نشرت صحيفة “إيزفستيا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن خسارة الإسلام لمكانته على الصعيد العالمي قبل عدة قرون، مقارنة بالديانة المسيحية التي أخذت في الانتشار، ولكن الحرب الصامتة للأديان تجاوزت حد السيطرة على النفوس والاستحواذ على العقول.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن أوروبا حاولت لعدة قرون اتخاذ موقف متسامح تجاه جميع الديانات، باعتبار ذلك من القيم الإنسانية الرئيسية. ولكن التهديد الذي يشكله الإرهاب دفع الأوروبيين إلى إعادة النظر في مواقفهم.
ووفقا لإحصائيات صادرة عن مواقع بريطانية وإسبانية وفرنسية وإيطالية، فإن نسبة المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي تتراوح بين 2.5 و7 بالمائة من إجمالي السكان. ويشير ارتفاع عدد المساجد في الدول الأوروبية إلى دخول الإسلام في منافسة حقيقية مع الديانة المسيحية. ففي فرنسا مثلا، يتراوح عدد المساجد بين 2000 و2500 مسجد. أما في بريطانيا، يبلغ عدد المساجد أكثر من 1700 مسجد، بينما يوجد في إسبانيا أكثر من 1400 مسجد.
واستندت الصحيفة إلى إحصائيات استشهدت بها صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تعكس ديناميكية نمو عدد المعتنقين للإسلام في فرنسا؛ فإلى حدود سنة 1976 لم يكن في فرنسا سوى 150 مسجدا، ليرتفع بعد ذلك العدد سنة 1985 إلى 900 مسجد، و1555 مسجد سنة 2001. وإلى جانب التبرعات المتواضعة للمؤمنين المحللين، ساهم تغير النظرة الأوروبية للإسلام في ارتفاع عدد المساجد.
وبينت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي لم يتوصل إلى سياسة موحدة بشأن ضمان ظروف متساوية لوجود ديانات مختلفة داخل المجتمع الأوروبي. لذلك، قررت كل دولة أوروبية إنشاء نظام يتعلق بتهيئة ظروف منافسة نزيهة بين المسيحية والإسلام واليهودية وغيرها من التيارات الفكرية.
وقبل بضع سنوات، عرض وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، خلال فترة رئاسة فرانسوا أولاند، برنامج لإرساء إسلام فرنسي يحترم مبادئ العلمانية، من خلال فتح أكاديمية لتكوين الأئمة، ما قد يؤدي إلى نمو عدد المسلمين في فرنسا ليتجاوز خمسة ملايين مسلم.
وذكرت الصحيفة أنه تم اقتراح تمويل أكاديمية الأئمة الأوروبيين وأنشطة خريجيها من خلال صندوق مخصص لدعم الإسلام في فرنسا.
وفي عهد الرئيس الفرنسي الحالي، قررت الحكومة الفرنسية انتهاج سياسة مغايرة مع الإسلام. ويظهر ذلك في التصريح الذي أدلى به ماكرون حيث قال “لا أريد المزيد من المساجد بتمويل يشوبه الغموض، وأن تستخدم أموال الحج إلى مكة لأغراض مجهولة”، وذلك وفقا لما نشرته صحيفة “أبسي” الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا تضم أكثر من 250 جمعية إسلامية، واتحادات ومنظمات غير ربحية. ويساهم غياب التشريعات والحقوق التي تسمح لفرنسا بتقديم الدعم المالي، في خسارتها أمام الدول العربية، على غرار المملكة العربية السعودية وقطر والجزائر والإمارات العربية والمغرب، التي تمول بشكل علني 2500 مسجد والعديد من دور العبادة الأخرى في فرنسا. وحسب الإحصائيات الرسمية تقدر نسبة المسلمين في إسبانيا بحوالي 2.6 بالمائة من مجموع السكان، بينما لا تزيد نسبتهم في فرنسا عن سبعة في المائة.
وأفادت الصحيفة بأن الدول العربية تسعى إلى إضفاء صبغة إسلامية على البلدان الأوروبية. وقد أعلنت المملكة العربية السعودية سنة 2015 عن نيتها تخصيص مائتي مليون يورو لبناء مائتي مسجد في ألمانيا، فيما خصصت قطر سنة 2016 مبلغ 25 مليون يورو لبناء 43 مسجدا في إيطاليا. ووفقا لصحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية، فإن الرياض تنفق سنويا حوالي ثلاثة مليارات لدعم الإسلام في أوروبا.
وأقرت الصحيفة بأن النمسا تعتبر الدولة الأوروبية الوحيدة التي تشعر بقلق بالغ إزاء تمويل الإسلام في إطار غير قانوني، ويظهر ذلك في الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة النمساوية في الثامن من يونيو ضد التطرف الإسلامي، متوعدة بإغلاق سبعة مساجد وطرد حوالي 60 إماما من البلاد، وحوالي مائة شخص من أفراد أسرهم.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن خطوات الحكومة النمساوية غير ناتجة عن أي تحيز إيديولوجي، وذلك حسب ما جاء على لسان وزير الخارجية النمساوي، سباستيان كورز، حيث يتعين على الجميع عدم انتهاك القانون المتعلق بتمويل المساجد وبقية دور العبادة.