صعود اليمين الفرنسي والخطر المرتقب
هوية بريس – متابعة
الإثنين 14 دجنبر 2015
للمرة الأولى في تاريخ فرنسا تعلن الجبهة الوطنية التي تتزعمها “جان ماري لوبان” الفوز في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية التي أتت إلى جانب الجبهة الوطنية بتيارات أخرى مثل الاشتراكيين والجمهوريين، والمأساة الحقيقية أن الانتخابات الأخيرة دفعت بـ”جان ماري لوبان” مُمثِلة اليمين المتطرف إلى مركز الصدارة في الحياة السياسية الفرنسية.
والواقع أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات المحلية الأخيرة تتحدث عن نفسها فقد فازت الجبهة الوطنية التي تتزعمها “ماري لوبان” في 6 مقاطعات من أصل 14 مقاطعة، ومما زاد من حظوظ الجبهة الوطنية موقف الرئيس السابق “نيكولا ساركوزي” الذى رفض التحالف مع الحزب الاشتراكي الذى ينتمى إليه الرئيس الحالي “فرانسوا أولاند” ضد الجبهة الوطنية طمعاً من “ساركوزي” في تقليل حظوظ “أولاند” في الفوز بمنصب الرئيس في الانتخابات التي ستجرى عام 2017.
وعلى الرغم من أن الجبهة الوطنية حققت أكبر انتصار لها في انتخابات البرلمان الأوربي التي جرت العام الماضي إلا أن العداء التاريخي بين الجبهة الوطنية وبين الاتحاد الأوربي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول نجاح “ماري لوبان” في إقناع مواطني فرنسا بسياسة مناهضة لسياسات الاتحاد الأوربي.
والحقيقة أن زعيمة الجبهة الوطنية “جان ماري لوبان” استفادت كثيراً من الهجمات الإرهابية التي وقعت بباريس في الثالث عشر من نوفمبر الماضي والتي أتت في صالح اليمين المتطرف الذى لعب على وتر الأمن المفقود في ظل الحكومة الاشتراكية الحالية، والأهم أن تلك المخاوف لدى رجل الشارع في فرنسا انعكست على صناديق الانتخابات سريعاً والتي جعلت اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات المحلية عقب الجولة الأولى بنسبة تتخطى 30% كما عكست تلك الانتخابات حالة الاستقطاب التي تعانى منها الساحة السياسية الفرنسية.
وعلى الرغم من أن الجبهة الوطنية حققت نجاحاً بطيئاً على مدار 30 عاماً مضت إلا أن تلك النجاحات لم يُكتب لها الاستمرار بسبب إحجام باقي الأحزاب الفرنسية عن الدخول في تحالف مع الجبهة الوطنية كونها تُمثِل اليمين المتطرف، والأهم أن رجل الشارع في فرنسا لا يُدرِك حجم الأخطار المُحيطة بالبلاد حال سيطرة اليمين المتطرف على مقاليد الحكم.
ويقول مراقبون أن حزب الجبهة الوطنية اكتسب تفرُداً داخل الساحة السياسية لأنه لم يسعى إلى تكوين تحالفات مع أحزاب الأقلية الأخرى مما جعل ظهور الحزب على الساحة السياسية خافتاً إلى حد كبير، عكس باقي أحزاب الأقلية التي طالما سعت إلى تكوين تحالفات تضمن لها عدد مُعين من المقاعد داخل البرلمان مما يضمن لتلك الأحزاب بالتبعية الحصول على تمويل الحكومة الذى تقدمه للأحزاب طبقاً للقانون الفرنسي.
والغريب حقاً أنه على الرغم من قيام الحكومة بتقديم دعم مالي للأحزاب الفرنسية يُحدد وفقاً لعدد المقاعد التي حصل عليها الحزب في البرلمان إلا أن حصول حزب الجبهة الوطنية على عدة قروض من بنوك روسية في بداية العام 2015 أثار الكثير من الشكوك حول العلاقة بين “جان ماري لوبان” وأقطاب النظام الروسي خاصة الرئيس “فلاديمير بوتن”.
والأهم من ذلك هو شبهة الفساد التي تطال حزب الجبهة الوطنية خاصة في المدن التي سيطر الحزب على أصوات ناخبيها في الانتخابات المحلية، فالتاريخ يقول أن تلك المدن طالما شهدت وقائع للفساد والمحسوبية وسوء الإدارة من قِبل قيادات الجبهة الوطنية مما أدى إلى غرق تلك المدن في الديون رغم قيام الحكومات المحلية التي تشرف عليها الجبهة الوطنية بالكثير من إجراءات التقشف لكن بلا جدوى.
والحقيقة أن هجمات باريس لعبت دوراً هاماً في فوز حزب الجبهة الوطنية بالجولة الأولى من الانتخابات المحلية، والأهم هو أن زعيمة الحزب “جان ماري لوبان” لم تدع الفرصة تفلت من يدها وصارت تهاجم المسلمين في فرنسا واصفة إياهم بالإرهابيين على الرغم من وجود الملايين من المسلمين يعيشون في فرنسا منذ زمن ويحترمون القانون والعادات والقيم الفرنسية.
ويرى كثير من المراقبين أن صعود اليمين الفرنسي بزعامة “ماري لوبان” لا يقل خطورة على المجتمع الفرنسي من الإرهاب الذى ضرب البلاد مؤخراً، بل توقع الكثير منهم انتكاسة مقبلة على صعيد السياسة الفرنسية خاصة أن كثير ممن يعطون أصواتهم لليمين المتطرف لا يعلمون حجم الكارثة التي يشاركون فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبكة الجزيرة الإنجليزية
بقلم: ريمى بيت Remi Piet
ترجمة: أحمد سامى.