عزيزي الشهيد أنس الشريف -رضي الله عنك-

هوية بريس – د.محمد عوام
عزيزي الشهيد أنس الشريف رضي الله عنك وعن أمثالك ممن يحملون ثقل الحقيقة، ورسالة الأمانة في زمن فقد إنسانيته
لم تنجح إسرائيل اللعينة في قتلك وإسكات صوتك، فاستشهادك هو عين الحقيقة على دولة نشاز بين الدول، بل لا تملك من حقيقة الدول شيئا، وإنما هي عصابة من المجرمين، لا يبالون بحرمات، ولا عهود لهم ولا مواثيق ولا أمانات.
لم تنجح في إسكات صوتك، فصوتك كان يكشف الحقيقة المتجلية في الواقع، وحق لأنه كان يصدر من شهم وشبل غزة، آمن برسالته، والتحف بكفنه، ليؤديها كما آمن بها.
واعلم عزيزي أن إسرائيل ازدادت خسارة باستشهادك. والحق الذي تحمله في وجدانك، وتنطق به على لسانك، قوي في ذاته، يقض مضاجع الطغاة الصهااينة الفاشيين، تنبجس أشعته من بين الظلام، كما تخترق أشعة الشمس الغسق. كما أن الباطل الذي يريدون ترويجه يحمل فشله في ذاته. وقد أبى الله إلا أن تظهر الحقيقة، ويسطع نور الحق. مهما فعلوا وقتلوا ودمروا.
نعم عزيزي أنس الشريف لقد نجحت عصابة المجرمين النازيين في إسكات أنظمة عربية وإسلامية بائدة، أصبحت كلاّ على شعوبها. نجحت في إسكاتها وتصميتها وإرهابها، لأنها تدرك أنهم ليسوا على شيء، بل أسود الشرى على شعوبهم بالقهر والظلم والجور، ونعاج وخنافيس أمام عدوهم، بل عدو الأمة. رضوا بالسكون، بل هم السكون نفسه، ورضوا بالذل، وهم الذل نفسه، بل إن الذل يشكو الله منهم ومن خذلانهم.
عزيزي أنس هذه الأنظمة البليدة هي من تقتلكم وتجوعكم، وتحاصركم، وتعين عدوكم، وتجلب عليكم العار والشنار، وتمد العدو بشريان الحياة والاستمرار. يفعلون ذلك، لأن قلوبهم خالية من سورة الإسراء، وعقولهم فقدت الإنسانية، بل منهم من فعل بشعبه مثلما فعلت إسرائيل بكم.
عزيزي أنس كن مطمئنا، فدماؤكم لن تذهب سدى، ومتى ذهبت دماء الشهداء سدى، ولا جرم أنها تنبت من جديد، وتعد بيوم شديد، ونصر أكيد، فهنيئا لكم الشهادة، وهنيئا لكم الارتقاء، أديتم الأمانة، وصنتم الحقيقة، رحلتم عنا لتستريحوا من ضنك الدنيا، وتركتمونا نعيش بين أنظمة الأقزام والذل والهوان، لأنتم أسعد الناس بتبوؤكم منزلة الشهداء الأبرار، فطوبى لكم العيش هناك.
عزيزي أنس نم في قبرك مرتاح البال، متنعما في الجنان، من كريم رحمان، وكن على يقين أن كيانهم على وشك الزوال، وما يفعلونه هو أكبر دليل وبرهان، وستبقى فلسطين عبر الأزمان، وستبيد جيوش الظلام، ويخسأ المطبعون ويلحقهم الهوان في كل مكان.
قال عز وجل: “وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ۞ يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ” [آل عمران: 169-171].



