عزيزٌ وغالٍ على الجزائر!
هوية بريس – الصادق بنعلال
أ – صرح السيد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في خروج آخر وجديد عن “موقفه” إزاء قضية الصحراء الغربية المغربية، وهو الموقف الذي يتماهى مع تطلعات العدو وأوهامه حول تقسيم المغرب وإضعافه (النظام العسكري بالجزائر و صنيعته جبهة البوليساريو الانفصالية). في الواقع لم أفاجأ بهذا “الرأي” الخارج عن الإجماع الوطني وثوابت الأمة ومواد الدستور المغربي، لأنه صادر عن شخص يترأس جمعية “حقوقية” تصر إصرارا على السباحة ضد التيار، وتميل ميلا نحو التعاطي مع قضايا الوحدة الترابية والدين الإسلامي والنظام السياسي المغربي، بقدر كبير من الاستهتار والاستخفاف والانتقاص.
ب – لكن ماذا قال السيد عزيز غالي بصريح العبارة حيال موضوع الصحراء؟ سأعيد صياغة ما نطق به بالصوت والصورة عبر شريط فيديو قصير، متداول في مختلف المواقع الإلكترونية الجادة والمسؤولة: (إن مواقفنا داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان واضحة، وموقف هذه الجمعية من قضية الصحراء واضح أيضا، فعلى سبيل المثال كان موقف جمعيتنا في المؤتمر الخامس مع “تقرير المصير”، وحين انطلق التفاوض بين الدولة المغربية و”الجبهة”؛ حركة البوليساريو الانفصالية، أصبح موقفنا هو حل تفاوضي يرضي “جميع الأطراف”، ويجنب المنطقة الحرب. على أساس ألا يكون هذا التفاوض داخل إطار الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب! ولا يعتبر هذا الكلام حسب عزيز غالي خطيرا، لأنه ببساطة موقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”
ج – بالطبع لست هنا لتأليب الرأي العام على السيد عزيز، ولا أسعى بأي صورة إلى التحريض عليه أو التشهير به، فمثل هذه “الغايات” بعيدة كل البعد عن صاحب هذه السطور، الذي ألزم نفسه أثناء التعبير عن وجهة نظره في قضايا الفكر والفن والسياسة بمستلزمات الحياد والموضوعية وتغليب المصلحة الوطنية والعامة، على أي مصلحة أخرى مهما علا أو انحط شأنها. وحتى لا نذهب بعيدا، لنتأمل “البنية اللغوية” لهذا التصريح و نستقرئ أبعاده “الواضحة”. في البداية يؤكد السيد عزيز غالي أن مواقف الجمعية المختلفة “واضحة”، منها قضية الصحراء الغربية المغربية، إذ نفهم من خلال هذا “الأمر الواضح” أن هناك شكا في وحدتنا الترابية، وحجة سيادته في هذا السياق هو التزام الجمعية “المقدسة التي ” التي لا تقول إلا حقا” بتقرير المصير! وبعد مرحلة المفاوضات بين الحكومة المغربية و”الجبهة” أصبح القرار “شيئا آخر” هو والحل التفاوضي الذي يرضي جميع الأطراف، دون أن يذكرنا السيد غالي بهذه الأطراف التي جاءت بصيغة الجمع، لكنه استدرك بسرعة البرق أن هذه المفاوضات يجب ألا تكون داخل مقترح الحكم الذاتي المغربي، الأمر الذي يصلي من أجله النظام العسكري، ويخصص له كل إمكانياته المادية والعسكرية والإعلامية والدبلوماسية! ولعل الترحيب منقطع النظير لوسائل الإعلام الجزائرية الرسمية و”الخاصة” وهل هناك فرق، برأي رئيس هذه الجمعية المثيرة للجدل، دليل ساطع على أننا نعيش في “زمن المسخ” أو في دنيا الرداءة، لقد كان هذا “الظهور” التواصلي الفريد “غاليا وعزيزا” على “صحافة” عسكر المرادية.
د – صفوة القول: إن هامش الحرية والديمقراطية الذي نستمتع به في بلادنا، يجب أن يكون فضاء للدفاع عن قضايا المواطن المغربي الملحة، على رأسها الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لكن في نطاق محددات الأمة المغربية: الدين الإسلامي المعتدل والوحدة الترابية والملكية الدستورية الديمقراطية، أما التصريحات المعادية لتطلعات الشعب المغربي في الاستقرار والأمن والتنمية الشاملة، أما استرضاء العدو “شرقيا” كان أو “غربيا”، والتقرب من “الإكراميات المادية والرمزية”، وضرب تضحيات الشهداء المغاربة بالغالي والنفيس، ونجاحات الديبلوماسية الوطنية الاستثنائية أمام عدو عسكري، مهمته الأولى والأخيرة زعزعة أمن واستقرار شمال أفريقيا بعُرض الحائط .. كل ذلك ليس من شيم “الرجال” الذين ينزعون إلى الدفاع بلا هوادة عن المصالح الوطنية التي تعلو ولا يعلى عليها، “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”.
ــــــــــــــــــــــــــ
*إطار تربوي وباحث في قضايا الفكر والسياسة