رمضانيات… ليالي العمر وطلب العفو من الله!!!
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
من مِنن ربنا الغِزارِ علينا.. أن بلغنا هذه الليالي التي تعتبر ليالي العمر بحق.. فهي ليالي عفو وعتق ومنح علية لا يحيط بها بيان.. وكلنا يرجو أن يدركه عفو الله.. وتشمله رحمته وبركته.. وربنا سبحانه وتعالى واسع الجود.. عظيم العطاء… ولكن الراغب بحق في نيل هذه الرحمات هو المتعرض لها.. الآخذ بأسباب نيلها… ومن أعظم هذه الأسباب.. خلق عظيم.. خلق جالب لكل خير وفضل.. خلق ما تحلى به عبد إلا رفرفت عليه طيور العزة.. ورأيتَ قلوب الخلق منصرفة إليه.. خلق عظيم لا يدركه إلا ذو حظ عظيم.. إنه خلق العفو..
أخي المبارك.. أختي المباركة..
لا شك أنك تريد عفو الله سبحانه وبحمده… فاستنزل العفوَ بالعفو.. اعف عمن ظلمك.. اترك العتاب والمؤاخذة.. سامح فإنك مجرد حديث بعدك.. لا تترك حب الانتقام يستوطن قلبك.. فإن الموصول بالله بحق.. لا مكان في قلبه لحب انتقام.. ولا لضغينة.. ولا لحقد… الموصول بالله العارف بقدره سبحانه وبحمده.. هو الذي يرجو أن يقف بين يدي الله وليس بينه وبين أحد نزاع ولا مشاحنة..
أحبابي الكرام: مامن أحد منا إلا وله زلات وسقطات.. وعليه مظالم وحقوق لخلق الله.. وهو يحب أن يتجاوز الناس عنه.. وأن يجعلوه في حِلّ.. حتى لا يقف موقف القصاص بين يدي الحكم العدل سبحانه وبحمده…
هل تعلم أنك بعفوك عمن أساء إليك تصل إلى درجة الإحسان.. وإلى مقام الأحبية؟اقرأ ذلك في كتاب البصائر.. يقول ربنا (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.. والله يحب المحسنين)، هل تعلم أنك بعفوك عن الناس ستدخل رياض الصابرين؟ اقرأ ذلك في كتاب ربك (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله…)، هل تعلم أنك بعفوك عن أخيك ترتقي في معارج العزة؟ اسمع ذلك من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال.. وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.. وما تواضع أحد لله إلا رفعه) هل تعلم أن عفوك عن المسيء إليك مجلبة لمغفرة الله لك… .؟يقول سيدي وتاج راسي صلى الله عليه وسلم (ارحموا تُرحموا.. واغفروا يغفر لكم).. إن العفو خلق لا يُعطاه إلا الأصفياء الأتقياء الأنقياء.. الذين امتلأت قلوبهم بحب ربهم.. حتى لم يعد فيها مكان لانتقام.. ولا رغبة في ثأر.. وهناك آية تجعل قلب المحب يذوب حبا لله.. ويترفع عن كل مايربطه بضغينة.. أو يزين له الرغبة في انتقام.. يقول ربنا (وليعفوا وليصفحوا.. ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. والله غفور رحيم) أما حركك قول ربك.. ألا تحبون أن يغفر الله لكم…؟ ليكن لسان حالك ومقالك كحال سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.. لما سمع هذه الآية وذلك بعد أن خاض الناس في عرض ابنته الفضلى. أمنا عائشة رضي الله عنها.. في القصة المشهورة بحادثة الإفك… .لما سمع هذه الآية.. قال: بلى.. أحب أن يغفر الله.. وبكى… رضي الله عنه.. وسامح الذين خاضوا في عِرض ابنته.. إنها أخلاق الكُمَّلِ.. الذين صاغهم القرءان.. وتعلقت قلوبهم بالعرش.. وارتفعت عن وهدة الطين.. والتحقوا بعالم النور والطهور… ولله در القائل…
فتشبهوا بالكرام إن لم تكونوا مثلهم///إن التـشـبه بالكــرام فــلاح..
أحبابي الكرام: ونحن في هذه الليالي الزاهرة… أعظم همنا أن يعفو الله عنا.. لذلك دُعينا في الحديث الصحيح إلى طلب العفو من ربنا سبحانه وتعالى.. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يارسول الله.. أرأيت إن علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) فلا تؤاخذ ولا تعاتب ولا تنتقم… ولكن قل بلسان أهل العرفان.. اذهبوا فأنتم الطلقاء.. فقد قالها نبيك صلى الله عليه وسلم لما أظهره الله ونصره.. ودخل مكة المكرمة فاتحا.. فجاءه أهلها الذين آذووه.. وأخرجوه وحاربوه.. وهم ينتظرون العقاب والمؤاخذة.. فما وجدوا إلا العفو والصفح والتجاوز..
فقبل أن تطلب العفو من الله.. تحلى به واجعله شعارك.. واطرد به داعي الانتقام.. فإن فعلت فإنك إذا من الواصلين العارفين المعفوِّ عنهم بإذن العفو الغفور..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.