رسالة إلى بعض المنابر.. لا تقرعوا طبول الحرب بين المغرب والجزائر..
هوية بريس- محمد زاوي
يتوزع المتداعون بسخطهم على الجزائر، من غير تمييز بين أطرافها، على فئتين:
- فئة تنقاد بالعاطفة، ولا ترجو في الإدارة الجزائرية خيرا، وتردد مقولة: “لا مشكل لدينا مع الشعب الجزائري، مشكلنا مع الدولة الجزائرية”. يرددون هذه المقولة وكأن الدولة غير الشعب، فيما نعلم أن هذا الأخير من “عناصرها المادية”.
- وفئة تقصد التصعيد، ولم يطلب منها التمييز، أو ربما وُجّهت لغير ذلك. يراد لها أن تلعب دورا تكتيكيا، وأن تضغط على الطرف المسيطر في الإدارة الجزائرية، حتى يفسح مجالا لآخر ربما ينظر للعلاقات المغربية الجزائرية بعين أخرى. وربما هناك يد أخرى غير “يد التصعيد التكتيكي” مع بعض المنابر، الله أعلم بها.
وإذ نتفهم “التصعيد التكتيكي”، فإننا ننبه إلى ما يلي:
أولا؛ ما يجمع الشعبين المغربي والجزائري، وبالتالي الدولتين المغربية والجزائرية، أكثر مما يفرقهما، رغم مركزية قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب، ورغم ما تلعبه الجزائر من أدوار رجعية على النقيض من ثلاث وحدات: مغاربية/ عربية/ إفريقية. ورغم ذلك، فالشعبان معا مسلمان، عربيان، إفرقيان، اكتويا معا بنير الاستعمار العسكري، وما زالا مستهدفين معا بمخططات الاستعمار الجديد (استغلال اقتصادي، تفكيك ثقافي، استهداف للسيادة، الفرنكوفونية…)، قد يصبح لهما طريق واحد في عالم جديد تتغير فيه موازين القوى القديمة (وهو ما تبدو بعض بوادره).
ثانيا؛ من غير المعقول أن يكون في الإدارة الجزائرية طرف واحد، بل فيها أطراف، ما يهمنا منها هو الطرف الذي ينظر إلى العلاقة بالمغرب بعين تقدمية في التاريخ، أي عين التوحيد لا التجزئة، عين النضال المشترك على النقيض من الاستعمار الجديد، عين القيادة المشتركة لاتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي في شرط ميزان قوى عالمي يتشكل، عين الفاعلية في الوطن العربي والجامعة العربية. إن هذا الطرف، اليوم، كامن غير ظاهر. والأرجح أنه موجود، وظهوره رهين بشرط خروجه من كمونه. وبالتالي، فإن تكتيك الحاضر لا يلغي الأبعاد الاستراتيجية للمستقبل.
ثالثا؛ من المفترض أن تكون الإدارة المغربية على علم بالطرف التقدمي في الإدارة الجزائرية، أي بالطرف الذي يؤيد مصالح الدولة المغربية، ولا يرى تحققا لمصالح الدولة الجزائرية إلا بخدمة تلك المصالح (مصالح الدولة المغربية). حتى إن لم يكن، فإنها ستسعى إلى إيجاده. أما عين الإدارة في إدارة “الخصم” (لا العدو)، فإنها لا تُعدَم. وكما يتم الاشتغال على الإدارة، يتم الاشتغال على الشعب. يضغط الشعب على الإدارة، وقد يصبح طرف منه هو الإدارة.
رابعا؛ ليست الأزمة مع الإدارة الجزائرية ذريعة لاستعداء الكيان الصهيوني عليها، ف”الكيان” طارئ نتعامل معه في سياق مؤقت ومرحلة عابرة، وهو في جوهره: “الجهاز الوظيفي للرأسمال المالي الأجنبي/ الأمريكي في الوطن العربي”. أما الجزائر، فهي دولة عربية إسلامية، عانت الاستعمار كما عاناه المغرب. قد تخدم بعض أطرافها “الرأسمال الأجنبي”، كما قد تخدمه بعض أطراف دول أخرى. تزاح الأطرف، وتثبُت الجزائر. أما “الكيان”، فمآله إلى زوال بمجرد انتفاء الرهان الرأسمالي عليه.
لكل هذا نقول: “لا تقرعوا طبول الحرب بين المغرب والجزائر”.