ذكرت صحيفة فرنسية في عددها الصادر اليوم السبت، إن نسبة جرائم القتل الفردية في المجتمعات غير المسلمة، أكبر من مثيلاتها في المجتمعات المسلمة.
وأشارت صحيفة “سلات” الفرنسية، إلى أن زيادة وحشية المجازر وعمليات القتل في العالم قد أدت إلى خلق اتجاه يربط بين الإسلام والعنف، وهي وجهة نظر تبناها اليمين المتطرف في الغرب وبعض اليساريين التقدميين، مما أدى إلى تفاقم حدة الكراهية إلى مستويات كبيرة ضد المسلمين.
فوفقاً لأحدث استطلاع رأي أجراه مركز “بيو” الأمريكي في عام 2014 في سبع دول أوروبية، فإن أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع لديهم نظرة سلبية ضد المسلمين. وفي استطلاع مماثل قام به مركز “يوجوف” في ربيع 2015 بعد اعتداء “شارلي إبدو” في فرنسا، فإن 40% ممن شملهم الاستطلاع يعادون الإسلام والمسلمين. وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة للغرب، فإن بربرية اعتداءات تنظيم “داعش” وأتباعه قد ساهمت في تعزيز هذه النظرة إلى الإسلام كدين عنف.
واستدركت الصحيفة بالقول: “من الظلم إضفاء صفة العنف على ما يقرب من 1.8 مليار شخص يشكلون ربع تعداد سكان العالم”، مشيرة إلى أن المجتمعات الإسلامية قبل سنوات عديدة لم تكن مصدراً للعنف، بل كانت من أقل مناطق العالم عنفا. ولكن هذه الفكرة لا تنفي الحقيقية المؤكدة بأن مناطق النزاع السياسي في العالم الإسلامي التي تتواجد وتشارك فيها جماعات متطرفة مثل “داعش” هي الآن أكثر المناطق دموية في العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك خلطاً واضحاً بين وجود أيديولوجية متطرفة داعية للعنف من قبل أقلية مسلمة، وبين الدين الإسلامي ذاته الذي يتبع تعاليمه الصحيحة الأغلبية من مسلمي العالم، والتي تشجب وتندد دائماً بوحشية “داعش” والجماعات المتطرفة. ولا يدعو للدهشة القول بأن الضحايا الأساسيين لـ”داعش” هم مسلمون. وأكدت الصحيفة أنه في سبعينيات القرن الماضي لم يشهد العالم أي صراعات في المنطقة، وهنا لابد من التساؤل عما إذا كان الإسلام يدعو إلى العنف، فكيف يمكن تفسير سلمية المجتمعات الإسلامية خلال هذه الفترة الطويلة؟ وفي الواقع فإن “داعش” والمتطرفين الآخرين قد استندوا في تبريير أفكارهم المتطرفة وأفعالهم الوحشية إلى نصوص إسلامية مغلوطة، لكن هذه التفسيرات المتطرقة لم تلق تأييداً إلا من قلة قليلة من مسلمي العالم وليس الأغلبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجدل حول عنف الإسلام المعاصر يتركز بصورة عامة حول الصراعات المسلحة والإرهاب. ولكن من أجل تحديد قياس ميل مجتمع أو ثقافة أو دين بعينه إلى العنف، فهناك وحدة قياس أكثر ملائمة وهو معدل القتل الإرادي. وأوضحت الصحيفة أنه في معظم المجتمعات، فإن القتل وليس الحرب هو الذي يشكل النسبة الأكبر من التهديد الذي يواجه المجتمعات، فالمجرم أو القاتل على عكس الإرهابي لا يحتاج إلى فترة إعداد طويلة سواء من حيث التدريب أو إمداد السلاح أو تعبئته سياسياً والعديد من الأسباب الأخرى التي تجعل من الجريمة أكثر خطورة على المجتمع من الإرهاب بحيث يصعب للغاية إعداد جيش أو القيام بحملة ضد دولة بسبب قتل أحد الأشخاص. وتضيف الصحيفة: “اليوم نجد أن كل دول العالم تشهد عمليات قتل أكبر مقارنة بتلك التي تضرب أركانها الحروب”.
ففي عام 2015، أوضح تقرير صادر عن مركز أبحاث سويسري “Small Arms Survey” قامت بنشره إحدى المنظمات غير الحكومية أن كل قتيل من الحرب أو الإرهاب يقابله ستة قتلى نتيجة عمليات القتل الفردية. ففي العالم أجمعه، بات القتل الفردي يمثل تهديداً أكثر شدة وتأثيراً على أمن الإنسان، أكثر من العنف الإنساني المنظم. والواقع -يقول التقرير- إنه في أي مجتمع يحتوي على نسبة عالية من المسلمين، نجد أن معدل الجريمة لديه منخفض. ففي دراسة هامة أعدها الأمريكي “ستيفان فيش”، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا عام 2011 والذي قام بفحص معطيات إحصائية عابرة للقارات، اتضح من خلالها أنه في الفترة ما بين عام 1994 و2007 ارتفع متوسط معدل الجريمة في العالم الإسلامي إلي 2.4% لكل 100.000 مواطن، وتعد هذه النسبة قليلة جدا عند مقارنتها بالمعدل في أوروبا والولايات المتحدة ووفقا للأرقام الأخيرة لمكتب الأمم المتحدة الخاص بمكافحة الجريمة والمخدرات، فإنه أمام كل قاتل في أندونسيا باعتبارها أكبر الدول الإسلامية من حيث الكثافة السكانية، نجد سبعة قتلى في الولايات المتحدة.
وتعقب الصحيفة: “هذا هو الواقع الذي ينبغي على الأمريكيين المعاديين للإسلام تفهمه وإدراكه”. واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن “الدين ليس هو المحرك الرئيسي للعنف في الشرق الأوسط سواء في سوريا أو العراق، إنما السياسات التمييزية للحكام وقمع الدولة وانتهاك الحقوق والفساد وعدم كفاءة الأنظمة الحاكمة”.