وأنت تتابع الإعلام الذي صار ينفرد بالسلطة بعد أن كان سلطة رابعة، يلفت الانتباه نوع الوجوه التي تطغى على الظهور في هذا الأعلام الكسيح، والذي يمهد لظهور الدجال المسيخ.
أينما وجد تافه من البشر ولا سيما من الشباب إلا ونفخوا أوداجه وجعلوا لوجه بريقا ولمعانا وأعطوه لاقطا وجعلوا من سيرته سيرة عطرة ويا لها من سيرة، ومن كلامه كلاما مرموقا ويا له من كلام!!! وأعطوا لشخصه مكانة وأي مكانة!!! وجعلوه القدوة، وبئست القدوة.
الجامع المشترك والقاسم الموحد هو التفاهة التي صارت تقود عقول الأجيال الحاضرة نحو الجيف؛ تماما كما يفعل الغراب وهو يقود قومه. شباب لا يحسنون عبارة وازنة ذات قيمة لا شكلا ولا مضمونا، وجدوا الساحة مترعة فملؤها أغاني وتمثيلا وأفلاما ومقاطع، وبرامج إذاعية وتلفزية يتابعها المئات بل الملايين أحيانا.
شباب تجردوا من قيم العفة والحياء والوقار والمروءة والغيرة، استغلوا بعد أن استغلوا (بضم التاء وكسر الغين) الظروف التي تقود إلى الانفلات الأخلاقي، وصاروا يقدمون في الإعلام على أنهم النموذج المحتدى، يتكلمون في الكبيرة والصغيرة، بالإضافة إلى التحفيز والتتويج وببهرجة الاستقبال ودوام المتابعة الإعلامية… لا يخفي ذلك كونه خطة موضوعة بإحكام للوصول إلى عقول الشباب عن طريق الشباب لبلوغ الأهداف الدنيئة والحيلولة دون نهضة شبابية عمادها القيم والفضائل المستمدة من الإسلام.
فهؤلاء صاروا يشكلون خطرا على أبنائنا؛ على أبناء كل أب وأم يريد أن يربي ذريته على قيم الإسلام الأصيلة، وتنشئة جيل واع بانتمائه إلى الدين والهوية، مدرك لحقيقة الوجود وحتمية المصير، ليشتغل على هذا الهدف معتزا بدينه وقيمه، سليما من المسخ والتهجين والتدجين ونمطية القيم الوافدة التي تولى هؤلاء الصبية ومن ورائهم شيوخ الفساد على تثبيتها بوسائل مختلفة كما سبق ذكره.
خطورة هذه الفئة على قيم الناشئة لا تخطؤها العين ولا الأذن، فكم من مرة أرى وأسمع صغارا منهم من لا زال يجد صعوبة في تركيب الكلمات والجمل يردد بعض الأغاني الماجنة التي غزت البيوت والأسواق والفضاءات، والتي تدل على الإمعان في نشوء الأجيال الحالية على قيم منحلة متحرر من كل الفضائل، من قبيل “عطيني صاكي” و”أنت معلم” وهلم سحقا.
إضافة إلى شباب من الذكور والإناث جعلوا هذه الفئة قدوة لهم في اللباس وتقليعات الشعر والحركات وطريقة الكلام وغير ذلك….
الرسالة موجهة لكل غيور؛ والمسؤولية صارت فردية بامتياز؛ لأن كل الجهات التي تعد شريكا في التربية على القيم صارت مع نفس الركب وعلى نفس المنوال، وكم من مرة جاء أبناؤنا من مدارسهم أو من عند الجيران أو من عند العائلة… يرددون ما يستحى من ذكره، وما يعد ضربة في مقتل لجهود مضنية يقوم بها بعض الآباء بارك الله جهودهم من أجل حماية أبنائهم من تيار الانحلال الجارف.
إن مستقبلا يقود إليه هؤلاء الصعاليك ليوحي بالخطر إلا أن يشاء الله الذي له الأمر من قبل ومن بعد. والله المستعان.