صناع الأسنان: “أبطال بلا مجد…؟”
هوية بريس – يونس فنيش
بصفة عامة، الطب الذي ليس في متناول الفقراء ليس طبا حقيقيا، و أما الحرف “شبه الطبية” التي تخفف من آلام المريض الفقير، و تعالجه فهي محترمة تستحق الإعتراف و الدعم والإهتمام.
فإذا أخذنا على سبيل المثال أمراض الفم و الأسنان، فسنجد أن زيارة طبيب أو طبيبة الأسنان، في بعض الأحيان، تكلف 7000 الى 9000 درهم لتثبيت، مثلا، جسر أسنان بمسمار يخترق عظم الفك، و مع ذلك يظل الألم يصاحب المريض لشهور إلى أن يصبح حادا لا يطاق، مثلا، ناهيك عن ارتفاع عدد الحالات التي قد يتهرب أو يمتنع فيها الصندوق الوطني لمنظمات الإحتياط الإجتماعي، مثلا، عن تغطية النسبة القانونية من التكلفة الطبية و ذلك بإرجاع و رفض ملفات المرض مرة و مرتين، و ثلاث مرات، إلى أن يمل المريض أو الزبون من القيام ب”رحلة الشتاء و الصيف” كوسيط مضطر لمعالجة “العلاقة المضطربة” بين طبيب الأسنان و الصندوق الوطني لمنظمات الإحتياط الإجتماعي؛ في حين أن صانع الأسنان التقليدي حسب شهادات عديدة، يبقى حلا مريحا حيث يكتفي بقلع الأضراس المريضة و تعويضها بطقم الأسنان لملأ الفراغات بكل بساطة، و كل ذلك بمبلغ مالي معقول قد لا يتجاوز 500 إلى 700 درهم.
و هنا تجدر الإشارة -لكل غاية مفيدة- إلى ما جاء من تصريح مهم لأحد صناع الأسنان (-في ما يخص العلاقة المهنية التي تجمع بين صانع الأسنان و طبيب الأسنان-) : “…في ما يتعلق بأثمنة تركيب ضرس أو طقم الأسنان، التي نحن من يتكلف بصناعتها لهم، لأننا نبيعها لهم بثمن بخس وهم يعيدون تركيبها للمواطنين بأثمنة خيالية تصل في بعض الأحيان إلى ستة أو سبعة أضعاف الثمن الحقيقي”… – الصباح 15 يونيو 2015-
أما في ما يتعلق بالنسبة المئوية للحالات التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة بعد تدخل صانع أسنان تقليدي متهور أو بدون تجربة، فهي نفسها التي قد تصدر عن أي طبيب تعوزه الكفاءة أو التجربة أيضا، و على كل حال فالخطأ يبقى شيء وارد سواء من طرف صانع الأسنان التقليدي أو طبيب الأسنان.
فتحية عالية إذا إلى جميع صناع الأسنان التقليديين المتواضعين الطيبين أصحاب التجربة و الحرفية، الذين يعالجون الناس بثمن معقول خاصة مع اشتداد الأزمة الإقتصادية و غلاء المعيشة، و التحاق نسبة مهمة من الطبقة المتوسطة بالطبقة الفقيرة، و أيضا نظرا لتفاقم مشاكل البيروقراطية و غيرها لدى الصندوق الوطني لمنظمات الإحتياط الإجتماعي مثلا، إلى آخره…
و تحية أيضا لأطباء الأسنان الذين يتقنون عملهم و يعملون وفقا لضميرهم المهني رغم الإكراهات التي يواجهونها و التي ربما قد تفرض عليهم الأثمان المرتفعة جدا التي يطبقونها على زبنائهم، الأغنياء منهم أو الذين يلجؤون إلى الإقتراض من المؤسسات المالية من أجل العلاج…
و على كل حال، إذا كانت مهنة طب الأسنان مهنة نبيلة تصلح “للنبلاء” يعني للأغنياء فقط، فمهنة صانع الأسنان التقليدي مهنة شريفة لا تمنع الأغنياء أيضا من الإستفادة من خدماتها لأنها مهنة لا تفرق بين ثري و فقير و لا تحرم لا هذا و لا ذاك من العلاج… و الحمد لله وحده.
خلاصة: من المنتظر أن يتكاثر عدد زبناء صناع الأسنان التقليديين نظرا لغلاء المعيشة و ضيق سبل العيش، و بسبب انتقال أعداد متكاثرة من الطبقة المتوسطة المجتهدة إلى صفوف الطبقة الفقيرة العريضة، ولكن نتمنى أن لا يستغل صناع الأسنان ذلك من أجل رفع الأثمان المعمول بها إلى حد الآن، أو أن تتسبب لهم كثرة الزبائن في الكف عن الإهتمام بشروط النظافة و تعقيم معدات العمل، حتى يحافظوا على شرف مهنتهم التقليدية الأصيلة، و حتى يزيدهم الله من بركته و رضاه.
و إن كان من مقترح واقعي في هذا الشأن، فهو أن تشمل عملية تعميم التغطية الإجتماعية مستقبلا تكاليف العلاج عند صناع الأسنان التقليديين، خاصة و أن الأمر يتعلق بتكاليف متواضعة لن ترهق أي صندوق… و الله أعلم.