شابة مغربية حكم عليها بـ18 سنة سجنا بإسبانيا بتهمة قتل ابنتها.. تناشد المغاربة والملك لإعادة فتح ملفها إيمانا ببراءتها
هوية بريس – عبد الله المصمودي
ناشدت الشابة المغربية من مدينة بركان إكرام بنهدي المغاربة شعبا وصحافة وهيئات وجمعيات ومنظمات والملك محمد السادس للوقوف معها ومساعدتها لإعادة فتح ملفها إيماناً ببراءتها، وهي التي حكم عليها بالسجن 18 سنة بمدينة سرقسطة الإسبانية بتهمة قتل ابنتها الرضيعة.
إكرام.ب، المصرة على براءتها، والتي تداخلت العديد من العوامل لتوجيه الاتهام لها بقتل فلذة كبدها، تطلب المساعدة لأنها لا قدرة لها وتملك مصاريف لتكليف محام من جديد والمطالبة بفتح ملفها مرة أخرى، لإثبات براءتها التي لا تشك فيها قيد أنملة.
قصة إكرام، مؤلمة وقاسية، ولولا إيمانها وثقتها في الله لأقدمت على الانتحار، كما ذكرت في رسالتها الطويلة.
إليكم قصة إكرام من سرقسطة بإسبانيا:
“اسمي إكرام، منحدرة من مدينة بركان بالمغرب، تزوجت وعمري لا يتعدى الثامنة عشر، التحقت بزوجي في إسبانيا؛
وكأي زوجين كانت لدينا رغبة في الإنجاب، لنكون أسرتنا الصغيرة، هكذا حملت وكانت فرحتي لا تتصور ولكن سرعان ما تلاشت تلك الفرحة وأصبحت قرحة، إذ توقف نبض قلب الجنين منذ الشهر الأول، فأجبرت على الإجهاض.
مرت الأيام وأنا في حزن على فقدان الجنين فقررت أن أنشغل في اندماجي اجتماعيا، فدخلت مركز تعلم اللغة الإسبانية وورشة لتعلم الخياطة.
بعد سنة وستة أشهر حملت من جديد، كدت أطير من الفرحة وكل الفحوصات الخاصة بالحمل جيدة، انتهت مرحلة الحمل.
وازدادت ابنتي سارة يوم 02 من شهر مايو 2011 ولكنها لم تكن بصحة جيدة، إذ بدأت تعاني أزمات تنفسية منذ الأيام الأولى من ولادتها بالمستشفى، فأجريت لها فحوصات ولما استقرت حالتها خرجنا إلى البيت.
كنا جد سعداء بإ بنتنا سارة، لكن السعادة لم تدم طويلا، في صباح يوم من الأسبوع الأول، بعد خروجنا من مستشفى الولادة، أرضعت إبنتي كالعادة وتركتها في سريرها، وبعد دقائق قليلة أطللت عليها ولاحظت أن لونها أصبح أصفر وشفتيها تتحولان إلى لون أزرق، أخذتها بسرعة فائقة الى المصحة القريبة من السكن، ومن هناك نقلتها في سيارة الإسعاف إلى مستشفى الأطفال حيث مكثت به يومين، خلالهما أجريت لها عدة فحوصات، ولكنهم لم يتوصلوا لسبب هذه الأزمات، وهي ما تزال في غرفة المستشفى خلال هذين اليومين، بدأت الأعراض تظهر من جديد فأنذرت الأطباء بذلك وأخذوها بسرعة إلى قسم الفحص، وبعد ذلك بدأ الطبيب يسألني عن الأمراض الوراثية العائلية، وعن هذه الأعراض التي تعاني منها سارة، هل عانى منها أحد الأقارب؟
لم أكن أعلم فسألت أمي وأخبرتني: أن ابنة خالي تعرضت لهذه الحالة وهي رضيعة، وأن حماتي أم زوجي هي الأخرى تعرضت لوفاة ثلاثة بنات كلهن أثناء ولادته.
بعد ذلك قاموا بتحليل جميع لوازمها من صابون وشمبوان وحليب.. ولكنهم لم يتوصلوا لأي نتيجة تثبت أن إحدى هذه اللوازم هي السبب، ولما تحسنت حالتها ورجعنا إلى البيت، كنت أسهر ليل نهار ولا أغفل لحظة واحدة عن مراقبة ابنتي.
ولكن في اليوم الثاني، بدأت تعاني من ضيق في التنفس، وتغير لونها ونزف دم من أنفها، لحسن الحظ سكننا قريب من المستوصف هرعت بكل قوتي إلى الطبيب ونقلت على عجل إلى المستشفى، حيث مكثت به شهرا كاملا تحت مراقبة الأطباء والممرضات، وبعد ما أصبحت حالتها مستقرة خرجت من المستشفى، فرحت ولكنني كنت أعيش في دوامة من الخوف على ابنتي.
سافرنا إلى المغرب لمدة خمسة أيام بعد إذن من الطبيب، آنذاك عمرها لا يتعدى شهرين، مرت تلك الأيام في أحسن ما يكون.
وفي اليوم الثاني بعد رجوعنا من السفر، تعرضت للأزمة من جديد وهرعت بها جريا إلى المستوصف، وبعد وقت وجيز من فحصها خرجت الطبيبة وأخبرتني بأسف شديد أن سارة قد فارقت الحياة وكان ذلك يوم 27 من شهر يوليوز 2011، كانت صدمة قوية انهارت خلالها أعصابي وأغمي علي. بعد عملية التشريح أخبرنا الطبيب بأن سبب وفاتها يسمى الموت المفاجئ وباللغة الإسبانية بـ“muerte súbita“، وهي حالة تتعرض لها نسبة من الرضع.
. بعد تسلمنا لجثتها دفنت بحزن وأسى. إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمها الله وجعلها طير من طيور الجنة.
“ريهام”
وبعد عام حملت من جديد، وذكرت لطبيبتي تلك السوابق، فكانت العناية مستمرة إذ أجريت لي جميع التحاليل، مر كل شيء على ما يرام وازدادت ريهام يوم 5 من شهر فبراير 2013، ولكن بعد شهر وعشرة أيام بدأت تعاني هي الأخرى من نفس الأعراض التي عانت منها المرحومة أختها سارة.
بدأنا في تكرار نفس السوابق، وكلما عانت إلا وأخذتها مسرعة إلى المستشفى لإنقاذها، فأخذوا عينة من تحت إبطها لتحليلها في مختبرات مدريد وبرشلونة وبدون جدوى لم يتوصلوا لنتيجة توضح أسباب هذه الأعراض التي أصابت بناتي.
وذات يوم بدأت بنزيف من أنفها وفمها، فأسرعت بها إلى المستشفى، حيث أخذوا في البحث معي في توضيح الأمراض الوراثية فأخبرتهم بما أخبرتني به أمي”، فطلبوا مني إحضار تقريرات التشريح الطبي الشرعي لهذه الحالات ولهذه الوفيات”، فأخبرتهم أننا في المغرب وبالخصوص في المدن الصغيرة والبوادي، فقط يمارس التشريح الطبي الشرعي في حالة موت بسبب حادث، أو في حالة قتل، أو في حالة وفاة في المستشفى… والتقارير الطبية تعطى فقط في هذه الحالات الخاصة، فلا أحد يتوفر عليها إلا في الحالات المذكورة.
بقيت ريهام شهرين تحت المراقبة والفحص المستمر، خلال هذه المدة تعرضت فيها لمكروب داخل المستشفى، لا أدري كيف؟ إذ اضطروا لتزويدها بدم جديد، آنذاك وهي بالمستشفى، تعرضت من جديد للاختناق وتغيير في لونها وارتجاف في جسمها، فأسرعوا في إنقاذها، كنت لا أكف عن البكاء وملكني الخوف والحزن، فعدت لا أنام ولا أكل كل همي أن تصح ابنتي وتعيش.
ولما أصبحت حالتها مستقرة، أخبروني أنها ستبقى تحت المراقبة في المستشفى ولا يسمح لي بالبقاء معها، لم أستطع الصبر وفي منتصف الليل، طلبت من زوجي أن يتصل بالمستشفى وأخبرونا أنها بخير.
وفي الصباح فرحنا لما وجدناها مستقرة بدون آلات أوكسجين، لكن الأطباء أصروا على إ بقائها في المستشفى تحت المراقبة، وأخبروني بأنهم سيضعون سريرا لي بجانبها، وسأبقى معها في الغرفة، في تلك اللحظة دخلت سيدة مغربية وقدموها لي، أنها مترجمة أتت لتسهيل التواصل اللغوي بيني وبين الأطباء، لأنني كنت أفهم ولا أستطيع مواصلة الحديث بطلاقة، فرحت لأنها مغربية بنت بلدي وأنها هنا لمساعدتي فحكيت لها عن حالة إبنتي، وأنهم عندما يتحدثون عن التحاليل لا أفهم جيدا، فأخبرتني أنني سأعرض على طبيب نفساني، نظرا للظروف الصعبة التي عشتها. فأجبتها بالرغم من أنني جد حزينة وخائفة على إبنتي ريهام لأنها فلذة كبدي، فهذه مشيئة الله وإنني مؤمنة به وبالقدر خيره وشره.
فبدأت تسألني: عن الشعوذة وهل أؤمن بها؟
أجبتها: أؤمن بالله وحده ولا أثق في خزعبلات المشعوذين والشياطين.
فقالت لي لماذا لا تذهبي إلى المغرب أنت وابنتك لزيارة الأولياء الصالحين وربما تستجاب زيارتك وتشفى ابنتك؟!
أجبتها: أنا أؤمن بالأطباء فقط.
(ولم أفهم آنذاك، بل لم أكن أتصور في بالي أنها كانت تستدرجني للوقوع في فخها والإجابة بأنني أؤمن بالشعوذة إلا بعد فوات الآوان. الله يأخذ منها الحق).
كانت تترجم لي ما لم أفهم في مقابلة الطبيب النفسي، وفي اليوم الثاني أخبرتني أن ريهام ستخرج من المستشفى، ولكن من الأحسن أكون بمرافقة أحد في البيت، وأن لا أبقى لوحدي مع ابنتي فهذا ما أمر به الأطباء، ثم أخبرتني أنها ستقوم هي بزيارتنا في البيت مساءا للحديث مع زوجي في الموضوع، لأن حالتي النفسية تستدعي ذلك ويجب التوفر على مساعدة أحد أفراد العائلة فوجدنا الحل في حماتي!
حان موعد تسليم ريهام، ونحن في قاعة الإنتظار أنا وزوجي، إذ بمجموعة أشخاص يقدمون أنفسهم : أنهم من مركز حماية الأطفال القاصرين، وأنهم سيتولون أمر ريهام، فأخذوها إلى مركز حماية الطفولة، ولم نستطع زيارتها إلا مرتين
في الأسبوع،لم أتوقف عن البكاء ليلا ونهارا، وكنت أتقطع حزنا على فلذة كبدي، حتى كدت أفقد عقلي من كثرة البكاء والحزن الذي عم قلبي، ولما لاحظوا الحالة النفسية التي أصبحت فيها أخبروني أنهم سيرجعونها لنا عندما يتأكدون أنها في صحة جيدة.
كنا لا ننام إلا بالمهدئات، وبعد مرور شهر استقبلنا في البيت زيارة مساعدات اجتماعيات خاصة بحماية القاصرين، وذلك لتفحص البيت وحالتنا وإلقاء نظرة لغرفة ريهام، بعد تلك الزيارة سلمونا ابنتنا، كنا نطير بالفرحة، وعمت السعادة أركان البيت من جديد.
مرت الأيام وكل شيء على ما يرام، وريهام في الشهر العاشر من عمرها وبصحة جيدة، وأصبحنا نعيش الهناء والسرور وذات يوم وأنا في حالة صحية غير طبيعية، قمت بزيارة الطبيب، فأخبرني أنني حامل، فرحت فرحا شديدا ممزوجا بالخوف.
“مروى”
مرت فترة الحمل بسلام وازدادت مروى: يوم 28 غشت 2014 واستطعت إرضاعها طبيعيا بدون حليب مصنع وكل شيء ظهر على تمام.
خرجنا من مستشفى الولادة، وبعد شهرين من ذلك، بدأت في القيء وأخذتها فورا للطبيبة وأخبرتها بذلك، وبعد فحصها أخبرتني أنها تعاني مشاكل التنفس، ونقلت إلى مستشفى الرضاع لتزويدها بالأوكسجين ومكثت به شهرا كاملا ثم أذن بخروجها. وبعد ذلك زارتني مراقبة ومساعدة اجتماعية خاصة بالمستشفى لمراقبتي أثناء الرضاعة كيف أرضع مروى وكيف نعيش في البيت.
وفي صباح يوم 21 من شهر نونبر لسنة 2014 بعد ما أرضعتها وضعتها في سريرها وتركتها نائمة، دخلت إلى المطبخ لتهيئ الفطور، وحماتي كانت تستحم، وبعد دقائق أطللت عليها لاحظت تغيرا في لونها، وقلت يا إلهي! ماذا يحدث لبناتي؟
بسرعة اتصلت بزوجي وأخبرته، وأصر مؤكدا علي أن أخبر أمه أولا قبل الذهاب إلى المستشفى، فأخبرتها وأنا أبكي مكررة، إبنتي! ابنتي! سأخرج إلى المستشفى، فخرجت من الحمام بسرعة وأخذت تضغط على صدرها كما يعملون في الإسعافات الأولية، وكدت أموت غيضا فأخذتها منها، وذهبت أجري بها إلى المركز الطبي القريب ولحق بي زوجي، وبعد وقت وجيز، خرجت الطبيبة من قسم الفحص لتخبرنا بأسف شديد أن مروى قد توقيت.
لم أصدق ذلك وأغمي علي وبعدما استرجعت وعيي بدأت في بكاء مر وشديد، حضرت الشرطة وتأسفوا لما حدث وطلبوا مني مرافقتهم لفتح محضر التحقيق،” وفي هذه اللحظة طلب مني زوجي ميمون أن لا أخبر أحدا بالإسعافات الأولية التي قامت بها أمه وأن أخرجها من الموضوع فقط يجب أن أقول : أن حماتي هي التي رأتها في تلك الحالة وأخبرتني بذلك وأخذتها بتوه جريا إلى المستشفى“.
كنت جد حزينة وأرتجف من شدة الخوف، أجري التحقيق وعدنا إلى البيت، فبدأت أعيش في جحيم جديد بسبب الحزن على فقدان ابنتي الثانية، وبعد 6 أيام اتصل بنا طبيب التشريح وطرح علينا عدة أسئلة، وبعد 15 يوم من ذلك حضرت الشرطة لتأخذ منا ريهام، ولكنها كانت تتواجد في بيت أخي وأخبرتهم بذلك، فطلبوا مني مرافقتهم إلى مركز الشرطة، وهناك أخبروني بأنني متهمة بقتل إبنتي وحبست.
وفي اليوم الثاني، حضر محامي وأخبرني أن تهمتي جنائية، وأنني سأعرض على القاضي، ومن هناك إلى السجن بدون ضمانة في انتظار الحكم. فقدت ابنتي ودخلت السجن يوم 4 نونبر 2016 وأنا بريئة من هذه التهمة البشعة وهي قتل فلذة كبدي.. لم أصدق!
وبدأت أعيش في مرحلة لم أكن أتصورها يوما من الأيام، فقط كنت أشاهدها في الأفلام على الشاشة، في اليوم الأول تعرضت للسب والشتم والتهديد من طرف السجينات، وينادوني بقاتلة الأطفال، لم أصدق ما وقع، ولم أتحمل كل هذه المعانات النفسية، وأغمي علي من كثرة البكاء ونقلت إلى المستشفى لمدة 15 يوم، عرضت خلالها على طبيب نفساني والذي كان يعتقد أنني فقدت صوابي أو أصبت بمرض عقلي أو نفسي، وأخبرته أنني كاملة العقل وأنني لم أقتل إبنتي وأنني بريئة، وبعد العودة إلى السجن تعرضت لكل أنواع الإهانة والشتم والصفع من طرف بعض السجينات، فكدت أفقد صوابي لدرجة أنني فكرت في الإنتحار، كنت أبكي ليلا ونهارا وكنت أعاني من الحزن على فقدان ابنتي، والظلم من هذه التهمة البشعة، ولا أعلم شيئا عن مصيري، وبماذا سيحكم علي يوم إصدار الحكم.
حان موعد جلسات الحكم، لولا ثقتي بالله وتشبثي بإيماني في الذي خلقني وخلق هذا الكون، لكنت من المنتحرات.
كنت أطلب الله ليل نهار أن يلطف بحالي، فتم تغييري من ذلك الجناح إلى جناح آخر، وهنا تعرفت على إنسانة طيبة وقفت بجانبي وتعاملت معي بإنسانية وعطف، ودافعت عني في كل الحالات الصعبة التي تعرضت فيها للمعاملة السيئة ورفعت من معنوياتي النفسية، وأعطتني نصائح، وساعدتني في العمل والدراسة جزاها الله بكل خير، وأدين لها بذلك مدى الحياة.” كانت تلك الصديقة استجابة لدعائي وكملاك أرسله الله لحمايتي”.
كان يوم الحكم في جلستي الأولى عذابا أليما، حضر فيه العديد من الصحفيين والذين بالغوا في تشويه سمعتي في الصحف والأخبار، كما حضرت فيه تلك المترجمة المغربية التي كانت تترجم لي في المستشفى، لتدلي بشهادتها : شهادة كذب وزور وقالت : أنني أؤمن بالشعوذة والجن، وأننا في المغرب نمارس عادات بربرية، حيث نقفل أفواه أبنائنا وهم في سن الرضاعة حتى لا تصاب بمس الجن، وأنني أخبرتها أن شقتي تسكنها عفاريت الجن مما يؤثر ذلك على بناتي، وطلبت منها أن تنظف معي الشقة من الجن، وأكاذيب أخرى لا أدري من أين أتت بها.. وكلها لا تعقل أبدا.
ولحد الآن لم أفهم لماذا فعلت ذلك؟
ما هي أهدافها؟
وماذا استنتجت وراء سجني؟
إنها تساؤلات لم أجد لها جوابا، كل كلمة نطقت بها هذه المخلوقة ما هي إلا كذب في كذب. كنت آنذاك لا أتقن اللغة لأدافع عن نفسي وكنت أرتجف من شدة الخوف، كنت كمثل الخروف الذي يسوقونه للذبح، لا حول له ولا قوة، كنت لا أفهم ما يدور حولي من شهادات وأقوال.
كذلك حضر فقيه ليدلي بشهادته في قضية الخرافات والشعوذة والجن وهل نؤمن بها نحن المسلمين.
وفي الجلسة الثانية جاء دور الطبيب الشرعي، الذي أدلى بشهادته فيما يخص أسباب وفاة مروى وقال: أنها ماتت مخنوقة أثناء الرضاعة، واتهموني بأنني حاولت تطبيق الإسعافات الأولية، لأنهم وجدوا إمارة على أنفها وضغط على صدرها بشدة، وأنا لم أفعل ذلك بثاتا، وسبق أن ذكرت من عمل ذلك وهي حماتي، بالإضافة إلى من حاول إسعافها في المستشفى في قسم الفحص.
لم ينادوا على كل الممرضات والأطباء الذين على علم ومعرفة بكل ما حدث لسارة وريهام ومروى، فقط اكتفوا بالشهادات التي تساعدهم على إثبات التهمة علي، ومحامي لم يجتهد في الدفاع عني.
فاتهمت بقتل سارة ومروى ومحاولة قتل ريهام، وطلبت ب 55 سنة سجنا ونظرا لأن التقرير في التشريح الطبي الشرعي أكد أن سارة توفيت بالموت المفاجيء “muerte súbita”، وريهام كنت تحت المراقبة بكاميرات وضعت لمراقبتي في غرفتها في المستشفى، ولم أكن على علم بذلك، إلا يوم الحكم، والتقرير من طرف المساعدة الإجتماعية المراقبة.
لرعاية وحماية القاصرين، أكدت أن معاملتي كانت مثل أي معاملة أم لإبنها في إطار طبيعي، بالإضافة إلى أن حماتي كانت تسكن معنا، وكانت كظلي لا تفارقني، أنا فقط أرضع ابنتي وجدتها هي بجانبي تتولى جميع أمورها.
وفي الجلسة الأخيرة والنطق بالحكم النهائي، كنت أنتظر حكما عادلا بالبراءة، ولكنه خاب ظني وحكم علي ب18 سنة سجنا، وأنا بريئة، حكم علي ظلما، تألمت وبكيت حتى نفذت دموعي وكل ذلك لم ينفع، ورجعت إلى السجن والزوج يصبرني قائلا لا تحزني، فنحن معك، وسأحاول البحث على محامي آخر للطعن في الحكم، ستخرجين من السجن كوني قوية.
خلال السنتين الأوليتين كان الزوج يزورني، وفي بعض الأحيان يأتي بإبنتي ريهام، فكنت أسعد بهذه الزيارات كأنها تزودني بطاقة داخلية، وبالصبر وخاصة زيارات ابنتي ريهام، ولكن في الآونة الأخيرة انقلب كل شيء على عقب، لم يعد الزوج يقوم بزيارتي ولما سألته عن الأسباب، تعذر بالشغل والبعد، وفي الأخير اعترف أنه لن يستطيع انتظاري،
بكيت بكاءا شديدا ومرت الأيام واشتقت إلى رؤية ابنتي، فطلبت منه إحضارها وأن لا يحرمني منها، فأجابني أنه يريد مقابل ذلك، أن أتخلى له عن نصيبي في البيت وكل ما نملكه، وذات يوم أرسل موثقا وطلب مني توقيع بعض الوثائق، ولكن صديقتي جزاها الله حذرتني أن لا أفعل ذلك، فرفضت التوقيع على تلك الوثائق، ومنذ ذلك حرمت من رؤية ابنتي.
وأرسلت رسالة أتوسل فيها إلى أبيه وأمه، وكلهم ساندوا إبنهم وأجابوا: “وقعي على أوراق التنازل أولا إذا أردت رؤية إبنتك!”.
إبنتي توفيتا بسبب داء عجز الطب في معرفة نوعه وأسبابه ودوائه، وهذه هي الحقيقة والتي أريد إثباتها وأطلب المساعدة من الجميع.
لماذا كنت أجري لوحدي هرعا إلى المستشفى كلما تأزمت إحداهن، وكنت لا أرمق رمشا خوفا عليهن، إنهن فلذة كبدي، وسجني ظلم، ولا حول لي ولا قوة إلا بالعادل الله سبحانه وتعالى.
في المغرب هناك عدة عائلات وأسر عانت وتعاني من نفس الحالة والأعراض، ولكن ليس هناك بحث وتقارير طبية تشير إلى تصنيف وتنسيب هذه الأعراض إلى نوع معين من الأمراض.
لقد حاولت أن ألخص قصتي وأتمنى أن تتلقى أذانا صاغية، وأعينا قارئة، وقلوبا عاطفة، وأردت كذلك أن تصلكم الحقيقة وليس ما كتب في الصحف والجرائد..
لم يبقى لي قوة للمزيد في العيش لولا ابنتي ريهام، المحامي لم يدافع عني كما يجب لكنه تقاضى 30.000 يورو، وعائلتي لا تتوفر على مبلغ مماثل أخر، للطعن في الحكم، أو لفتح الملف من جديد، ولهذا أتوجه إليكم وأتوسل إلى قلوب الرحمة أن تمدوا لي يد المساعدة بكل أنواعها فمن لا يستطيع ولو بالدعاء إلى الله أن يظهر حقي ويبطل الظلم لأنني مظلومة.
“و أطرق باب جناب أمير المِؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وأدام عليه نعمة الصحة والعافية، طالبتا ومستعطفتا به، أن يتدخل لإنصافي، ويرفع عني الظلم والحيف الذي تعرضت له بتهمة قتل بناتي، وإعطاء أوامره لإعادة فتح التحقيق في قضيتي، والبحث في أسباب هذه الأمراض الوراثية الغير معروفة، والتي لم يتوصل البحث الطبي لمعرفة نوعيتها وأسبابها والتي تعاني منها العديد من الأسر المغربية، والتي تسببت في سجني وأنا مظلومة.
أبقاكم الله يا مولاي أمير المؤمنين، ملاذا أمينا ومدافعا عن الشعب المغربي، ورائدا وقائدا لأمجادكم، وأقر عينكم بسمو ولي العهد، وسائر أفراد أسرتكم الكريمة والسامية الشريفة، إنه سميع الدعاء وبالاستجابة جدير”.
“وقبل أن أختم أ شكر كل من ساهم في نشر قصتي هذه، وكل من تعاطف معي، هنا أذكر مجموعة من الأخوات المتطوعات (آمنة، فاطمة، خديجة، كوثر ونادية) جميعا يبدلن جهدا كبيرا في مساعدتي والقيام بزيارتي، وكذلك أشكر تعاطف كل من مجموعة لمشاهب، وجميع الفنانين والفنانات المغاربة الذين تعاطفوا ويتعاطفون مع قضيتي ومأساتي وكذلك بعض الشخصيات من القنصلية التي تقوم بزيارة السجناء من أجل رفع معنوياتهم النفسية”.
وأتوسل إلى كل من لديه فكرة عن هذا الموضوع، طبيبا كان أو باحثا أو محاميا، أو صيدليا أو صحفيا، وأيا كان أن يتطوعوا جميعا ويمدوا لي يد المساعدة، ويسلطوا الضوء بحثا عن أسباب هذا المرض الذي أودى بحياة أطفال صغار، وكان سببا من أسباب سجني، ولا أريد أن تتكرر قصتي مع أم أخرى قد تزج في السجن لأن الطب عجز عن كشف أسباب الأعراض التي تؤدي بحياة الأطفال وحياة أمهاتهم البريئات”.
أسأل الله أن يفرج كربك.