عدو المرأة ليس هو نظام الإرث وإنما التوزيع غير العادل للثروات
عابد عبد المنعم – هوية بريس
تعليقا على مقطع مرئي يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أعدته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وهي جمعية أنشأتها مجموعة من نساء حزب التقدم والاشتراكية (نزهة الصقلي؛ وأمينة لمريني الوهابي؛ ربيعة الناصري) بشراكة مع جمعية “تنمية”، يهاجم نظام الإرث ويتهمه بظلم المرأة، ويروج لمعطيات ومفاهيم خاطئة، كتب الدكتور رشيد بنكيران مقالا تحت عنوان (طاحت الصومعة.. علقوا الحجام).
مدير مركز “غراس” كشف في المقال المذكور بعض المغالطات الواردة في المقطع المرئي غير البريء والمؤدلج، والذي يسعى معدوه إلى تصوير الإسلام أنه لا يناسب العصر ويقف وراء هشاشة وضعية المرأة في المغرب.
الدكتور رشيد بنكيران أكد في تعليقه أن هذه الجمعيات لا تهتم بالمعضلات التي تعاني منها المرأة المغربية، وأن الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن المرأة المغربية كصنوها الرجل، بحاجة إلى المساواة.. ولكن ليس بتغيير منظومة الإرث العادلة من رب العالمين، وإنما هي بحاجة ماسة إلى المساواة في ثروات البلاد التي اختطفها أهل الفساد..
وفيما يلي نص المقال كاملا:
(طاحت الصومعة.. علقوا الحجام)
هذا مثل مغربي باللغة الدارجة يستشهد به حينما يؤخذ البريء بجريرة المذنب، فصومعة المسجد إذا سقطت فلأن أساس بنائها غير سليم، والمسؤول عنها هو البَنّاء، هذا هو المنطق، وهذا هو العدل.
أما الحلاق (=الحجام) فلا علاقة له بسقوط الصومعة، وإن كان هو صاحب المقص المعد للقطع، فالمقص مهما تكن قوته وحدته فلن يتمكن من قطع الصومعة ولن يقدر على ذلك، ورغم وضوح هذا الأمر عند العقلاء والبسطاء أخذ الحلاق البريء بجريرة البناء المذنب.
هذا باختصار ما يدور عليه هذا التسجيل الذي يتحدث عن مأساة بعض النساء -إن وجدت- ويتهم منظومة الإرث الرباني، والذي أنزله الله اللطيف الخبير والعادل الرحيم، هي المسؤولة عن هذه المأساة، فالشرع هو البريء وقد يراد له أن يؤاخذ بجريرة المذنب الحقيقي، والذي يتنوع في كل حالة بما يناسبها، ولكن لا يخرج عن أن يكون من حيث الجملة في عرف جائر أو جهل بالشرع، أو تخل الدولة الإسلامية عن واجبها.
فإذا كانت البنت الكبيرة أسهمت مع أبيها في واجب النفقة عليه، أو في بناء المنزل، فقد كان من الواجب على الأب أن يحفظ حق ابنته، لا أن نطالب بتغيير منظومة الإرث ونتهمها بالتقصير وعدم حفظ الحقوق، والتي لا علاقة لها بخطأ الأب أو غفلته، فالأب هو المذنب، ومنظومة الإرث بريئة، فكيف يؤاخذ البريء بجريرة المذنب!!؟
وما قلناه في مثال البنت الكبيرة يقال كذلك في المرأة غير المسلمة (الكاورية) العاملة أو المرأة المسلمة العاملة، والتي كانت تنفق من مالها الخاص وساعدت زوجها في شراء السكن، فمن الظلم أن نحمل الشرع أو منظومة الإرث المسؤولة عن ضياع حق هذا الصنف، وإنما المسؤولية ترجع عليها وعلى زوجها، فقد كان عليهما أن يثبتا ذلك بعقد مكتوب يحفظ حقهما.
أما المثال الذي ينقل صورة طرد البنت وأمها لوفاة الأب من جهته إخوانه أو عصبته، ففي هذه الصورة ستأخذ البنت النصف من ثروة أبيها، وأمها وهي زوجة الهالك ستأخذ الثمن، بمعنى الحصة الكبيرة لهما، وحتى لو كانت الصورة التي ذكرت في التسجيل كما هي ووقع للبنت وأمها الشتات أو طرد من السكن فإن على الدولة الإسلامية تحمل مسؤوليتها؛ الدولة مسؤولة أولا عن رعاياها، فهذا الهالك فإما أن يكون موظفا أو تاجرا أو مقاولا أو فلاحا أو حرفيا.. أي أنه كان يسهم في اقتصاد البلد، وكان يؤدي للدولة الواجبات التي كانت عليه، فكيف تتخلى الدولة عن واجبها اتجاه أسرته!؟ وفي هذه الحالة كيف نحمل الشرع البريء ونؤاخذه بجريرة غيره!؟
من الصور التي لم تنقل في هذا التسجيل المؤدلج غير البريء صورة رجل مات عن أم وزوجة وبنت وترك منزلا، فللأم السدس وللبنت النصف وللزوجة الثمن، فإذا أصرت إحدى الوارثات أن تأخذ حقها، فمن سوف يطرد من!؟ وكلهن نساء!؟
فكفى من استحمار الناس!!؟
ولكن هذا التسجيل هو مؤدلج أي يحمل عقيدة غير إسلامية ويسعى إلى تصوير الإسلام الذي يمثل في منظومة الإرث في التسجيل هو السبب وراء هشاشة وضعية المرأة في المغرب، وهو منبع الظلم والتقصير، وأنه لا يناسب هذا العصر. وهي كلها دعاوى فارغة وظالمة يصدق عليها المثل المغربي أعلاه، طاحت الصومعة… علقوا الحجام.
والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن المرأة المغربية كصنوها الرجل، بحاجة إلى المساواة، نعم هي بحاجة إلى المساواة، ولكن ليس بتغيير منظومة الإرث العادلة من رب العالمين، وإنما هي بحاجة ماسة إلى المساواة في ثروات البلاد التي اختطفها أهل الفساد..
عدوك أيتها المرأة المسلمة ليس هو الله سبحانه، فلله جل جلاله هو الذي خلقك فلن يظلمك، فهو سبحانه العدل المطلق، وإنما عدوك هو أهل الفساد ومن أراد منك أن تتمردي على رب العزة وتعترضي على حقه في التشريع.اهـ
لماذا لا يتكلن هؤلاء عن النظام اليهودي في الإرث والءي يخرم المتزوجة من نصيب أبيها. أليس في المغرب يهود مغاربة. ثم ماهو البديل؟ في البلاد التي يوالونها،كل يتصرف في ثروته حتى إن منهم من يورث الحيوانات. أليس من الإجحاف أن تطرد قطة الزوجة والبنت! لو ثبت أن رجلا نما ثروته بمعونة أخواله. أليس من العدل من منطقهم أن يرثوا وهم المحجوبون في كل حال؟المشكل عندهم مع الإسلام وليس مع الإرث
“عدو المرأة ليس هو نظام الإرث وإنما التوزيع غير العادل للثروات” وبما فيه الإرث الذي أغلق الفقهاء باب الاجتهاد والتدبر فيه.
ليس الفقهاء هم الذين أغلقوا باب الاجتهاد في الإرث، وإنما الذي أغلقه هو منزل الكتاب، ومجري السحاب سبحانه، عند ما ختم آيات المواريث بهذا الوعيد الشديد:(ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)، فافهمي ولا تتطاولي على ما لا تعرفين.
هذه الاحزاب الفاشلة التي تنتكس في كل الاستحقاقات الانتخابية،ولا أثر لها في المجتمع،تلجأ لمثل هذه الفرقعات الاعلامية لتثير ضجة ،وتلفت اليها الانظار .
“ولو ٱتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض”
“إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى”
“إن الله يامر بالعدل والإحسان…”
هناك عناصر في الكون خلقها الله وجعلها بنسب متفاوته ،فهل من العقل تغيير هذه المنظومة، وجعلهم بنسب متساوية أم التفكير العلمي والعملي يحذو بنا إلى التعرف على الحكمة من وراء ذلك?
“والله يعلم وأنتم لا تعلمون”