صحافة التشهير تستهدف المتدينين

03 سبتمبر 2025 15:35

صحافة التشهير تستهدف المتدينين

هوية بريس – د.محمد عوام

خصت جريدة الصباح في عددها 7807، الصادر يوم الثلاثاء 2/ 9/ 2025 كعادتها المعهودة ملفا خاصا ببعض الانحرافات التي وقع فيها بعض المتدينين، ولم يكن غرض الجريدة، المعهود عنها الطعن في الإسلاميين والمتدينين، والازدراء منهم، سوى أن تركب متن التشويه والتشهير، وهذا ما يبدو من خلال العناوين الفرعية، التي اختارتها لمقالاتها، من مثل: “جرائم باسم الدين”، “وحش يستبيح عرض قاصرات”، “إمام يغتصب كفيفة”، “فقهاء في قفص الجريمة”، “الروحانيات وسيلة للنصب والاحتيال”…

لكن السؤال الذي غاب عن أصحاب الجريدة، أو بالأحرى يتعمدون تجاهله وإخفاءه، كم نسبة من يقع في مثل ما ذكر من المتدينين في مثل هذه السلوكات؟ هل يشكلون ظاهرة تقض مضجع المجتمع؟ هل إذا ما قورنوا بغيرهم من التيارات الأخرى سيصبحون لا يشكلون شيئا؟

ثم السؤال الكبير والعريض لماذا تغض الجريدة الطرف عن الفساد الذي ينخر المجتمع والدولة في مؤسساتها ومهرجاناتها طولا وعرضا مما يتحدث عنه سرّا وعلانية، وطارت أخباره في الآفاق وتحدث به الركبان؟

كل هذا التجاهل لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو الانخراط في تيار التشهير والتشويه بالإسلاميين والمتدينين وكل من له صلة بالدين، ونحن نقول ابتداء لهؤلاء إنكم تلهثون وراء السراب، ولن تجنوا من الشوك العنب، للأسباب التالية:

أولا: أننا إذا قارنا ما يقع فيه المتدينون من انحراف، بحكم الضعف البشري، لا يبلغ حتى واحدا بالمائة، وهذا دليله المعاينة، إذ لو كان ظاهرة اجتماعية، لكانت حديث الناس في حلهم وترحالهم، وكافة اجتماعاتهم وأنديتهم، وتلهج بها ألسنتهم، وهذا غير واقع البتة. إذ من شأن الظاهرة أن يهتم بها الناس، ولا تبقى بمعزل عنهم.

ثانيا: أن المتدينين من أئمة وفقهاء وأبناء الصحوة الإسلامية وكثير من رواد المجتمع من كافة الناس، يشهد لهم الناس في الغالب بحسن أخلاقهم، واستقامتهم، وصفاء سريرتهم، ونظافة أيديهم، وهذا لا يعني أنهم معصومون ملائكة أو أنبياء، ولكن بإذن الله تعالى تدينهم يحجزهم عن الوقوع في المحرمات، أو يقترفوا الموبقات والرعونات. لأن التدين صمام أمان، والصلاة من مقاصدها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتحلية الباطن والظاهر.

ثالثا: لو كان لكم شيء من العلم، ومسكة من عقل، وقليل من الحياء، لما ضخمتم هذا الموضوع، ولما رفعتم سيف التشهير والتشويه، لمآرب أيديولوجية مقيتة، وإنما سوف تدركون أن الإنسان المتدين ليس معصوما، فهو من طينة أبيه الأول آدم عليه الصلاة والسلام، فقد أمره الله تعالى أن لا يأكل من الشجرة، فوسوس له الشيطان وغرته نفسه، فأكل منها، فوصفه الله تعالى بالعصيان والغواية ﴿وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ﴾، لكن ميزة آدم عليه السلام أنه تاب وآب وندم على ما صدر منه، فكانت النتيجة أن اجتباه ربه عز وجل ﴿ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ﴾، فيبقى السؤال إذا كانت طبيعة الإنسان هكذا ميال إلى الشهوات بحسب طبيعته البشرية، فهل من وظيفة جريدة الصباح أن تعالج السلوكات والانحرافات أم أن وظيفتها أن تشهر بالفقهاء والمتدينين وتتبع السقطات والعثرات؟ وإلا كان عليها بحسب هذا المسلك أن تخصص ملفا آخر لانحرافات العلمانيين والليبراليين والاشتراكيين، بل تخصص لكل تيار وحزب ودين ملفا لرجالاته وأتباعه، ولا ريب من أن هذا هو التيه والضلال وانعدام حتى المهنية الصحفية.

وختاما مهما يكن من نقص في المتدينين، لأنهم بشر، يعتيريهم القصور والضعف، فإنهم في عمومهم سراج المجتمع الوضاء، ومصباحه المنير، وكوكبه الدري، يعترف بفضلهم ونزاهتهم، وحسن خلقهم، كل من ليس في قلبه مرض، غير أن هذا المصباح المنير لا يضيء أفئدة العلمانيين والحاقدين، الذين ﴿وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ﴾. ونسأل الله الثبات وحسن الخاتمة ودوام فضله وستره لنا ولكافة المسلمين.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة