ضربتان موجعتان للغة العربية
هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري
الحملة الإعلامية التي شنَّها السيد بوكوس خلال الأيام الماضية في كل المنابر، كان ظاهرُها الاحتجاج على إدماج معهد الأمازيغية في مؤسسات المجلس الوطني للغات والثقافات، وباطنُها الاحتجاج على محاولة الإبقاء على معهد التعريب مؤسسةً مستقلة، وقد أتَت تلك الحملة أُكلَها في نهاية المطاف، وتمَّت الاستجابة لمطلبه الأساسي وهو إغراق معهد التعريب وتعويمه في مجلس اللغات.
والواقع أن قرار تصفية المعهد الذي أُنِشئ في بداية ستينيات القرن الماضي، كان اتُّخِذ قد منذ مدة، وبدأ المسلسل بتهميشه وتقليص ميزانيته وقصِّ أجنحته تدريجيّا، مما أضعفَ نشاطَه وأعاقه عن القيام بمهامه التي أسِّس من أجلها. وكانت الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل في حلبة البرلمان عندما صوت منذ يومين ثمانية عشر نائبًا لا غير، على إغراق المعهد في المجلس الوطني للغات والثقافات، وهو ليس مؤسسة أكاديميّة كما كان حالُ معهد التعريب وإنما مهمته التخطيط للسياسة اللغوية. وكان من المنتظَر قبل هذا أن يُعوَّضَ معهدُ التعريب بمؤسسة أكاديمية ذات اختصاصات واسعة وهي أكاديمية محمد السادس، ولكن هذه المؤسسة الأخيرة التي صدر قانونُ إحداثها سنة 2003 ظل الحصارُ مضروبًا عليها مدة سبعة عشر عامًا، راجت خلالها إشاعات بعضُها يقول بوجود ضغوط خارجية على المغرب من أجل تجميدها، إلى أن تمَّ مؤخّرًا تعويمُها هي الأخرى في مجلس اللغات مما سيقلِّص من مهامها وأدوارها ويحدّ من حريتها وفاعليتها. ويحولها إلى مكتب من المكاتب الإدارية.
وهكذا تكون الحكومة الحالية قد وجَّهت، خلال مدة لا تزيد عن ستة أشهر، ضربتين موجِعتين إلى اللغة العربية: ضربة التراجع عن تعريب المواد العلمية من خلال القانون الإطار الذي وُضِع أمام البرلمان لتمريره في شهر يوليوز الماضي، ثم ضربة إغراق معهد التعريب وأكاديمية محمد السادس وتعويمهما داخل مجلس اللغات والثقافات. أما الحركة التي قامت بها الحكومة في آخر لحظة بمحاولة الإبقاء على استقلالية معهد التعريب، في صياغة استدراكية للقانون، بعد أن تمَّ التصويتُ في القراءة الأولى على صيغة الإدماج في مجلس اللغات، فقد كانت حركة ارتباكية أثارت كثيرًا من الاستغراب وأبانت عن التناقُض والتذبذب في مواقف الحكومة التي لم تقم بدراسة مستوفية لأبعاد الموضوع وانعكاساته المستقبلية.
السؤال الآن: هل الحكومة عازمة على إضافة ضربةً ثالثة للغة العربية، فتعمد -مثلاً- إلى إغلاق مكتب تنسيق التعريب في العالم العربي التابع للمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (ألكسو)، والموجود مقرُّه في الرباط ، حتى لا يُسمع صوتُ العربية في البلاد بعد ذلك؟؟