“طفح الكيل.. وزدت الطين بلة”.. المصطفى الرميد يرد بقوة على الجامعي

14 أغسطس 2025 19:28
الرميد، لشكر

هوية بريس – علي حنين

في رسالة مطوّلة، ردّ وزير العدل المغربي السابق الأستاذ المصطفى الرميد على عبد الرحيم الجامعي، معتبراً أن حرية التعبير لا يمكن أن تُستغل للإساءة إلى المقدسات الدينية، وذلك على خلفية الجدل المثار بقضية ابتسام لشكر.


استهل الرميد رده بالاعتذار للقارئ عن حدّة لهجته، موضحاً أن ذلك جاء بعد أن “طفح الكيل”، خاصة وأن الموضوع هذه المرة “مرتبط بما لا يجوز السكوت عنه”. وأوضح أن رسالته ليست سوى جواب بالمثل، مستشهداً بقول الله تعالى: “وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”.

وأشار الوزير السابق إلى أن الجامعي وجّه له رسالة بعنوان: “لست مفتياً ولا مرشداً فلا تكن محرضاً”، فردّ عليه بنفس العنوان قائلاً: “أنت أيضاً لست مفتياً ولا مرشداً، فلا تكن محرضاً”.

اتهام بالتحريض

اتهم الرميد الجامعي بالتحريض من خلال تبريره لعبارة خطيرة وردت على لسان ابتسام لشكر، وُصفت فيها الذات الإلهية بعبارات شاذة باللغة الأجنبية “الله is ….”.

وقال الرميد إن الجامعي تعامل مع هذه الجملة وكأنها مجرد “رأي يدخل في باب الخلاف”، مع أن الحقيقة أنها “إساءة موغلة في القبح لا يمكن تبريرها بأي حال”.

وأضاف: “لقد نصبت نفسك مفتياً ومرشداً لأنك منحت لنفسك الحق في اعتبار ذلك الرأي مشروعاً، بينما هو اعتداء صريح على عقيدة مليار مسلم عبر العالم”.

وانتقد إدخال الجامعي أسماء كبار المفكرين كابن رشد والغزالي وابن سينا والعروي في النقاش، معتبراً ذلك “إقحاماً متعسفاً يوهم القارئ بأن هؤلاء سبق لهم قول مثل ذلك”.

الغضب الشعبي

الرميد شدّد على أن موجة الغضب التي اندلعت في وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن نتيجة موقفه الشخصي، بل بسبب فداحة ما صدر عن لشكر. وقال:

“هي التي جلبت على نفسها شجب الناس وسخطهم، وما أنا إلا واحد منهم”.

وأضاف أن التسامح ممكن مع كل رأي مخالف حين يقف عند حدود الرأي، “أما حينما يصبح الأمر إساءة صريحة للذات الإلهية، فلا يمكن لمسلم أن يقبل به”، مستشهداً بقوله تعالى: “وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا”. ثم تساءل: “أيّ القولين أشد قبحاً: قول اليهود أم ما نُسب للقائلة؟”.

تذكير بمواقفه السابقة

رداً على اتهام الجامعي له بتقمص دور “الوصي على العقول والعقائد”، استحضر الرميد واقعة من فترة توليه وزارة العدل، حين أمر النيابة العامة بالتماس البراءة لشخص أعلن اعتناق النصرانية، بعدما تبين أنه لم يزعزع إلا عقيدته هو.

وقال الرميد: “شتان بين من يغيّر دينه بشكل شخصي، وبين من يستفز عقائد الناس بعبارات مشينة منسوبة إلى الله تعالى”.

وأكد أن موقفه الحالي لا يتجاوز كونه “مواطناً عادياً قام بواجبه في التبليغ عما يجب التبليغ عنه، في إطار المواطنة الصادقة التي ترفض المس بالثوابت الجامعة”.

مغالطات قانونية

كما فنّد الرميد ما اعتبره مغالطات قانونية في خطاب الجامعي، خاصة دعوته إلى رفع دعوى مدنية ضد لشكر. وقال:

“القانون المغربي لا يتيح الادعاء المدني في مثل هذه القضايا إلا للمتضرر المباشر، وهو ما يجعل طرحك بعيداً عن القواعد القانونية وأنت المحامي القيدوم”.

واعتبر أن الجامعي ناقض نفسه حين دعا إلى مواجهة علنية داخل المحكمة، بينما اختار هو “الباب الخلفي” عبر رسالة للرأي العام. وأضاف بلهجة حادة:

“دفاعك عن المعنية بالأمر أمام الرأي العام دفاع خاسر، زاد الطين بلة، وناقض نفسك بشكل صارخ”.

حدود حرية التعبير

الرميد خصص حيزاً كبيراً لتوضيح موقفه من حرية الرأي، مؤكداً أنها “حق مكفول لكنه ليس مطلقاً”، إذ تقيده اعتبارات النظام العام والأخلاق والدستور.

واستدل بالمادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على القيود القانونية الضرورية لضمان حقوق الغير واحترام النظام العام.

كما استشهد بالمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تسمح بتقييد حرية إظهار الدين أو المعتقد حمايةً للسلامة العامة أو الآداب العامة.

استحضار القانون الدولي

في السياق نفسه، أورد الرميد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية المسماة E.S ضد النمسا، حيث رأت المحكمة أن وصف النبي محمد ﷺ بعبارة مسيئة (بيدوفيلي) لا يدخل في إطار النقاش الأكاديمي أو التاريخي، بل يمثل هجوماً يهدد السلام الديني.

وأضاف: “إذا كان هذا في أوروبا التي ترفع شعار الحرية، فما بالك بالمغرب الذي جعل الدين من ثوابته الدستورية؟”.

ختام برسالة سياسية وفكرية

في ختام رسالته، اعتبر الرميد أن أكبر ما ألحق الأذى بصورة حقوق الإنسان في العالم العربي هو “القراءات الانتقائية” التي تتعسف على النصوص وتتناقض مع قطعيات الدين. وختم بببيت شعري معبر:

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً // وآفَتُه الفهمُ السقيمُ

وقال إن هذه الخلاصة تنطبق تماماً على مواقف الجامعي، مضيفاً: “ولعل هذه هي مشكلته الجوهرية”.


بهذا الرد المطوّل، أكد وزير العدل السابق المصطفى الرميد أنّ حرية التعبير وإن كانت حقًّا مشروعًا، فإن لها حدودا تقف عندها، ولا يجوز بحال أن تُتخذ ذريعة للتطاول على الذات الإلهية أو النيل من مقدسات الأمة وثوابتها الدينية والدستورية.

كما كشف تهافت الدفوع القانونية التي قدّمها عبد الرحيم الجامعي، موضحًا أن التذرع بالدفاع عن ابتسام لشكر أمام الرأي العام لا يخدمها، بل يفاقم الإساءة ويزيد القضية خطورة.

إن هذا السجال يعيد التأكيد على حقيقة جوهرية مفادها أن: الحرية لا تعني الفوضى، ولا يمكن أن تتصادم مع العقيدة الجامعة للأمة المغربية، التي نص الدستور صراحة على صيانتها وحمايتها.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. اذا مر امر هاته الملحدة دون عقاب ودون زجر لمن يواليها ..فلربما سيسعون لاسقاط امارة المومنين

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة