“صاروا في علو”.. وسيبعث الله عليهم “عبادا أولي بأس شديد”

هوية بريس – د.أحمد علي عمر
صاروا في علوٍّ لا يختلف فيه أحد، يطيرون حيث شاؤوا وينصبون فخاخ الموت حيث أرادوا، فكأن الآية متسقة مع ظروف زماننا: “وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا“.
لكن سبحان الله، حين تحدث القرآن عن نهاية هذا العلو، وصفه أنه على أيدي رجال أولي بأس شديد: “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ“.
ولاحظوا دلالة بعثنا، فالبعث من دلالته انتقال من الموت إلى الحياة، فكأن الظروف توهم بالموت، ليكون بعثًا يتعجب منه البشر، ومن صفات البعث التوجيه نحو هدف معين، ومن صفاته في الماء التفجر من الأرض، ومن صفاته انبعاث النائم وتيقظه وانتباهه، ومن صفات الانبعاث الانتصار.
لذا كانت بعثنا، ظروف توحي بالموت، فكان الإحياء بـ”بعثنا”، ظروف توقن باستحالة التوجيه، فكانت بعثنا، ظروف توحي باليباس فكانت بعثنا رجالًا يتفجرون كما الماء من تحت الأرض، ظروف تكرس الشخير فكانت بعثنا لتؤكد اليقظة والانتباه، ظروف تجزم بالهزيمة فكانت بعثنا في الانتصار.
أولو بأس، لا يشترَط أن يكونوا جيشا، ففي قصة بلقيس: “قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ“. القوة هنا في تجمع أولي البأس في جيش، ومع ذلك ما أفلحوا، فكأنها إشارة واضحة أن نهايتهم على أيدي رجال أولي بأس شديد فقط، لا يشترط أن يكونوا جيشًا، وهذا يتسق مع طبيعة بعثنا بما تحمله من دلالات ومفاجأت.
ولا غالب إلا الله.



