شبح كورونا المرعب…
هوية بريس – يونس فنيش
أن يحرم مواطن مغربي، أو مواطنة مغربية، من الحق في تجديد البطاقة الوطنية من طرف دائرة أمنية ما، بهدف الإجبار على أخذ 3 جرعات من لقاح كورونا، في شهر يونيو 2022، يعني بعد أن أصبحت كورونا تعتبر من طرف الجميع كنزلة برد عادية، فهذا شيء مرعب صراحة…
إنه لمشكل كبير بحجم قيمة البطاقة الوطنية المغربية، إذ لا يمكن لأي مرض من الأمراض أن يحول دون تمكين كل مغربي وطني، و كل مغربية وطنية، من البطاقة الوطنية المغربية. لا يعقل أن يتصرف، مثلا، موظف و لو بدرجة عميد شرطة أو رئيس دائرة، أو موظفة بدرجة عميدة شرطة أو رئيسة دائرة أمنية، كصاحب الحق في منح بطاقة الوطنية المغربية ليس على أساس الوطنية، بل على أساس الوفاء لتلقيح كورونا، بدعوى “صرامة التعليمات”… ألهذا الحد كورونا قوية و خطيرة، ألدرجة التجريد من الهوية المغربية، في المغرب، الدولة المتجذرة في التاريخ بعمق إثنا عشر قرنا…؟
و نحن على مشارف عيد الأضحى المبارك، يوجد من بين الناس من يتدبر أمره بطريقة أو بأخرى… ولكن من الناس أيضا من هم في حاجة لسحب بعض الأوراق النقدية المبعوثة إليهم من طرف أقربائهم و عائلاتهم عبر “كاش-بلوس”، مثلا، لضرورة قصوى و ليس لاقتناء كبش أو نعجة أو جدي، بل لأمر يتعلق بحالتهم الصحية، و قد يكون الأمر مستعجلا، ولكن وكالة “كاش-بلوس”، مثلا، لا تقبل لا جواز السفر و لا رخصة السياقة كوثيقة لتحديد الهوية، في ظل رفض دائرة أمنية ما تجديد البطاقة الوطنية لمن لم يتلقوا لقاحات كورونا، بدعوى صرامة تعليمات ما…مثلا..
لا. لا يمكن، حسب معرفتي، أن يحرم الناس من تجديد بطاقتهم الوطنية بسبب كورونا… لا يمكن ذلك قانونا و طبقا للدستور المغربي أولا، و جميع مواثيق حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا ثانيا.
لقد سبق و أن منعت الأستاذة المقتدرة و البرلمانية نبيلة منيب زعيمة حزب الإشتراكي الموحد من ولوج قبة البرلمان بسبب عدم تلقيها لقاحات كورونا، و لقد ناضلت بشجاعة قل نظيرها من أجل حقها باستماتة كزعيمة لحزب قوي إعلاميا، إلى أن تم إعمال القانون المغربي و سمح لها بحقها في الدخول إلى قبة البرلمان.
فكيف يمكن بعد ذلك، بعد أن كسبت الأستاذة نبيلة منيب قضيتها، كبرلمانية تمثل المواطنين و المواطنات، منع سيدة من عموم الناس، أو شخص عادي من عموم الناس، من الحصول على البطاقة الوطنية، علما أن عدم الولوج إلى قبة البرلمان يبدو شيئا بسيطا أمام المنع من البطاقة الوطنية الذي قد يعد منعا من تلقي العلاج أو الكشف عن مرض خطير في وقته، مثلا، مما قد يتسبب في ما لا يحمد عقباه لا قدر الله، بدعوى “صرامة التعليمات”…؟
فبكل صراحة، عن أي تعليمات نتكلم؟ ولكن أليس هناك من جددوا بطاقاتهم الوطنية بلا مشاكل رغم عدم تلقيهم اللقاح…؟ ليس من اختصاصي الجواب عن هذا السؤال ككاتب رأي، ولكن لعل الأمر يسهل على السلطات الأمنية المختصة لمعرفة الجواب إن اقتضى الأمر ذلك نظرا لتوفرها على الوسائل و التقنيات المعلوماتية الضرورية.
و في حالة ما إذا كانت تلك التعليمات ليست مجرد اجتهاد من طرف بعض الموظفين المسؤولين فقط، فهل تلك التعليمات تخص جميع الأقاليم بلا استثناء…؟ و هل هي تعليمات تخص جميع الدوائر الأمنية، و جميع المواطنين غير الملقحين ؟ و كيفما كان الحال، هل لغير الملقحين الذين يحتاجون للبطاقة الوطنية من أجل العلاج الحق في الحياة… ؟ لا شك و أنها كلها أسئلة تحتاج لأجوبة.
نحن نحتكم إلى الدستور و القانون، فهل صدر قانون يمنع الحق في الحصول على البطاقة الوطنية أو تجديدها على غير الملقحين من طرف البرلمان؟ و حتى إذا كان الأمر يتعلق بتعليمات و ليس بمجرد اجتهادات شخصية من طرف بعض الموظفين، فهل تطبق تعليمات المنع من البطاقة الوطنية لغير الملقحين ضد كورونا فعلا على الجميع بدون استثناء…؟ أسئلة و أسئلة سبق و أن طرحت بعضها في مقال ” كرامة المواطن المغربي” و هو مقال لم يجد طريقه للنشر في الجرائد الإلكترونية ولكنه متوفر على الفايسبوك…
و أتوجه اليوم إلى الدكتورة نبيلة منيب المقتدرة، بصفتها سيدة قبل أن تكون أستاذة في الجامعة و برلمانية و زعيمة حزب، هلا استمر نضالك، سيدتي، في قضية تبعات كورونا المرعبة، للتعريف بمشاكل النساء المستضعفات، من داخل البرلمان و خارجه، لأن لابد و أن هناك سيدات مواطنات شريفات بسيطات، يتوفرن على شهادات عليا ولكنهن لم يجدن عملا، فلا صوت لهن و لا معارف، منعن من الحق في تجديد بطاقاتهن الوطنية و يعانين الأمرين من جراء ذاك المنع غير المفهوم.
خلاصة: المهم و الأهم أنه مهما كان الحال و كانت كل الأحوال، لن ينجح و لن يفلح أي كان في منع المغاربة الشرفاء النزهاء الأبرار من حب وطنهم، بلدهم، المغرب. و الحمد لله.