ويحمان يفكّك التحولات الإقليمية بعد السابع من أكتوبر

هوية بريس – متابعات
قدّم الباحث السياسي ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، الدكتور أحمد ويحمان، قراءته للتحولات الاستراتيجية التي أعقبت عملية طوفان الأقصى، مؤكداً في حوار مع موقع “مرآة الجزيرة” أن السابع من أكتوبر «لم يكن حدثاً عسكرياً محلياً محدوداً، بل صدمة استراتيجية قلبت قواعد التوازن التي حكمت المنطقة لعقود».
انهيار فرضيات كبرى بعد 7 أكتوبر
ويرى ويحمان أن العملية فجّرت سقوط منظومة كاملة من الفرضيات التي لطالما روّج لها الاحتلال وحلفاؤه، وعلى رأسها:
-
قدسية الردع الإسرائيلي وقدرته «المطلقة» على التحكم في ميدان الصراع.
-
رهان الضغط الاقتصادي والدبلوماسي لإطفاء جذوة المقاومة.
-
فرضية تهميش البعد الشعبي للقضية الفلسطينية على المدى الطويل.
ويضيف أن العملية كشفت حقائق أعمق، من بينها قدرة المقاومة الفلسطينية على «تغيير وتيرة الصراع وإحداث اختلالات بنيوية داخل إسرائيل»، في وقت تتصاعد فيه تكاليف الحرب اقتصادياً وعسكرياً لتضغط على الداخل الإسرائيلي والأطراف الداعمة له.
مسرح الصراع يتحول إلى ساحة متعددة الأبعاد
وأكد يحمان أن ما بعد طوفان الأقصى لا يشبه ما قبله، إذ دخلت المنطقة مرحلة “ما بعد الردع التقليدي”، موضحاً أن الأمن الإقليمي لم يعد محكوماً بميزان القوة العسكرية وحده، بل بشبكة مركّبة من:
-
القدرات السيبرية
-
الفاعلين الإقليميين الجدد
-
الصمود الاقتصادي
-
الشرعية الداخلية
-
التحالفات السريعة التشكّل
وهذا ما يجعل الصراع «متعدد الأوجه، تتداخل فيه السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والمجتمع».
ارتجاجات في الوعي العربي.. والقضية تعود إلى مركزيتها
على المستوى الشعبي، يرى المتحدث أن العملية «أعادت فلسطين إلى قلب الوجدان العربي»، حيث تحوّل التفاعل من تعاطف رمزي إلى مشاركة شعبية واسعة عبّرت عنها المظاهرات والحملات الإعلامية وارتفاع زخم المقاومة في الوعي الجماعي.
أما سياسياً، فقد دفعت الصدمة عواصم عربية إلى «إعادة ترتيب مواقفها اضطرارياً» خشية ارتدادات الغضب الشعبي، معتبراً أن موقع القضية «ارتفع درجتين»، ولم يعد يُنظر إليها كمسألة رمزية، بل معياراً لشرعية الأنظمة أمام شعوبها.
السعودية بين الضغوط الشعبية وحسابات التطبيع
وتوقف أحمد ويحمان طويلاً عند الموقف السعودي بعد طوفان الأقصى، واصفاً الخط الرسمي بأنه «براغماتي محسوب»، إذ إن الرياض حافظت على لغة دبلوماسية ناعمة حول “الحل السياسي” و”الاستقرار الإقليمي”، لكنها لم تُقدم على قطيعة كاملة مع مسار التطبيع.
وأكد أن الضغط الشعبي داخل السعودية والعالم العربي بات عاملاً أساسياً يقيّد أي خطوات تطبيعية، قائلاً:
«التطبيع لم يُلغَ، لكنه أصبح أكثر تعقيداً وكلفة سياسياً وشعبياً».
وبخصوص المزاعم التي كشفتها صنعاء حول خلية تجسسية مرتبطة بالسعودية بالتعاون مع الاحتلال وأميركا، اعتبر أن الأمر «غير مستبعد بحكم السوابق وتقاطع المصالح مع واشنطن وتل أبيب»، محذّراً من «تداعيات خطيرة إذا صحت هذه المعلومات».
زيارة ابن سلمان لواشنطن.. رسائل وإعادة تموضع
وفي سياق موازٍ، رأى ويحمان أن زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأتي في إطار «إعادة تثبيت الشراكة الأمنية والاقتصادية بعد سنوات التوتر»، موضحاً أن ملفات اللقاء تشمل:
-
الأمن الإقليمي وإيران ومحور المقاومة
-
صفقات السلاح المتقدمة
-
ملفات الطاقة والاستثمار
-
إدارة الملف الفلسطيني بعد طوفان الأقصى
وخلص إلى أن الزيارة تحمل طابع «إعادة هندسة للتحالفات الإقليمية»، وأنها جزء من استراتيجية أمريكية أشمل في الشرق الأوسط ضمن صراع النفوذ مع روسيا والصين.
خلاصة المشهد الجديد
يؤكد أحمد ويحمان أن طوفان الأقصى أعاد رسم خرائط النفوذ في المنطقة، و«أسقط أوهام الحسم العسكري لصالح الاحتلال»، مضيفاً أن المنطقة اليوم أمام معادلة جديدة:
«موازين القوى لم تعد ثابتة.. وطوفان الأقصى أعاد فلسطين إلى مركز الصراع وأربك الحسابات الإسرائيلية والإقليمية والدولية».



