رسائل من المنفى
هوية بريس – صفية الودغيري
نريد تلك التي تجعلنا في ثلاثيتها نشعر بإنسانيتنا تحتوينا..
بلا أرقام ولا أعداد تحصي فلذات أكبادنا..
ولا حسابات تهين كرامتنا..
وتهدم سواري اعتزازنا بوجودنا وحريتنا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد تلك التي تضم أجنحة أشواقنا وحنيننا..
وتعيدنا من منفانا إلى أوطاننا..
فقد أثقلت الخطوب والأحزان كاهل فصولنا..
ووشمت كلماتها الخريفية خالدة على أوراقنا..
وقضَّت مضاجعنا بطعم المَرار في حُلوقنا..
وسقته أفراحنا وأعيادنا فظمئنا، وجفَّت عيون أراضينا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد شموسا لا تغيب في مآقي مدامعنا..
وشموعا لا تذرف شهقاتنا على سطورنا..
وتلتحف صفحاتنا البيضاء في ليالينا..
أكفانا لانصهارها وانصهار أرواحنا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد سلاما لا يجهض أجنة أحلامنا في أرحامنا..
فتولد البراعم في أعشاشنا..
ويسكن الدفئ أجسادنا ويذيب صقيع انهزامنا..
فتعلو الزغاريد ُصروح أمجادنا بأصوات نسائنا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد سلاما بلا صكوك الغفران، ولا تقديم فصول من تنازلاتنا..
ولا فروض الطاعة والولاء، ودفع أعمارنا..
قربانا في حروب تهزمنا..
وعذابات تفني وجودنا وتسحقنا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد رباطا وثيقا يصل أجزاء ماضينا بحاضرنا..
ويلبي نداء أنفاسنا بلا اختناق يعشِّش فينا..
ويطرد شيخوختنا، ويلوِّن بياض الشَّعر الملتهِب في مفارقِنا..
فقد هرمنا منذ ولدنا يتامى فقرنا، وجهلنا، واستعبادنا..
.. .. .. .. .. ..
ونريد خلاصا من طلم يشطرنا أشتاتا على خارطة لا تعترف بهويتنا..
ولا بالفواصل والأعراف، ولا بحدود جغرافيتنا..
ونريد أن لا نفقد ذاكرتنا ولا ذاكرة تاريخنا..
فقد نسينا من نكون وكيف كنا في ماضينا..
منذ أسلمنا أرواحنا، وخلعنا جذورنا وجذور حياتنا..
وسقنا أجسادنا انتهاكا إلى ثرى مدافننا..