رشيد بن كيران: القاسم الانتخابي المعتمد “تحايل” على الإرادة الشعبية

هوية بريس-متابعات
قال الدكتور رشيد بن كيران إن القاسم الانتخابي المعمول به في المغرب منذ تعديل قانون الانتخابات لسنة 2021 يمثل “فسادًا مقننًا” وصورة من صور “التحايل على الإرادة الشعبية”، معتبرا أنه من أبرز مظاهر إفراغ العملية الانتخابية من معناها الحقيقي.
وأوضح بن كيران في منشور له، أن القاسم الانتخابي، في أصله، آلية تقنية عادلة تقوم على قسمة عدد الأصوات الصحيحة في دائرة معينة على عدد المقاعد المخصصة لها، بما يضمن أن توزيع المقاعد يتم على أساس من شارك فعليا في التصويت، لا على من امتنع عنه. غير أن التعديل الذي أُدخل سنة 2021 جعل احتساب القاسم يتم بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، بمن فيهم الذين لم يصوتوا، وهو ما اعتبره “ظلما لمن شارك في الاقتراع وافتراءً على من قاطع”، مؤكدا أن من لم يصوت “جعلوه كمن صوت، وهل يستويان؟”.
وأضاف أن هذا التغيير “خيانة للأمانة”، لأنه يسمح لأشخاص أو أحزاب لم تنل الثقة الكافية من الناخبين بأن تحصل على تمثيلية داخل البرلمان، مشيرا إلى أن القاسم الانتخابي الجديد مكّن بعض الأحزاب الصغيرة من الحصول على مقاعد لم تكن لتحصل عليها في النظام السابق، بينما حرم الأحزاب الكبرى من عدد من المقاعد رغم تفوقها في الأصوات.
ووفق تحليل الدكتور بن كيران، فإن هذا التعديل لم يكن إجراءً محايدًا، بل خطوة محسوبة ضمن ما سماه “الهندسة السياسية للمشهد الحزبي”، إذ أدى إلى تفتيت الخريطة السياسية وتعقيد عملية تشكيل الحكومات، التي أصبحت تقوم على تحالفات متناقضة البرامج ومختلفة التوجهات تحت إشراف “المخزن وصناع القرار”، على حد تعبيره. ونتج عن ذلك، بحسبه، مشهد سياسي “فسيفسائي هش”، تتوزع فيه الحقائب الوزارية كأنها “كعكة كبيرة يتقاسمها الأكلة”، بينما تراجع الفعل الرقابي للأحزاب وانشغلت بالحفاظ على توازنات التحالفات أكثر من الدفاع عن قضايا المواطنين.
وأشار إلى أن إصلاح هذا الوضع لا يحتاج إلى معادلات معقدة، بل إلى إرادة سياسية صادقة تُعيد الاعتبار لصوت الناخب وتعيد للعملية الانتخابية معناها الحقيقي. وشدد على أن الحل يكمن في العودة إلى القاسم الانتخابي القائم على عدد الأصوات الصحيحة، وهو ما سيعيد الثقة والجدوى من المشاركة في التصويت.
كما ذكّر بن كيران بما سماه “فسادًا مقننًا آخر” يتمثل في اعتماد اللائحة الانتخابية المغلقة، التي تحرم المواطن من حقه في اختيار ممثليه الحقيقيين، وتكرّس استمرار نفس الوجوه الفاشلة داخل البرلمان. ودعا إلى اعتماد اللائحة المفتوحة التي تمكّن الناخب من التصويت على الأفراد بدل الترتيب الحزبي المفروض.
وختم الدكتور رشيد بن كيران دعوته بالتوجه إلى شباب الجيل الجديد وعموم المغاربة قائلا إن بعض أوجه الفساد “لا تُحارب بالاحتجاج على نتائجها فقط، بل بقطع الجذور التي تغذيها وتمنحها أكسجين البقاء”، مؤكدا أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من إصلاح النظام الانتخابي بشكل عادل يعيد السياسة إلى الشعب والقرار إلى الإرادة الشعبية.



