صرخة آسفي… من مدينة تاريخية… إلى مزبلة أوربية
هوية بريس – ذ. مصطفى بن عمور
من منكم لم يقرأ في كتب التاريخ عن مدينة آسفي …عن عمقها الضارب في الحضارة …عن موقعها الذي يستقبل الشمس بصدر المجاهدين ويتنفس هواء بحرها الممتد بزرقته… بحرها هذا الذي علمتنا الجغرافية انه كنز من كنوز الصيد الذي يمد المغرب كله بسردين شهي لذة للآكلين… وأنواع عديدة من الأسماك منها ما نراه هنا ويأكل منه الفقير والغني وحتى الطير التي تغدو من أوكارها خماصا وتروح من الميناء شباعا… ومنها ما يحط رحاله في أوروبا ليجلب العملة للمغرب والذكر الحسن…
آسفي مدينة الجمال الصبوح…
مدينة النشاط المبكر…
أبتليت بعد عز ذلك الجمال بذل القبح القابع على خاصرتها كشبح ينفث السواد الخانق…
يبصق ريحا منتنة كنتانة الجشع…الذي يتجشأ فجأة أنكر الروائح… وينفث دخانا تتجهم منه السماء التي طالما عانقت الأرض خضرة والبحر زرقة…
دخان …يتسلط على السكان بسياط المرض… وسم يتسلل إلى العظام فينخر جوفها فيحيلها ضعيفة البنيان…
لم يكتف الجشع الأسود بذلك… فاحتال على مساحات شاسعة ليجثم على بحرها بمعامل الطاقة الحرارية التي لا شك ستلهب حياة الساكنة وتزيدهم ضرا على ضرهم.. وبلاء على بلائهم…
ومع ذلك تجد السكان على ثغر من ثغور التضحية والصبر في سبيل وطن لم يمكنهم مسؤولوه حتى من مستشفى مكتملة التخصصات مجهزة… قادرة على استيعاب نطيحة التلوث ومترديتها وما أكل الدخان الأسود النتن…!!!
وبينما هم في همهم وغمهم …إذ بخبر ينزل كصاعقة من سماء النكران ويحط عليهم بجريمة الحيطي وأطنانها الايطالية …لا من المساعدات والإمدادات لمرضى المدينة وضحايا ضريبة تقدم الوطن… بل بأطنان من نفايات ايطاليا… وفي الطريق ستتوالى قافلة من أخواتها المكشرات أنيابهن لتنهش ما تبقى من لحم السكان وتعرق ما بقي منهم من عظام…
جريمة… وما من حس… ولا ركز… ولا صوت صارخ لأنه بح…
ولا يد تهتز احتجاجا لأنها شلت من الإهمال والاحتقار…
جريمة… والقاضي… هو الخصم وهو الحكم… فمتى تكون قضيتها عادلة؟؟؟…
جريمة… ضحيتها الإنسان الذي خدعه أبناء جلدته من المسؤولين… في حكومة… تهتز أركانها بلغو الكلام والهرج أبطاله صعاليك السياسة العبثية.. التي يكتفي أصحابها بطمأنة الرأي العام على أن تلك النفايات حلال طيبة… مباركة لا أذى فيها ولا ضرر…!! إلا أن أصحابها احترموا إنسانهم فأبعدوها عنه… واحتقروا إنساننا فرموه بها… وبتوقيع من حكومة لا تعترف بحقوق إنساننا لأنه أشبه بشيء زائد في وطنها… الذي لا يكون وطنا إلا إذا جلب الأوردو بالملايين للجيوب المتنعمة… والهلاك للأجساد المهملة المحتقرة…
ترى ماذا يقع لو أن هذه المدينة في بقعة الإنسان الأبيض…؟؟
الجواب لكم..