صيانة الحرمين.. نفثة مصدور

03 يوليو 2024 19:35

هوية بريس – نور الدين درواش

لا يخفى على أحد مكانة المسجد الحرام والمسجد النبوي في نفوس المسلمين عامة فهما من ثلاثة مساجد شُرع شدّ الرحال إليها، وفضلت الصلاة في مسجد مكة بمائة ألف صلاة عما سواه وفضلت الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة.

ومن المكابرة الظالمة الإنكار المطلق لما تقوم به الدولة السعودية من جهود كبيرة لخدمة الحرمين الشريفين ولضيوف الله من الحجاج والمعتمرين والزائرين، كما أنه من الاعتساف في الحكم التنكر لبعض العاملين في الحرمين من الموظفين الذين يسبغون على الوافدين على الحرمين أخلاقا عالية ومعاملة راقية تتسم بالرحمة والرفق والرأفة بضيوف الله.

لكن هذا لا يجعل الواحد يغمض عينيه عن ظاهرة مشينة تسيء لهذين المسجدين العظيمين، وتضرب عُرض الحائط كل الجهود الرسمية التي تنص على ضرورة حسن معاملة الحجيج والمعتمرين والزائرين.

فمن ذلك ما أضحى سمة لا تخطئها العين لبعض رجال الأمن الغلاظ الشداد سيئي الأخلاق وعديمي الأدب الذين يتصرفون بعنجهية واستعلاء وتكبر مع ضيوف الله، معاملة لا تليق بالعبيد بل لا تليق بالحيوانات فكيف ببشر مكرم وافد على مولاه ومسلم حل ضيفا ببيت الله فعظمت مكانته لعظم حرمة البيت.

إن صورا شاهدتها أكثر من مرة مباشرة لرجال أمن يسيئون لضيوف الله، فضلا عما تعج به وسائل التواصل الاجتماعي من الصور والمقاطع تجعل المسلم المحب لبلاد الحرمين يتقطع قلبه كمدا وحسرة على حجم الإساءة للدين والصد عن سبيل الله التي يتلبس بها هؤلاء.

وسأكتفي بصورتين اثنتين تكفيان عن عشرات النماذج والأمثلة:

الأولى: لرجل أمن بالحرم المكي وهو يوقظ حاجا نائما (يُعد مخالفا) جامعا بين النهر بالصوت الفظ الغليظ، والركل بالقدم المهين مع النعل الثقيل…

وهي صورة جعلتني أعيش نوبة من الحزن الذي اعتصر قلبي لأيام وما يزال…

أهكذا يعامل ضيوف الرحمن في بلد الله الحرام؟؟!!

بل أهكذا يعامل رجل أمن في أي بلد سائحا في أي بقعة من الأرض؟؟

بل نتنزل درجات ونقول: هل تسمح القوانين الوضعية المعاصرة في مختلف الدول بمعاملة المجرمين والمتابعين قضائيا بمثل هذا الأسلوب المهين للكرامة البشرية؟؟؟

واذا كان الله قد خص بلده الحرام بأن حرم فيه تنفير الصيد من طير وغيره؛ فكيف بتنفير وترويع مسلم وافد على بيت الله وقع في مخالفة تنظيمية (لا شرعية) يسيرة وهي النوم.

إن الحملات الإعلامية التي ما فتئت الدولة السعودية تسوق لها لإظهار حسن معاملة رجال الأمن للحجاج والمعتمرين -وهي في جانب كبير منها حق وصدق- لا تغفر هذا الجرم ولا تغطي هذا العار الذي سيظل جاثما على جبين الدولة المحتضنة للحرمين إلا أن نرى مواقف صارمة تجاه هؤلاء الشذاذ العنجهيين المتغطرسين والمتكبرين على عباد الله وضيوف بيته واكرر بنفي التعميم بعدا عن الظلم.

ولئن كانت المنظومة الأمنية للحرمين منظومة ومحكمة، ومن مظاهر إحكامها تسلحها بنظام مراقبة مرئي دقيق يجعل الجهات المعنية متابعة لكل ما يجري بالحرمين مهما صَغُرَ؛ فإننا نتساءل: لماذا تغيب هذه المنظومة في متابعة ورصد السلوكيات السلبية التي تصدر عن بعض رجال الأمن تجاه زوار بيت الله.

أقول هذا لأنني أعلم باليقين أن كبار المسؤولين الأمنيين في الدولة والحرمين لا يرضون عن هذه السلوكيات ولا يقرونها بل يوجهون رجال الأمن بالأدب وحسن الخلق مهما كان الوضع.

وإن من العار أن يطوف السائح المسلم مختلف بلدان العالم فلا يلقى إلا الابتسامة والإكرام ودماثة الخلق والكلمة الطيبة؛ فإذا دخل بيت الله الحرام وُوجِهَ ببعض الوجوه العابسة والأصوات الفضة والأخلاق الغليظة المنفرة… وأكرر بنفي التعميم صيانة لحقوق كثير من الطيبين الأفاضل الكرام من الموظفين ورجال الأمن هناك الذين لا تملك إلا أن تحبهم لحسن خلقهم وابتساماتهم ولين جانبهم وخفض أجنحتهم لضيوف الرحمن.

الثانية: ومن الصور المقززة والتي تعد إهانة لبيوت الله فضلا عن الحرمين الشريفين ما يشاهده كل الحجاج والمعتمرين والزائرين من سير بعض رجال الأمن بنعالهم على سجاد الحرمين، هذه النعال التي تطأ المواطن الخارجية المتسخة، بل ومواطن النجاسة من المراحيض والكنف وغيرها.

فكيف قبل القيمون على الحرمين التطبيع مع هذه الصورة التي تقطر إهانة لهذين المسجدين العظيمين؟؟

إنه سلوك لو صدر عن أي رجل أمن في أي بلد لاستحق فاعله العقوبة القاسية التي قد لا تكون أقل من الطرد والتوقيف من العمل.

إنه سلوك لو صدر عن جنود دولة استعمارية صليبية أو صهيونية، لعُد انتهاكا لحرمة المسجد ولاستدعى انتفاضة للشعوب ذبا عن بيوت الله فهل يليق بحراس الحرمين أن يتلبسوا به في أطهر بقعة على وجه الأرض؟؟

وكيف تغض الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أعينها عن هذا السلوك غير المقبول.

ألم يخطر ببال مسؤول واحد غيور على هتين البقعتين الطاهرتين فكرة إعداد نعال داخلية تكون خاصة بالاستعمال داخل الحرم ويحظر استعمالها خارجه، وتكون بلون السجاد مثلا تيسيرا على العمال وصيانة للمسجدين العظيمين.

إن الحامل على هذه الكلمات هو الغيرة على الحرمين والسعي للإسهام في الارتقاء بصورتهما كمصدر إشعاع عالمي وقبلة للمسلمين وليس القصد الإسهام في أي شنآن سياسي أو إيغار للصدور أو تأليب على بلاد الحرمين والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M