يصح من جميع طرقه فكلها معلول كما أن العلماء أجمعوا على عدم رميه بالفسق قال ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلى وقال (9/443) : “ما سمعنا أن مسلما فسق أبا بكرة ولا امتنع من قبول شهادته على النبي صلى الله عليه وسلم في أحكام الدين”.
ومن العجيب أن أبا بكرة له أربعة عشر حديثا في صحيح البخاري ! فلم الطعن في هذا الحديث فقط ؟!
ذلك بسبب أنه عارض أهواء دعاة تحرير المرأة !
ويرجع للتفصيل في هذا الباب إلى رسالة فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد: (الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال) ففيه بحث واف.
يتبع -إن شاء الله-