سنة 2025.. أحداث ومحطات فاصلة

31 ديسمبر 2025 15:31

سنة 2025.. أحداث ومحطات فاصلة

هوية بريس-عبد الصمد ايشن

لم تكن 2025 سنة عادية بالنسبة لجميع المغاربة، فيها فرحوا وحزنوا في آن واحد، عاشوا انتصار الصحراء المغربية وتحطم آمال جيل “زد” وفواجع فاس وآسفي. طبعا ككل سنة تكون حصيلة أي دولة إما سيئة أو جيدة، لكن الأصح أن نقول حصيلة نسبية في الجودة والسوء. لأن المغاربة كما سمعوا بفراقشية الأغنام والأدوية والانتخابات، سمعوا بإنجازات وطنية هائلة، كان المغاربة أبطالها سواء غلى المستوى الرسمي أو الشعبي.

حكومة عزيز أخنوش.. خدوش تسيء للحصيلة
تحل السنة الختامية في ولاية حكومة عزيز أخنوش التي تجمع أغلبيتها من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والبام، وفي جعبتها حصيلة من الانجازات كما تسوق الأغلبية وحصيلة من الإخفاقات كما تصور المعارضة في الشارع أو البرلمان.
أثارت مكونات من المعارضة البرلمانية جملة من الملاحظات بخصوص طريقة تدبير برنامج دعم الأغنام أو ما عرف بـ”فراقشية الأغنام”، مؤكدة أن جزءاً من الدعم لم يصل إلى صغار الكسابين الذين يُفترض أن يكونوا المستفيدين الأساسيين، مقابل استفادة فئات محدودة توصف بـ”الكبار” أو الوسطاء، ما أفرغ الإجراء من بعده الاجتماعي. كما دعت إلى فتح تحقيق شفاف حول معايير توزيع الدعم، وتعزيز آليات المراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ضماناً لنجاعة السياسات العمومية وحفاظاً على المال العام.
أيضا لم تسلم الحكومة من فضيحة فجرها نواب بالبرلمان كان بطلها، وزيرين من حكومة عزيز أخنوش. والحديث هنا حول صفقات اقتناء الأدوية والمستلزمات الطبية. بحيث أكدت المعارضة أن عدداً من الصفقات العمومية لا يراعي مبدأ المنافسة العادلة، ما ينعكس سلباً على جودة الأدوية المقتناة وعلى نجاعة الإنفاق العمومي، فضلاً عن تأثيره المباشر على استمرارية التزويد داخل المؤسسات الصحية. مطالبة في هذا السياق بفتح تحقيقات دقيقة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتماد حكامة صارمة تضمن حسن تدبير المال العام وحماية حق المواطنين في ولوج آمن ومنصف للعلاج.

القرار الأممي 2797.. انتصار دبلوماسي دشن “عيد الوحدة” لكل المغاربة
شكّل اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار الأممي 2797 بشأن قضية الصحراء المغربية انتصاراً دبلوماسياً جديداً للمملكة، ورسّخ مرة أخرى وجاهة المقاربة المغربية القائمة على الواقعية والتوافق، وفي مقدمتها مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الجاد وذي المصداقية لإنهاء هذا النزاع الإقليمي. وقد عكس القرار تنامي الدعم الدولي للموقف المغربي، وتكريس الاعتراف المتزايد بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، إلى جانب الإشادة بالجهود المتواصلة التي تبذلها الرباط من أجل الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وفي هذا السياق، اعتبر الملك محمد السادس أن صدور هذا القرار يشكل محطة مفصلية في مسار القضية الوطنية، واصفاً إياه بـ”عيد الوحدة”، لما يحمله من دلالات سياسية وتاريخية تؤكد صواب الرؤية المغربية وثباتها. وأكد جلالته أن هذا التتويج الدبلوماسي ثمرة عمل تراكمي هادئ ومسؤول، يعكس التزام المغرب بالشرعية الدولية وبخيار الحل السلمي، ويعزز في الآن ذاته موقع المملكة كشريك موثوق في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليميين.

احتجاجات جيل “زد”.. مطالب مشروعة وتفاعل حكومي محتشم
كما شهدت الساحة الوطنية ما عُرف بأحداث “جيل زد”، حيث خرج آلاف الشباب للتعبير عن مطالب اجتماعية واقتصادية مرتبطة أساساً بغياب فرص الشغل، وارتفاع كلفة المعيشة، وتراجع الثقة في السياسات العمومية الموجهة للشباب. وقد عكست هذه التحركات حالة من الإحباط المتراكم لدى فئة واسعة من الجيل الجديد، التي ترى أن القنوات المؤسساتية لم تعد قادرة على استيعاب انتظاراتها أو تمثيل انشغالاتها الحقيقية، في ظل شعور متزايد بالتهميش وضعف آفاق الإدماج الاجتماعي والمهني.
وفي مقابل هذه المطالب، اتسم التفاعل الحكومي بالبطء والارتباك، حيث غلب الطابع الأمني على المقاربة المعتمدة، وانتهت بعض التحركات بمتابعات قضائية في حق عدد من المشاركين، ما أثار انتقادات واسعة من فعاليات حقوقية وسياسية. ورأت هذه الأخيرة أن اللجوء إلى المحاكمات بدل فتح قنوات الحوار يعمّق فجوة الثقة بين الشباب والمؤسسات، ويطرح تساؤلات حول قدرة السياسات العمومية على استيعاب التحولات الاجتماعية الجديدة، والاستجابة لمطالب جيل يبحث عن الكرامة والعدالة والإنصاف داخل وطنه.

فاجعة فاس وآسفي.. تقصير واستهانة بأرواح المواطنين
خلفت فاجعة انهيار عمارتين سكنيتين بمدينة فاس صدمة واسعة في الرأي العام الوطني، بعدما أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى، إضافة إلى خسائر مادية جسيمة، في حادث أعاد إلى الواجهة إشكالية البنايات الآيلة للسقوط وخطرها الداهم على سلامة المواطنين. وقد سارعت السلطات المحلية إلى تطويق مكان الحادث وإطلاق عمليات الإنقاذ، فيما تم فتح تحقيق لتحديد ملابسات الواقعة وترتيب المسؤوليات، خاصة في ظل المعطيات التي تشير إلى أن البنايتين كانتا مصنفتين ضمن الدور الآيلة للسقوط. وتطرح هذه الفاجعة من جديد أسئلة ملحة حول نجاعة سياسات المراقبة والصيانة، ومدى تفعيل برامج إعادة الإيواء، ومسؤولية مختلف المتدخلين في حماية أرواح السكان ومنع تكرار مثل هذه المآسي.
أما فاجعة فيضانات آسفي فقد خلّفت صدمة قوية عند المغاربة، بعدما أسفرت عن خسائر بشرية مؤلمة وإصابات متفاوتة الخطورة، إلى جانب أضرار مادية جسيمة، في حادث أعاد إلى الواجهة إشكالية السلامة والبنيات التحتية المهترئة.
وقد باشرت السلطات المختصة تدخلاتها الميدانية فور وقوع الفاجعة، فيما فُتح تحقيق لتحديد أسباب الحادث وترتيب المسؤوليات، خاصة في ظل تساؤلات متزايدة حول مدى احترام معايير السلامة والوقاية. كما أعادت هذه المأساة النقاش حول مسؤولية الجهات المعنية في المراقبة والاستباق، وضرورة تفعيل آليات المحاسبة تفادياً لتكرار مثل هذه الحوادث التي تودي بأرواح الأبرياء وتخلف جراحاً عميقة في المجتمع.

“فتوى الربا” وإحراج التوفيق لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية
أثار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق موجة من الاستياء والجدل بعد تصريحه خلال افتتاح المنتدى الـ23 حول الاستقرار المالي للمؤسسات المالية الإسلامية بأن “الفائدة البنكية” لا تدخل في الربا المحرم شرعا.
وهو موقف أثار دهشة العديد من المهتمين والباحثين، بالنظر إلى تعارضه الصريح مع ما ورد في العدد 243 من مجلة “دعوة الحق”، الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
حيث خصص ذات العدد، الذي صدر في ربيع الآخر 1405هـ/ديسمبر 1984م، لدراسة موضوع الفائدة المصرفية وأحكام الربا في الإسلام، وشارك فيه نخبة من العلماء والباحثين من العالم الإسلامي، وخلص إلى موقف واضح وصريح مفاده أن الفائدة البنكية، سواء كانت مرتبطة بالقروض الاستهلاكية أو الإنتاجية، تدخل ضمن الربا المحرم شرعًا دون خلاف معتبر.
تنطلق مجلة “دعوة الحق” في العدد المشار إليه من قاعدة فقهية وأصولية راسخة، وهي أن الأحكام الشرعية لا تتغير بتغير الأسماء أو السياقات، ما لم يتغير مناط الحكم، أي علته المباشرة، وبناء على ذلك فإن تغيير اسم “الربا” إلى “فائدة” لا يُنتج أثرا شرعيا، لأن جوهر الفائدة البنكية هو الزيادة المشروطة على رأس المال، وهي عين ما حرمه الله تعالى في القرآن والسنة وإجماع الأمة.
كما تؤكد البحوث أن المقصود بالربا المحرم في قوله تعالى: ﴿وأحل الله البيع وحرم الربا﴾ هو الزيادة المشروطة في القرض، سواء أكان استهلاكيا أم إنتاجيا، وسواء أكان القرض موجها لشخص أم لمؤسسة، فردا أم دولة، إذ لا عبرة بالغرض طالما تحقق الوصف المحرّم، وهو الزيادة المشروطة مقابل الزمن.

مياه الأمطار وسنوات الجفاف العجاف.. اختلالات تدارك المغرب لأزمة المياه
شهدت المملكة المغربية خلال السنوات الماضية تقلّبات مناخية حادة أثّرت بشكل مباشر على مواردها المائية، إذ عانى المغرب من سنوات جفاف ممتدة تقل فيها الأمطار بنسبة تتجاوز 25% عن المعدل الموسمي، مع استمرار انخفاض التساقطات في كثير من الأحواض المائية الحيوية، مما أدّى إلى ضغوط شديدة على الموارد السطحية والجوفية على حدّ سواء. وعلى الرغم من بعض الأمطار والاستثنائية في فترات معيّنة – حيث سجّلت مناطق مثل شفشاون وتازة أمطاراً تتجاوز 300 مم فيما تجاوزت بعض المدن الأخرى 170 مم – إلا أن المعدلات العامة لا تزال دون المتوسط التاريخي، مما أكسب أزمة المياه طابعاً هيكلياً يتجاوز الفترات الموسمية العادية.
في مواجهة هذه الاختلالات، سجلت حقينة السدود تحسناً نسبياً بعد أمطار هذا الموسم، فقد ارتفع متوسط ملء السدود إلى ما بين ~33.6% و34.7% من إجمالي طاقتها، فيما تشير بيانات حديثة إلى أن المخزون المائي في السدود الوطنية يقارب 5.8–5.9 مليار متر مكعب من المياه المخزنة، مقارنة بسعات إجمالية تزيد على 16–17 مليار متر مكعب. في فترات سابقة من العام، بلغ مخزون السدود حوالي 6.6 مليار م³ أو نحو 49.44% من الطاقة بعد تساقطات قوية، قبل أن تتراجع النسب مجدداً بفعل الجفاف الحراري والاستهلاك المتزايد. هذه الأرقام تعكس تحسناً مرحلياً لكنه لا يزال غير كافٍ لتعويض سنوات العجز الطويلة، ويبرز الحاجة إلى مواصلة سياسة التدارك عبر تعزيز بنية التخزين واستدامة الموارد.

الغلاء موجات مستمرة في اتجاه التطبيع مع ارتفاع الأسعار
تشهد الأسواق المغربية منذ بداية 2025 موجات متتالية من ارتفاع الأسعار التي تتجاوز الإحساس الشعبي بمختلف مؤشرات التضخم الرسمي، حيث لا يزال سعر السلع الأساسية يشكل عبئًا ثقيلاً على الأسر. وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط ارتفع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك بشكل طفيف، مع زيادة في أسعار الخضر المثمرة بنسبة تصل إلى نحو 2.6% إلى 4.9% في بعض الفترات، وارتفاع أسعار الأسماك والمنتجات البحرية بنحو 1% إلى 2% حسب الفترة الزمنية، فيما سجلت أسعار المواد الغذائية عمومًا ارتفاعات مستمرة على المستوى الشهري في 2025، مما يعكس ضغوطًا متواصلة على القدرة الشرائية للمغاربة. على الجانب غير الغذائي، شهدت أسعار المحروقات تقلبات أدت إلى زيادات متكررة في بعض الأشهر مثل زيادة بنحو 1.9% في أسعار الوقود، رغم انخفاضها أحيانًا في أخرى، مما زاد من كلفة التنقل وتكاليف النقل التي تثقل كاهل الأسر.
في المقابل، جاءت ردود فعل الحكومة المغربية ضعيفة أمام هذا التحدي المعيشي، حيث اقتصرت الإجراءات على وعود متكررة بضبط الأسعار وتوفير بعض التدخلات الرمزية دون نتائج ملموسة على أرض الواقع. في ظل استمرار ارتفاع الأسعار الأساسية، يرفع المستهلكون صوتهم مطالبين بسياسات أكثر حزماً في مواجهة احتكار الوسطاء. فيما يشير الخبراء إلى أن التضخم الرسمي لا يعكس تمامًا واقع الغلاء الذي يشعر به المواطنون يوميًا. ومع أن بعض البيانات الرسمية أظهرت تباطؤًا محدودًا في معدلات التضخم العامة، إلا أن الزيادات في المواد الأساسية والخدمات اليومية تظل ملموسة، مما يعمّق الإحساس بضعف تدخلات الحكومة في التخفيف من آثار ارتفاع الأسعار على الأسر المغربية.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
20°
الخميس
19°
الجمعة
19°
السبت
18°
أحد

كاريكاتير

حديث الصورة