سياسيون ونشطاء يطالبون بوتفليقة بالتخلي عن العهدة الخامسة
هوية بريس – وكالات
دعت شخصيات سياسية وحقوقية وثقافية وإعلامية جزائرية، السبت، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى عدم الترشح لولاية خامسة، بموجب انتخابات الرئاسة، المتوقع تنظيمها مطلع العام المقبل 2019.
جاء ذلك في رسالة وقعها 14 سياسيا وناشطا حقوقيا ومثقفا وإعلاميا، بالعاصمة الجزائر، موجهة للرئيس الجزائري، وتتضمن الرسالة دعوة الرئيس بوتفليقة “لتحمل مسؤولياته، ورفض دعوات ترشحه لعهدة خامسة؛ من أجل إنهاء عهد “الشرعية الثورية”، وفتح الطريق نحو الشرعية الشعبية”.
ووقع الرسالة كل من: رئيس الحكومة الجزائرية السابق أحمد بن بيتور، ورئيس “حزب جيل جديد” سفيان جيلالي، والباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، والقاضية السابقة زوبيدة عسول، ووزير الخزانة السابق علي بن واري، والحقوقي عبد الغني بادي، والناشطة أميرة بوراوي، والإعلامي البارز سعد بوعقبة، والكاتب الشهير ياسمين خضرا، وصالح دموز، القيادي في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ونشطاء آخرون.
وخاطب أصحاب الرسالة الرئيس بوتفليقة بالقول “إن أربع عهدات تعد -منطقيا- كافية لكي ينجز الإنسان مشروعه ويحقق طموحاته”. نافين أن يكون مضمون الرسالة شتيمة لبوتفليقة، لكن اللغة التي كتبت بها تحمل دلالة واضحة للرئيس أن زمانه انتهى.
بوتفليقة.. أنت مسؤول
ولأول مرة يشترك سياسيون ونشطاء ومثقفون في الجزائر، بتكتل جاهر، ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، منذ إطلاق حملة دعائية لترشيحه قبل أكثر من ثماني شهور، وكان أول من أطلق الحملة، حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، الذي يرأسه بوتفليقة نفسه.
وركز الموقعون على الرسالة على الوضع الصحي لبوتفليقة، الذي يعاني من المرض منذ العام 2013، لإثبات عدم قدرته على الاستمرار بالحكم، حيث جاء في الرسالة: “أوضاعكم الصحية لم تعد تسمح لكم باستقبال المواطنين الجزائريين. ولأننا لسنا ملزمين بأي واجب تحفظ، قد يكون بإمكاننا الكشف عن حقائق يحاول الكثير إخفاؤها”.
وتابع الموقعون مخاطبين بوتفليقة: “ولأنكم مسؤولون، على الأقل من حيث المبدأ، عن وظيفتكم السياسية، وبالتالي عن وضعية البلاد، فإنه يحق لنا كمواطنين التوجه إليكم مباشرة، ومخاطبتكم من أجل مصلحة الأمة”.
وقال صالح دموز، القيادي في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأحد الموقعين على الرسالة، في تصريح لـ”عربي21″، السبت “دعونا بوتفليقة أن يغلب صوت الحكمة، وألّا ينساق وراء دعوات ترشحه لولاية خامسة”، متابعا: “فالكل صار متيقنا أن الوضع في الجزائر أصبح هشا، ولم يعد يستوعب مزيدا من الضغوطات، من قبيل الضغط على بوتفليقة للترشح لولاية خامسة دون أن يكون قادرا على تحمل مسؤولياته”.
بانتظار الرد..
وحول موقف الرئاسة في الجزائر من رسالة الدعوة إلى رفض الترشح لولاية خامسة، قال دموز: “نحن بالانتظار، ونحن كنخبة نعتقد أن مسؤولياتنا كبيرة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، وبوقت يريد البعض أن يزيد الطين بلة”، وأضاف قائلا: “مهما كان رد الرئيس، إن وجد، فنضالنا لن يتوقف”.
ونبه الرافضون لترشح بوتفليقة لولاية خامسة إلى وجود محيط يدفع لتمكين الرئيس الاستمرار بالحكم لخمس سنوات أخرى، وجاء في رسالتهم: “في الوقت الذي تجتمع فيه قوى خبيثة، وتتحرك لدفعكم نحو طريق العهدة الخامسة، فإننا نتوجه إليكم باحترام، وبكل صراحة، لننبهكم بالخطأ الجسيم الذي قد تقترفونه إن رفضتم مرة أخرى صوت الحكمة الذي يخاطب الضمير في أوقات الخيارات المصيرية. كما تعلمون، الاختيار هو حتما القبول بالتنازل”.
وبأسلوب مباشر، قال الموقعون: “وعليه وبكل وعي، نحن الموقعون، ندعوكم لاتخاذ القرار الوحيد الذي يمكنه أن يفتح حقبة جديدة للبلاد، حيث توضع المصلحة العامة فوق مصلحة الأشخاص: ألا وهو تخليكم عن العهدة الخامسة”.
وألح الموقعون على إقناع الرئيس بعدم التقدم مرشحا لرئاسيات 2019، بالتأكيد: “أربعة عهدات تعد منطقيا كافية لكي ينجز الإنسان مشروعه ويحقق طموحاته. سنكم المتقدم وحالتكم الصحية الحرجة يدعوانكم للاعتناء بنفسكم، والتخلي عن حمل العبء الثقيل والشاق لشؤون الدولة. فلا شك أن عهدة أخرى ستكون محنة لكم و للبلد”.
وانخرط قطاع واسع من الموالين لبوتفليقة بحملة ترشيحه لولاية خامسة، وفي المقدمة الأمين العام للحزب الحاكم، جمال ولد عباس، الذي أكد بمؤتمر صحفي عقده الأربعاء أن “الرئيس المقبل للجزائر معروف”، وتابع: “برنامج الرئيس بوتفليقة سيستمر إلى عام 2024″.
ويعتقد المحلل السياسي أحمد بنور أن ” الرسالة بحد ذاتها تعدّ إنجازا بوسط سياسي موبوء بالصمت، وبصوت لا يعلو على صوت دعاة الولاية الخامسة”، مضيفا بتصريح لـ”عربي21 “، السبت: “ليس من عادة الرئيس الجزائري الرد على هكذا رسائل، لكن مجرد إطلاعها للرأي يجعل منها رسالة ذات بعد إنساني نبيل وسياسي جريء”.
وأكد بنور أن “سياسيين وشخصيات مختلفة التوجهات بعثت برسالة شبيهة للرئيس بوتفليقة العام 2015، تحت إشراف الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وطالبت رسالتهم بوتفليقة باستقبال وفد عنهم، حتى يتمكنوا من معرفة من يحكم فعلا في البلاد، فرفض الرئيس الرد على تلك الرسالة، وأكثر من ذلك تعرض أصحابها لمضايقات شتى”.