سبب الهجوم على سوق “حد ولاد جلول”
هوية بريس – يونس فنيش
المشكل الأول ليس في الغلاء بحد ذاته وفقط، المشكل في الغلاء غير المبرر و في فوضى الأسعار. ففي ما يتعلق بالبنزين، مثلا، فإذا ارتفع ثمنه في السوق الدولية ما الذي يبرر الزيادة في هامش ربح الموزعين بنسبة 150% مثلا؟ ما علاقة ارتفاع ثمن البنزين بارتفاع هامش ربح الموزعين؟
و أما الفوضى فتتجسد لما يرتفع ثمن الطن من مادة ما بدرهم واحد، مثلا، فيرتفع ثمن الكيلوغرام الواحد أيضا بدرهم كامل و تعجز سلطات المراقبة في القيام بدورها بحجة تحرير الأسعار، مثلا، مع العلم أن تحرير الأسعار لا تعني فوضى الأسعار.
و أما المشكل الثاني فله علاقة بالوساطة المضرة في توزيع المنتوجات الفلاحية. فإذا كان الوسيط “الكسول”، مثلا، يستولي على بطاطس الفلاح الصغير “المجتهد” بدرهم واحد و يبيعه في الأسواق بثمانية دراهم بغير وجه حق، فكيف يمكن ادعاء النهوض بالعالم القروي؟
و المشكل الثالث يتعلق بخلل في القدرة التواصلية العقلانية و المنطقية لدى الحكومة. فهل تستطيع الحكومة، مثلا، تبرير الزيادة في علبة السردين التي كانت تحتوي على أربعة سردينات ثم أصبحت تقترح ثلاثة سردينات فقط مع الرفع في ثمن العلبة بدرهمين، تحت مبرر ارتفاع ثمن الكازوال بدرهمين في اللتر الواحد، مثلا؟ فهل شاحنات التوزيع العملاقة لا تتسع حمولتها لأكثر من علبة سردين واحدة حتى يرتفع ثمن علبة السردين الواحدة بدرهمين، مثلا؟
كلها مشاكل لم تتم معالجتها، رغم الكتابات و التنبيهات المتكررة على مدى سنين، إلى أن شهدنا الهجوم على سوق حد ولاد جلول بإقليم القنيطرة يوم الإحتفالات الشعبية بذكرى 20 فبراير في العديد من المدن. هذا حدث يستدعي التأمل العميق لأن جهة الغرب معروفة بوفرة المنتوجات الفلاحية، فكيف للوفرة أن تتسبب في رفع الثمن بدل خفضه، فما هذه المعادلة العجيبة الغريبة التي لا يمكن التفلسف في شأنها استنادا على نظريات الإقتصاد و علومه؟
سيداتي سادتي، معذرة ولكنني مازلت أقولها، الحل في إصلاح الإدارة فقط. الحل في حسن التتبع اللصيق و المراقبة الإيجابية الفعالة. و لن يتأتى ذلك سوى بمصالحة إدارية تعيد للكفاءة مكانتها و للنزاهة وضعيتها. حفظ الله الوطن. حفظ الله المغرب و المغاربة. و الله المستعان.