صفقة القرن.. غزة أولا ترضي العرب وتخيف عباس
هوية بريس – الجزيرة
بين عمّان والرياض وتل أبيب والقاهرة، يتنقل جاريد كوشنر لتسويق خطة صهره الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحل الصراع بين العرب والإسرائيليين.
ومن حين لآخر، تتسرب معلومات خطيرة عما يسمى صفقة القرن، من قبيل موافقة عواصم الاعتدال العربية على التنازل عن القدس وتعويض اللاجئين عن حق العودة وإقامة دولة فلسطينية مقطعة الأوصال.
لكن صفقة القرن لن تبدأ بأي من هذه المحاور، إنما من قطاع غزة وفق تسريبات جديدة تناولتها صحيفة إسرائيل اليوم المقربة من بنيامين نتنياهو.
ووفق الصحيفة، فإن كبار الدبلوماسيين العرب المنخرطين في صفقة القرن كشفوا أن ترامب يعمل على حل مشكلة قطاع غزة باعتبارها المرحلة الأولى من خطة السلام.
ومن أسباب البدء بغزة والتركيز عليها، إصرار الرئيس الفلسطيني على عدم التعاون مع إدارة ترامب في المضي قدما في صفقة القرن.
وحسب الصحيفة فإن إدراج قطاع غزة في الخطة يشرح ضبط النفس لدى الجيش الإسرائيلي في مواجهة حماس وعدم استعداد الأخيرة للتصعيد مع الاحتلال.
وفي هذا الجانب من المهم الإشارة إلى “دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة إسماعيل هنية إلى القاهرة لعقد سلسلة من الاجتماعات والمناقشات مع كبار المسؤولين الأمنيين المصريين، الذين يشاركون في جهود الوساطة لتهدئة الوضع في القطاع”.
ووفق دبلوماسي عربي بارز تحدث للصحيفة، فإن كوشنير والمبعوث الأميركي للسلام جيسون غرينبلات عرضا على الرئيس المصري وملك الأردن ومسؤولين سعوديين النقاط الرئيسية في “صفقة القرن”.
وقد “حصل كوشنر وغرينبلات على دعم الدول العربية المعتدلة لتحريك عملية السلام حتى دون أبو مازن والقيادة الفلسطينية في رام الله”.
ممانعة عباس
وفي ظل ممانعة عباس، أدرك الأميركيون أن مفتاح تحريك عملية السلام الإقليمية، يكمن في حل قضية قطاع غزة الذي لم يخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عشر سنوات.
وتضيف الصحيفة أن الوضع الإنساني في غزة “يسبب الكثير من الصداع لقادة الدول العربية المعتدلة، الذين يجبرون على التعامل مع المشاكل الداخلية ويرغبون في رؤية تسوية سياسية شاملة تؤدي إلى رفع الحصار عن القطاع ولو بشكل جزئي”.
ووفقا لمسؤولين عرب مطلعين على الجهود الأميركية، تقول “إسرائيل اليوم” إن خطة تنظيم واقع الحياة في غزة ستشمل في البداية اتفاق هدنة طويل الأمد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
وسيتضمن هذا الاتفاق تنفيذ سلسلة من المشاريع الاقتصادية وخطط الطوارئ لإعادة الإعمار، بدعم وتمويل من المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، فضلا عن إمكانية دخول السلع إلى غزة عن طريق البحر، عبر رصيف خاص يقام في أحد موانئ قبرص.
ويبدو أن المسؤولين العرب لا يجدون حرجا في الحديث للصحافة العبرية عن قضايا خطيرة لا تزال الشعوب العربية تجهل تفاصيلها وتوقيت تنفيذها.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول مصري كبير قوله “ترامب ورجاله أثبتوا أنهم قادرون على التفكير خارج الصندوق وتقديم حلول خلاقة. لقد قدم مبعوثو الرئيس ترامب النقاط الرئيسية لصفقة القرن خلال زيارتهم الأخيرة للمنطقة”.
ويضيف أن عباس لا يحكم غزة مما يعني أن أي ترتيب في القطاع سيكون في نهاية المطاف مع أولئك الذين يسيطرون عليه، أي حماس والفصائل الفلسطينية.
ويشير إلى أن الاقتراح الذي عرضته إدارة ترامب بشأن تنظيم قطاع غزة أولا يحظى بدعم الدول العربية.
تسويق الصفقة
ووفقا لمصادر عربية فإن “تنظيم الحياة في قطاع غزة” كمرحلة أولى ورئيسية في صفقة القرن يهدف للمساعدة على تنفيذ خطة السلام وتسويقها للجمهور الفلسطيني والدول العربية.
وتضيف المصادر ذاتها أن “فكرة التنظيم في غزة تشمل في الأساس تخفيف الحصار على القطاع، إلى جانب تنفيذ عشرات المشاريع الاقتصادية المخطط لها بالفعل والممولة، وننتظر فقط الضوء الأخضر”.
في ضوء هذا، قال مسؤول فلسطيني كبير إن “هناك قلقا وتخوفا في ديوان عباس من الخطوات التي يخطط لها ترامب”.
ويخلص هذا المسؤول إلى أن ترامب لن ينجح في دفع حماس والفصائل المسلحة في غزة إلى نزع سلاحها، “لكننا نعرف عن خطة الإدارة في واشنطن في هذا الموضوع، التي تدعمها دول عربية مثل السعودية ومصر والإمارات والأردن”.
ويضيف “إذا لم يعد أبو مازن النظر في خطواته، فإنه قد يجد نفسه غير ذي صلة كما حدث لياسر عرفات في نهاية حياته. لقد ثبت بالفعل أن ترامب يعمل بطريقة دبلوماسية غير عادية”.
ووفق تقدير هذا المسؤول فإن عباس لا يريد أن يترك وراءه هذا الإرث “ولكن يجب أن يستيقظ ويبدأ في التوافق مع خط ترامب والدول العربية قبل فوات الأوان”.