سؤالان وأجوبة مختلفة
هوية بريس – د.طارق الحمودي
لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟
سؤال تداوله المسلمون قديما…ولا يزال متداولا بصيغ مختلفة…
وقد راق هذا السؤال للآخرين فصاروا يذكروننا به دائما ..بل ويحتجون به علينا باعتباره اعترافا واضحا…
والذي ينبغي التنبيه عليه…
أن السؤال بهذا الإطلاق خطأ…
فإنه يجب تقييده…
فمجالات التقدم والتأخر مختلفة…وبعضها متمايز منفصل…
فيقال: لماذا تأخرنا صناعيا وفلاحيا وسياسيا …؟
فمثل هذا سؤال حقيقي مطابق لواقع الحال…
لكن لا يجوز أن نقول: لماذا تأخرنا أخلاقيا وتقدم غيرنا علينا في ذلك….؟
فمثل هذا السؤال مغالطة..لأنه مصادرة…وواقع الحال يخالفه…فمهما كان حالنا …فإننا متقدمون على غيرنا في هذا…بلا خلاف…ولا ينبغي الخلاف في هذا….والحكم بالأغلبية لا على جهة الإفراد…وأكبر دليل على هذا أننا لا زلنا في معركة المحافظة على الأسرة ونظامها الأخلاقي….والآخر تجاوز ذلك إلى معركة حول الفطرة والإنسانية نفسها.
لماذا انهزمنا أمام غيرنا؟هذا سؤال آخر يوحيه ظاهر حالنا…
لكنه سؤال مغالطة ….وسبب ذلك أننا نضيق مفهوم النصر والهزيمة في السؤال وربما جوابه….
هناك جهات كثيرة تحتمل النصر والهزيمة…
فلإن كنا منهزمين عسكريا…وسياسيا…
فنحن غالبون ثقافيا وأخلاقيا…
ودليل هذا أنه مهما فعلوا بنا من قتل وتشريد وسطو ونهب ومحاولات إفساد للدين والأخلاق والثقافة…فإن ديننا وأخلاقه ينتشران في بلدان هذا الآخر الذي يزعم أنه انتصر…
قالوا لنا : انتشر الإسلام بالسيف….
نقول لهم اليوم…الإسلام ينتشر في دولكم…في فرنسا وألمانيا وبريطانيا بل وفي أمريكا وروسيا …واليابان ..فهل ينتشر بسيفنا…أو بسيفكم…؟
نعم الإسلام ينتشر اليوم بالسيف…لكن بسيف أعدائه…وهذه من عجائب الأمور.
قد أتفق مع الأستاذ الحمودي في كثير مما ذكره لكن ما لا شك فيه أننا اليوم كما وصفنا النبي صلى الله عليه وسلم غثاء كغثاء السيل قد تداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وأكثر المسلمين اليوم تائهون في انتمائهم، فهم مسلمون بالاسم فقط لكن حقائق الإسلام وأركانه غائبة عن الغالبية، فهذا التوحيد قل من يعرف حقيقته وهذه الصلوات الخمس مضيعة، فكيف بما دونهما من الأركان. وحتى الأخلاق التي أشرت إليها فهي أنواع، فالغش في المعاملات لا يسلم منه إلا مثل الكبريت الأحمر، والتطفيف في الميزان من أسباب القحط كما جاء في الحديث.
وقصدي أنه باعتبار الهدى الذي هدانا الله إليه وهو القرآن والسنة وما فيهما من الخير، ونبذنا لهما وراء ظهورنا فنحن منهزمون متخلفون، وإن كان المسلم خيرا من الكافر مهما بلغ الكافر من الرقي الدنيوي. والله أعلم
ومعذرة على الإطالة.