سهرة للجنس الجماعي.. من يحمي الفساد في المملكة الشريفة؟؟
هوية بريس – إبراهيم الطالب
كلمة فساد كلمة كبيرة جدا، يكرهها كل الناس، بل الفاسدون أنفسهم لا يقبلون أن ينعتوا بها.
لكن الحقيقة الكونية التي عرفها الإنسان فوق هذه الأرض، هي أن حياته والكونَ من حوله يقوم على المتناقضات والأضداد، والتدافع بينهما هو الذي يُحدث الإصلاح، لذا يجب على المصلحين ألا يغفلوا عن واجب الإصلاح والنزول من منابر الخطب إلى الشارع حيث يعاني البشر تسلط الرذيلة وانتشارها بين أبنائهم وبناتهم، فهم قبل غيرهم يعرفون أن البقاء للأصلح كما ينص عليه منطوق القرآن، وليس للأقوى كما تبشرنا به الحضارة الغربية الحديثة، والتي تهيمن على العقل الجمعي في بلاد المسلمين، بعد أن أعلنت موت إلهها وأحلت الإنسان محله ليصير الجميع والكل يدور في فلكه ويمشي وفق نزواته، وهذا ما جعل الفساد اليوم مهيكلا يعلن عن نفسه في صلف وتكبر وعنجهية دون خجل.
حتى أصبحنا نسمع ونرى أحداثا في البلاد الإسلامية بل في مملكتنا الشريفة، ما كان لها أن تكون لولا أن الفساد استشرى وتعمق وتجذر في بِنيات المجتمع والدولة حتى صار أكبرَ من كل شيء فيها.
في نهاية الأسبوع المنصرم استيقظ المغاربة على فضيحة كبيرة لها دلالات كثيرة وعظيمة جدا، في مسكن عبارة عن فيلا رحبة فسيحة يملكها أحد المليارديرات الفاسدين نظم صاحبها سهرة للجنس الجماعي نساء ورجالا، كان الملياردير بصحبة الخليلات والأصدقاء، يموج بعضهم في بعض، فلما علمت الشرطة بهذا العمل الشنيع، داهم رجالها الفيلا وكر الفساد، باغتوا المفسدين في الأرض، لكن المفاجئة كانت عظيمة، الملياردير، قُطب رحى الفساد، أُخْبِر بأمر المداهمة فغادر المكان، حتى لا يضبط متلبسا.
السؤال الآن من أخبره؟؟
والجواب واضح والتحديد غير مؤثر في موضوعنا فإما أن يكون من الجهاز نفسه والذي كان يوفر له الحماية والستر في المرات السابقة، أو من يضعهم هو لحراسة المجال عن بعد.
وهل هي المرة الأولى التي يُنظِّم فيها هذا المجرمُ ليالي حمراء للجنس الجماعي؟؟
أكيد لا فالفضائح كثيرة.
وهل هناك غيره يعيث في الملكة الشريفة فسادا؟؟
أكيد نعم! بل هناك ما هو مرخص في الكابريهات وما هو مسكوت عنه في الفيلات والشقق المفروشة.
ومن الذي يقف وراء التوسع المستمر لدائرة الفساد في المغرب الشريف مغرب الحضارة، مغرب كان يحكم طيلة قرون ربوعَ إسبانيا والبرتغال على أساس الدين والشريعة وأخلاق الإسلام؟؟ وكيف؟
هذا ما سنحاول الدردشة حوله في هذه العجالة.
إن تصريف الشهوة أمر فطري في البشر كما في الحيوانات، وقد ميز الله سبحانه الإنسان عن الحيوانات بالعقل، وجعل عقله مناط التكليف، ثم أرسل إليه الرسل الواحد تلو الآخر عليهم الصلاة والسلام ليبينوا له سبل الهداية، وختم سبحانه رسائله المقدسة العليا برسالة الإسلام، وشرَّع فيها منظومة للأخلاق والعفة مكتملة الأركان، حتى لا يقع الاعتداء على النسل وتحفظ الأنساب ويرتفع الإنسان عن مستوى البهائم الهَمَل.
لكن الأمة الإسلامية ومنها المملكة المغربية الشريفة، مرت بمرحلة الاحتلال الغربي العلماني، فتم تغيير المسار واختلت الأمور، وصار المغربي المسلم يسير في نفس الطرق الذي سلكته المجتمعات الغربية، التي ثارت دولها النصرانية على كنائسها، بعد أن هيمنت أفكار رواد الحركة الإنسية من أمثال ديدي إرازم وفرانسيسكو بترارك وفرونسوا رابيلي، والذين أحيوا التراث الإغريقي والروماني، وأرادوا أن يخرجوا الإنسان الأوربي من نير الاستعباد والاستغلال وفساد الكنيسة الكاثوليكية، فبالغوا في الرفع من قيمته، ليأتي دور مارتن لوثر وكالفن ورفاقهما لتدخل أوربا في مرحلة الإصلاح الديني، فتبدأ سلطة الدين تتلاشى رويدا رويدا في المجتمعات النصرانية، كل هذا تزامن مع خروج القارة الأوروبية من النظام الفيودالي إلى النظام الرأسمالي الذي سيتطور إلى نظام إمبريالي سيستعمل الحركة التنصيرية كمعول هدم لعقائد المسلمين الذين ستهيمن الثقافة والفكر الجديدين الأوربيين القادمين على متن مدافع القوات الغازية، ليدخل المسلمون مرحلة الإلحاق الحضاري بالفكر والثقافة والتشريع العلماني الأوربي.
بعد ست وستين سنة انتقل المغرب الأقصى، أو المملكة المغربية الشريفة من تطبيق الشريعة إلى استبدالها بالقوانين البشرية، فانتقل تبعا لذلك المجتمع من منظومة القيم الإسلامية إلى منظومة العبث العلماني، على مستوى الأسرة والمرأة والرجل والاقتصاد والسياسة، فأصبح في المغربيات من سماها أبواها خديجة على اسم أم المؤمنين رضي الله عنها، لكنها بدل أن تدافع عن الحجاب والحايك ونْقاب والعفة والطهر والتقوى، صارت تدافع عن العري والإجهاض والحرية الجنسية وحقوق اللواطيين، الأمر نفسه ينطبق على الرجل فصار من سماه أبوه أحمد ومحمد يدافع عن العلمانية في بعدها السلوكي، فصار يناصر كل مقترفي سلوكيات الفساد مما يعتبره الإسلام من الموبقات والكبائر المعلومة من الدين بالضرورة، كالزنا واللواط وشرب الخمر…، بل تعدى الأمر كل الحدود لتصبح خديجة وأحمد ومحمد يدعون وينافحون عن الكفر والزندقة، فصاروا مع الملحدين والمرتدين، ويؤسسون للدفاع عنها المؤسسات والجمعيات والائتلافات.
فمن المسؤول عن هذا كله؟
لا نشك أن الدولة، بكل مستويات السلطة فيها، تتحمل المسؤولية المباشرة، فهي مَن أناط بها الإسلام حماية الملة والدين، لِما وفره لها من مصادر تمويلية وسلطوية لإقامة المؤسسات والإدارات، بل جعل هذه الوظيفة هي مسوِّغ وجودها والتي تعني -كما كان الحال طيلة قرون الحكم الإسلامي في المغرب- إقامة أحكام الدين والدفاع عن حدود الله، والضرب على أيدي المفسدين قبل الفاسدين من المسلمين واليهود والأجانب.
لكن بعد عقود التغريب والاحتلال الكل صار يعلم أن ما كان يعاقب عليه بحد القتل أو القطع أو الجلد صار حرية فردية، وصارت تلك العقوبات في خبر كان من حيثُ التطبيق، بل صارت وفق لوائح حقوق الإنسان التي يستصنمها كثير من النخبة المغربية عقوبات وحشية، منافية للمواثيق الدولية، بل تسلل سدنة هذه المواثيق الدولية ليفرضوا على المسلمين في بلادهم سموَّها في دستور البلاد (2011) وذلك في سياق العبث الذي رافق ما سمي الربيع العربي.
وبهذا صارت الحدود بين الصلاح والفساد، والطهر والعهر، والعفة والدنس، في بلاد المسلمين متداخلة تكاد تسقط، وإن لم تتدارك المملكة الشريفة هذا الوضع بسياسة إصلاحية أخلاقية واضحة، فلن تبقى هناك أسرة ولا إسلام ولا إيمان، وبالتالي لن يبق مسوغ لإمارة المؤمنين ولا لدولة قامت على أساس الإسلام ونظام البيعة.
نعلم أن الأمر ليس سهلا على الإطلاق وليس في الإمكان السهل نظرا لتشعب الحلول التطبيقية، وكذلك لهيمنة الفكر العلماني على كثير من النخب، ولتحكُّم الأمم المتحدة ودولها ومنظماتها في التوجهات الاجتماعية المغربية، خصوصا تلك التي تهم المرأة والطفل والأسرة، وكذلك لأن الإصلاح الديني الحقيقي لن يرضي الباطرونا، التي تقتات من قطاع اللذة والمتعة والترفيه المحرم في الكبريهات والشواطئ والملاهي الليلية والفنادق الراقية.
عندما ذكرت مارتن لوثر والإصلاح الديني، تذكرت جريدة الأحداث العلمانية عندما نشرت مقالا تحت عنوان كبير له دلالات عميقة، قبل قرابة 15 سنة، نصه: “الوزير التوفيق مارتن لوثر المغرب”، وتصنيفهم هذا هو ما يجعل الوزير توفيق في منأى عن نقد الصحافة العلمانية، رغم ما يشجعه من خرافات في المواسم الشركية والبدعية والتي تناقض الحداثة والعقلانية، لكنهم يرون منهجيته وخطته في تنظيم الحقل الديني ناجعة في كبح الفكر الإسلامي الحي الذي يتتبع السيد الوزير كل نقطه.
إذا رجعنا إلى محورية مارتن لوثر في التطور الذي عرفته المجتمعات الأوربية سنجده أكبر “المصلحين” الذين أتوا على قيمة الكنيسة وسلطتها، ليس دفاعا عن الدين ولكن لتطويع أحكام النصرانية وتصوراتها لسلطة البورجوازية الناشئة حينها في أوروبا، والتي ستغير وجه المجتمعات النصرانية بالكامل.
ولقد حفظ لنا التاريخ الأوروبي وقوف مارتن لوثر مع البورجوازية ضد الفقراء والمستضعفين عندما قاموا بمظاهرات ضد الفساد، فيما يعرف في التاريخ الأوروبي بـ”ثورة الفلاحين”، فانتصب ضد المستضعفين وقال قولته الشهيرة: “إنها ثورة ضد الرب”.
لقد صدقت جريدة “الأحداث” ومن كتب ذلك المقال، لأن السيد توفيق، يحاول إخراج إسلام مغربي لا يزعج البورجوازية ويلهي “الفلاحين” ويُحيِّد حسب رأيه المسجد من الصراعات السياسية.
إن السيد توفيق مسؤول مسؤولية مباشرة عن الفساد الأخلاقي والجرائم التي تهدد المرأة والأسرة في المملكة الشريفة، هو مطالب بحماية الملة والدين، وهي وظيفته التي تسوِّغ له تحصيل المليارات من الأوقاف التي حبَّسها آباؤنا وأجدادنا، من أجل حماية الملة والدين واستمرار الإسلام مهيمنا في هذه البلاد الإسلامية.
ونحن عندما نلقي باللائمة على السيد توفيق، نعلم كل الإكراهات التي تواجهه خصوصا ما تعلق بها بالمنظمات النسوية التي تعد الأذرع البطاشة للأمم المتحدة علينا، والتي تحفز بها عملية تعديل وتطوير القوانين المغربية حتى تستجيب لمقتضيات العلمانية الدولية.
نسائله ونلح على مساءلته عن خطته الأخلاقية والفكرية التي ينبغي أن يستهدف بها الانحرافات السلوكية والعقدية التي عمت السهول والجبال في مملكة يوسف بن تاشفين وسيدي محمد بن عبد الله رحمهما الله. فوجود الإكراهات والصعوبات ليس مسوغا لإغفال الإصلاح الواجب على العلماء والذي ينبغي أن تموِّله وتقوم به وزارة اسمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
والغريب أن السادة العلماء في رابطة الدكتور العبادي لا يزالون مشغولين بالتطرف الديني رغم أن الحملة العالمية عليه انتهت بدخول روسيا لأوكرانيا، وإحياء روح الصليبية لمناصرتها، حتى أن رئيس البلاد دعا لجمع الأموال ودعا لالتحاق “المجاهدين” بصفوف الجيش الأوكراني، هذا في الوقت الذي يُمعن علماؤنا في اجترار ما تمت مناقشته طيلة 21 سنة من دعاوى التسامح والتعايش، فأين هم من هذا الإرهاب الجنسي الذي يمشي على رجليه في الشوارع.
فأين هم من ملفات الإلحاد والتنصير والتشيع ودور العلمانية في حراسته والتمكين لأصحابه؟؟
أين هم من ملف الأمهات من زنا، والأطفال نتاج الزنا؟ والتي بلغت معدلاته وأرقامه مستوى مخيفا يؤذن باندثار الأسرة المغربية المسلمة.
وفي هذا السياق ينبغي أن نشدد على دور النيابة العامة في تحريك الدعوة العامة في حق المفسدين، فلا ينبغي بحال أن ننتظر شكاية المواطنين التي غالبا ما يتم حفظها، لتحريك المسطرة القضائية، ولو صحت الإرادة السياسية لكان يكفي التنسيق مع السلطات المحلية التي لا تخفى على أعينها أوكار الفساد الأخلاقي بكل أنواعه، فأوكار الدعارة والزنا وبيع الخمور والقرقوبي والحشيش وكل ما يخالف الدين والقانون هو معلوم لدى المسؤولين والموظفين الذين ينيط القانون بهم مسؤولية حفظ الأمن الجسدي والروحي للمغاربة.
إننا اليوم كلنا مسؤولون أمام هذه الثورة الجنسية وهذا البركان الإفسادي الذي يهدد الحضارة المغربية، بل الوجود الفعلي لشيء اسمه المغرب، خصوصا مع هذا الانفتاح الكبير على الغرب الليبرالي النصراني، الذي أنهى علاقته مع السماء وربها سبحانه، ولا يهمه سوى الربح والذهب، وهو مستعد لسحق الملايين من البشر كما فعل في الحربين العالميتين من أجل أن يبقي على نفوذه وهيمنته.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
الإسلام ليس آخر رسالة بل هو الرسالة . ابتداءآ بآدم و ٱنتهاءا إلى الرسول محمد عليهما الصلاة و السلام هناك دين واحد أتمته رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.