طبيبة ترد على الفايد: من المتاجرة بالخلطات المجهولة إلى التطاول على الذات الإلهية

هوية بريس – متابعة

كتبت الطبيبة وداد أزداد “بعدما كنت أناهض نظريات المؤامرة عادة، سأطلق واحدة اليوم، من باب غيرتي على الدين الذي يتم تلويثه وتمييعه وتسفيهه والتجرؤ عليه أمام أنظار الجميع.. مثلما حاولنا القيام بواجب التوعية عندما تم التطاول على الطب سابقا وفق المستطاع، خاصة عندما رأينا مباشرة تأثير الخزعبلات والمغالطات والخرافات على أرواح المرضى حينها”.

وأضافت الطبيبة بمدينة الحسيمة في منشور لها على صفحتها الطبية في فيسبوك، وهي تتحدث عن الفايد دون ذكر اسمه “لذلك سأروي لكم حكاية يمكنكم قراءتها قبل النوم:

“لنتخيل مثلا مثلا (مثلا يعني) رجلا ليس بالطبيب ولا بالعالم، ولكن يقال أنه دكتور وباحث وفقيه (رغم افتقاده لشهادات وأبحاث حقيقية ملموسة كغيره من أساتذتنا الأفذاذ، وعدم دراسته للعلوم الشرعية، وتحريفه المتكرر للآيات القرآنية التي يدعي أنه يحفظها.. مع استثناء شهاداته الفخرية في صالون منزله وأوراقه البحثية حول السمن والرائب).. أستاذ سابق تم طرده من معهد البيطرة بسبب سفسطته العلمية وترهاته الفكرية التي تضرب في جوهر العلم والمنطق وتؤثر سلبا على طلبته، فأصبح ناقما على المجتمع..

استغل معارفه العلمية السطحية وفصاحته وطلاقته في الكلام بالعامية وقاموسه التقني في استدراج عقول البسطاء وأشباه المثقفين عبر مدخل الدين وما يسمى بالطب النبوي والطبيعي.. ابتداء من المساجد والتجمعات الدينية ووصولا لمنابع “الأدسنس” التي يلازمها ليلا ونهار بخلاف المختبرات التي لا تطؤها قدماه أبدا… وذلك في بلد يعشق أدبيات “الحلقة” و”الشفوي” و”السماوي الله يداوي”..

تسرب لقلوب متابعيه عن طريق أقصر طريق ألا وهو المعدة، بيت الداء والدواء.. فوجد في سذاجتهم ضالته وأحسن طريق للمجد والشهرة والمال.. فأجزل له المحسنون العطاء بحسن نية كما ينبغي لتاجر دين كفء.. وأصبح البسطاء لا يحلفون إلا به في بلد يفتقر لتطبيب جيد ولمستشفيات عمومية في المستوى ولتوعية صحية هادفة وبلغة دارجة سلسة..

لم ينغص صفوه سوى من حاوره بالعقل والحجة العلمية، ولكن سرعان ما كان يصرعهم فمتابعوه يتابعونه بجهازهم الهضمي وليس بأدمغتهم ويؤمنون على كل قوله ولو لم يفقهوه.. فيكفي بعض النعيق وسلاطة اللسان مخلوطين بكلمات تقنية إنجليزية أو فرنسية ركيكة، وببعض الغرور والعنجهية لضمان الحصانة ضد كل من وقف في طريقه من المختصين.. فحصن الشعبوية أكبر من درع الاستحقاق والديبلومات الحقيقية في الأقطار التي يستشري فيها الجهل والأمية.. واللغة العلمية الفصيحة الرصينة لا تستطيع هزم الأسلوب العامي السوقي للأسف..

بعد الإيمان بالأفكار التي كان يروجها والتي كانت تصادف هوى في أنفسهم، تحول الأتباع من الإيمان بأفكار ذلك الإنسان المصبوغة بغلاف ديني إلى عبادة الرجل نفسه، وأصبحوا قطيعا وكتلة مجتمعية يحسب لها حساب..

والآن تخيل أنك حكومة تكنوقراطية لا تملك شعبية ولديها في نفس الوقت نزعة تحررية ليبرالية، وتريد أن تعزز في المجتمع أفكارا مثل: المساواة التامة بين الجنسين (كيف يمكن أن نؤمن بهذا المبدأ بينما الرجال لا يلدون ولا يرضعون).. وما يسمى بالعلاقات الرضائية (الزنا).. وإلغاء التعدد.. والمساواة في الإرث.. والتشجيع على الم.ث.ل.ي.ة، وربما تعدد الهويات الجندرية فيما بعد.. ألن يكون الشخص الذي تكلمنا عنه سالفا أحسن وسيلة للترويج لهذه الاختيارات؟

فالبعض يعبد هذا الشخص لدرجة أنه بإمكانه أن يقلب خطابه 180 درجة، ويقول اليوم عكس ماكان يقوله بالأمس، ويتبنى ماكان يسميه كفرا، بل ويتهم كل من خالفه هذا الرأي المتطرف الجديد (الذي يعتبر امتدادا لاعتقاد دفين قديم كان متسترا تحت قشرة النفاق التي قرر أن يخلعها أخيرا) بأنهم كهنوت وزنادقة.. دون أن يوبخه عبيده أو يدعوا له بالهداية..

بل ويتكلم باسم الله والرسول عليه السلام كما لو تم انتدابه من السماء للحديث في الدين بكل ثقة، عبر التطاول على الذات الإلهية وقول الشيء وضده دون أن يرف له جفن بكل وقاحة واعتداد بالنفس.. نعم إن هؤلاء يعبدونه لدرجة أنهم قد لا يدافعون عن النبي والصحابة وأمهات المؤمنين ولكنهم يتجندون للدفاع عنه هو والعياذ بالله.. فنفس الشخص الذي ينفي إمكانية تفسير البشر للقرآن ويهاجم كبار الشيوخ والمفسرين (الذين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم) يؤوله هو شخصيا وفق هواه، ولا يقبل بغير تفسيره الخاص المتذبذب المتأرجح لكتاب الله، وهذا ما يسمى بالنرجسية وجنون العظمة.. ولكن الأكيد أن فرعون زمانه عندما يمرض بشكل جدي يتواضع فجأة ويستشير الأطباء ولا يكتفي بـ”البروبوليس” و”غذاء الملكات” وباقي علاجاته الخزعبلية التي لا تجدي أمام الأمراض المستعصية..

ألا تعتقدون أن هذا الكائن المتحول المتحور الحربائي المتلون المعتل نفسيا، الذي يتاجر بالخلطات المجهولة وبالسمن المغشوش، والذي يعشق “البوز” (بما فيه الـbad buzz مادام مقترنا بالأرباح)، لن يكون أحسن اختيار للحكومة لتدجين الملايين وتمرير الأجندات والتأثير على العقول مقابل سعر محدد ؟.. بل كيف لها أن تجد ناطقا رسميا أفضل منه ( فهو في هذا المجال أنجع من “بايتاس” و”وهبي”).. فمن يحمي هذا الشخص الذي أخذته العزة بالإثم فتجبر وتكبر ؟ ومن سيوقف غيه وطغيانه ؟ أليس بينكم رجل رشيد ؟”..

سيبدأ الناس في الإلحاد بسببه والأيام بيننا.. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء”.