طوفان الأقصى وسقوط الديموقراطية الصهيوأمريكية

هوية بريس – عبد الله أبوحميدة
الجزء الثاني ويحتوي على:
- الإسلام دين البشرية قاطبة
- الامة الاسلامية شاهدة على العالمين يوم القيامة
- دعوة نتنياهو وترامب وبايدن لاعتناق الإسلام
- حقيقة وفلسفة التطبيع مع آل صهيون
- مفهوم النصر في الإسلام
- نصائح لحزب العدالة والتنمية المغربي
- أخلاق الإسلام ضمان بقاء الأمم والحضارات
- هديتي لأهل غزة: وصية عمر وبها نختم ان شاء الله
نبدأ على بركة الله من حيث انتهى الجزء الأول من الرسالة ونقول وبالله التوفيق إن من بين ما يُستفاد من العدوان الظالم على غزة، مدى الخوف والرعب والاضطراب النفسي والعقلي الجبلي المتوجس المقذوف في الإنسان والجيش الصهيونيين، هذا الرعب الرهيب الذي لا يخفى على ذي لُبٍّ من أحرار الشرق والغرب المفطورين بفطرة الله التي فطر الناس عليها جميعًا، وبلا استثناء. فهي إذًا حجة من حجج الله على خلقه. وفي الحديث الصحيح: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ
والفطرة المقصودة هي الإسلام، بدون أدنى شك أو ريب أو امتراء، وبمقتضاها فإن الله تعالى في علاه لا يقبل دينًا غير الإسلام، الذي هو دين الأنبياء جميعًا، ومنهم أنبياء بني إسرائيل، وخاصة موسى وعيسى، وهما من أولي العزم من الرسل، عليهم جميعًا صلوات الله وتسليماته. والشواهد على ذلك كثيرة ومتنوعة، ومنها قوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) والحرف “لن” في الآية يفيد التأبيد والسرمدية في نفي القبول منهم أي من الاغيار غير المسلمين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ” والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة – أمة الدعوة والاجابة. يهودي أو نصراني ثم يموت ولا يومن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ)، والآية أو الجملة مؤكدة وحصرية في نفس الوقت، بمعنى أن الله عز وجل لا يقبل دينًا إلا الإسلام كما تقدم، ولا يجهل هذه الحقائق وينكرها إلا من سفه نفسه، وجعل الدين الواحد أديانًا متعددة اتباعًا لأهوائه وأمانيه على الرغم من أن كلمة ” دين ” وردت 92 مرة في القرآن الكريم وكلها بصيغة المفرد. وهذا الصنف من الناس لا ينفع معه أسلوب من أساليب الإقناع إلا المباهلة، التي ذكر الله عز وجل مقتضاها في قوله: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)
وفي حديث طويل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبًا اليهود: ” ما هذا اليوم الذي تصومونه؟” فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا لله عز وجل. فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فنحن أحق وأولى بموسى منكم”، فصام يوم عاشوراء من شهر محرم، وأمر بصيامه، ورغّب أصحابه في صوم تاسوعاء، مخالفةً لليهود الذين اتخذوه يوم عيد عندهم.
وهنا يلزم القول بأن تسميتهم لدولتهم المراهقة الزائغة المتهر طقة المستحدثة المبتدعة والطارئة على التاريخ الحديث باسم نبي من أنبياء الله، وهو يعقوب، يعني إسرائيل، هو أمر خطير، بل هو جريمة كبرى. فلا ينبغي لنا إذًا أن ندعوهم بهذا الاسم، بل نقول “بني صهيون”، فهو أنسب لحالهم وأعدل وهذا أضعف الايمان.
وبكل صراحة، وددت أن دولة من دول العالم الإسلامي والعربي تحذو حذو جنوب إفريقيا ونيكاراغوا، فترفع دعوى قضائية دولية تُجرّم فيها الصهاينة، وتقضي بضرورة انسلاخهم من هذا الاسم الشريف الذي اختير بعناية فائقة وبطريقة شيطانية ذكية وماكرة، علمًا أن “إسرائيل” لفظ من ألفاظ القرآن، حيث ذكر 43 مرة في كتاب الله. وبالتالي، فيتعين على المسلمين خاصة، أهل الحل والعقد منهم، أن يمنعوا هؤلاء الاراذل ويجبروهم على عدم تسمية أنفسهم بنبي من أنبياء الله. وهذا فرض من فروض الكفاية الذي يأثم الجميع بتركه، ولا يسقط إلا بقيام بعض الأمة بالمطالبة به كحق من حقوقها المشروعة، بل كواجب من واجباتها المؤكدة كأمة أنيط بها تحمل مسؤولية التبليغ والدفاع عن بيضة ومقدرات الإسلام وكيانه فضلا في كونها مسؤولة وشاهدة على الأمم السابقة واللاحقة بدليل قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ) والخطاب في الآية موجه الى الأمة المحمدية لأن وظيفتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هي وظيفة الأنبياء الى قيام الساعة بالدعوة والتبليغ.
(هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وفي صحيح البخاري أن سيدنا نوح يسأل يوم القيامة عمن يشهد له بالتبليغ فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وكذلك دواليك بالنسبة لجميع الأنبياء الذين هم أولاد علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد وهو الإسلام بلا تزيد ولا منازع ولو اختلفت شرائعهم لحكمة يعلمها الله.
شاهد آخر يكمن في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)، وفي آية أخرى، وهي أعم من سابقتها: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) وفي سورة الأنبياء وبعد ذكر عدد من الرسل عليهم السلام يقول عز وجل (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وفي آية أخرى (فَاتَّقُونِ) ، نعم، إله واحد، وعقيدة واحدة، وقبلة واحدة، الكل في موكب واحد من آدم ونوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أمته الخيّرة التي لا رسالة بعدها إلى يوم الفصل، ويوم يقوم الأشهاد: (يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) يوم عسير على الكافرين غير يسير.
أو كما قال الأعرابي السائل لعمر الفاروق رضي الله عنه بخصوص هذا اليوم: يا عُمر الخيرِ جُزيتَ الجنة اُكْسُ بُنيّاتي وأُمّهن، وكــُن لنا من الزمان جُـنّـهْ أُقسم بالله لَـتَفعَـلَنّ، فقال عمر رضي الله عنه فإن لم أفعل يكون ماذا؟، فقال الأعرابي إذاً أبا حفص لأذهبنّ، فقال عمر رضي الله عنه فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟ فقال والله عن حالي لتـُسألـنّ يومَ (محل الشاهد) تكون الأعطياتُ منّة وموقفُ المسئول بينهُنّ إما إلى نارٍ وإما جنّهْ (فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضلت لحيته ثم قال يا غلام اعطه قميصي هذا، فوالله لا أملك غيره، لذلك اليوم وليس لشِعرِه)
وعلى أية حال، فحتى فرعون المغرور المغبون، المفسد في الأرض أيما إفساد، والذي دفعه استكباره وغطرسته وصلافته وتجبره إلى أن يتأله ويقول: “أنا ربكم الأعلى”، فإنه لما أدركه الموت، ودخل في معالجة سكراته الشديدة الأليمة، والأمواج من فوق رأسه ومن تحت قدميه، لم يسعه إلا النطق بشهادة التوحيد التي أُمر بها ونُصح من ذي قبل فرفضها علوا واستكبارا، كما جاء في قول ربنا العزيز الحكيم: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
فهل يستطيع “هتلر الزمان النازي” أو فرعونه المدعو “نتنياهو”، وهو ما زال حيًا يُرزق، وقبل أن تطلع شمسه من مغربها، أن يقتفي أثر جده الأعلى فرعون، فيُعلن على الملأ إسلامه، ويُصرّح أمام العالم واقتداء بفعل صدام حسين المجيد بالكلمة الطيبة والشهادة الأبدية: “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، صلى الله عليه وسلم، فتكون له حجة وكفارة عن جرائمه الحربية الإبادية القذرة، واستعلائه في الأرض، وهو في الحقيقة استعلاء تسفُّل وتردٍّ في أعماق الهاوية؟
أقول: حُجّة له أمام ربه، التواب الرحيم، الجبار القهار، المتكبر، شديد العقاب، ذي الطول، وكفارة له عن كبائره وعظائمه التي تجاوزت كل الحدود والخطوط حتى تحت الحمراء وفوق البنفسجية.
اللهم إني قد بلّغته، فاشهد. وليشهد معك يا رب حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك من الجن والانس، ممن قرأ أو سمع بهذه الرسالة المتواضعة من العبد الضعيف المريض، بسبب ذنوبه ومعاصيه ومظالمه وتفريطه وإسرافه… وإلى الله المشتكى.
أما من جانبي، وبيني وبينك، فأقول لك أولا، وأهمس في أذنك اليمنى، يا “بنيامن”: ألا تحب – وأنا لك ناصح أمين – وبيني وبينك ما الله به عليم من المسافات (Km4193)، ألا تحب أن تكون شهادة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” براءة لك من بعض جرائمك الفظيعة وحماقاتك الجنونية، أنت ووزراؤك وأعوانك؟ أفلا تقبلون نصيحتي من قبل أن يأتي عليكم يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت ويفر الخليل من خليله وتذكرون فيه قيمة ما أقول لكم ثم لا ينفعكم نصحي ان أراد الله أن يغويكم فتندموا كما ندم قوم أبي فراس القائل:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
أقول ثانية أفلا تحبون وتتمنون أن تكونوا على الأقل كأبي لهب، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي ورد في الأثر أنه يُخفّف عنه العذاب كل يوم اثنين، لا لشيء إلا لبركة كونه فرح بمولد محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما زال في زمان الجاهلية الأولى.
أقول وأكرر ثالثة: ألا تحب يا بنيامن ذلك، أنت وجنودك، أو “علوجك” كما قال محمد الصحاف، وزير الإعلام الأسبق في حكومة الشهيد؟ لمَ لا، بإذن الله؟ والرجل العظيم صدام حسين، الذي غدرتموه وأعدمتموه أنتم وأمريكا وبريطانيا (ولا أذكر فرنسا التي أبى رئيسها، وما كان أعقله وأفطنه آنذاك، السيد جاك شيراك، أن يشارك في تلك الحرب الظالمة المدمّرة على الشعب العراقي المسلم البريء، الذي أبى إلا أن يختار كلمة “الله أكبر” ويجعلها شعارًا لرايته وجهاده المستمر إلى اليوم)، نعم أنتم الذين قتلتم صدام العراقي ومن قبله ياسر عرفات الفلسطيني ومعمر القذافي الليبي والملك فيصل السعودي ومحمد مورسي المصري وإبراهيم رئيسي الإيراني غيرهم ممن كان يغرد خارج سرب أميركا وحلفائها بما فيهم الكيان الصهيوني الخزري المحتل الغاصب
أعود وأقول: ألا تحبون أن تُنقِذوا أنفسكم من النار، ولو بمثقال ذرة من خير في قلوبكم، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ) وفي الحديث النبوي ما معناه أن الله عز وجل يقول لملائكته انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من الايمان فأخرجوه من النار.
من ناحية أخرى، إن ما ذكرته سلفًا، وهو غيض من فيض عن “نتنياهو”، فهو ينطبق وينطلي على حليفيه وشريكيه في الإثم والعدوان والظلم والبغي والطغيان، المستر “بايدن” والمستر “ترامب”، اللذين بلغا من الكبر عتيًّا (سن الخرف)، ووهن العظم منهما، واشتعل الرأس شيبًا، واللحية بلا شك، قبل أن يكونا، والحال الحال، بدعاء ربهما الأعلى، شقيّان. وقبل أن يُرَدّا إلى أرذل العمر، وفرصة التوبة والإنابة ما زالت لهما سانحة حتى يُغرغرا فيفوت عليهما الأوان والميعاد ويحل الندم والحسرة والأسى (الصيف ضيعت اللبن)
إذا أنت لم تَزرَع وأبصرتَ حاصدَاً ندمتَ على التفريط في زَمَنِ البَذرِ
وجماع هذا قوله تعالى في بداية سورة الحجر: (رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فحذار حذار ان تكونوا ممن قال فيهم رب العزة: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) وبمناسبة ذكر الجهل فلست أرى أجهل من هذا الثلاثي المذكورة أسماؤهم سلفا ومن لف لفهم من حكام العالم شرقا وغربا طوعا وكرها أجل، أمريكا التي يديرها المغرور الراعي المدعو دونالد “ترامب” بعد أن أطاح بغريمه بايدن وحزبه في انتخابات 2024 لتخلو له الساحة لرعي رعيته المغلوبة على أمرها حسب هواه ومزاجه المتقلب دون رقيب ولا حسيب ولا لائم رشيد على ذلك فلا نستغرب اذن تساؤُل الشاعر عندما يقول:
وهل يلام الذئب في عدوانه إذا كان الراعي عدو الغنم
فالشيء من معدنه لا يستغرب وصلاح الفرع من طيب الأصل
وانه لمما يلفت النظر ويسترعي العجب ويستدعي الانتباه أن يجد هذا الخاقان الأكبر من يماشيه ويحاكيه في ضلاله وغيه ويصاحبه في رحله وترحاله ضدا على قول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه فكم جاهل أردى حليما حين آخاه
وذلك لأن الصحبة كالوباء المعدي الفتاك “كورونا اللعينة”
وما ينفع الجرباء قرب صحيحة اليها ولكن الصحيحة تجرب
وفي المثل: الصاحب ساحب والصديق قبل الطريق والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل فإن: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
أغلق هذين القوسين، وأقول: إن حالة بايدن وترامب أصبحت كحال المدمن على الخمر أو غيرها من المسكرات، التي تجعل ذاكرته تختزل العالم كله في زجاجته أو قنينته، وكأنه، يعني المدمن، أُصيب بالهلوسة والهذيان أو الفصام، أو غيرها من الأمراض النفسية، ليُصبح كالطفل الصغير المريض الذي غلب عليه العياء والغشيان والنوم.
وهذا كله الذي قيل، إنما هو من باب القياس الذي يعرفه الأصوليون بأنه إلحاق النظير بالنظير لاشتراكهما في علة الحكم، وإلا ففي المعاريض مندوحة عن الكذب لإبلاغ السامع ما يريده المتكلم دون التصريح بالأمر المراد، كقول أبي بكر عن النبي أنه “هادٍ يهديه الطريق”، وقد سُئل عمن هو صلى الله عليه وسلم، بعد أن جعلت قريش مائة ناقة كجائزة لمن أتى به حيًا أو ميتًا.
من منظور آخر، وبخصوص قضية “حل الدولتين”، كما يحلم ويزعم كل حكام العالم في الشرق والغرب أنها هي الحل الأنجع والأمثل للصراع العربي الصهيوني، فإنما هو مجرد خداع، ومحض مكيدة، وتسويفات، وأماني، وأحلام سرابية في واضحة النهار، ولا ترقى إلى مستوى النقاش والتفاوض ولا حتى المحاورة بل من شأنها أن تضمحل وتنهار عند أدنى موقف أو محك
والله المستعان، وله في سائر خلقه شؤون وحكم وآيات، إنه لطيف خبير، رؤوف رحيم، أشد رحمة بعباده من الأم بولدها، أو الدابة بوليدها ولكن أكثر الناس لا يشكرون بل لا يومنون أصلا
أما الحقيقة التي لا غبار عليها، ولا لبس فيها، والمرسّخة في عقيدتنا كمسلمين، أنه لا وجود لدولتين في أرض “فِلسطين”، بل هي دولة واحدة، بحدودها المعروفة تاريخيًا وجغرافيًا قبل 1948 بآلاف السنين، وليس فقط 1967، وعاصمتها القدس المحتلة كلها، وليست الشرقية فحسب، رغم مكر الماكرين وكيدهم: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ) (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا، وَأَكِيدُ كَيْدًا، فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)
وذلك هو الحل النهائي الذي نتمناه ونرجوه من الله، وليس من أحد سواه، كيفما كان شأنه. انتهى الموضوع، ورُفعت الأقلام، وجفّت الصحف، وقُضي الأمر الذي فيه تُستفتون فتيقنوا أن فلسطين عربية مسلمة حتى النخاع وستتحرر بإذن الله مهما طال الزمن أو قصر من قبضة المحتل الصهيونية ومن ويلات الديموقراطية الزائفة الساقطة بعدا وسحقا لها ولمن جاء بها ولمن اتخذها شرعة ومنهاجا في حياته والاها معبودا من دون الله عز وجل
ذلك، وأنه قد ورد في الأثر أن نبي الله سيدنا عيسى بن مريم، سينزل في آخر الزمان إلى الأرض ليملأها عدلًا وقسطًا بعدما مُلئت جورًا وطغيانًا وظلمًا، وذلك بالعمل وتطبيق مقتضيات وأوامر ونواهي شريعة أخيه محمد صلى الله عليهما جميعًا، وعلى كافة الأنبياء والمرسلين…
وما طوفان الأقصى وما قبله وما بعده الا ارهاص من ارهاصات قرب ذلك ان شاء الله: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا)،
وأنا أقول لبايدن وترامب كشريكين وممولين بلا قيد ولا شرط للكيان الصهيوني إن الحرب العالمية الثالثة التي تلوحون بها وتتبجحون بها وتهددون الناس بوقوعها وتخشونها في نفس الوقت كدأبكم فإنها قد بدأت فعلا في غزة العزة في أكتوبر 2023 بل في سنة 1948 بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الاسلام والديمقراطية الصهيونية المعطوبة الجائرة
(تبرانت تبخانت كما كان يسميها عبد السلام ياسين رحمه الله وغفر له) أو (الديمحرامية كما وصفها المقرئ اوزيد الادريسي حفظه الله ورعاه)
فاعلم يا بايدن ويترامب وأعلما من خلفكما أن النصر النهائي أيضا والذي قد يأتي بعد أعوام عديدة ومديدة أو عقود أو قرون ودهور سيكون بإذن الله وقوته وتوفيقه حليف المقاومة الإسلامية أو الجيش الإسلامي فلا يعلم جنود ربك إلا هو وما ذلك على الله بعزيز وان علماء بني إسرائيل في السابق واللاحق وخصوصا الصادقين المنصفين المنضبطين المعتدلين ليعلمون علم اليقين أن ذلك واقع ما له من الله من دافع فابحثوا عنهم واسألوهم بالبينات والزبر إن كنتم لا تعلمون وخصوصا منهم الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات وتطرقت اليهم السنة في مواضيع كثيرة أيضا ومن ذلك قوله تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ).
فلم لا تكونوا منهم؟ من يحول بينكم وبين ذلك ألا تحبون أن تنقذوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين؟ الجواب لكم فانظروا ماذا تأمرون به أنفسكم مع العلم ان إنكار الخطأ والتمادي فيه يعني ارتكابه مرتين بل هي مرات عديدة كما يقول المثل الانجليزي وقبله وبعده قوله تعالى: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).
بمعنى أنهم لو ردوا إلى الدنيا بعد موتهم ثانية لعادوا إلى الكفر والشرك والتكذيب بآيات الله وآية اخرى يقول سبحانه وتعالى فيها: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).
والمقصود هنا أيضا هم تحديدا العلماء الربانيون المخلصون لربهم وغيرهم من أهل الاختصاص العلمي في المجال الديني الصحيح أو ما يطلق عليه المسلمون بالفقهاء الأصوليون وهم الأحبار والقسيسين والرهبان والله الموفق الى سواء السبيل.
من الأمور التي فضحها طوفان الأقصى وما أدراك ما المسجد الأقصى في عقيدة المسلمين المؤمنين قضية التطبيع الذي أبرمته بعض الدول الإسلامية وبعد كل ما عاناه إخواننا المسلمون في فلسطين عامة وفي غزة على وجه الخصوص من معاناة واضطهاد وتنكيل وإبادة جماعية مكشوفة للعالمين إنما هو دليل قاطع وحجة بالغة على أنه أصبح منذ الثامن من أكتوبر من 2023 وبكل المقاييس الشرعية والعلمية المنطقية الإنسانية أقول أصبح هذا التطبيع حراما حراما حراما بل أشد حرمة من الخيانة العظمى ومن الشرك والكفر والنفاق والردة عيادا بالله ناهيك عن لحم الخنزير والربا والخمر والميسر والسحر والقتل وغيرها من الموبقات المنتشرة في الناس كالجراد اذا انتشر في جميع انحاء المعمور وكل ذلك وما خفي أعظم إنما هو من تبعات ونتائج الفساد الفظيع الذي اقترفته أيدي الظالمين ومن ولاهم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
ذلك، وبناءً على ما قد سلف، فإني أود أن أتوجه إلى حكام المسلمين كافة، وإلى أولي الأمر منهم خاصة، من باب: “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت” وإلى الذين طبعوا علاقتهم السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والثقافية، وما يدور في فلكها بصفة أخص مع الكيان الصهيوني، ولا أقول “اليهودي”، لأن اليهود ليس لدينا معهم مشكل حتى الآن، فهم يعيشون بيننا بأمن وأمان، وسلم وسلام، بل إن الملك نصره الله اتخذ أحدهم “أندري أزولاي” مستشارا له.
بل الأكثر من ذلك، فإن ديننا يأمرنا باحترامهم وبرّهم، كما ورد من قبل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حقهم:
“ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا خصمه يوم القيامة“.
ومن كان النبي صلى الله عليه وسلم خصمه، فليتبوأ مقعده من النار. وأعوذ بالله من ذلك.
أرجع إلى موضوع التطبيع، لأقول بكل صراحة ويقين في وعد الله، إنني أحض وأحث المطبعين على أن يبادروا بمراجعة أنفسهم، ويتوبوا إلى الله التواب الرحيم، ويسارعوا إلى قطع هذه الصلة الحميمية بينهم وبين هذا الكيان الظالم المستكبر الجبار.
ها أنتم هؤلاء توالونهم وتحبونهم ولا يحبونكم، وتعاشرونهم، وتؤاكلونهم، وتتزاوجون معهم، وهم لا ينفعونكم، بل يضرون، وما تخفي صدورهم من الغيظ والحنق أكبر وأشد، (يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ، مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) وقوله أيضا (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).
وكما تلاحظون، فإن كل الآيات المستشهد بها آيات محكمات، قطعية الدلالة.
كما لا يفوتني أن أتوجه، أولًا وآخرًا، إلى أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، بصفته رئيسًا للجنة القدس المحتلة المغصوبة، وبصفة كوني فردًا من رعاياه الأوفياء، له عليَّ حق الولاء والبيعة والطاعة في المعروف ولي عليه أن يقبل نصيحتي على أساس “الدين النصيحة”، كما قال جده صلى الله عليه وسلم.
أقول وأَنصحه حفظه الله أن يبادر بهذه المبادرة الطيبة المباركة، فيقطع هذه العلاقة الوطيدة مع أعداء الله وأعداء الأمة الإسلامية، الغاصبين لبلاد أشقائنا في فلسطين العربية المسلمة المستقلة الحرة، بإذن الله.
ففي العالم ما يناهز 200 دولة، في جميع قارات الأرض وأقطارها، ما يعوض ويكون بديلًا مشرّفًا ومشروعًا عن أولئك الظالمين المحتلين المجرمين.
وكفى بالاحتلال ظلمًا وجرمًا.
كما أدعوه أيده الله ونصره أن يُكثف جهوده المعهودة في حبه الخير لشعبه، وللناس جميعًا، فذلك ديدنه وديدن والده المرحوم الحسن الثاني قدس الله روحه وطيّب ثراه، فيستشير مع إخوته العرب والمسلمين خاصة الأفارقة منهم، فينشؤوا حلفًا أو اتحادًا على شاكلة الاتحاد الأوروبي مثلاً، والمنضوية دوله تحت لواء واحد وعملة واحدة وقبلة واحدة، وطموحات مستقبلية واحدة، وسياسة دبلوماسية وثقافية عسكرية ومدنية واحدة ومشتركة، متعاونين في خضمها على مصالح قارتهم في السراء والضراء، وحين البأس، ليكونوا أسوة تخلف لغيرهم.
فأصبحوا بذلك كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم متحدثا عما يجب أن تكون عليه أمته العظيمة “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.”
وفي هذا المضمار بالذات، يقول ربنا الكريم عز وجل: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ).
وهل من فتنة أكبر مما يمارسه الصهاينة في فلسطين إلا فتنة الدجال وهذا كله في الظاهر أما ما خفي فلا يعلمه إلا الله القائل (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ).
ومن زاوية أخرى، فإني أدعوكم أيها المسؤولون المسلمون، كلٌّ في موقعه، أن تنبذوا هذه الخلافات الجانبية التي وللأسف نشبت بينكم، وخصوصًا بين الجيران المغرب والجزائر نموذجًا ومثلا والتي حذر الله منها ورسوله، والتي أوصى بها جبريلُ الرسول صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة عن الجار الجنب، حتى ظنّ أنه سيورّثه. فقال عليه السلام في حقه “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن.” قيل: من يا رسول الله؟ قال: “من لا يأمن جاره بوائقَه.”
وهذا ينطبق بالطبع على الأفراد والجماعات، بل حتى الشعوب والدول، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يقول أهل اللغة وفقهاء البيان والأصول هذا، وأناشدكم مرة أخرى، يا قادة العرب والمسلمين، أن تضعوا حدا لهذه الخلافات والعداوات والحزازات فيما بينكم، واجتمعوا على كلمة واحدة، وخلّصوا قلوبكم من هذه الحوالق التي لا تحلق الشعر وإنما تحلق الدين. وهذه هي المصيبة والفتنة الكبرى.
أقول هذه العداوات والضغائن التي يا حسرتاه يتوارثها المسؤولون في البلاد العربية والإسلامية أبا عن جد، على غرار قول الشاعر:
نساجلكم العداوة ما حيينا … وإذا متنا نورثها البنينا
وقال الآخر:
ويا رب ربّ ذي ضغنٍ عليَّ فارضٍ … له قروءٌ كقروءُ الحائضِ
فأين نحن يا مسلمين من قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ).
فلم لا تبادرون بإصلاح ذات بينكم، وتعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا فتذهب ريحكم وقد ذهبت وأن تتشاوروا فيما بينكم بعد استخارة ربكم، فإن الدعاء عامة، والاستشارة والاستخارة خاصة، وهما خاصيتين متلازمتين من ركائز ديننا الإسلامي العظيم هي ركائز عضوية متينة وأسس صلبة ومتلازمة
ودليل ذلك بالنسبة للاستخارة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمها أصحابه في الأمور كلها، كالسورة من القرآن، كما جاء في صحيح الإمام البخاري.
وأما بالنسبة للاستشارة، فإن الحديث عنها يطول، لكن نكتفي بالقول إن الله عز وجل أنزل سورة كاملة في كتابه العزيز تسمى “سورة الشورى“، وفيها يقول سبحانه وتعالى في سياق الحديث عن عباده المؤمنين (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
وفي المثل المتداول بين الناس، وهو صحيح المبنى والمعنى:
“ما خاب من استشار، وما ندم من استخار.”
إذا كنتَ في حاجةٍ مرسَلا … فأرسلْ حكيمًا ولا توصِه
وإن ناصحًا منك يوما دنا … فلا تنأ عنه ولا تقصِه
وإن ناب أمرٌ عليك التوى … فشاور لبيبًا ولا تعصه
أو ذو الحق لا تنتقص حقه … فإن القطيعة في نقصه
وتجدر الإشارة هنا أنني أدعو جميع علماء الأمة الإسلامية أن يُشكلوا لجنة علمية ويصدروا مرسومًا قانونيًا دينيًا، أو فتوى، لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والتعامل معه، تحت طائلة الخيانة الدينية العظمى وهذه أمانة في أعناق الحكام والأمراء والعلماء، على حد سواء فلا يحق تضييعها، ولا التفريط فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).
ذلك وإن مبادرة “طوفان الأقصى“ المباركة الشجاعة، وما تلاها من أحداث، تُعتبر بامتياز آية ربانية، ومعجزة من معجزات القرن بإذن الله وهي شرف عظيم لأهل غزة، كممثلين في هذه الحرب الضروس والتي انتصروا فيها، ليس على الكيان الصهيوني فحسب، بل على أمريكا وديمقراطيتها الزائفة، وحلفائها في الشرق والغرب أقول إنهم ممثلون ونُواب بالوكالة الإلهية عن مليارين من المسلمين، الذين يعتبرهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين أخطر عليهم من ملياري قنبلة نووية التي صرّح أحد وزرائهم أمام العالم ببالغ الرعونة أنه يجب القاؤها على قطاع غزة وهذه الأفكار هي التي تعلمناها، وعهدناها من تاريخ الصهيونية الماسونية المتطرفة، على مرّ الدهور وهي في الحقيقة أمور مضحكة ومبكية في نفس الوقت، وسخيفة أيضًا، كما قال أبو الطيب:
وكم ذا بمصر من المضحكاتِ … ولكنه ضحكٌ كالبكاءِ
أما ما مسّ المقاومة، وجنودها، العسكريين منهم والمدنيين، من ألم وتقتيل وتجويع وتعطيش وتشريد وبأس وتنكيل، والله أشد بأسًا وأشد تنكيلًا وغير ذلك من أصناف وألوان العذاب التي لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه علام الغيوب، وقيّوم السماوات فانه يعني العذاب والتنكيل، يظل راسخًا في عقيدتنا، بأنه ليس إلا ثمنا من أثمان الجنة الغالية العالية، التي أُعدّت للمتقين المجاهدين الصابرين.
صبرا آل غزة، فإن موعدكم الجنة بإذن الله تعالى.
هذه الجنة التي حُرّمت على الكافرين والمشركين والظالمين، ولا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر، وإنما يدخلها المؤمنون المسلمون، كما تنص على ذلك كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
ومنها ما رواه الإمام مسلم عن كعب بن مالك:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق، فنادى“ألا لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب.”
والثابت أيضًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
“كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى.”
قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟
قال: “من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.”
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
لأن الله تعالى قرن طاعته بطاعة الرسول، فقال:
(مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ) (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
واعلموا يا أهل غزة العزة، أن بعد العسر يسرًا، وأن النصر آت، والفرج مقبل، إن شاء الله، وأن انتظار الفرج من الله عبادة عظيمة له سبحانه.
اشتدي أزمةً تنفرجي … قد آذن ليلكِ بالبلجِ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها … فُرجت، وكنت أظنها لا تُفرجُ
ولرب نازلةٍ يضيق بها الفتى … ذرعًا، وعند الله منها المخرجُ
ومن أجل ذلك يقول سبحانه في سورة الشرح: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).
وفي تأويلها يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم:
“لن يغلب عسرٌ يسرين.”
بناء على القاعدة اللغوية: النكرة إذا تكررت، تعددت، والمعرفة إذا تكررت، دلت على شيء واحد.
وفي الحديث نفسه، وفي نفس المعنى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من جهّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا.” وقوله أيضا: “من مات ولم يغز، ولم يُحدث نفسه به، مات على شعبة من نفاق” نعوذ بالله من الكفر والشرك والنفاق.
ويتضح مما سلف ذكره مدى أهمية النية وإخلاصها لله عز وجل في ديننا العظيم كما قال صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امريء ما نوى” والنية أبلغ من العمل فالحمد لله على نعمة الإسلام.
ومن هنا أقول لكم أننا في بلاد المغرب الأقصى المجاهد إن كنتم يا بني صهيون ويا حكام الغرب عامة إن كنتم تخافون الحروب وتختبؤون أثنائها في الملاجئ تحت الأرض لمجرد سماع صوت طائرة أو صاروخ وتحسبون كل صيحة عليكم فإننا كمسلمين لا نخاف إلا الله والذئاب على اغنامنا وأن تنفش غنم القوم في حرثنا ورحم الله ورضي عن خبيب بن عدي حين قال قبل قتله من طرف العدو في بيته المشهور:
ولستُ أُبالي حين أُقتلُ مسلمًا … على أي جنبٍ كان في الله مصرَعي
وكل هذا وغيره كثير ومتشعب لأننا مشفقون من الساعة في كل نفس من أنفاسنا ومستعدون بل متمنون الموت في كل لحظة في سبيل الله ونضحي من أجل ذلك بأنفسنا وأموالنا إلى درجة أن أحد العارفين بالله قال إنه أذا وضع رجله الأولى على الأرض هل يعيش حتى يضع الثانية وإذا تنفس نفسا هل يتنفس نفسا آخر أو يموت قبل ذلك لأن الحياة ليست إلا أنفاسا معدودة ومؤجلة.
وعلى ذكر الموت والضد الحياة فلكليهما دلالة مجازية وأخرى حقيقية .
اما الأولى فبمعنى الهداية والايمان ودليلها قوله تعالى ” أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها “ وفي الحديث مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت.
اما المعنى الثاني فمن قبيل الطبيب الذي يداوي وينقذ مريضا او مصابا كان محققا ان يموت في بضع ساعات او أيام لولا معالجة هذا الطبيب له بعد اذن الله فيعود ثانية الى الحياة الطبيعية او كإنقاذ شخص ادركه الغرق او الهدم او ما شاكلهما ” ومن احياها فكأنما احيى الناس جميعا “ ودليل ذلك أيضا قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم في محاورته الاعجازية المقحمة للطاغية الجبار نمرود بن كنعان ” اذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي واميت قال إبراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فآتي بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهذي القوم الظلمين “ وهذا شان كل الطغاة الجبارين الى يوم القيامة. فبشرى اذن وطوبى لعملية طوفان الأقصى ولرجال المقاومة الذين احيى الله بهم الملاين من البشر في أوروبا وامريكا ونحوهما وهنيئا للأطباء في المستشفيات وطواقمهم الذين احيى الله بهم أيضا عشرات الالاف من المرضى والجرحى والمصابين المعطوبين الذين لولا ذلك بعد اذن الله لماتوا بطبيعة الحال، وهذا الفضل من الله لا يؤتى الا لأولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا يحزنون ، الذين آمنوا وكانوا يتقون ، وهنيئا لكم يا رجال المقاومة المباركة من جند الله وحزبه العسكريين والمدنيين على حد السواء ، وأولى للصهاينة ثم أولى لهم اذ كانوا سببا مباشرا او غير مباشر في قتل عشرات الالاف من المستضعفين الابرياء الذين لا حيلة لهم ولاهم يهتدون سبيلا وجرح عشرات الالاف أيضا وتشريد واجلاء الملايين، وما خفي عن الصحافة ووسائل الاعلام عامة اعظم وافدح ، إلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل الذي ان غاب على الناس شيء فانه لا يعزب عنه سبحانه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين – الوح المحفوظ – وفي هذا السياق كان لزاما تحذير المسلمين خاصة وجميع الاحرار في دنيا الناس ، الا يغتروا بهذه ” المنظمات الإنسانية ” المعروفة كالأمم المتحدة ومجلس الامن والمحكمة الجنائية الدولية وما تحمله من شعارات جوفاء من حقوق الانسان ” والديمقراطية ” والقانون الدولي والحرية والنزاهة أقول علينا الا ننجرف وننبطح وراء هذه التيارات العقيمة العاصفية لا لشيء سوى لكونها فقدت مصداقيتها – ان كانت لها مصداقية – جملة وتفصيلا بتحدي الكيان الصهيوني البئيس البغيض لقراراتها الملزمة قولا لا فعلا وتمرده بكل جرأة ووقاحة عليها مدعوما ومحميا بالفيتو الأمريكي والإنجليزي والفرنسي الذي يقف حجر عثرة امام كل شكاية او ما شاكلها تمس بأمن واستقرار هذه العذراء المذللة الفتانة الماجنة التي يفرض فرض عين والزام ووجوب على كل الأمم التي تقودها أمريكا وحلفاؤها ان تخشاها وتهابها وتستحي من ايذائها ولو بكلمة حق ظاهرة لبني البشر ممن تراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون .
اعود الى كبش الديمقراطية الصهيونية المعرفة باختصار شديد وسخيف وغامض بحكم الشعب نفسه بنفسه على نقيض الآية القرآنية ” ان الحكم الا لله “ ” افكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ” أقول اعود الى هذه الديمقراطية وأقول وبالله التوفيق انه لو افترضنا جدلا إنها ليست إلاها يعبد كما سلف بيانه فإنها على الأقل سنة مؤكدة وسيئة وبدعة مستحدثة ما انزل الله بها من سلطان وهي ضلالة بارزة وكل ظلالة في النار للتابع والمتبوع عل حد السواء. وفي هذا الصدد يقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم : ومن سن في الإسلام، وهو دين الاكوان كلها من اصغر ذرة الى اعظم مجرة، من سن في الإسلام سنة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من اوزارهم شيء. وقوله صلى الله عليه وسلم في موضع اخر : لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ويضيف عليه السلام بقوله : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الاكلة الى قصعتها. قيل ومن قلة نحن يومئذ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قيل وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت.
أيها الاخوة ولأخوات ويا أحرار العالم في الأرض كلها، بالله عليكم كيف نرضى لأنفسنا اعتناق الدمقراطية ونخضع ونخنع لأهلها وروادها الضالين المعتدين من الصهاينة وقد نهينا عن اتباع سبيل المجرمين تحت طائلة دخول النار كما في قوله : ” ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا “ كيف ذلك وقد أخبرنا في السابق واللاحق عن مصير هؤلاء المغضوب عليهم في الدنيا قبل الآخرة: فسيرو أيها الديموقراطيون في الأرض وارجعوا الى التاريخ وانظروا كيف كان مآل قادة الصهاينة
الغزاة : اين وايزمن وهورتزل؟ أين كولدا مايير؟ أين موشى ديان؟ أين مناحيم بيكن ؟ اين شارون ؟ اين إسحاق رابين و إسحاق شامير ؟ اين حكام أمريكا الماسونية كامثال بوش الاب ونجله وكارتر وروزفلت وريكان وكندي وفورد ؟ كلهم والذين من قبلهم وبعدهم .
ذهبوا الى مزبلة التاريخ الاجرامي : ” وكم اهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من احد أو تسمع لهم ركزا “ نعم كلهم راجعون الى ربهم وهو اعلم بهم، اما نحن كبشر قاصري العقل والادراك فلا نحكم لاحد بالجنة ولا عليه بالنار أيا كان شانه.
ليس لنا من الامر شيء بل الامر كله لله سبحانه وتعالى ، فهو خالقهم ومربيهم وهم عباده طوعا او كرها يعذب من يشاء منهم ويرحم من يشاء، لا يسال عما يفعل وهم يسالون.
وبالتالي فنحن نقول لهم هذا دينكم وجرائمكم وتاريخكم الذي يستنسخ ولا ينسى .
أيها القارئ والقارئة الكريمين الفاضلين ، الحديث ذو شجون يجر بعضه برقاب بعض، فمعذرة على الاطالة والاسترسال لان الخطب جلل والمصيبة عظيمة وبنات الفكر مبعثرة هنا وهناك والى الله المشتكى فصبر جميل ولنواصل على بركة الله : جاء في الحديث المتفق عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبرنا – وخبره اصدق عندنا من المعاينة – انه قال : لا تزال طائفة من امتي على الدين ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي امر الله وهم كذلك ، قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال ببيت المقدس واكناف بيت المقدس : نعم انها القدس المحتلة الطاهرة الشريفة مهبط الوحي على الأنبياء والرسل ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها المسجد الأقصى الذي تعدل الصلاة فيه خمسمائة صلاة في غيره في الأرض كلها عدا المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة .
اما نحن في بلاد المغرب المسلمة فاذا لم تكن لنا الفرصة، ويا للأسف، في الوقوف عمليا وحضوريا الى جانبكم كما تمليه علينا تعاليم ديننا الحنيف وكما تقدمت الإشارة اليه من قبل فإننا معكم بقلوبنا وكامل وجداننا بالدعاء لكم عن ظهر الغيب بالنصر القريب والتوفيق والقبول والتمكين في العاجل والآجل. وإننا لنغبطكم على ما أنتم عليه ونرجو الله العلي المتعالي أن يوفقنا ولو بنياتنا وقلوبنا المكلومة إلى ما وفقكم له من خير وإحسان وتشريف ورزقكم الشهادة في سبيله أمام العالمين لتكونوا إن شاء ربنا الرحمان شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وكفاكم ذلك شرفا وتمجيدا فبشرى لكم في الدنيا ولآخرة إن شاء الله. أما عن عدوكم بل اعدائكم في داخل الأمة وخارجها فالواجب الديني يملي علينا أن نجادلهم بالتي هي أحسن واقوم إلا الذين ظلموا منهم عملا بقوله تعالى ” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ” كما يتعين علينا ان نبين لمسؤوليهم ورجال دينهم المعوج قائلين: ” آمنا بالذي انزل إلينا وانزل إليكم وإلاهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون “.
أما الجهاد الحقيقي عندنا في الأصل الأصيل فهو بالقرآن الكريم: “ فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا “ وبإقامة الحجة والحوار والمناظرة حتى يتبين الحق وهو بائن ظاهر لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ” ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من يحيي عن بينة ” وهذا أقل ما يمكن أن نقوم به لبيان سبيل الهدى أو الهداية هداية نصح وإرشاد أما الهداية التوفيقية فهي من أمر الله عز وجل القائل:
” إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء “.
” فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم .
ان تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون .”
لقد اسمعت لو نـاديت حيــا ولكن لا حياة لمن تنـادي
ونار لو نفخت فيها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
مهما يكن من أمر فمن المؤكد والضروري أن نشير عرضا واستدراكا لما قد سلف واستكمالا له :
1) أن الشهداء الذين يقتلون في سبيل الله وتظنون أنتم يا بني صهيون انكم حققتم إنجازا او نصرا
موهوما بقتلهم وإبادتهم، فإنهم في واقع الأمر لم يموتوا بل نقلوا بإذن ربهم إلى حياة أخرى وهي الحيوان حقيقة ويقينا ويشاهدون نعيمها وهم يحتضرون وذلك بدليل قوله تعالى ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون “ إلى قوله ” الذين استجابــوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقــوا أجر عظيم “ فموتوا إذا بغيظكم كما جاء عن ابن حزم في بيته الفذ.
دعهم يعضوا على صم الحصى كمدا
من مات من غيظه عندي له كفن
ونماذج الشهداء كثيرة في هذا الصدد ومنها قصة أحد الصحابة وهو حرام بن ملحان رضي الله عنه وكان من القراء فأتاه أحد المشركين من خلفه فطعنه غدرا برمح حتى أنفذه فقال رضي الله عنه وهو في غمرات الموت ” فزت ورب الكعبة “ فكان ذلك سببا، كما قيل، في إسلام قاتله بعد ذلك ليس إلا بهذه الجملة المفيدة : ” فزت ورب الكعبة “ فليتأمل المتأملون ويعتبر المعتبرون، أم على قلوب أقفالها ؟
2) أما من جانبكم يا بني صهيون فنحن نعلم يقينا انكم تكرهون الموت أكثر بكثير من سائر العباد وتخشونه كخشية بعضكم بعضا كحال بني خالكم من المنافقين الذين قال الله عز وجل فيهم
” فإذا انــزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم “ وفي هذا النوع من الخوف والفزع يقول المثل العربي : قد يضرط العير والمكواة في النار، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ” نصرت بالرعب مسيرة شهر ” والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى ونذكر منها قوله تعالى : ” قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتـــل وإذ ن لا تـمـتــعــون إلا قلـــيـــلا “ وقــوله تعالى : ” قــل إن الــمــوت الــذي تــفـــرون منـــه فــإنــه مــلاقيــــكم ثــم تــردون إلى عالـــم الــغيب والــشـهادة فــينــبئكــم بــمـــا كــنــتم تــعمــلــون “ فليتدبــر المتدبرون معنى الفرار الوارد في الآيتين الكريمتين وليتصوروا حالة الموتى والقتلى لدى العدو الصهيوني في الحرب ، وهي في الحقيقة ليست البتة حربا بل هي عدوان ظالم ووحشي من جيش عظيم من حيث العدد والعدة لكنه جبان منهار متهالك نفسيا وعقائديا على عصابة من المؤمنين والمؤمنات في قعر دارهم . فكيف ما كانت نتيجة هذا العدوان الهمجي فإن المنصور ولا أقول المنتصر، والفرق بينهما شاسع واسع، هم أولئك المجاهدون من الشهداء
والجرحى ولو أدى ذلك إلى إبادتهم واستئصال شافتهم عن بكرة أبيهم كما يتمنى الصهاينة المحتلون. ذلك لأن ثمن الجهاد كما مر بنا هو الجنة وأعلاه الشهادة وأدناه الغلبة على العدو بالمعايير المعروفة في الحروب التقليدية على قاعدة ” قـل هــل تربــصوا بــنا إلا إحدى الحــسنــيين ” و ” كلا وعــد الله الحــسـنى “ وبالتالي فالمـجاهد المخلص لله رابح غــانــم في جــميع الحالات، والحمد لله كثيرا على ذلــك وهو حقا وعدلا هو المنتصر المنصور مهــما بلـــغــت خسائره في بادئ الرأي، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو كان يتمنى الشهادة الى درجة تمنيه أن يموت ويدفن مع شهداء معركة أحد التي استشهد فيها عمه حمزة سيد الشهداء . ففي رواية الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا، وفي حديث آخر للشيخين : ولولا ان اشق على أمتي ما قعدت خلف سرية ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل . فضلا عن ذلك فإن الشهيد بعد موته إذا سئل عن أمنيته لو عاد إلى الدنيا فيقول أنه ليتمنى أن يقتل في سبيل الله مرارا لما رأى من فضل الشهادة في الجنة وهي غاية أعمال البر وأفضلها . ولذلك يروى عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال حين حضره الموت : شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني موضع شبر ألا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء . وهذا ما يكرس قول النبي صلى الله عليه وسلم : من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه .
رواه الإمام مسلم في صحيحه . وقد فعل شهيد المحراب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك فكان يدعو ويقول : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك . وقد استجاب الله دعائه وصدق فراسته وبديهته الثاقبة وحقق مسعاه . فهو كما يعلم الجميع مدفون في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبجواره وجوار أبي بكر رضي الله عنهم جميعا ، بعد أن قتله المجوسي أبو لؤلؤة عليه من الله ما يستحق.
قصة أخرى بخصوص الحرص على الموت وعشقه في سبيل الله كحرص الأعداء على الحياة الدنيا تماما بتمام يستشف معناها وروعتها في شخص الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي استشهد يوم صفين وقد تجاوز عمره التسعين عاما بعد ان طال انتظاره للحظة الشهادة في سبيل الله وقد أخبره الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه ستقتله الفئة الباغية. وهدا يدل من بين ما يدل عليه على صدق نبوته عليه السلام ونحن لا نكلف أنفسنا ونرهقها لإثبات ذلك وقد شهد له به أعداؤه المشركون قبل أربعة عشر قرنا ونيف من الزمان كما جاء في كتب التاريخ :
شهد الأنام بفضله حتى العدا والحق ما شهدت به الأعداء
ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم وأولئك هم أصحابه الأخيار الأطهار الذين عند سماع اخبارهم يحسبها المرء ضربا من ضروب الخيال الأسطوري ولكنهم كانوا كذلك حقيقة. كيف لا ومنهم أبو بكر الذي ان وزن ايمانه بإيمان اهل الأرض لرجح بهم، ومنهم سعد بن معاد الذي اهتز عرش الرحمان لموته ومنهم
القعقاع بن عمرو التيمي الذي يضرب به المثل في الجهاد والشجاعة والتدبير المحكم في شؤون الحرب وكان يقال عنه انه لا يهزم جيش فيه القعقاع.
وعلى العموم وباختصار شديد فقد مر رجل من فقراء المسلمين وآخر من اشراف القوم على النبي فقال لأصحابه : هنا خير من ملء الأرض مثل هذا، وهذا ما يذكرنا بالشهيد يحيى السنوار وغيره من شهداء طوفان الأقصى الذي لو وضع اصغر واحقر وافقر غزي _نسبة الى غزة قتل في سبيل الله في كفة ووضع ملء الأرض من اغنى واشرف رجل من بني صهيون في الكفة الأخرى لرجحت كفة المستضعف الغزي المسلم الشهيد البريء. ومنهم عمر بن الخطاب الذي يهابه الشيطان ويفر منه فرقا … وربعي بن عامر الشجاع الابي الجريء الطي واجه رستم بكلام يستحق أن يكتب على باب أو واجهة مقر الأمم المتحدة بنيويورك وملخصه : نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور ” الأديان “ إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ” وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ”
اما عن الجرحى والمعطوبين في الحرب وما يلاقيه الاسرى أيضا من تعذيب وتجويع وتعطيش وتنكيل فنقول لهم ان لهم اسوة حسنة أيضا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأمثال بلال بن رباح وسلمان الفارسي وخباب بن الإرث الذي كانت تعذبه سيدته المعروفة بأم انمار عذابا شديدا وكانت تكويه بالنار الحامية في ظهره حتى تنطفئ بشحم جسمه، فلما شكا ذلك الى رسول الله اجابه انه كان من قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد دون عظمه من لحم وعصب ويوضع المنشار على فرق راس احدهم فيشق ما يصرفه ذلك عن دينه .ولعل قصة ماشطة بنت فرعون اكبر نموذج على ما سلف ذكره وهي التي شم النبي صلى الله عليه وسلم رائحتها الطيبة هي وأولادها ليلة الاسراء والمعراج في الجنة سلعة الله الغالية وتجارته الرابحة: ” يا أيها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم، تومنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وانفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون …واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين “ . ولكن لابد ان تكون البداية منكم والنهاية من الله عز وجل على غرار ” ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” وقوله : ” ان تنصروا الله ينصركم ” وذلك بنصر دينه وعباده المؤمنين ابتلاء كما في قوله تعالى :“ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض” واللام في فعل “ليبلو ” لام التعليل بمعنى ان الغاية والعلة في الجهاد والقتال هو ابتلاء كلا الطرفين المتقاتلين بعضا ببعض لتمحص الصفوف ويعلم الصادق من الكاذب والمؤمن من الكافر .واذا تكلمنا عن النصرة فليست بالشجب والتنديد والتسخط على الأوضاع بل هي حركة وانطلاق بالنفس والمال والعدة انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم ” انصر اخاك ظالما او مظلوما “ وعلى سبيل قول الشاعر
لا يسالون اخاهم حين يند بهم في النائبات عما قال برهانا
وأيضا كما يقول هذا المغرم بصاحبته:
فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود
ان تتهمي فتهامة وطني وان تنجدي يكن الهدى نجد
واذا المحب شكا الصدود فلم يعطف عليه فقتله عمد
ويقول دريد بن الصمة:
وما انا الا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد
وعلى ذكر غزية وهو تصغير لطيف لغزة فيجب القول ان مليارين من المسلمين ينتمون الى غزة فلا يقبل عذر لاحد ان يتخلف عن نصرتها وسائر بلاد فلسطين قولا وعملا وليس بإرسال المساعدات _ان هي أرسلت_ فحسب فهذا من اضعف الايمان ولو حسنت النيات فان النية الحسنة لا تصلح العمل الفاسد وهو التقاعس والاخلاد الى الأرض وعدم النفير الى المعركة. أما النية الفاسدة فإنها تبطل العمل الصالح والله ولي التوفيق وهو يتولى الصالحين ويتقبل من المتقين فاللهم اني قد بلغت فاشهد.
وهذا ما فهمناه وتعلمناه من تاريخ ديننا العظيم الذي لست أرى اغبى واغبن واسفه وابله ممن عرفه ولم يعتنقه ويسعد بتعاليمه في الدارين :”ما انزلنا عليك القرآن لتشقى “ بل لتسعد وتسعد معك من اتبعك من المؤمنين وتنذر به قوما لدا لعلهم يتقون او يحدث لهم ذكرا فيتوبوا الى الله ويعلموا ان الإسلام يجب ما قبله وكذلك
التوبة والانابة وان الله بفضله ومنه يبدل السيئات حسنات وبهذه المعاني نرى جليا ان الامر خطير وان الخطب عظيم يحوم ويطوف بين الجنة والنار “اقمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبيس المصير “.”قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا اعمالنا ولكم اعمالكم ونحن له مخلصون ” نعم لنا ربنا وهو الله فمن ربكم، لنا ديننا وهو الإسلام الذي لا يقبل غيره كدين التوحيد فما دينكم او اديانكم ومنها الهوى والديمقراطية التي اخترعتموها لأنفسكم، لنا قبلتنا وهي الكعبة المشرفة فما قبلتكم سوى روما وواشنطن التي لو دعيت او كتب لي ان اتخذهما بلدا لرفضت ولاستحضرت قول العلامة ابن عاشر بشان وادي محسر حيث هلك أصحاب الفيل :
قف وادع بالمشعر للأسفار واسرعن في بطن وادي النار ( محل الشاهد )
ولو عثر على ان امر بهما لضرورة لاقشعر جلدي فرقا ورعبا بمحاذاتهما ولاسرعت قدر استطاعتي في تجاوز ارضهما.
اعود لأقول إن لنا نبيا وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو نبيكم رغما عنكم والا كيف ترضون نبيا غيره وهو الذي ارسل الى الناس جميعا وهو خاتم النبيئين وإمامهم ولو كانوا في زمانه ما كان يسعهم الا ان يتبعوه ويطيعوه. لنا معاييرنا الشرعية فما معاييركم والمفاهيم. لا حجة بيننا وبينكم فالله يفصل بيننا يوم عند الله تجتمع الخصوم. واخيرا وليس آخر، لنا غاياتنا ومآلاتنا واهدافنا في الدنيا والآخرة وفي الحرب والسلم والمكره والمنشط والسفر والحضر والإقامة والظعن…وكل هذا مستقى من هدي قرآننا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي علمنا كل شيء حتى الدخول للخلاء والخروج منه واماطة الأذى عن الطريق وغيرها من مستلزمات شعب الايمان التي اعلاها قول لا اله الا الله فقولوها تفلحوا وتفوزوا .خلاصة الكلام ،وعلاقة بالحرب والقتال في غزة فالمقاومة تقاتلكم طاعة لله ورسوله انطلاقا من مفهوم الآية الجليلة “الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أئمة الكفر “ وكذلك الامر بالنسبة للإنفاق : “والذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الى جهنم يحشرون” وعكسها عند المؤمنين الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله سرا وعلانية مصداقا لقوله تعالى “… ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم احسن ما كانوا يعملون “…”ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين “ وجماع هذا كله وخاتمته نستشفها ونستنتجها من خلال الآية : “من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا .ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مومن فأولئك كان سعيهم مشكورا .كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا.”
هذا وعلى عكس الإسلام الذي يدعو الى الخير والإحسان والمغفرة والجنة والى كل ما هو جميل وحسن فان الديمقراطية ليست سوى مظنة للعداوات والضغائن والخلافات والفرقة المذمومة وغيرها من الأمور التي لا تأتي ابدا بخير بل تكرس التشتت والانشقاق والاضطراب وتجلب عمل الشيطان الذي نهينا عن اتباع سبله وخطواته.
اجل فان تعاليم الدين الإسلامي الحنيف تؤدي في مجملها الى سعادة الدارين ومن مظاهرها التعاون والتناصر والاعتصام بحبل الله المتين وتظافر الجهود وتوحيد الكلمة ولم الشعث وجمع الشمل وغيرها من الاخلاق الحميدة المذكورة في سورة الحجرات التي من اسمائها سورة الاخلاق او الآداب وأيضا في سورة الصف الذي من أهميته وحيويته كونه بريد الاستقامة كما يحمل في طياته رموز الوحدة والتآزر والتضامن وغيرها من الأمور التي تجلب الطمأنينة والسعادة في الدنيا والآخرة ومحبة الله على أساس آيتها الجليلة ” ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ” ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا اشد الحرص على إقامة الصفوف في الجيش المقاتل كما يفعل في الصلاة تماما بتمام وكان كثيرا ما يردد عبارة :استقيموا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم .فضلا عن ذلك فان من دواعي إقامة الصف تحقيق النصر والغلبة على الأعداء الديمقراطيين ” الذين تحسبهم جميعا في الظاهر لكن قلوبهم شتى ” بأسهم بينهم شديد “. وهذا ما يظهر جليا في كونهم شيعا وأحزابا كل حزب بما لديم فرحون وتراهم في تجمعاتهم وتكتلاتهم متحاربين متناحرين ومتنافسين ليس ابدا في أعلاء كلمة الله ونصرة دينه بل حبا في المناصب والكراسي البرلمانية والوزارية والرئاسية إلا من رحم الله وقليل ما هم في زماننا الحاضر الذي يكذب فيه الصادق ويصدق الكاذب ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه الأمين. وهذه هي الدمقراطية التي فعلت فعلتها في بلاد الإسلام والمسلمين وتوازيها في ذلك الاشتراكية والشيوعية والماركسية والليبرالية والتكنوقراطية والوجودية السارترية والراديكالية وغيرها من التيارات السياسية والدينية كالمسيحية والبوذية والهندوسية والشامانية وغيرها من الإيديولوجيات وتعني سلطة الأفكار اللافكرية واللاعقلانية واللاطبيعية واللاسلطوية.
فأين نحن كمسلمين موحدين في خضم كل هذه المعامع التعصبية من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله
عنه : لقد أعزنا الله بالإسلام فوالله لو ابتغينا العزة في غيره لأذلنا الله وأخزانا. وهذا للأسف واقعنا اليوم وإلى الله المشتكى وإليه المصير في ظل وكنف هذه الأحزاب التي يدعي أهلها أنهم، كل على حدة، على الحق المبين أما غيرهم ففي الظلال البعيد ضدا على قول ربنا الرحمن : في سورة الروم : ” وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون “. و في مثل هذه الأمور الخلافية المقيتة يقول الشاعر:
وكلا يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
إذا اجتمعت دموع في جفون تبين من بكى ومن تباكى
الملهم من زاوية أخرى وبخصوص التجارة التي يمارسها عامة الناس وخاصتهم فإن الفاروق كان يقول بشأنها : من لم يتفقه في الدين فلا يقربن سوقنا. فهل من حق أحد منا اليوم أن يقول في وجه الحكام العرب و المسلمين من لم يتفقه في الدين فلا يقربن سياستنا ؟ الجواب الكل يعرفه ومن مسوغاته ما اختصره الشاعر بقوله:
إذا سألت بما جهلت فلا تكن متحاذقا متسرعا في جواب
لا علم عندي ليس عيبا قولها العيب أن يفتى بغير صواب
وكل هذا لا يمنعنا من القول إن الامارة عامة في ديننا لا تعطى إلا لمن له حد ادنى من الصبر والورع والتواضع والمعرفة في العلوم الشرعية بما فيها علوم القرآن والسيرة وتصاريف لغة أو لسان العرب … لإن غير هؤلاء يخشى عليهم ما كان يخشاه سيد العباقرة السياسيين ورسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم في الأولين والآخرين على سيدنا ابي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي نهاه بل زجره عليه السلام أن يسأل الامارة أو أن يقربها لأنه أمرء ضعيف وأنها يوم القيامة خزي وندامة الا لمن أخدها بحقها – ( ومن يستطيع ذلك ؟ ) – ومن هذا نستخلص أن من يشرع التشريعات ويسن ويصدر القوانين وينتجها في البرلمانات وداخل الحكومات لابد أن تكون له الكفاءة الكافية والحكامة الجيدة في حدها الأدنى – ( وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق ) على الأقل مما يخول له تحمل هذه الأمانة وهذا الميثاق الغليظ وهذه المسؤولية الثقيلة الصعبة على أساس القول الفصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا نولي هذا العمل أحدا سأله او أحدا حرص عليه. ومن ثم فالواجب على كل من يتولى مناصب الدولة العليا و السفلى أو أي وظيفة تخص الشأن العام للمسلمين كالبرلمانيين ورؤساء الأقسام والجماعات والعمال والوزراء أن يكون له حد أدنى من الدراية بالتشريع الإلهي قبل تحمله لهذه المهام المطلوب إنجازها في إطار وظيفته. علما أن تلك القوانين والتشريعات المصكوكة ( صكوك الغفران ) الغاية المنشودة منها أن تحمي أفراد المجتمع
( المسلم وغيره ) وتنظم حياتهم وتلزمهم باحترامها بل تقديسها على أساس أن القانون لا يحمي المغفلين وأنه لا أحد فوق القانون كائنا من كان.
ذلك وأنه لمن دواعي العجب والاستغراب أن تجد بعض المسؤولين الكبار في الدولة الإسلامية لا يحسن قراءة الفاتحة والإخلاص، وهو أجهل بالدين من دابة وتراه عضوا فاعلا في المؤسسات التشريعية والتنفيذية للدولة على نقيض ما عهدناه في تاريخ أمتنا المجيدة التي كانت في الماضي ( القريب والبعيد ) تسوس الناس بشرع الله وسنة نبي الهدى صلى الله عليه وسلم وإجماع علماء الأمة الربانيين المخلصين عملا بمقتضى ومفهوم الحديث المتفق عليه وفيه يقول صلى الله عليه وسلم : كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وسيكون بعدي خلفاء فيكثرون. قالوا يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال : ” أوفوا ببيعة الأول فالأول ثم اعطوهم حقهم واسألوا الله الذي لكم فإن الله سائلهم عما استرعاهم”. وهذا دليل قاطع على الدين كانوا يؤيدون الأحداث التي سموها بالربيع العربي وهو في الحقيقة خريف إسلامي من صنع الصهاينة وأعوانهم الذين يقفون وراء كل فتنة على وجه الأرض وخصوصا بين المسلمين، أعداؤهم التقليديون : ” كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا “ : والدليل على هذا الفساد ما نراه اليوم من أحداث مخزية ومستهجنة وفتن كقطع الليل المظلم تجتاح كل الدول التي تغيرت فيها أنظمة الحكم منذ 2011 إلى اليوم كما هو الحال في تونس والسودان وليبيا واليمن… ليس من سيء إلى أحسن ولكن إلى أسوأ مع العلم ان المستهدف بكل ما جرى ويجري هم المسلمين وليس العرب وان صراع الحضارات تدور رحاه بين الإسلام والصهيونية وليس بين “إسرائيل” والعرب. وهذا ما يجب أن يفطن إليه الحكام والشعوب المسلمة في الشرق الأوسط خاصة.
خلاصة الكلام، أقول للديمقراطيين “الإسلاميين” بمغربنا الغالي على الخصوص والذين ابوا الا ان ينضموا ويقحموا انفسهم في خضم معركة و صراع الأحزاب السياسية ذات التوجهات العلمانية “ويتقاسمون معهم الغث والسمين والحق والباطل على غرار حاطب الليل الذي لا يفرق بين الثمرة والبعرة، وبحكم تبنيهم للمرجعية الإسلامية ،اليس في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما يكفيكم ويغنيكم عن كل هذه التيارات التي تنهل وتستقي مبادئها من الديمقراطية الغربية التي لا تقيم للأخلاق والقيم الإنسانية الإسلامية وزنا بل تعتبرها رجعية وظلامية “وارهابية” وغيرها من الاوصاف التي لا تمت الى الدين الحنيف بصلة ؟ مجرد سؤال عفوي صادر عن حسن نية ظاهرية والله عز وجل يتولى السرائر. الم تعلموا أيضا ما كان يفعله عمر بن الخطاب ابان فترة خلافته حين كان يكتب الى عماله في الامصار ويقول :ان اهم امركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها اضيع .؟ الم تعلموا انه كان يوزع مناصب الدولة ويعين الامراء بمعيار الدين والايمان والتقوى والورع والكفاءة العلمية على أساس “ان اكرمكم عند الله اتقاكم ” ألم تسمعوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : أيها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب ان اكرمكم عند الله اتقاكم ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى. الا هل بلغت؟ اين هو حكم الديمقراطية الوضعية التي تحكم فيها الشعوب نفسها من قوله تعالى: «فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهوائهم عما جاءك من الحق ” وفي سورتي يوسف والانعام.” ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا إياه ” ” ان الحكم الا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون «.
قد يبدو بادي الراي اني خرجت عن موضوع الرسالة بهذه الأسئلة الموجهة الى حزب المصباح “الإسلامي” المغربي ، ولكني أقول ان الامر ليس كذلك بل اني تعمدت هذا الأسلوب من النقد علما مني -العلم لله- ان إخواننا الاشقاء في فلسطين وغيرها يجب ان يتيقنوا انهم ليس وحدهم من يعيش ويكتوى بنار فتنة التحزب والتشقق والتشتت كما هو الحال بين حركة “حماس” ومنظمة التحرير “فتح” التين وصفهما نتنياهو “حماستان و “فتحستان” على غرار أفغانستان وايرانستان والعالم الإسلامي ستان ايمانا منه ان اشد ما يخشى عليه في بلاد المسلمين هو اشتعال لهيب الاضطراب والضوضاء والكراهية في صفوف المجتمع الواحد في ظل الطائفية والتشيع الدينيين ضدا على قوله تعالى : ” وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ” صدق الله العظيم .
وفاء بما وعدت في نهاية الجزء الأول من هذه الرسالة فهذه بعض النصائح لإخواننا في حزب العدالة والتنمية عسى الله ان ينفعنا بها جميعا ويجعلها في ميزان حسناتنا فاليكموها بعجرها وبجرها راجين من العلي المتعالي ان تكون خالصة لوجهه الكريم:
اذا لم يكن لله فعلك خالصا فكل بناء قد بنيت خراب
1) ان دخولكم المتهافت الى المجال السياسي باسم المرجعية الإسلامية هو ذنب عظيم وخطيئة فادحة من جانبكم وخير منه واقوم قيلا حالكم قبل ذلك حين كنتم” تناضلون ” في الساحة الدعوية في اطار حركة التوحيد والإصلاح التابع حزبكم لها بل انه من رحمها خرج والتي لا اشك قيد انملة ان قانونها الأساسي لا يبيح ولا يجيز لها اقحام نفسها في أمور السياسة لان ذلك يتعارض مع أهدافها التي وعدت الناس بها ، وكان الوعد مسؤولا ، على شرط عدم خروجها بمحض ارادتها ، عن المجال الدعوي الجمعوي التحسيسي التوعوي الذي أنشئت من اجله ابتداء على وفق ما ينص عليه قانون المنظمات والجمعيات التنموية الاجتماعية وغير السياسية وكما ورد في بندي المبادئ والاهداف للحركة : انها حركة مغربية مفتوحة في وجه كل مسلم من أبناء هذا الوطن العزيز . يريد ان يتعاون على التفقه في دينه والعمل به والدعوة اليه . كما انها حركة ( كحركة حماس الفلسطينية ) تدعو للإصلاح باتباع رسالة الأنبياء وإثبات عناصر الخير والصلاح في الفرد والمجتمع وتقويتها ومقاومة عناصر الفساد والافساد… الخ
اما الحزب فمن أهدافه الأساسية هو المساهمة في بناء المغرب “الديمقراطي” (هنا مسمار جحا ). الحديث في اطار ملكية دستورية .والفرق بين الامرين في المؤسستين واضح لا غبارعليه :
وليس يصح في الاذهان شيء اذا احتاج النهار الى دليل
2) انكم = اياك اعني فاسمعي يا جارة= بانهزاماتكم المتتالية في الانتخابات وفشلكم الذريع في الحكومة تسيئون الى الإسلام اكثر مما تحسنون الى اهله والى أنفسكم قبل كل شيء -لان الإسلام هو محجة الله البيضاء النقية الناصعة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها ( بعدي) الا هالك والتي لا تقبل ان يعتريها ما يعتري غيرها من السواد ويتلبس بها من الادران والاوساخ :
احفظ لشيبك من عيب يدنسه ان البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها ان السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على ما كنت تركب من بغل ومن فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد وضمة القبر تنسي ليلة العرس
3) فضلا عن ما سلف ذكره فمن المعروف من الدين بالضرورة أن الإسلام دين الله الذي يستحيل ان يهزم = بالمفهوم الشرعي =من اعتنقه بصدق وإخلاص واستمسك بعروته الوثقى المتمثلة في القرآن والسنة واجماع علماء الامة “اهل التأويل “وإلا فإذا كان لابد من السياسة فمن الأولى لكم والأفضل والاسلم ان تعلنوا حل “حزبكم الإسلامي” وتنصهروا افرادا وزرافات في خضم الأحزاب السياسية الأخرى المتكونة من امثالكم الذين يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويحترمون ويوقرون الدين وكلمة الإسلام والقرآن، وتدعوا “وتبلغوا ” داخل تلك الأحزاب المتنافسة والمتناحرة ، الى الله والى تطبيق تعاليم شرعته ومنهاجه كما كنتم قبل 1997 حين قادكم المرحوم عبد الكريم الخطيب لحاجة في نفسه وليست في نفس يعقوب قضاها فابتدعتم واستحدثتم وكونتم حزبكم وانتحلتم له اسم : الحركة الشعبية الدستورية ” الديمقراطية ” التي هي من صنع البشر على حساب دين الإسلام الحنيف العظيم وباسم مرجعيته .
وهذه والله جريمة وخيانة كبرى بمعنى ان ما فعلتم يومها او سنتها انما هو من اختصاص وحق وواجب العلماء الربانيين ، وخاصة المستنبطين الفحول لان هذا الدين ، بادي الراي ، لا يجوز فيه لاحد ، شرعا ولا طبعا ان يحتكر وينتحل لنفسه سلطة التحدث نيابة عن الله عز وجل الا العلماء المجتهدون في اطار مجال الاجتهاد وخصوصا في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة. أقول هؤلاء المتخصصين في العلوم الشرعية باختلاف أنواعها وشتى شعبها لانهم هم ورثة الأنبياء بامتياز كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم ولأنهم أيضا هم الموقعون عن الله بآرائهم السديدة وفتاويهم القيمة في المنح والمنع والتحليل والتحريم والامر والنهي والنقض والابرام …الخ . ورحم الله الامام الكبير ابن قيم الذي الف كتابا نفيسا وسماه : اعلام الموقعين عن رب العالمين تطرق فيه الى خصائص أولئك العلماء الجهابذة -لا الجهابلة-(وعلى راسهم النبي صلى الله عليه وسلم ) والذين كرسوا حياتهم لطلب العلم والتبحر في فنونه انطلاقا من قول الامام الشافعي قي مستلزمات تحصيل هذا العلم الشرعي الغزير الذي لا حد لمحيطه :
اخي لن تنال العلم الا بستة سانبئك بتفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان
او كما قال أبو الشمقمق في قافيته الرائعة وفي مستهلها .
وحصل العلم وزنه بالتقى وسائر الأوقات فيه استغرقي
فالعلم في الدنيا والآخرة له فضل فبشر حزبه شرا وقي
ولا تكن من قوم موسي (اليهود) واصطبر لكده وللملال طلقي
وخص عالم الفقه بالدرس وكن كالليث او كأشهب والعتقي
وفي الحديث النبوي ان لم تكن مثل البخاري فكن كالبيهقي
والظاهر الجلي انكم – في حزبكم وناديكم- تفتقرون الى هذا النوع النبيل من العلوم بل علمكم مقصور على الجرائد والمجلات والاخبار الإعلامية التلفزيونية والمواقع الالكترونية وهذا ما يجعلكم غير ذوي كفاءة كافية ولا باع طويل ولا كعب عال ان صح التعبير، وكل ذلك باعترافاتكم واعتراف المتهم سيد الأدلة والقرائن كما هو معلوم في القانون الجنائي الوضعي :
وكفى فتى لم يعرف السلخ قبلها تجور يداه في الاديم وتجرح
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الابل
وبالتالي فاذا كان قول العالم وحتى الصحابي يحتج له اما قول النبي صلى الله عليه وسلم فيحتج به تلقائيا ونظاميا .فما تقولون عن أنفسكم
أيها الديمقراطو إسلاميين : “ها انتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون “
4) وبكل تواضع وانكسار فاني اتحداكم ان تاتوا بفتوى شرعية من عالم متمكن ومتفقه يرخص لكم = علما ان الرخص لا تناط بالمعاصي= بموجبها انشاء حزب ” إسلامي ” سياسي في حضن او كنف الديمقراطية الدخيلة بل الغريبة البعيدة من المنهاج الإسلامي بعد السماء والأرض : “ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات …اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون “
5) اعلموا، وفقكم الله، أن لفظ ” حزب ” ومشتقاته وردت في القرآن الكريم 17 مرة وكلها جاءت في سياق الذم والتجريح والقدح إلا في موضعين اثنين وهما في قوله تعالى : ” الا ان حزب الله هم المفلحون ” في سورة المجادلة و ” الا ان حزب الله هم الغالبون “ في سورة المائدة. وهذا دليل جلي على أن الاختلاف والتحزب في أمور الدنيا فلا حرج فيه إذ يدخل في إطار المباح وهو الأصل في الأمور كلها حتى يثبت العكس. أما في الأمور الدينية التعبدية ( ومنها السياسة الشرعية ) فهو أخطر وأنتن من لحم الخنزير، والله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبا. فأين تذهبون ؟
6) إن اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني والتي أشرنا إليها أعلاه فقد كانت أيام ولاية حكم حزبكم المحترم برئاسة الدكتور سعد الدين العثماني الذي وقع عليها من جانب المملكة المغربية المسلمة، ومن ثم فهي محسوبة عليكم ببجرها وعجرها ومالها وما عليها سياسيا وتاريخيا وحضاريا كسنة انتم فطرتموها أو ابتدعتموها في البلاد وانتم من يتحمل وزرها ووزر من عمل بها من بعدكم، فتوبوا إلى الله جميعا وفروا إليه بمطالبة جهاز حكم الدولة وجميع المسؤولين الحكوميين الحاليين بالنيابة عنكم في القيام بنقض وإلغاء هذه المعاهدة – أو المعاهدات – مع الصهاينة الغاصبين مع العلم أن فاعل الفعل والآمر به ومنفذه والراضي به في الوزر والأجر سواء، كما أن الساكت – مع القدرة – عن الظلم كفاعله والله أعلم وأحكم.
7) إن مصطلح التطبيع لا يعني بالضرورة المصالحة الودية مع العدو الصهيوني وهو بذاته حادث وغير طبيعي أصلا وبالتالي فلا يجوز شرعا وطبعا التعامل معه كأنه ولي حميم وإنما التطبيع الحقيقي هو الذي يكون بين الأشقاء والإخوة المتخاصمين كما هو الحال – وللأسف – بين المغرب والجزائر وبين السعودية واليمن وبين قطر والإمارات وبين إيران وسائر الدول الإسلامية وبين روسيا وأوكرانيا وبين الهند الهندوسية وباكستان المسلمة وبين الكوريتين الشمالية والجنوبية وبين الأطياف المتحاربة المتناحرة في العراق والسودان ولبنان وفلسطين ذاتها وسوريا وبين الحكام المسلمين وشعوبهم، وبين السنة والشيعة بصفة أهم وأخص من كل ما سبق.
8) وعلاقة بهذا التطبيع الذي ما أنزل الله به من سلطان، فإني أود أن أنبه الأخوين الكريمين عبد الإله بن كيران وسعد الدين العثماني بصفة الأول أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية وبصفة الثاني رئيسا سابقا للحكومة وبصفتهما المزدوجة مسؤولين من كوادر الحزب نفسه أن يبادرا ويبذلا المستحيل الثامن بالإعتذار الى الشعب المغربي الأبي عن الخطأ بل الخطيئة التي ارتكبها حزبهما بذاك المضمار، مع الإشارة إلى هذه الملاحظة العابرة والشهادة الصادقة ومفادها أنه لو كان بنكيران رئيسا للحكومة يومئذ لما وافق على توقيع تلك الصفقة الخاسرة ولو أدى ذلك إلى استقالته شخصيا أو استقالة حكومته بالكلية .
” وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ”
9) إن حقيقة التطبيع مع الكيان الصهيوني الخزري “وفلسفته” هي الولاء المكشوف لأمريكا الشرسة الطاغية الراعية للعالم والزاعمة أنها أولى وأجدر من غيرها لقيادة الدنيا والهيمنة على حكامها وشعوبها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتاريخيا وجغرافيا بهدف ” أمركة” أو بالأحرى ” صهينة” الأرض ومن عليها. ولعل سياسة الرئيس ترامب خاصة وبصفة مؤكدة إنما تصب في هذا الاتجاه بكل جرأة ووقاحة -بلا حياء ولا حشمة ولا خوف ولا هم يحزنون …
فهل يا ترى يستطيع حزبكم المتبني للمرجعية الإسلامية النظيفة الساطعة أن يعارض ويصد هذه العاصفة والصاعقة الأمريكو. صهيونية ويعمل على توعية شاملة للإنسانية باسرها بوجوب رفضها والتصدي لها ولأخطارها المحدقة المؤدية إلى الهاوية وإلى سخط الله وغضبه؟ فما التطبيع -والتضبيع- إلا مفهوم معاصر ومدروس بدقة فائقة وممزوج بالمكر والخداع ودلالته مكروهة ومنبوذة ومرفوضة لأنه يتمخض عنه الهوان السياسي والانسلاخ الثقافي والاختراق الأمني والمروق العقيدي والارتهان الاقتصادي والاستلاب والتبعية الفكرية والأخلاقية حتى ثم إن قاعدة الولاء والبراء تعتبر من آكد أصول الدين وبالتالي وبناء عليها فإن التطبيع إنما هو صورة ناطقة لموالاة الصهاينة وأسيادهم الامريكان والانبطاح لهم بطريقة تفوق كل تصور ضدا على قوله تعالى علاقة بالموضوع : ” بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المومنيين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا. ” وفي الحديث الصحيح : من أحب لله وأبغض لله وأعطى ومنع لله فقد استكمل الإيمان. وفي نفس السياق قال عمر الفاروق رضي الله عنه عن موالاة الكفار : لا تامنوهم وقد خونهم الله ولا تدنوهم وقد ابعدهم الله ولا تعزوهم وقد أذلهم الله.
وعلى أية حال فإذا كنا مأمورين شرعا أن نخالف اليهود في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والهيئة وفي كل صغيرة وكبيرة فمن الأولى والأجدر بنا أن نخالفهم في هذه ” الديمقراطية الآثمة “ وما يدخل في حكمها ونتجنب التماهي والتقمص لمبادئهم وشخصياتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم ومناهج ونمط حياتهم بصفة عامة وشاملة … ففي الهدي القرآني والسنة النبوية ما يغنينا عن كل المتاهات والسفاسف الغربية الدخيلة على ثقافتنا وأخلاقياتنا الأصيلة الحميدة الراقية. أجل ان بقاء الأمم والحضارات مرده الى الأخلاق، فكلما تمسكت أمة بأخلاقها الرفيعة تحضرت ورقت وبلغت شاوا عظيما ورسخت مكانتها بين غيرها من الشعوب والأوطان … والعكس صحيح كذلك.
ولله ذرامير الشعراء القائل :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ( دان كسنت )
الآخر: ويضاهيه ويتمم معناه ومغزاه قول
اذا أصيب القوم في أخلاقهم فاقم عليهم مأثما وعويلا
صلاح الأمر للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم
موضوعها ولمزيد من بيان أهمية الأخلاق في ديننا أن القرآن الكريم تضمن 1534 أية في ( أي الأخلاق ) بيد أنه لم ترد آيات العبادات إلا في 110 موضعا ولذلك تبدو الحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى وأمس للالتزام بأخلاق الإسلام افتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم المقول في حقه من ربه : ” وإنك لعلى خلق عظيم. ” وهذه هي سفينة النجاة للبشرية جمعاء وهي المتعطشة للسعادة المتوازنة الحقيقية والحياة الطيبة التي لا يضمنها سوى التخلق بأخلاق القرآن في الأمر كله والاستسلام والانقياد لدين الله الذي هو هذا الدين القيم والاوحد لبني البشر إلى قيام الساعة.
10) إن مجال الدعوة إلى الله أوسع وأفسح من الإطار السياسوي الحزبوي الضيق الذي اخترتموه لأنفسكم وبمحض إرادتكم حبا في الكراسي البرلمانية والمناصب الوزارية والرئاسية … وهو أيضا بالنسبة لكم أنجع وانفع وايسر وأسلم وأقوم واجزل ثوابا في الدنيا والآخرة ولكنه لا يدر الأموال الطائلة ولا يوصل إلى الاغتناء المادي الذي يخوله العمل السياسي في أسرع وقت ممكن وبأقل جهد عضلي أو فكري مادي أو معنوي فكيف تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ولماذا لا تكونوا، إن كنتم تحبون الإسلام وأهله مثلا كالإخوان في جماعة الدعوة والتبليغ التي رجالها ونساؤها لا يبتغون بأعمالهم في إطارها إلا الدار الآخرة والمودة في القربى ويجاهدون من أجل ذلك بأموالهم وأنفسهم في نشر الإسلام وأخلاقه وإلى إعلاء كلمة لا إلاه إلا الله محمد رسول الله في جميع أنحاء العالم . وكذلك الشأن بالنسبة للإخوان السلفيين وباقي الجماعات والطرائق الأخرى من الحمزاويين والبتشيشيين والتجانيين والدرقاويين والذين هم متفقون عمليا في أركان الإسلام ومستلزمات الإيمان بالله عز وجل وفي كل كليات الدين مع بعض الفوارق والاختلافات في فروع التعبد وطقوسه ومناهج العمل الدعوي التي لا تكاد ( نفى للمقاربة ) تؤثر على الجانب العقائدي التصوري والمذهبي لكل واحدة من هذه الجماعات الدينية كما هو الحال بالنسبة للفرق الحزبية السياسية المتلاهثة المتهافتة المتكالبة على زخارف الدنيا ومتاعاتها الزائلة الفانية :
وما الدنيا ألا جيفة مستحيلة عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتذبها تكن سلما لأهلها وإن تجتنبها نازعتك كلابها
11) إن السياسة الشرعية مبنية أساسا على جلب المصالح ودرء المفاسد وعلى العدل والإحسان وإحقاق الحق والمساواة بين الناس وتكريمهم والبر بهم واعتبارهم كأسنان المشط وحب الخير والفلاح لهم في إطار حفظ وحماية الأصول الخمسة التي حددها الشارع الحكيم في الدين أولا ثم في النفس والمال والعرض والعقل. وكل هذه القيم النبيلة مفقودة كليا أو جزئيا في ديمقراطيتكم أيها الإسلاميون.
نعم هذه هي الديمقراطية التي تصطدم وتتعارض في غالبيتها مع مبادئ وتعاليم الإسلام الحنيف فلا يلتقي خطها المعوج مع خط الإسلام المستقيم أبدا الى درجة أنه لا يمكن لهما الاجتماع والتعايش في قلب مؤمن : إما الإسلام وإما الديمقراطية لا حل وسطا بينهما. وأن فكرة فصل السياسة عن الدين هي فكرة خاطئة ساقطة عن الاعتبار فضلا عن كونها في الأصل صهيونية محضة لا تقيم للدين وزنا بيد أن الحقيقة الواضحة أن السياسة جزء لا يتجرأ ككلية جامعة لكل مناحي الحياة الإنسانية وفي جميع أطوارها بمعنى أن السياسة تعتبر وظيفة من وظائف الدين الكثيرة وليس العكس كما هو ملاحظ في هذا العصر المضطرب بكل المقاييس نسأل الله السلامة والعافية.
12) لقد أثبتت التجربة العملية من خلال الولايتين التي امضيتموهما في الحكومة (2011- 2021) انكم ارتقيتم مرتقى صعبا وشاقا بتبنيكم بدون وجه حق المرجعية الإسلامية واتخذ تموها مطية مريحة وهادئة للوصول إلى مآربكم كما اتخذ اليهود العجل بوحي من السامري وضدا على تعاليم او أوامر نبيهم موسى بن عمران عليه السلام. أقول اتخذتموها كذلك وانتم ظالمون لتخادعوا بها المغاربة ملكا وشعبا ، ولكن سرعان ما استفاق الجميع من استغفالهم العابر بتوظيف الدين في الدعاية السياسية .وعاقبوكم باختيار وانتخاب أولئك الذين كنتم تعدوهم من الأشرار -اخنوش وحزب التجمع الوطني للأحرار- او الفاسدين وليس المفسدين- حزب الاصالة والمعاصرة- او المارقين الاشتراكيين والشيوعيين وغيرهم من تلك التنظيمات اليمينية واليسارية التي تضطرون مع ذلك للتحالف معها والتآخي من اجل تكوين الأغلبية المؤهلة للحكم بعد استفتاء الشعب والحملات الدعائية الانتخابية بدعوى الضرورة تبيح المحظورة وللضرورة احكام اذ لا بديل بل لا مفر من هذا التحالف ولو مع الانداد والخصوم ان اقتضى الحال والضرورة على غرار قول الشاعر :
اذا لم يكن سوى الأسنة مركبا فما حيلة المضطر الا ركوبها
فلا باس في ذلك ولا حرج في معتقدكم لان الإسلام دين يسر وانفتاح وتعايش ولان الامر اذا ضاق اتسع واذا اتسع ضاق… الخ
13) ان مثلكم في تبنيكم للمرجعية الإسلامية من جهة واعتمادكم على الديمقراطية كحاضنة لها من جهة أخرى كمثل الذي تردى من فوق جبل شامخ عال ثم هوى في بئر معطلة وعميقة ولله المثل الأعلى. فالجبل هو الإسلام والبئر هي الديمقراطية التي بدأت تتآكل مع مرور الأيام الى ان تسقط وتذهب ريحها هباء منثورا إن شاء الله.
وما طوفان الأقصى وما استتبعه من مجريات الاحداث الصادمة الا علامة من علامات انهيارها المشين على يد عصابة مسلمة مستضعفة ولا قوة لها ولا سلاح سوى تقوى الله والتوكل عليه والجهاد المستميت في سبيله بما تيسر من أدوات لا تكاد (نفي للمقاربة) تذكر مقارنة مع سلاح الاعداء المحتلين وازواجهم في الشرق والغرب ليكون ذلك بداية تولي عهد حلب أمريكا وحلفائها لابقار الامة الإسلامية المتخاذلة عامة والعربية بشكل خاص كما انهار الاتحاد السوفياتي الشيوعي البائد على ايدي الجنود المجاهدين الأفغان المقاديم في ثمانينيات القرن الماضي . انها بلاد الإسلام أفغانستان الفقيرة التي استطاعت أيضا ان تطرد وتدحض أمريكا بأسلحتها النووية والتقليدية الهائلة وتخرجها صاغرة مكبة على وجهها منهزمة ذليلة تجر اديال الخيبة والعار والرذيلة .كما فعل بها في فيتنام والعراق والصومال وحتى اليمن مؤخرا حيث جربت حظها وقوتها المادية ففشلت ونكصت على عقبيها واضطرت الى ابرام اتفاقية وقف اطلاق النار مع الجماعة الحوثية المستضعفة كذلك ليتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : انما ينصر الله هذه الامة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم واخلاصهم . وقوله عز وجل على لسان أصحاب طالوت، مع ضعفهم وعلى قلتهم ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله والله مع الصابرين ” الى ان قال ” … فهزموهم باذن الله ” الآيات
ذلك وانه لمن المؤكد أيضا ان المسلمين كانوا يستنصرون بالضعفاء لانهم الين قلوبا وانقى سجية وأجدر باستجابة الدعاء على عكس الاغيار الذين يعتمدون بل يغترون بأعدادهم وعددهم ولذلك ينهزمون في اخر المطاف وعلى اية حال ، فنحن على موعد قريب ان شاء الله بالفتح المنشود والوعد الموعود الصادق المحقق بالابتلاء الذي يعقبه النصر كسنة من سنن الله ونواميسه سبحانه وتعالى في سائر خلقه . “وكان حقا علينا نصر المؤمنين “ اما كثرة الاعداد والعدد فلا مزية فيها الا اذا اقترنت بالصبر والايمان والاخذ بالاسباب الشرعية :”ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وان الله مع المؤمنين ”
14– افلا تعتبرون وتتعظون بإخوانكم وبما حصل ولا يزال يحصل لهم في البلاد الإسلامية وليست العربية (لان المستهدف هم المسلمون دون غيرهم من العرب والعجم..)
أقول ما حصل في تلك البلاد الذي اندلع فيها ما سمته المتصهينة هيلاري كلينتون :” الربيع بل الخريف القاري الجاف العقيم الإسلامي ، الذي دمر مصر وتونس ولبيا والسودان واليمن وغيرها ؟ وهل فاتكم ان كل الذي حدث في تلك المهازل المضحكة المبكية انما هو تأكيدا وحصرا من صنع الصهاينة والامريكان وسوء مكرهم وعظيم كيدهم مستغلين في ذلك الحماسة الجامحة المتقدة والمتدفقة في صفوف الشباب المسلم من جهة والخداع الإعلامي من جهة أخرى والذي فعل أفاعيله آنذاك في جسم الامة الإسلامية في الشرق والغرب والشمال والجنوب. بما في ذلك مغربنا الحبيب الذي كان قاب قوسين او أدني من ويلات تلك الفتن المضلة والرياح العاصفية لولا لطف الله وعنايته وحفظه اذ جعلها وحولها بردا وسلاما علينا جميعا رغم انف المغرضين والحاقدين والحساد من داخل البلاد وخارجها .
15- الم تكونوا انتم بالذات من تولى كبر ذلك الهرج والمرج المتجسد في ما سمي بثورة 20 فبراير وكنتم تتقدمون المظاهرات المليونية وترفعون شعارات التغيير وتطالبون برحيل النظام واعوانه وكوادره السياسية على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا تحديدا ؟ او نسيتم .ام انتم تجهلون ما مفاده ان الخروج على اولي الامر منهي عنه شرعا ، الا ان يكون كفرا بواحا او خيانة عظمى في حق البلاد والعباد. الم تستحضروا قول النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم بالسمع والطاعة وان تآمر عليكم (ولي عليكم) عبد حبشي كأن راسه زبيبة. اخرجه البخاري.
16– الا تخشون على أنفسكم وانتم متلبسون بزي الديمقراطية الصهيونية ، ان تكونوا من احدى الطوائف المذكورة في قوله تعالى : “ ولا تخشوا الناس واخشوني ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون “ وفي الآية الأخرى هم ” الظالمون ” وفي الثالثة ” هم الفاسقون ” ام انكم واثقون من أنفسكم
الى هذه الدرجة ولا تأمنون مكر الله البتة وهو القائل في ذات السياق :” أفأمنوا مكر الله فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون “ وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال : الشرك بالله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله.
وعلاقة دائما بقضية الحكم في شرع الله فإني أحيلكم إلى مراجعة آيات البراءة لله ورسله والمؤمنين ممن يحكم بغير حكم الله وذلك بتدبر ما جاء بذاك الصدد في صورة المائدة وتحديدا في الآيات 45 إلى 59 لتجدوا أنفسكم أمام الأمر الواقع ولتعلموا ان شاء الله ان المرجعية الإسلامية التي من شأنها أن توصلكم إلى سدة الحكم تناقض جملة وتفصيلا ما أنتم عليه منذ انخراطكم في اللعبة السياسية ” الدمقراطية ” التي فيها المناورة الخادعة الماكرة والكذب البواح ومخالفة الوعود الموعودة وعدم تطابق الأفعال والأقوال وغيرها من الأمور التي يعرفها الناس بالفطرة السليمة ويدركها المغاربة الأحرار الأمجاد عن بكرة أبيهم ولا ينكرها الأمن فقد عقله من رأسه والتي أيضا لا يرضاها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا المؤمنون المخلصون من عباده.
17 – يقول سبحانه وتعالى بخصوص تزكية النفس ومدى خطورتها على الفرد والمجتمع : ” فلا تزكوا أنفسكم، هو أعلم بمن اتقى ” وفي موضع آخر : الم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فــتيلا، انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا.” وفي الدعاء المأثور نقول دائما اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها وانطلاقا مما سلف يبدو جليا للأعيان والعميان ان تزكية النقس امر مرده الى الله عز وجل كالهداية التوفيقية وبالتالي فإنها خط أحمر لا يجوز تجاوزه شرعا وطبعا، فما ظنكم بمن يزكي غيره ويوزع شهادات ومراسيم التزكيات على كل من هب ودب ممن يرغب ويطمع في المشاركة في الانتخابات وغيرها من الاستحقاقات.
ولبيان شناعة وخطورة تزكية النفس وتحري بل توقي شرها المستطير في الحال والمآل ما ذكره الراجز الحكيم في هذه الأبيات الجميلة المعبرة التي تختصر موقف الائمة الأربعة من هذه المسألة وما تحمله بين طياتها من محظورات شرعية وتلخص ما معناه أن أقوالهم وفتاويهم إنما يحتج لها قبل العمل بها، أما قول النبي صلى الله عليه وسلم فيحتج به تلقائيا ومباشرة واستقلالا وعفويا :
وقول اعلام الهدى لا يعمل بقولنا بدون نص يقبل
فيه دليل الأخذ بالحديث وذلك في القديم والحديت
قال أبو حنيفة الإمام لا ينبغي لمن له إسلام
أخذا بأقوالي حتى تعرضا على الحديث والكتاب المرتضى
ومالك إمام دار الهجرة قال وقد أشار نحو الحجرة
كل كلام منه ذو قبول ومردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتم قولي مخالفا لما رويتم
من الحديث فاضربوا الجدار بقولي المخالف الأخبار
وأحمد قال لهم لا تكتبوا ما قلته بل اصل ذلك فاطلبوا
فانظر ما قالت الهداة الأربعة واعمل بها فإن فيها منفعه
لقمعها لكل ذي تعصب والمنصفون يكتفون بالنبي
صلى الله عليه وسلم
وبهذه الأبيات الرائعة أنتقل إلى موضوع الأسرى الصهاينة في انفاق المقاومة الباسلة وأقول وبالله التوفيق أن أفراد كتائب القسام يعاملون أسرى العدو بمقتضى شرع الله وحكمه وحكمته مصداقا لقوله تعالى : ” ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا – محل الشاهد – انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا “ ولا أدل على ذلك مما سمعناه مباشرة وشاهدناه بأمهات أعيننا ومن خلال شهادات اعترافية لأولئك الأسرى انفسهم بتأكيدهم على حسن المعاملة والترفق بهم واحترام إنسانيتهم وغيرها من معالي الأخلاق التي عاملهم بها المجاهدون في حركة حماس لعلمهم أن دينهم القويم يحضهم على ذلك وبالتالي فإنهم أولى وأحق بتلك القيم الراقية من أعدائهم الأقزام الصهيونيين الديمقراطيين مصداقا لقوله تعلى: ” ادفع بالتي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .”
أما فيما يخص الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني فكان الله لهم إذ يعلنون من ظروف عصيبة وغير إنسانية البتة والتي لا تقل ضراوة ووحشية وصادية، عما يلاقيه إخوانهم الأحرار في غزة والضفة وفي الأرض المحتلة جراء الحرب أو بالأحرى العدوان وقبله وبعده من قصف وتقتيل وتجويع وتعطيش وإيلام نفسي وعضوي وجنسي حتى وما خفي وسكت عنه أعظم وأفظع والله المستعان.
ذلك وعلاقة بميدان الحرب والمعركة فالمطلوب من جند الله المقاومين أن يكثروا من ذكر الله ومن الدعاء والتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل مصداقا لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. “واعلموا أيضا أن الله سبحانه وتعالى يقول في وصف أعدائكم : ” ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يومنون، الذين عاهت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون.” هذا في باطن النفوس التي لا يعلم ما تكنه إلا الله، أما في الظاهر المكشوف فالواجب اللازم هو تنظيم الصفوف وإقامتها وتوحيد الكلمة والرأي ورأب الصدع بما يرعب الأعداء ويسترهبهم ويقذف الروع والفزع في قلوبهم المريضة الخائفة بطبيعتها المجانبة للفطرة من الأسلحة النووية ومن الموت ومن لعنة العقد الثامن وقلق الأنا الثامنة ومن هدير وزئير الصواريخ الغزية واللبنانية واليمنية ويحسبون كل صيحة عليهم لأنهم على وجل أن ينزل عليهم غضب الله وعقابه. كما يهابون ويخشون بكل جوارحهم كل مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم … وغير ذلك. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل، على كونه نذير شؤم يشي بقرب زوال هذا الكيان الغاصب الظالم المنحل المنحرف أخلاقيا وسلوكيا وحضاريا بسبب بعده عن منهج الله وشرعته : ” وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا “… ” ولن يخلف الله وعده ” وعهده في الانتقام من أعدائه والإكرام لأوليائه الصالحين الأبرار في كل مكان وفي غزة وفلسطين خاصة . نعم هم أولياء الله الذين بمجرد رؤية أو حتى سماع خبر أحد منهم يتذكر السامع أو الرائي ربه سبحانه عظم شأنه وجلت قدرته.
وقد أحسن وجاد وأفاد من قال في هذا المعنى :
إذا سكن الغدير على صفاء وجنب ان يحركه النسيم
بدت فيه السماء بلا امتراء كذلك الشمس تبدو والنجوم
كذلك قلوب ( وجوه ) أرباب التجلي يرى في صفوها الله العظيم ( محل الشاهد )
إذا رأيت فردا منهم ذكرت الله واستحضرت كبريائه وجلاله.
من زاوية أخرى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي داوود عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ” أو أمر دينها “. وعليه فإذا نظرنا إلى أهل غزة اليوم فلا نملك إلا أن يتبادر إلى أذهاننا أن الله ابتعثهم لهذه المهمة الجليلة في هدا العصر العصيب وفي خضم كل الفتن المضللة التي يصبح المرء أو الرجل فيها مومنا ويمسي كافرا ويمسي مومنا ويصبح كافرا. علما أن ” اسم من ” الشرطية الجازمة في الحديث قد يراد بها الفرد أو الجماعة. وبالتالي وبناء على المعطيات المذكورة أعلاه فلا مانع من أن يكون المراد بمن يجدد الدين في الحديث هم بالذات هؤلاء الأبطال الشرفاء من أصغر طفل إلى أكبر وأسن رجل حيا كان أو ميتا والله تعالى أعلم وأحكم.
وإذا استحقوا هذه المنزلة العالية فبقوة إيمانهم بربهم وتوكلهم عليه وبيقينهم الجازم أن كل ما يقع في الكون ويحدث فيه فهو من قدر الله وقضائه. وفي الحديث الصحيح أن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء، وجعل هذه المقادير مربوطة بالأسباب لحكمة هو يعلمها فللخير أسبابه وللشر أسبابه:
هي المقادير فلمني أو فذر تجرى المقادير على غرز الإبر
إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر
وذلك لأن كلا الأمرين عندهم سواء لأنهم يعلمون يقينا أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم : ” قل لن يصيبنا إلى ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المومنون “.
لا يفرحون إذا نالت رماحهم قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
لإن الجهاد في سبيل الله هو مبتغاهم فهو لا يؤخر الموت ولا يقدمه : ” وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مِجلا ” ” كل نفس ذائقة الموت “.
فــلا تجزعي ام اوس فــإنـــه تصيب المنايا كل حاف وذي نعل
تعددت الأسباب والموت واحد فـمن لم يمت بالسيف مــات بغيره
ولهذا كانوا يحرصون على الاستشهاد كما يحرص عدوهم على الحياة فيود أحدهم أن يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر.
قبل ختام هذه الرسالة المتواضعة، واستكمالا لما ورد في الجزء الأول منها عن النصر أسبابه وعلاماته ارتأيت أن أكتفي بالقول :
* إن النصر ليس إلا من عند الله.
* إن سنة الله في النصر – احدى الحسنيين- أن يكون في آخر المطاف بعد الجهد والتضحية والصبر والاحتساب. ولينصرن الله من ينصره.
* إنه هو التأييد الرباني الذي يكون بعد قهر أعداء الله ودخول الإيمان الى قلوب الناس.
* إنه خاص بالمؤمنين دون غيرهم: ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين “ “ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا ا الله ينصركم ” . البدء منكم والنهاية من الله عز وجل.
* ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون: أي مضى بهذا منا القضاء في أم الكتاب وهو أنهم لهم النصرة والغلبة بالحجج والقوة في كل مقام باعتبار العاقبة والمآل كما في تفسير القرطبي.
* من علامات النصر دخول الأغيار في الإسلام:
” إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله .. .”
* النصر يكون بتحقق الأسباب وانتفاء الموانع، ومن ذلك :
1) اعداد ما يستطاع من القوة : ” وأنزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ” .
2) الاجتماع على الحق وإصلاح ذات البين وعدم التفرق والتنازع المؤدي الى الهزيمة.
3) القتال تحت راية واحدة وقيادة واحدة : إذا تعددت القيادات غرقت السفينة .
4) الصبر في المعركة والثبات عند اللقاء والإكثار من ذكر الله والاستغفار والدعاء.
5) أن يكون الجهاد بنية إعلاء كلمة الله
6) تحقق النصر يشي بقرب الأجل كما كانت سورة النصر علامة على قرب أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
7) أن ما يدعيه نتنياهو ومن لف لفه عن أن النصر سيتحقق له ولجنوده، أنما هو محض أوهام واحلام لا أساس لها من الصحة والصواب أن الله اختص النصر بعباده المؤمنين دون غيرهم كما تقدم.
8) ان ما يحققه أعداء الله في غزة إنما هو ” انتصارات” على الأطفال والنساء والشيوخ الركع العزل.
9) أن النصر لا ينفد معينه في الدنيا والآخرة بإذن الله .
10) على عكس النصر فإن الغلبة والانتصار إنما هي نشوات لساعات أو أيام فحسب.
11) إن الانتصار جزء من النصر وهو أعم منه بمعنى أن كل نصر يعد انتصارا وليس كل انتصار نصر وسنامه الشهادة.
12) البراءة من الكافرين وموالاة المؤمنين والتوكل الكامل على الله عز و جل.
13) إذا كان النصر حليف المؤمنين فإن للكافرين ثلاثة حلول وهي الإسلام أو الجزية والخراج أو القتال
( آخر الدواء الكي ) حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمتهم السفلى.
14) من معاني الذكر : العزة والشرف والرفعة والنصر المبين : ” لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم “ يعني شرفكم … :
اذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم
كطعم الموت في أمر عظيم فطعم الموت في أمرحقير
ختاما فإن المقصود من هذه الرسالة أن تكون بمثابة هدية لأهل فلسطين خاصة وللأمة الإسلامية جمعاء من قبيل ” خير الصدقة جهد المقل ” ومن باب التحدث بنعمة الله وهي مرفوقة بباقة من الورود العطرة تجدون وتستنشقون عبيرها في هذه الوصية بل مقدمتها فحسب من عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما وهي كما ستلاحظون وصية غالية جامعة مانعة بما احتوت عليه من مبادئ الدين والإنسانية الراقية والأخلاق الفاضلة … حقيق بها أن تكتب بماء الذهب وتدرس في المعاهد والمدارس العسكرية وتهدى إلى جميع وزراء الدفاع في جميع البلدان التي تحترم نفسها لتكون حجة لهم أوعليهم . فإليكموها مختصرة وبتصرف وفيها أن عمر الفاروق كتب إلى سعد بن أبي وقاص ومن معه من الأجناد فقال : أما بعد ، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على على العدو وأقوى المكيدة في الحرب.
وآمرك ومن معك ان تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم فإن ذبوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم وانما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم، فإذا استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله ولا تقولوا أن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا، فرب قوم سلط عليهم شر منهم كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس (اولي بأس شديد) فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم، أسأل الله ذلك لنا ولكم … إلى أن قال : ولا توت بأسير له عهد إلا ضربت عنقه لترهب بذلك عدو الله وعدوك، والله ولي أمرك ومن معك وولي النصر لكم على عدوكم والله المستعان.
ذلك وأن أول أمر من عمر كان بتقوى الله وآخره الاستعانة بالله وهما سبيلان يوصلان إلى العزة والسيادة :
سدتم الناس بالتقوى وسواكم سودته البيضاء الصفراء
مسك الختام حمد الله والثناء عليه بما هو أهله ثم الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه : ” بسم الله الرحمـــن الرحيم الحمد لله رب العلمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين إياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليم غير المغضوب عليهم ولا الضــالـين ” آمين .
اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان وفي غزة وفلسطين وانصر بفضلك وكرمك جميع المجاهدين في سبيل الله والذين لولاهم لأثمت الأمة كلها. اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا وتجمع بها شملنا وتلم بها شعتنا وتدفع بها الفتن عنا وتطهرنا بها من جميع السيئات وتنجينا بها من جميع الأهوال والمصائب والآفات وترفعنا بها أعلى الدرجات وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات. اللهم ادخل عظيم جرمنا في عظيم عفوك ورحمتك وإحسانك ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وآله وصحبه في العالمين إنك حميد مجيد. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
استدراكات
1) أن الصراع الإسلامي الصهيوني ليس من قبيل ” مبارزة داوود وجالوت ” التي يعرف فيها من الغالب والمغلوب مباشرة بعد أن تضع الحرب أوزارها. ولكن الصراع في فلسطين المسلمة أعقد وأعمق من ذلك بمعنى أنه من الصعب جدا في هذه الحالة تحديد مفهوم النصر والهزيمة بالنسبة لكلا الفريقين المتحاربين لأنها حرب غير متكافئة على جميع الأصعدة والمستويات بين ظالم ومظلوم وجلاد وضحية ومعتد ومعتدى عليه مما يتطلب تدخل طرف ثالث كقاضي يحكم بين الطرفين بما يقتضيه العدل والانصاف والنزاهة والحيادية في نصرة المظلوم وإعطائه حقه ومعاقبة الظالم والأخذ على يديه.
2) إن جهاز الحكم في جميع أنواع الديموقراطيات هو نظام الأغلبية والمعارضة المتمخضتين عن نتائج حكم الشعب في الانتخابات أو ما يدخل في حكمها. أما في الإسلام فإن التشريعات والقوانين والأحكام يقرها الإجماع على أساس : ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا ” وهو أي الاجماع أحد مصادر التشريع الذي لا يسمح بمخالفته لكونه ملزما او الزاميا بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري : ” ليس احد يفارق الجماعة ( الاجماع ) شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية ” وفي رواية أبي داوود : فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه. وفي حديث آخر : ” إن الله لا يجمع امتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة ”
3) يقول صلى الله عليه وسلم : ” عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ” ومعناه أنهم يؤسرون في الجهاد تم يسلمون ويدخلون الجنة وهذه بشرى منه صلى الله عليه وسلم لجميع أسرى الحروب أن يستغلوا حال كونهم أسرى فيسلموا ويضمنوا لأنفسهم دخول الجنة. وهذا فضل من الله ورحمة لا يجدون نظيرها في غير الإسلام الذي يدعوهم إلى المسارعة والمبادرة بتعجيل ذلك بناء على قوله صلى الله عليه وسلم بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرن الا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر.
4) أنظروا إلى أي حد يستغل الصهاينة دينهم المنحرف في محاربة دين الله الحق بتسمية عملية التطبيع بالاتفاقيات الإبراهيمية ليلبسوها صبغة الدين مخادعة كما سموا دولة فلسطين بإسرائيل وهي أسماء على غير مسمياتها وأنبياء الله منها بريؤون، : ومما يزهدني في ارض أندلس أسماء معتصم فيها ومعتضد :
أسماء مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
” ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ” وهذا شأن يعقوب وإسحاق وإسماعيل …وغيرهم من الأنبياء والمرسلين. وحرف ما في الآية نافية لا ناهية.
5) ماذا ينتظر المسلمون والعرب من مستقبل زاهر وخير وافر يأتيهم من أمريكا بعد تصريح دونالد ترامب أنه ينوي تهجير أهل غزة الى جزيرة ” الوقواق الخيالية ” كما يريد أن تمتلك بلاده الاستعمارية غزة وتجعل منها بعد شرائها ريفييرا الشرق الأوسط. فلا بلغ الله نيته ولا بارك له في مشروعه ومسعاه ولا حقق أمانيه النرجسية وأحلامه التوسعية التي لا سبيل له لقهرها والتخلص من شرها من قلبه إلا ان يومن بالله ويعلن إسلامه ظهارا جهارا نتمنى له ذلك هو و لإسحاق هرتسوغ ولجميع حكام العالم وساسته في الغرب والشرق على السواء لأن الإسلام هو الحلال لأزماتهم الاقتصادية والسياسية والنفسية او بالأحرى القلبية تبركا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد الجسد “. ألا وهي القلب أو كما جاء في الصحيحين وفي القرآن الكريم قوله تعالى بخصوص صلاح القلب : ” يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمومنيين “ لا خير في ود امرئ متملق حلو اللسان وقلبه يتلهب.
6) … الطغاة ومنهم بشار الأسد المبلس الخاسر الذي دمر بلاد سوريا مهد العروبة ومنارة الإسلام وجعلها لقمة سائغة ومستباحة في أفواه وأطماع أعداء الله ورسوله والصالحين من عباده المومنين على وفق قول الشاعر : حكم الطغاة إلى الأعداء مجلبة والظلم من قدم للظلم جلاب.
أو كما قال ابن خلدون في مقدمته الرائعة : الطغاة يجلبون الغزاة.
ولكن والحمد لله أن ذلك مهما طال الزمان فله نهاية كما كانت له بداية في يوم ما وهذا بالذات ما حصل لذلك المجرم الذي لم يستفد ولم يتعظ بمصير أقرانه وأمثاله في القديم ولا في الحديث وغير آبه بعاقبة الظلم والطغيان وما تذخره له الأيام في المستقبل القريب أو البعيد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
” وتلك الأيام نداولها بين الناس ” وفي الأخير : ” كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فبأي آلاء ربكما تكذبان.”
صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
فهرس الأخطاء المطبعية واللغوية والترقيمية ( النقط والفواصل ) والسياقية فمعذرة عليها.
الخطأ الصواب الخطأ الصواب
فضلا في فضلا عن هنا خير هذا
المحتل الصهيوني المحتلة الطي واجه الذي
او زيد أبو زيد الآية الأيات
يترمب يا ترمب الظلال الضلال
الاصوليون الأصوليين فإن تجتنبها فإن يجتدبها
عيادا عياذا يعلنون يعانون
قطعية قطعيات وجاد واجاد
اسوة تخلف اسوة لغيرهم هدا هذا
ناب أمر باب أمر بخصوص الملهم بخصوص التجارة
أوذو الحق وذو الحق الفاروق الفاروق الملهم
شعبة من نفاق شعبة من النفاق أخدها أخذها
لايهذي لا يهدي الدين الذين
الوح اللوح الآخرة الأخرى
افكم افحكم لله ذر لله در
اموات امواتا بيان أهمية في موضوعها أي الأخلاق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و صحبه
طوفان الأقصى وسقوط الديمقراطية الصهيوامريكية
الجزء الأول: مقدمة تأصيلية
بادئ ذي بدء أود أن أعرف القارئ على نفسي فأنا العبد الضعيف المذنب الخطاء عبد الله ابوحميدة الجراري التزنيتي السوسي المغربي المسلم الفقير الى رحمة ربه ومغفرته ورضوانه. وعليه فإني أحييكم بأشرف وخير تحية وهي تحية الإسلام و تحية أهل الجنة فالسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته. أما بعد، فقد علمتني عملية طوفان الاقصى وما تلاها من عدوان غاشم على غزة الحرة العزة الفلسطينية دروسا كثيرة أذكر منها على سبيل المثال والعبرة وليس الاستقراء والاستقصاء ما يلي:
إن الله عز وجل قد شرف هذا الشعب الفلسطيني العربي المسلم العظيم أيما تشريف ومنّ عليه باكبر منة إذ جعل من أهله قادة هذا العصر الحديث وسفراء الأمة الاسلامية فى الإيمان بالله اولا ثم بقضيتهم العادلة و التمسك بثوابت إسلامهم و بعروته الوثقى ثانيا وفي الصبر الجميل والتحمل المستمر و الصمود الاسطوري الاعجازي والأنفة والإباء ونكران الذات والشجاعة والفتوة والفداء ونقاء الطوية والتضحية بالغالي والنفيس والإقدام والثبات على المبدأ و الاستماتة في الدفاع عن الدين والنفس والمال والأرض والعرض والإيثار على النفس ولو في حال الخصاصة وفي حب الخير والحياة الكريمة للإنسانية جمعاء.
وذلك بشهادة الاصدقاء والاخوة المخلصين – وقليل ما هم في الحكام دون الشعوب – والأعداء المنصفين العقلاء المتجردين و الملتزمين بالحيادية والنزاهة و العدل حتى من داخل الأرض المحتلة – ولا اقول بلاد اسرائيل والفرق بينهما شاسع ظاهر كالشمس في واضحة النهار كما سيأتي بيانه إن شاء ربنا الرحمان. اقرأوا ان شئتم مقتضى ذلك التشريف بل الاصطفاء والتفضيل في قوله عز و جل:
“مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا” وفي قوله تعالى في سورة القصص: “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
موَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ“.
وقوله في محكم تنزيله: “ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ، فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ“ وقوله أيضاّ: “ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبا“.
وهذا أمر عظيم وعجيب وحادث غريب و جميل في نفس الوقت -ولله الحمد على ذلك- إذ لم نعهد في وسائل الإعلام السياسي العربي المعاصر من يستشهد ويحتج على كلامه بالقرآن الكريم و الحديث النبوي الشريف كما كنا نسمعه بالأمس القريب وفي التاريخ الحديث من أفواه المرحومين الحسن الثاني ومحمد مرسي وياسر عرفات وصدام حسين وإبراهيم رئيسي والشهير نصر الله ايقونة المقاومة وعمر البشير وغيرهم على قلتهم على غرار ما نسمعه اليوم على لسان رجال و كوادر فصائل المقاومة من أمثال يحيى السنوار و ابي عبيدة وأبي حمزة والمقري أبو زيد الإدريسي المغربي ويحيى سريع اليمني وإسماعيل هنية الذي قبل استشهاده و فقدان ثلاثة من فلذات كبده و آخرين من أقاربه ابى الا ان يكون قدوة لمن يأتي بعده من المجاهدين في الصبر على البلاء واحتساب ما يصيبهم من مصائب وغوائل في أهليهم و شعوبهم وأمتهم لله وحده بعد علمهم اليقيني أن البلاء من الله دليل على محبته لعبده مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: “ان الله اذا أحب عبدا ابتلاه أو أصاب منه”.
وفي قوله تعالى في حق المؤمنين من بني إسرائيل: “وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ“ وقوله: “أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ” أي أ ظنوا أن نتركهم بغير اختبار وامتحان وابتلاء لنمحصهم؟ “وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ” وكفى بهذا الشهيد المجاهد شرفا أن يقول إن أبناء فلسطين هم أبناؤه وإن دم اولاده ليس بأغلى من دم الكثير ممن استشهدوا من الفلسطينيين الآخرين من الولدان والنساء والعجائز والشيوخ والشباب.
وذلك علما منه رحمه الله و خلد ذكره هو وجميع شهداء الشعب الفلسطيني المجاهد أن المسلمين تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم كما جاء في حديث سيدنا محمد مربي ومعلم البشرية الأول و الأعظم صلى الله عليه و سلم: “إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول”.
ولأن الحياة حياة الأفئدة والبصائر والموت مواتها وانطماسها “فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ م وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور” والنماذج على ذلك لا تعد ولا تحصى ومنها ما يعرفه العالم بأسره اليوم من البلادة الحسية و الجبن والضلال المبين واتباع هوى النفس وحب زخارف الدنيا الغرارة، والجهالة الجهلاء التي تعتري حكام بني صهيون ومن لف لفهم و رضي بأفعالهم وباركها من بني جلدتهم الضالين ضلالا أضل وأعمق من ضلال القردة والخنازير وغيرهما من الحيوانات العجماوات.
لذلك نهينا أن نتبع صراطهم فى سورة الفاتحة الواجبة فى كل صلاة. ومسوغات ودلائل ذلك كثيرة في ديننا الحنيف الوسطي المعتدل السمح الرحيم العظيم بسنته وقرانه وخصوصا منه السور المدنية كالبقرة وآل عمران والنساء والاسراء والقصص والجمعة والحشر والممتحنة وما الى ذلك مدعومة بالأحاديث النبوية البليغة الجامعة الكثيرة ايضا ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1) “وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ“ 2) “يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ“ 3) “قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ“
4) “وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا“
5) “وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يُضِلُّونَكُمۡ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُون“
6) “مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ“
7) “وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ” … الى قوله تعالى في سورة الأعراف: “وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ“
وفي الحديث الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتی رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم بنسخة من التوراة فقال يا رسول الله هذه نسخة من التوراة فسكت فجعل يقرأ ووجہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم يتغير فقال أبو بكر رضي الله عنه : “ثكلتك الثواكل ! اما ترى ما بوجه رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم؟” فقال: “أعوذ بالله من غضب الله ورسوله، رضينا بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد نبيا”. فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : “والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه لضللتم عن سواء السبيل ولو كان حيا وأدرك نبوتي لاتبعني“
فتأملوا رحمكم الله ورعاكم واصلح بالكم في الألفاظ والعبارات القوية الجذلة: “أفلا تعقلون ؟؟” استفهام بمعنى الأمر. و قد يفيد التعجب أو الإنكار او التوبيخ. “وما يشعرون”، “انك اذا لمن الظالمين”، “الغافلون”،”كالانعام”،”كمثل الكلب”، “كمثل الحمار” “لم تحاجون”، “الغاوين”،”لا يبصرون”، “لا يسمعون”، “لا يعقلون”، “ضلوا وأضلوا كثيراً”، “لا تغلوا في دينكم“، “لضللتم عن سواء السبيل”، “القوم الظالمين”. وأشير هنا عرضا أن الغلو والتطرف الديني والتنطع وغيرها لا يقل خطورة من الضلالة والجهالة والظلم: إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقى إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.
ولهذه الأسباب وغيرها كثير، اوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعائه المأثور أن نتعوذ من أربع بقولنا عندما نخرج من بيوتنا: “اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو اُضل، أو أظلم أو اُظلم، أو أزل أو اُزل، أو أجهل أو يجهل علي”. فاللهم جنبنا الشيطان وهمزاته ووساوسه وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها فقولوا آمين فإنها ترهب الأعداء الصهاينة وتؤذي شياطين الإنس والجن كالأذان والسلام والقرآن وغيرها.
وبمناسبة ذكر السلام وجب القول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الا ادلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم قالوا بلى قال: أفشوا السلام بينكم، وللعلم فهناك سلام عام وهو ضد الحرب وقرين الامن والامان ومثاله في القرآن الكريم قوله تعالى: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ“، “وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيم“، “قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ“ و في تفسيرها قال ابن عباس : لو لم يقل سلاما لمات إبراهيم من بردها.
أما المعنى الخاص فهو تحية الاسلام المعروفة “السلام عليكم” ودليله قوله تعالى: “وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ“ وقوله: “وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا” فضلا عن ذلك فان السلام اسم من اسماء الله الحسنى، ومن ثم وجب على المسلمين واسمهم يدل ايضا على الامن والسلام، أن ينشروا في الناس فى الارض كلها هذين الخلقين او المعنيين ولا ينتظروا مجلس الامن ولا الامم المتحدة ولا قوات حفظ السلام الدولية ولا محكمة لاهاي ان تفعل ذلك وهذه مسؤولية العلماء والامراء المسلمين على حد السواء فاللهم اني قد بلغت وألقيت بعصا السنوار المضروب بها وبصاحبها المثل في زماننا وحق لهما ذلك فاشهد.
ومما يبين منزلة ومكانة السلام في ديننا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا و حضنا ان نقول في دبر كل صلاة مفروضة مثنين على الله و مستغفرين إياه ثلاثا: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”. وفي الصحيح المأثور قوله صلى الله عليه وسلم: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين وعلى الجمعة و القبلة.
هذا وتجدر الإشارة والتنبيه أن من يريد ان يعرف حقيقة الصهاينة خاصة وأهل الكتاب عامة فليرجع الى المصدرين الأولين التشريعيين وهما القرآن والسنة بالإضافة إلى اجتهادات واستنباطات العلماء الربانيين الجهابذة من السابقين واللاحقين وهم ولله الحمد كثيرون متفاوتون و متباينون في كل عصر.
وقبل الانتقال الى موضوع آخر أود أن أحيل المسلمين عامة و علماء النفس و الأنثروبولوجيا و الاجتماع و الشريعة الاسلامية بصفة خاصة ان يبذلوا ما في وسعهم, لمعرفة نفسية الصهاينة الإجرامية، وتجبرهم ورعونتهم واستكبارهم وتعنتهم ونقضهم للعهود وقتلهم للأنبياء وما إلى ذلك، أن يرجعوا إلى ثاني وأكبر سورة في القرآن وهي سورة البقرة وبالذات من الآية 39 إلى 122 والى معانيها العامة في كتاب الله الذي هو كلامه وفيه يحذر عباده المؤمنين من شر هؤلاء الأراذل وإفسادهم وخبث نواياهم وسوء ظنهم حتى بربهم وخالقهم وأنبيائه المرسلين وملائكته المقربين.
وللإشارة فإن الآيات المذكورة ابتدأت بقوله تعالى: “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ“ وختمها بقوله عز وجل: “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ“. والملاحظ في الآيتين الجليلتين حكمة بالغة مفادها أن الله خاطبهم بذكر نعمته عليهم فحسب ولم يخاطبهم بما خاطب به عباده المؤمنين بقوله: “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ“، فاعتبروا يا أولى الألباب و تدبروا في كل كلمة من هذه الآيات فسترون بإذن الله عجبا في الصهاينة واتباعهم الديمقراطيين والعلمانيين وغيرهم.
إن من الدروس التي تعلمنا من احداث فلسطين ما يتجلى فى نفس الوقت في رحمة الله الواسعة وتكريمه الجميل لأولياء المؤمنين الصالحين في غزة من جهة. وحلمه العظيم على جرائم أعداء الله ورسوله الذين جبلوا على الشر وقساوة القلوب وموت الضمائر و كثافة الطبائع من جهة اخرى ، وهذه هي الفتنة الكبرى فى النفوس اللئيمة الخبيثة الأمارة بأفظع السوء و أفحشه والتي هي أي الفتنة اكبر واشد من القتل بنص القرآن الكريم، والفتنة اشد من القتل، والفتنة أكبر من القتل.
- ورحم الله الإمام البصيري حين تحدث فى منظومته الجميلة المسماة بالهمزية عن لؤم وخداع و ضلال اليهود خاصة الكافرين منهم، ونحن لا نكفر احدا و لا ندعي اننا خير منه لأن الاعمال بالخواتيم وبالنيات تي من اختصاصه سبحانه وتعالى لا شريك له في ذلك ولو كان ملكا كريما او نبيا مرسلا. يقول الإمام البصري:
لا تُكَذِّبْ إنَّ اليَهُودَ وقد زا غُوا عن الحقِّ مَعْشَرٌ لُؤَماءُ
قتَلوا الأَنبياءَ وَاتَّخَذُوا العِج لَ أَلا إنهم هم السُّفَهاءُ
لو أُرِيدُوا في حال سَبْتٍ بخيرٍ كان سَبْتَاً لديهمُ الأَربِعاءُ
وَأَرَاهم لم يجعلُوا الواحِدَ القَه هارَ في الخَلْقِ فاعلاً ما يشاءُ
عَجَباً للكُفّارِ زادوا ضلالاً بالذي فيه للعقول اهتداءُ
وإذا البيِّنَاتُ لَمْ تُغْنِ شيئاً فَالتماسُ الهُدَى بِهِنَّ عَناءُ
والدَّعاوَى ما لم تُقيموا عليها بَيِّنَاتٍ أبناؤُها أَدْعِياءُ
بل حتى أدولف هتلر لم ينطق من فراغ ولا من محض الصدفة حين قال فيما قال عن اليهود أن هذا النسل اليهودي خرج ليدمر الأرض وإن العرق اليهودي عرق خطير بشكل خاص. وأضاف في كتابه “كفاحي” : ذلقد اكتشفت مع مرور الأيام أنه ما من فعل مغاير للاخلاق وما من جريمة بحق المجتمع الا ولليهود يد فيها … الخ.
والكلام هنا منسوب إلى قائله وكاتبه دون ناقله على قاعدة ” ناقل الكفر ليس بكافر ”
اما بخصوص القتل والقتال فإن ديننا السمح الوسطي المعتدل الغفور الرحيم قد وضع له قواعد و ضوابط كثيرة و صارمة يجب على كل قاتل او مقاتل ان يتقيد بها ضرورة و نذكر منها علاقة بموضوعنا خمسة فحسب:
الضابط الأول: انه لا يجوز البتة و بأي حال من الأحوال قتل النساء والأطفال والشيوخ إبان الحرب، ورحم الله من قال في هذا الصدد “كتب القتل والقتال علينا، وعلى الغانيات جر الذيول”
أي أنهن معفيات من الجهاد و بالتالي فهن أجدر بالرحمة وحسن المعاملة إبان الحروب و رحم الله أيضا الإمام العثيمين الذي قال في تعليقه على صحيح مسلم, كتاب الجهاد والسير أنه لا يجوز قتل نساء وأطفال الكفار في الحرب.
ولذلك فلا يجوز قتل تلك الفئات المجتمعية ولا إيذاءها ولو بكلمة اثناء الحروب وخارجها وإنما يقاتل المحاربون بداخل الجيش وفي ميدان المعركة وبالتحديد الجنود المتواجدون في الصفوف الامامية بدليل قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”
فنحن تعلمنا من شيوخنا اننا لا نبدأ عدوا بحرب حتى يكون هو البادئ و البادئ أظلم ولا نتمنى لقاءه بل نسأل الله ربنا ورب جميع خلقه ان يقينا شره ويجعل لنا بديلا عن جهاد اعدائنا وهو جهاد النفس والشيطان فهما اعدى اعداء الانسان اضافة الى زخارف الدنيا فقال سبحانه وتعالى مخاطبا جميع الناس: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ“
وبالتالى فإن جهاد النفس التي بين جنبينا والشيطان الذي يجرى من الإنسان مجرى الدم حتى أثناء القتال هما أكبر و ادوم و أعظم من جهاد الكفار و الاعداء عامة كما قال جلالة الملك المرحوم محمد الخامس لما رجع من المنفى وجاء بالاستقلال لشعبه الوفي قال قولته المشهورة: رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر أي البناء بما فيه بناء الرجال وهو الأهم و العمران و المؤسسات و غيرها .
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما
وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهمِ
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً
فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكـمِ
إِني بُلِيْتُ بِأَرْبَعَ مَا سُلطُوا
إِلا لِأَجْلِ شَقَاوَتِي وَعَنَائِي
إِبْلِيسَ وَالدنْيَا وَنَفْسِي وَالْهَوَى
كَيْفَ الْخَلَاصُ وَكُلهُمْ أَعْدَائِي
والمقولة في البيتين السالفين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وما أدراك ما الصديق الخليفة الراشد الأول والصاحب العظيم للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم، وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم
و من جهة اخرى فمن اخلاق الإسلام العالية العفو عن الظالم ما دامت حرمات الله لم تنتهك وقرن هذا العفو بموجبات الجنة كالنفقة والتوبة والاستغفار والتقوى والاحسان فقال سبحانه بهذا الصدد: “وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ“
ومن ذلك ايضا قول النبي صلى الله علیه وسلم: “اد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك” وقياسا عليه “ولا تظلم من ظلمك” ويعضد هذا ويقويه قوله في الصبر على ظلم الناس وايذائهم وعدم معاقبتهم الا بالمثل واكد على ان العفو افضل وهو درجة من درجات الاحسان والتقوى زودنا اللہ منہما فقال عز من قائل: “وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ“، وقوله ايضا: “وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ“، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ” مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ “.
وبمقتضى هذه الآية الكريمة فإن المسؤولين السياسيين في حركة حماس يبدون مرونة عالية مع العدو فيما يتعلق بقضية تبادل الاسرى والحفاظ على حياتهم بشرط إيقاف العدوان وإنهاء إطلاق النار والخروج من غزة ولكن تعنت بني صهيون – كدأبهم في السابق واللاحق يحول دون ايجاد حل لهذه المعضلة التي تؤرقهم هم و الخاسر المهزوم بایدن و أزواجه وحزبه الديموقراطي والتي حددوها من بين أهداف الحرب الظالمة التي لم يحققوا منها أي هدف إلا الدمار وقتل النساء والأطفال بعد دخولها شهرها الرابع عشر. ولن يحققوا مثقال ذرة مما يحلمون به ويتوهمون من نصر وأمن وسلام ولو استمرت الحرب إلى يوم القيامة.
الضابط الثاني: ومفاده أنه لا يجوز قتل العزل بمختلف اعمارهم و اجناسهم و وظائفهم المدنية الى درجة انه لو عثر جدلا ان المقاتل الكافر من العدو سقط منه سلاحه او درعه التي يحتمي بها في الأرض فإن الجندي المجاهد المسلم لا يقتله باعتباره مدنيا أعزل إلا بعد أن يذكره بشهادة لا اله الا الله محمد رسول الله ثم يعطيه الفرصة الكافية لأخذ او استرجاع سلاحه ويعود من جديد إلى ساحة المعركة.
وعندئذ فإذا كان القاتل هو المسلم فعليه وجوبا أن يحسن القتلة وان لا يهين المقتول وان يحترم انسانيته كبشر لا حيوان كما يدعي الصهاينة بل حتى الحيوان فالواجب على الذابح عند الذبح أن يحد شفرته ولا يعذب دابته. أقول يحترم انسانيته حيا او ميتا وإذا كان بامكانه ان يوارى جثته في التراب فليفعل وأجره على الله عز و جل. وذلك اقتداء بغراب ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه هابيل و عملا بمقتضى فعل النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى المشركين في غزوة بدر عندما ألقى جثامينهم في بئر لم تطو تدعى القليب و لم يتركهم للسباع و الكلاب.
وهذا كله و غيره كثير لان القتال صنف فحسب من أصناف الجهاد الكثيرة جدا < اخر الدواء الكي > كما قال لقمان بن عاد الحكيم. وطالما ان ذلك فى سبيل الله فمن المفروض اذن ألا يتصرف فيه إلا بما شرع الله تبارك وتعالى من السلوكيات والآداب والأخلاقيات التي يجب اليوم أن تدرس فى المعاهد والجامعات والمدارس العسكرية في كل بلد مسلم اقتداء بسلوكيات الحرب التي تتبناها المقاومة في غزة وفي هذا يقول عز وجل: “لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ“.
الضابط الثالث: ويمكن بيانه فى الاتى بمعنى أن ما يقوم به المجرمون والعلوج الصهاينة في غزة من تدمير وتخريب البيوت العزل اصحابها وتسويتها بالتراب هي وغيرها من المستشفيات والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس على اهلها الابرياء واحراق محلاتهم التجارية والصناعية والفلاحية وما فيها من اشجار و حيوانات و غيرها من مخلوقات الله التي تسبح بحمده سبحانه وتعالى في كل وقت وحين مصداقا لقوله: “أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ”
اعود واؤكد واقول ان أفاعيل بني صهيون تلك المذكورة آنفا ليس لها ادنى مبرر او ذريعة في جميع الشرائع والكتب السماوية وآخرها وناسخها القرآن بلا منازع ولا في سنن أنبياء الله عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام وآخرهم وخاتمهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلى الله علیه وسلم المرسول رحمة ونورا للعالمين و لو كره المجرمون والكافرون والحاقدون والظالمون والمارقون والمنافقون والزنادقة والملحدون ومن اتبعهم من اتباع وجنود الشيطان الرجيم المارد عليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.
ذلك وحتى في زمان الجاهلية التي سبقت بعثته صلى الله عليه وسلم فإن الجندي المحارب لا يقتل عدوه حتى يخرج من بيته او محل عمله بعد ان ينذر ويعذر و ياخذ سلاحه ويستعد بكل كيانه وقدراته العقلية والبدنية . وإذا كان هذا فى زمان الجاهلية الأولى فماذا نقول وماذا يجب أن يعمل في خضم جاهلية القرن الواحد والعشرين وهي أشد وطئا وأضل سبيلا و التي عرفت فيها الانسانية في نفس الوقت انحطاطا مذهلا وسريعا في الأخلاق والقيم وتقدما تقنيا واعلاميا باهرا تجلى بعض ما تجلى فيه حتى اليوم في الذكاء الاصطناعي الذي بدأ الصهاينة الارهابيون في تجربته في غزة في الميدان الحربي والاستخباراتي كما تجرى التجارب على الضفادع والفئران والمسلمون والعرب مازالوا يعمهون في غيابات التشتت والانقسام عملا بالقولة المعروفة “اتفق العرب على الاّ يتفقوا”.
مما جعلهم يقبعون مختبئين على استحياء في مؤخرة المقطورات للركب او القافلة العلمية والصناعية والتكنولوجية بين دول الشرق والغرب بالرغم مما حضهم عليه ربهم الله في كتابه بقوله في الآية الجليلة: “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُl)وَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ“.
والملاحظ أن كلمة “قوة” و “رباط ” جاءتا منكرتين لتفيدا العموم أي جميع الميادين وعلى مختلف الاصعدة المدنية والعسكرية وهذا ما جعل أمتنا الإسلامية تفقد قيمتها الموروثة لتصبح في وضع لا تحسد عليه – لا دين لا دنيا – ذهب الحمار بأم عمر فلا
.(هي رجعت ولا رجع الحمار، (لا إيباون لا إفراون
ه وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جاء أو بعث ليتمم مكارم الأخلاق النبيلة التي كانت في زمانه ويثبتها تثبيتا ويبثها بثا في الناس وخاصة في أمته الممتدة صلى الله علیه وسلم والمكونة من كل من خلقهم الله من بني البشر الى يوم القيامة. رضي من رضي وسخط من سخط وفي الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق بعد ما كان هو على خلق عظيم في الجاهلية وما بعدها ولكن أكثر الناس لا يعلمون بل يعلمون وينكرون وهؤلاء اظلم واطغى نسأل الله اللطف والسلامة والعافية”.
الضابط الرابع: وفيه أن أمر الجهاد المسلح او العسكرى موكول إلى ولي الأمر الواجب طاعته وتوقيره فى غير معصية الله بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا”
ونحن في المغرب الاقصى والحمد لله وفي ظل حكم الملكية الدستورية العلوية الشريفة العريقة الميمونة نعتمد نظام إمارة المؤمنين اقتداء بسنة الخلافة الراشدة التي تلت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، جد أمير المؤمنين محمد السادس وفقه الله في كل اموره وحركاته وسكناته و خلواته و جلواته لما يرضيه عنه وألبسه لباس التقوى والصحة والعافية واشفه اللهم مما يصيبه من مرض انك انت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما وحصنه يا رب من شياطين الجن والانس ومن السحر والعين والحسد ومن شر كل ذي شر.
على أية حال فمن أراد أن يتوسع في موضوع الجهاد كجزء وركيزة ثابتة ثبوت الجبال لعقيدتنا الدينية الراسخة فما عليه إلا الرجوع الى كتاب فقه الجهاد في مجلدين للشيخ الفاضل العلامة الفهامة الدراكة المجاهد الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله و نور قبره و ابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله و جعله في اعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، فقد استفدنا من كتبه العلمية الغزيرة والفقهية والأصولية الجامعة وخطبه وفتاواه المعاصرة وأشرطته الشيء الكثير فاللهم اجزه عن الإسلام والمسلمين خيرا فلو كان لايزال حيا جذعا لاسمع كعادته المعروفة الصهاينة والامريكان الغزاة ومن والاهم ما يكرهون. ولا نزكي على الله أحدا حيا كان او ميتا. كما يمكن الرجوع الى كتاب السيرة النبوية للأستاذ الدكتور علي محمد الصلابي الليبي حفظه الله.
الضابط الخامس: وهو أنه في حال تعرض فرد واحد فما فوق من أفراد الأمة الإسلامية لاعتداء ما أو مظلومية ما في ماله أو نفسه أو أرضه أو عرضه من الأغيار, فإن الجهاد بالنصرة الفعلية او القولية او القلبية, يتعين تلقائيا على الجميع, كلا من موقعه, بدون استئذان ولاة الأمور و لا حتى الوالدين. و الأمثلة في التاريخ كثيرة و كلها تدل على مدى أهمية اهتمام الأمة بأفرادها و الدفاع عنهم بكل امكانياتها مهما كلف ذلك من تضحية أو ثمن ولعل أروع مثال في هذا الصدد هو رد فعل الخليفة المعتصم عن صراخ واستغاثة امرأة من عامة المسلمين بقولها “وا معتصماه”, فتحركت نخوته و غيرته الإيمانية و غضب غضبا شديدا فكتب كتابا الى زعيم أو امير عمورية قائلا له : من أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم, أخرج المرأة من السجن و إلا أتيتك بجيش بدايته عندك و نهايته عندي والجواب ما ترى لا ما تسمع.
يَممْتُهُ الرمْحَ شِزَرَا ثُم قُلْتُ لَهُ
هَذِهِ الْبَسَالَةُ لَا لَعِبُ الزحَالِيقِ
- مثال رائع اخر و مفاده أن سبب اندلاع غزوة بني قينقاع هو أمر امرأة من العرب عمد صائغ أو تاجر يهودي الى كشف سوأتها فأثار ذلك ضحك القوم بها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على اليهودي الصائغ الخسيس الخاسئ فقتله وكان ذلك بداية الغزوة تلك. ثالث الأمثلة, ثالثة الأثافي, أن الحرب العالمية الأولى كان سببها هو قتل ولي عهد النمسا وزوجته كما ثبت ذلك في كتب التاريخ.
من أنواع الجهاد وأمثلته وأحسن نموذجه غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون وهم قلة أذلة مقارنة مع جيش المشركين فكان فيها النصر المبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه وكان زادهم و سلاحهم ذكر الله وتكبيره والدعاء والإيمان العظيم في قلوبهم وابهة التقوى فى صدورهم التي شرحها الله للإسلام و لسان حالهم و مقالهم في التماس رضوان ربهم و ابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه و تعالى عملا بقوله في الآية التي نزلت في ابي بكر رضي الله عنه : “وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى”
رَكْضًا إلى الله بغير زاد
إلا التُّقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد
وكل زادٍ عُرضة النّفاد
غير التّقى والبر والرّشاد
“ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله”
ونسأل الله أن يجعل شهداء طوفان الاقصى من هؤلاء الذين في مقدمتهم يحيى السنوار واسماعيل هنية وأحمد ياسين وغيرهم ممن أبوا إلا أن يكونوا نبراسا منيرا وغرة ناصعة في الجهاد الحق والبلاء الحسن وبصمة منقوشة في جبين التاريخ الحديث إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
من جهة اخرى تجدر الاشارة الى ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح القدس بعد ما طلب منه سكانها المجئ لديارهم ليسلموا له مفاتيح بيت المقدس بدون اراقة دم فذهب اليها الفاروق ليس الا بخادم معه وناقة فدخلها ماشيا وخادمه راكبا، وكان في توبة يومئذ سبعة عشرة رقعة وكان زاده الخبز والماء و التمر. وهكذا كان شأن المسلمين فى أغلب فتوحاتهم أي أن عددهم وعدتهم لا تكاد تقارن بالجيوش الكبيرة الجرارة لأعدائهم لكن كان النصر دائما حليفهم كيف لا فمع قلة عددهم في الظاهر فان من رجالهم من يعد بالف رجل أو قل اكثر ولا حرج عليك: “كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ“.
ذلك وان التاريخ يعيد نفسه والحمد لله الذي أحيانا حتى رأينا هذه المعجزة التاريخية الذهبية الجليلة الربانية التي انتصر فيها المعدودون ببضعة آلاف على اقوى جيش فى العالم كما يتوهمون و يدعون.
هذا و يقول صلى الله عليه وسلم في جزء حديث شريف: “خير الصدقة جهد المقل” ومن بين معانيه ان كل مسلم بل حتى غير المسلم بامكانه ان يقدم شيئا لأمته ولو قل و لاخوته في الاسلام او نظرائه في الخلق. ومن أهم ما يمكن استثماره في هذا المضمار واستغلاله في مجال الخير والإحسان والبر عالم الانترنيت او ما يدعى بالشبكة العنكبوتية وغيرها من وسائل الإعلام والاتصال والتواصل المهنية الصادقة وتوظيفها فى نشر كلمة الحق وبثها فى الناس اجمعين عبر كل قارات المعمور وأقطاره بغض النظر عن و من أي وعاء خرجت.
وجماع ذلك ولبه في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده …” وهو حال المقاومة في غزة وديدنها أيضا في اليمن والعراق ولبنان وسوريا , ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان و ادناه الدعاء بالنصر والتمكين لاهل الشام عامة بل وهو أعم لبلاد المسلمين في كل مكان ولأهل غزة ومسلمي القدس المحتلة خاصة.
ويقابل ذلك الدعاء كذلك على الصهاينة المشركين المعتدين عبدة الشيطان والطاغوت بالذلة والمسكنة والتيه فى الأرض لهم ولمن والاهم من المغضوب عليهم في كل زمان ومكان، كما فعل صلى الله عليه وسلم لما دعا على بعض صناديد قريش بعد أن ألقوا عليه سلا جزور وهو ساجد أمام الكعبة ومنهم أبو جهل عمرو بن هشام وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف.
اما في ما دون اولئك فكان صلى الله عليه وسلم يلتمس العذر على اخطائهم وهفواتهم وجهلهم وضلالهم وحتى على ظلمهم له شخصيا فان النموذج الاعلى من هذه الأخلاق العظيمة التي كان يتحلى بها نبينا صلى الله عليه وسلم أن جبريل جاءه يوم طرده اهل الطائف وادموا قدميه الشريفتين وحرضوا عليه صبيانهم و سفهاءهم واخرجوه من قريتهم وطلب منه ان يأمر ملك الجبال ليطبق عليهم الجبلين فرد عليه النبي الرحيم الرؤوف الودود بما معناه: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ولم يدع عليهم البثة وقال انه يرجو من الله ان يخرج من اصلابهم من يعبد الله ويوحده وبدأ يردد الدعاء المشهور:
اللهم اليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتى وهواني على الناس يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت ربى الى من تكلني الى بعيد يتجهمني ام إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى لكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه امر الدنيا والآخرة ان ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك. و من تمام حلمه العظيم و صفحه الجميل أنه صلى الله عليه و سلم لم ينتقم لنفسه من لبيد بن الأعصم الذي سحره بل عفا عنه ولم يقتله رغم أنه مرض متأثرا بسحره لمدة سنة كما أنه عفا عن زينب بنت الحارث التي حاولت قتله بالسم بعد غزوة خيبر ثم أمر بعد ذلك بقتلها قصاصا لموت الصحابي بشر بن البراء الذي أكل من الشاة المسمومة التي قدمتها تلك اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان هذا هو اسلامنا وكفى به نعمة فماذا يقول رواد “الديمقراطية” الصهيونية الامريكية التي فضح العدوان على غزة عورتها للعالمين وابدى طوفان الاقصى
مساؤها وكلها مساوئ و هي ليست نظام حکم وأساس جهاز الدول التي تتبناها وتتباهى بها و تتفاخر فحسب بل هي في واقع الأمر اله يعبد و دين يبتغى ويتبع ويشرع تحت شعار الحرية المطلقة والعدل والمساواة والنزاهة واحترام حقوق الإنسان والحيوان والبيئة.
.. هذه الديمقراطية التي دخلت بلاد المسلمين و أورثت ما أورثته فيها من سوء الأخلاق التي يعلمها القاصي والداني … والعياذ بالله من الضلالة بعد الهدى الذي جاء به الدين الحنيف ومن الكفر بعد الإيمان ومن الباطل بعد بزوغ شمس الحق ونوره منذ اربعة عشر قرنا ونيف في الآية الخالدة: “بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ” وكقوله تعالى في سورة الإسراء و تدعى أيضا سورة بني إسرائيل : “و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”.
وجماع هذا في قوله عزوجل:“وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ” و “وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ” وذلك باتخاذهم اعداء الله اولياء وقد نهوا عن ذلك مرات عديدة فى القرآن والسنة ومن ذلك قوله تعالى: “وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ هِيَ حَسۡبُهُمۡۚ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ“، “بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا، اٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا“، “إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا“.
ان المنافقين هم الفاسقون وان اليهود لهم المغضوب عليهم الذين لعنوا اول ما لعنوا على لسان أنبيائهم و في بطون أمهاتهم وأصلاب أبائهم أسلافا وأخلافا: “لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ، كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ”
ومن صيغ الدعاء على هؤلاء الظالمين الاشرار تلك التي قال الله عز و جل بشأنها على لسان موسى عليه السلام: “وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ“.
وفي هذا الصدد بالذات وجب القول بان تواجدهم وتجمعهم الظالم في ارض فلسطين انما هو مظنة واضحة وبريد محقق و دليل قاطع على قرب زوالهم وقطع دابرهم إلى الأبد بفضل جهاد المجاهدين الصابرين المحتسبين ثانيا وبحول الله تعالى وقوته اولا و آخرا “قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ، وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“. اما انت يا محمد صلی اللہ علیہ وسلم “إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ“، “ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ”
لانهم محجوبون عن التوبة بسبب ظلمهم وافسادهم فى الارض: “إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا، وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا “.
وفى موضع آخر: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمۡ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَهۡدِيَهُمۡ طَرِيقًا، إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا“، هذه وعود الله المفعولة لا محالة وبشرى للمؤمنين الى يوم القيامة، فما النصر الا من عند الله، “وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ” فاللهم سدد رمي جندك في غزة والضفة وفى كل مكان واقذف الرعب والهوان في قلوب اعدائك واعداء عبادك الصالحين.
جاء في صحيحي البخاري ومسلم : لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله الا العرقد فانه من شجر اليهود. ومن لطائف هذا الحديث وعجائبه ان هذا الشجر موجود بوفرة كبيرة في ارض فلسطين المحتلة.
فاعتبروا يا اولى الالباب و الأبصار و تدبروا في آيات الله الكونية المقروءة والمنظورة . وكونوا حفظكم الله ورعاكم من المعنيين بقوله تعالى: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لاولى الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار.. الآية . وفى قول بعض الصحابة لعله أبو هريرة أو ابو الدرداء رضي الله عنهما: إن تدبر او تفكر ساعة خير من عبادة سنة أو ستين سنة أو قيام ليلة حسب الروايات إن لم تخني الذاكرة و التعبير و في سنن البيهقي قوله صلى الله عليه وسلم تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله.
وعليه ان نصيحتي لاخواني واخواتي في مشارق الأرض ومغاربها أن يكثروا من دعاء القنوت على العدو التقليدي الصهيوني ومن والاه واتبع سبيله خصوصا في رمضان المبارك وبالأخص في ليلة القدر ويوم عرفة وسائر أيام الحج بالنسبة لحجاج بيت الله الحرام ثاني القبلتين و أولاهما المسجد الاقصى بالقدس المحتلة, وفي أيام الجمعة وفي السجود بالاسحار وأبان نزول المطر ودبر الصلاة المفروضة وأثناء لقاء العدو وغيرها من الأزمنة والاماكن التي يستجاب فيها الدعاء.
اقول ان اعداء الاسلام منذ هجرة الرسول صلى اللہ علیہ وسلم إلى يثرب هم بالذات الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ“.
صدق الله العظيم و استبشروا جميعا أيها المؤمنون و اعلموا يقينا إن المستقبل لديننا الإسلامي الحنيف و إن التمكين سيكون بمشيئة الله في آخر المطاف حليف المجاهدين المخلصين و ما ذلك على الله بعزيز و لا مستحيل و إنما هي مسألة وقت و أجل مسمى إن شاء الله “إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا” فلا تستعجلوا و لا تيأسوا فالنصر آت حتما لا محالة و لا ريب فيه وأن بوادره قد بدت في الأفق و لنا عودة إلى هذا الموضوع -أي النصر مفهومه وحقيقته- في الجزء الثاني أو الثالث من هذه الرسالة المتواضعة.
وفي انتظار ذلك نسأل الله أن ينصر هذه الأمة الإسلامية المغلوبة على أمرها في هذا الزمان و أن يجعل يومها خيرا من أمسها وغدها خيرا من يومها، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله و سلم على سيدنا محمد و آله و صحبه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
استدراكات Post scriptum
Ⅰ
وللعلم فإن الأعداء الصهاينة يخافون ويحذرون شبح هذه الأوقات المذكورة آنفا بكل جوارحهم كما يخشون الولدان والصبيان والخدج الرضع والشيوخ الركع أشد خشية من الله إلى درجة ادعاء أحد رجال دينهم شبه المانوي المعطوب أن حتى الأجنة في بطون أمهاتهم يمثلون خطرًا وتهديدًا مبينًا في المستقبل وبالتالي فإن قتلهم وقتل أمهاتهم هو واجب ديني في عقيدتهم المنحرفة العوجاء بذريعة أنهم إذا لم يقتلوا فسيكبرون ويقتلون أبناء شعبهم المختار.
وهذا بالذات ما كان يخشاه ويحذره كبيرهم وسيدهم وإمامهم ومعلمهم الإجرام فرعون موسى الذي طفق يقتل أبناء قومه ويستحيي نساءهم و يسومهم سوء العذاب.
بل حتى امرأته المجاهدة الطاهرة الشهيدة آسية بنت مزاحم لم تسلم من بطش وسطو وجبروت ذلك الظلوم الجهول لما آمنت برسالة موسى عليه السلام فكان جزاؤها أن جعلها الله مثلًا للمؤمنين إلى جانب أختها في الله مريم ابنة عمران فقال في حقها سبحانه وتعالى: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ“ إلى أخر الآيات.
وكل هذا موجود في كتبهم المحرفة التي جاء القرآن، لذات العلة، ناسخًا لها ومؤكدًا وفاضحًا لبطلانها جملةً وتفصيلًا، والعيب ليس في الكتب ذاتها ولكن في تحريفهم لها ولي أعناق آياتها واسفارها وتحريم حلالها وتحليل حرامها بطرقهم الملتوية وأساليبهم الماكرة.
“وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ“
“وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ“
وهذا هو دأبهم إلى اليوم لأن الأعمال تجلب أجناسها وذلك في الخير والشر على حد السواء. كما أن النور يجلب النور والظلمة تجلب الظلمة وأن العصا من العصية والحية لا تلد إلا حية والأعداء الصهاينة هم هم عبر التاريخ مصداقًا لقوله تعالى على لسان نبي الله نوح عليه السلام “وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا“.
Ⅱ
إشارة الى الجنود المقاديم المقاومين المرابطين المسلحين ليس إلا بإيمانهم وطاعتهم لله ورسوله وتوكلهم ويقينهم الجازم على وعده، ومجهزين بما صنعت أيديهم المتوضئة من أسلحة محلية بدائية وبسيطة مستعينين بالله وبالوسائل المتواضعة والإمكانات المتاحة التي أذاقوا بها جيش العدو الأمرين و دحروه و أوقعوا فيه ما الله به عليم من الآلاف من القتلى والجرحى والمعطوبين المصدومين والمعتوهين.
هذا الجيش الأرعن الموصوف كذبًا وزورًا وغرورًا أنه لا يقهر وأنه هو أقوى وأشد بأسًا وأكثر أخلاقية من غيره من جيوش الدنيا كلها، بيد أن الشواهد والقرائن تثبت أن ذلك يخالف الحقيقة الواقعية والمنطق السليم إد لولا دعم وحماية ورعاية حاضنته ومرضعته وعاشقته إلى درجة الهيام أمريكا وحكامها وحلفاؤها لفرّ آل صهيون عن بكرة أبيهم من فلسطين الأبية المسلمة العربية فرار الحمر المستنفرة كما فعل أجدادهم وأسلافهم في خيبر وبني قينقاع وبني النضير حين خرجوا من ديارهم بعد خرابها بأيديهم مهزومين صاغرين و مقبوحين هم ونسائهم ومطافيلهم طالبين النجدة والاستغاثة و النجاة بجلودهم.
وهذا بالذات هو مصيرهم في آخر المطاف ولكن علينا كمسلمين ألا نستعجل ذلك بدعوى أن لكل نبأ مستقر ولكل أجل كتاب ولكل مقام مقال ولكل زمان رجال كما يقال، وأن كل آت قريب إن شاء الله لأن هذا التجبر والتعجرف والعلو والعتو والاستقواء والارتقاء في سلاليم الظلم والاضطهاد والشر والرذيلة والطغيان والصلافة قد بلغ أوجه وذروته حتى طفق الكيل وأن الماء إذا بلغ حد القلتين لم يحمل الخبث.
وإذا استوت للنمل أجنحة حتى يطير فقد دنا عَطَبُه
وبالتالي فما بعد ذلك كله إلا الانسفال و الوضاعة والانحطاط والجلاء والتشرذم والهون … لأن الله يمهل ولا يهمل “فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا“، وأنذرهم إن ضمة القبر تنسي ليلة العرس وإن من سنن الله ونواميسه في خلقه أن بعد الطلوع يكون الهبوط وبعد القوة والشباب يأتي الضعف والشيبة على وفق مقتضى حديث الناقة العضباء وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ” حق على الله أن لا يرتفع شيئ من الدنيا إلا وضعه. ولعل أكبر دليل على هذا الطرح علاقة بموضوع الرسالة هو ما حملته الانتخابات الأمريكية الأخيرة بين طياتها من دروس وعبر متجسدة في هزيمة الحزب الديمقراطي وزعيمه الرئيس جو بايدن المنتهية ولاية حكمه المقترب أفول نجمه في حياته قبل مماته كنتيجة مباركة ومباشرة لطوفان الاقصى على المدى القصير. ولله در وعلى الله أجر من قال:
لقد أفل النجم حين الممات
وقبل الأفول بدا النجم بالعز والمكرمات
وبعد الأفول تنادى الجميع لدفن الرفات
وفي الحديث النبوي الصحيح المتفق عليه إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ” وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ” وهذه هي إن شاء الله بداية سقوط وانهيار أركان الديمقراطية وقواعدها كما انهارت قبلها كثير من الأيديولوجيات والأديان الكاذبة كمثل الشيوعية الماركسية اللينينية والداروينية والفرويدية والمانوية قديمًا:
و كم لظلام الليل عندك من يد
تخبر أن المانوية تكذب
كما تكذب الديمقراطية الماسونية نفسها وتجور في أحكامها وتكيل الأشياء بمكيالين حسب مزاجها وهواها على وفق قول الشاعر:
تقول هذا جنى النحل تمدحه وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحًا وذمًا وما جاوزت وصفهما والحق قد يعتريه سوء تعبير.
وخير من ذلك قوله عز وجل : “الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ“
Ⅲ
وهذه الآيات تعلمنا وتحثنا على وجوب التمييز بين أعدائنا وأصدقائنا ومعاملة كلا الفريقين بما يناسب مواقفه حيالنا، فالعدو بين والصديق بين وبينهما فئة متأرجحة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وهم المحايدون من الشعوب الذين يمكن اعتبارهم كأهل الفترة الذين لم تصلهم بعد الرسالة لمعرفة حقيقة الإسلام الذي فيه سعادة الدارين للبشرية كلها لمن ألقى السمع وهو شهيد.
من أجل ذلك وجب القول إن كل من يدعم الكيان الصهيوني، أمريكا نموذجًا ناطقًا، ويتعامل معه بشكل أو بآخر فهو في خانة الأعداء، وكل من يعاديه، المقاومة نموذجًا حيا بشكل أو بآخر فإنه في خانة الأصدقاء، وذلك بناءً على القاعدة الرياضية الكونية المنطقية الصورية في الموجب والسالب والتي تعلمناها في الفصل السابع الإعدادي ومفادها أن:
الموجب مع السالب فهو سالب
الموجب مع الموجب فهو موجب
السالب مع السالب فهو موجب
السالب مع الموجب فهو سالب
بمعنى أن:
عدو عدوي فهو صديقي
عدو صديقي فهو عدوي
صديق صديقي فهو صديقي
صديق عدوي فهو عدوي
وأرجو أن تكون الفكرة واضحة بما فيه الكفاية، بمعنى أنه لابد من وضع الأمور في نصابها الصحيح حتى تتميز الصفوف ويزول المزج بين العناصر:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
وهذه، حقا وصدقا هي المباديء التي كان يتبناها المرحوم الشهيد يحيى السنوار، أسطورة القرن بالمعنى الميثولوجي للكلمة وذلك في الجهاد والرجولة والشرف والبطولة وغيرها من القيم المتوجة بالشهادة في سبيل الله التي طالما كان يطلبها ويتمناها ويتحراها في حياته البطولية التي يغبطه ويحسده عليها العدو والةه*صديق على حد السواء .
Ⅳ
“وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”. وكما يقول المثل الأمازيغي حاكيًا عن الهر: “سوفْ كَا سِيدِي رْبي أَيْتْمَغْنْ”، بمعنى أن الله سبحانه هو الفاعل للقتال وهو خالق أفعال العباد، أما المقاتل المجاهد فهو وسيلة وسبب ليس إلا، فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم. وفي آية أخرى: “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ“
صدق الله العظيم، والى اللقاء في الجزء الثاني إن شاء الله ويتضمن نصائح هامة لحزب العدالة والتنمية المغربي إضافة إلى قضية التطبيع فلسفتها ودلالتها وأخطارها وتداعياتها الوخيمة على أمة الإسلام قاطبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البريد الالكتروني: abdellahabh9@gmail.com



