طعن أستاذة الفلسفة في رسول اللهﷺ.. هل هو حادث عرضي أم مخطط منظم؟؟
هوية بريس – د. أحمد لويزة
عندما كتبت المعتديةُ “أستاذةُ” الفلسفة ما كتبت، وقامت الحملة الاستنكارية غيرةً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا ينبغي أن يفهم أن الأمر يتعلق بشخص ما وأن الحملة كانت ضدها بالأساس، ولكن الذي ينبغي أن يعلم وبيقين أن تدوينات الأستاذة ليست إلا حلقة في سلسلة طويلة بدأت منذ زمان ولن تقف ما لم يتم حماية المقدسات بقوة القانون وسلطة المعرفة لردع هذا المد المجترئ.
فأمر الإساءة قديم لم يتوقف، والمنشورات إياها ليست وحيدة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك العشرات من المنشورات المقروءة والمرئية والمسموعة في مختلف وسائط التواصل، وهذا يدل على أننا أمام تيار منظم، يتقاسم الأدوار ويستقوي بجهات توفر له الدعم والحماية الإعلامية والقانونية.
إذن الإساءة الشنيعة ليست خطأً أو حدثا عابرا، هي تندرج في دور تقوم به إلى جانب مجموعة حاقدة في مسلسل له جذور، فالأمر ليس بريئا، ولا علاقة له بحرية التعبير ولا حرية الرأي والانتقاد. فكيف يكون الطعن والسب واللعن والتشويه المتعمد المخالف للحقيقة حرية وحقا. ومن كان متابعا لأغلب ما ينشر حول النبي صلى الله عليه وسلم من إساءات سواء على مستوى العالم أو داخل المغرب تأكد له ذلك دون شك أو ريب.
وبالعودة إلى الوراء قليلا فقط، نجد اللعن في حق النبي عليه الصلاة والسلام (نعوذ بالله) كان قد صدر سنة 2001م من طرف امرأة أخرى يقال إنها شاعرة تدعى حكيمة الشاوي، وقد صدر ذلك منها، ونقل على أمواج الإذاعة فيما سُمي قصيدةً تقول فيها:
“ملعون من قال إنك خلقت من ضلع أعوج”… وبعد ضجة واستنكار خرجت تعتذر، زاعمة أنها لا تعلم أن القائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن زمرة المسيئين يصدورن عن جهل عميق بسيرة سيد الخلق غالبا.
لكن يبدو أن الفعل لم يعد مرتبطا بالجهل بقدر ما هو مرتبط بالقصد والتعمد وخاصة عند شعور القوم بالأمن من العقاب، والدليل على ذلك تكرار الفعل نفسه من طرف (الشاعرة نفسها) سنة 2006م في نشاط ثقافي نظمته النقابة الوطنية للسكنى والتهيئة والتعمير المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمقر الوزارة، والذي قوبل باستهجان واستنكار في حينه.
ولأن الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمة مندرجة ضمن مهام موزَّعة غرضها الطعن في الإسلام وإسقاط هيبته في نفوس المسلمين، فقد توالت الإساءات ولا تزال تتوالى إلى يومنا هذا، وخاصة مِمَّن يتولى كبر هذه المهمة ويعدُّ فيها رأسا وهو من غلاة المتطرفين العلمانيين يدعى أحمد عصيد وللأسف هو أيضا يمارس التعليم، وذلك في الفيديو الشهير الذي يتهم فيه نبي الرحمة بالإرهاب عند حديثه عن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره يدعوهم فيها إلى الإسلام، ثم إعادة بعض الجرائد (المفرنسة) بالمغرب نشر الرسوم المسيئة التي نشرتها جريدة “شارلي إيبدو” سنة 2015م، بالإضافة إلى ما كتبه أستاذ آخر وهو (عبد الكريم القمش) في جريدة “آخر ساعة” الممولة إماراتيا سنة 2016م والذي يشبه ما كتبته الأستاذة المعلومة ويتناول نفس الموضوع، وغير ذلك من الإساءات المتكررة التي لا يتسع المقال لذكرها، فإن كان هؤلاء كلهم أساتذة فلنا أن نتساءل عن حجم الشبه والانحراف الذي سيتسرب لنفوس ورؤوس أبناء المغاربة؟؟
أما في مجالات أخرى فإن الحرب على الإسلام لا تتوقف في تبادل مكشوف للأدوار، ففي المجال الأخلاقي هناك حرب شرسة من أجل جعل المجتمع المغربي مجتمعا بهيميا من خلال “نظرية” الثورة الجنسية التي يُنَظِّر لها ويدعو إليها المدعو عبد الصمد الديالمي، مستغلا العمل الدؤوب للمنظمات والجمعيات الحقوقية والنسوية التي تدعو وتناصر الحريات الفردية في بعدها الجنساني، والتي رادف الحرية الجنسية البهيمية وتمهد لشيوعية جنسية مطلقة..
ولاستكمال الأدوار نجد مناضلين آخرين أخذوا على عاتقهم تخفيف النتائج الفاضحة للثورة الجنسية، فاهتموا بـ”الإجهاض وقتل الأجنة”، حتى تستطيع النساء ممارسة الجنس دون تبعات مالية أو اجتماعية، وكذلك الرجال دون تحمل للمسؤولية، ومن بين المشتغلين في هذا الميدان ينشط الدكتور رفيق الشرايبي، الذي يستميت في توسيع دائرة الإجهاض بإباحته في كل الحالات دون تقييد بشرط أن يكون آمنا، لاعبا زورا على واجهة محاربة الإجهاض السري.
وفي مجال التشكيك في صحة القرآن المرجع الأسمى للأمة نجد المدعو محمد لمسِيَّح الذي يستميت من خلال نشر الأكاذيب والأغلوطات في شكل شبهات يروجها في ندوات وكتابات تافهة، خلاصتها أن القرآن محرف، وأن القرآن الذي يقرأه أكثر من مليار ونصف من المسلمين ليس صحيحا كما يتوهم الجميع.
وفي مجال التشويش على السنة والحديث نجد جماعة أشهرهم جاهل باللغة والشرع والتاريخ يلفظ من جوفه الجهالات المضحكة يشغب بها على عقول المغاربة الذين لم يتلقوا أي تكوين في العلوم الشرعية، موهما لهم بأنه قام ببحث وأخرجه في كتاب سماه: “صحيح البخاري نهاية أسطورة” كله نقل ولزق، من كتب الشيعة؛ روافض وغيرهم، كاتب هذا الجهل اسمه رشيد أيلال ليس له أي مستوى دراسي، ولا يحسن يقرأ حديثا من صحيح البخاري قراءة سليمة من الأخطاء، ومع ذلك يدعي البحث العلمي والنقد الحديثي. وهذه إحدى الفواقر التي تعطي الدليل أن هذه المجموعة التي تستهدف الدين والإسلام إنما يجمعهم العداء للإسلام وأهله، ولا علاقة نسب بينهم وبين العلم والفكر ولا شَبَه إلا كما بين البعر والتمر.
أما في مجال التشكيك في العقيدة وإنكار وجود الخالق وأحقيته في العبودية فهنا أيضا عصابة يشتهر من بينهم شاب سمى نفسه “كافر مغربي”، والمرتد إلى النصرانية رشيد حمامي.
وكل هؤلاء ينشطون نشاطا منقطع النظير مستميتين في القيام بمهمة الإساءة والطعن في الإسلام ومقدساته ورموزه. وبجهود لا يمكن لها أن تستمر لولا الدعم السخي والمهم من جهات معينة.
كل هذه الأحداث والأسماء والوقائع وغيرها كثير، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن التدوينات الفيسبوكية المنشورة لا تدل على أننا أمام حدث عرضي، وإنما هو عمل منظم ومبرمج كل يتولى فيه مهمة يشتغل عليها، ويجمع بينهم وبين برامجهم العداء السافر للإسلام وحضارته ورموزه، لا يهمهم أن يظهروا مخالفين للمقاييس العلمية وشروط البحث العلمي، المهم أن يَضُخوا أكبر عدد ممكن من الشبهات والأكاذيب.
اشتغل أغلب هؤلاء سنين عديدة دون أن يحظوا بأي اهتمام، حتى جاء أحد رموز التطرف بالأمس، بعد أن انقلب إلى العلمانية ليعطي لمشاريعهم الشرعية الدينية، يؤثثون به طاولات الندوات ويعطونه “الخاتم” في كل لقاء ليطبع على مسوداتهم إقرارا لهم على عدائهم ومحاربتهم لمصادر الإسلام وأحكامه وشرائعه.
وفي الختام لابد من طرح الأسئلة الملحة والمقلقة، عن دور مؤسسات الدولة والجهات المخولة لها حماية العقيدة والهوية التي تعد الأساس الضامن لسلامة المجتمع من التفرقة والطائفية، واستمرارية أمنه العقدي الذي هو الأساس أيضا للأمن العام.
فماذا أعدت وزارة الاوقاف والمؤسسات التابعة لها من سياسات لمواجهة هذه الحرب المعلنة للطعن والتشكيك في المقدسات؟
وما هي خطة مؤسسات العلماء لحماية الشباب خاصة والمغاربة عامة والذين أصبحوا مهددين في عقيدتهم ودينهم بسبب جهود القوم ومحاولتهم الوصول إلى الناس لبث ضلالهم وتلبيساتهم؟
وما هو دور مؤسسة البرلمان التي تمثل المغاربة، وما هي جهودها التشريعية والقانونية لحماية دينهم وعقيدتهم ومقدساتهم من الإساءات المتكررة؟
ماذا أعدت جمعيات المجتمع المدني من برامج هادفة للتصدي لهذه الظواهر التي بدأت تجد لها موقع قدم داخل المجتمع مع تفشي الإلحاد العالمي المعادي للتدين والغيب بشكل عام؟
أسئلة تنظر أجوبة لتبدد القلق الذي ينتاب كل غيور على دينه ومقدساته في هذا الوطن سلمه الله من كل سوء.