سرطان الفساد ينتقل إلى أعضاء الحكومة!

17 نوفمبر 2025 17:06

سرطان الفساد ينتقل إلى أعضاء الحكومة!

هوية بريس – اسماعيل الحلوتي  

لم يعد هناك أدنى شك في أن هناك إجماعا وطنيا اليوم على أن حكومة عزيز أخنوش التي راهن الكثيرون على أنها ستكون أحسن حالا من حكومتي حزب العدالة والتنمية بقيادة كل من عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثماني، وستعمل على تجاوز ذلك الإرث الثقيل من الاختلالات في عديد القطاعات، تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين، والانكباب الجاد على خفض معدلات الفقر والبطالة والهدر المدرسي والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية ومكافحة الفساد، غير أنها خيبت ظنهم وأخلفت هي الأخرى الموعد مع التاريخ.

ففي هذه السنة الأخيرة من ولايتها التشريعية التي يفترض أن تضاعف فيها الجهود وترفع من وتيرة أدائها في اتجاه تدارك النقائص، ولاسيما بعد ظهور تلك المجموعة من الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و28 سنة، التي أطلق عليها اسم حركة (جيل Z) قبل أن تقرر نقل أنشطتها واحتجاجاتها من الفضاء الرقمي إلى الشارع ابتداء من يوم السبت 27 شتنبر 2025، للمطالبة بالكرامة والعدالة الاجتماعية، تحسين الخدمات في قطاعي الصحة والتعليم، محاربة الفساد وتوفير مناصب الشغل للعاطلين وخاصة ذوي الشهادات العليا، مازالت السلبيات تناسل ليس فقط على مستوى غلاء الأسعار وعدم القدرة على مواجهة المضاربين، بل كذلك على مستوى استشراء الفساد الذي تحول إلى سرطان وانتقل إلى بعض أعضاء الحكومة.

ذلك أن عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، صرح أثناء مداخلته في مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية برسم سنة 2026، خلال الجلسة العامة التي انعقدت يوم الخميس 13 نونبر 2025 في مجلس النواب، بأن حكومة عزيز أخنوش وقعت في عدة مطبات: تضارب المصالح، التلاعب في امتحانات المحاماة، تنامي الاحتجاجات، تفشي الفساد وتناسل الفضائح مثل فضيحة الفراقشية، التي تسببت في حرمان الشعب المغربي دون بقية شعوب العالم العربي والإسلامي من شعيرة النحر في عيد الأضحى. وهو التصريح الذي تفاعلت معه واستحسنته ليس فقط أحزاب المعارضة، بل كافة مكونات المجتمع المغربي بدون استثناء. وأضاف مؤكدا في ذات الكلمة بأن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بدل أن تنشغل بصحة المواطنين، تحولت بقدرة قادر إلى “وزارة الصفقات”.

فما المقصود يا ترى من القول بتحول “وزارة الصحة والحماية الاجتماعية” إلى “وزارة الصفقات”، في وقت ترتفع فيه الأصوات مطالبة بالنهوض بالقطاع، وإعطاء ملك البلاد محمد السادس تعليماته السامية للرفع من ميزانيته خلال اجتماع المجلس الوزاري الذي انعقد يوم الأحد 19 أكتوبر 2025، حتى يكون قادرا على تلبية انتظارات المواطنين من حيث جودة الخدمات وتيسير سبل الولوج للعلاج؟ فليس هناك من قصد عدا أن النائب البرلماني السالف الذكر أراد الكشف أمام البرلمان عن حقيقة فضيحة أخلاقية وسياسية صادمة، تتمثل في تمرير الوزير الوصي على القطاع أمين التهراوي لصفقة دواء (…) عبر وزير آخر يمتلك شركة لمواد الصيدلة (ويعني به وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة) بعد اتخاذ الشركة المنتجة قرار رفع ثمن الدواء بسبب استثماراتها. والغريب في الأمر هو أنه تم استيراد الدواء من الصين دون أن تكون المستشفيات التي توصلت به قادرة على قراءة التعليمات باللغة الصينية، مما أدى إلى سحبه وإرجاعه، ومع ذلك واصل الوزير التخطيط لمنحه رخصة التسويق بالمغرب.

وليس هذا وحسب، بل إن هناك فضيحة أخرى لا تقل فظاعة عن سابقتها، وهي المتعلقة بإحدى المصحات الخاصة التي تستفيد من شراء دواء لعلاج السرطان بسعر يتراوح ما بين 600 و800 درهم، وبما أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يحدد ثمنه في 4000 درهم، فإن هذه المصحة الجد محظوظة تعيد بيعه مجددا لمصحات أخرى بهذا المبلغ الأخير، مستفيدة من الفرق الكبير بين ثمني الشراء والبيع، وهي الممارسات المالية التي نتج عنها هامش ربح يقدر بحوالي 40 مليون درهم خلال بضعة أسابيع، مما حول مرض المواطن في بلادنا إلى تجارة مربحة.

فإلى جانب الفضيحتين السالفتي الذكر، هناك عدة فضائح أخرى عديدة ومتنوعة لا يتسع المجال لذكرها كلها، بيد أن الفضيحة الكبرى هي تلك التي باتت تعرف إعلاميا ب”فضيحة الفراقشية”، وستظل راسخة في الأذهان على مر الزمان، حيث أنها تعد واحدة من بين المؤامرات الدنيئة التي ما انفك يتعرض إليها المغاربة، خاصة أنها تسببت في حرمانهم من إقامة شعيرة النحر في عيد الأضحى لعام 2025، إثر استيلاء حوالي 18 شخص من المستوردين المقربين من دوائر القرار، على 13 مليار درهم في عملية دعم استيراد أضاحي العيد بما قدره 500 درهم عن كل رأس، دون أن ينعكس ذلك على جيب المواطن.

نحن نقدر ما للحكومة من “إيجابيات”، لكنها لا ترقى إلى مستوى تطلعات الجماهير الشعبية ولا إلى سقف الوعود التي قطعها رئيسها على نفسه، إذ بالإضافة إلى ما سلف ذكره من سلبيات وغياب أي تصور لديها لمواجهة الريع والفساد، هناك أيضا قرارات مجحفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر تسقيف سن ولوج سلك التعليم (30 سنة ثم 35 سنة)، وهو القرار الذي يحرم آلاف الشباب خريجي الجامعات المغربية من المشاركة في مباراة التعليم، في ظل تفاقم معدل البطالة وضعف فرص الشغل في قطاعات أخرى…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة