على أي شيء أسست دولة المرابطين التي خلد التاريخ ذكر بطولاتها؟!!
إعداد: عبد الرحيم بن محمد الجزولي
هوية بريس – الجمعة 05 فبراير 2016
لما تأسست دولة المرابطين على يد الشيخ المجاهد عبد الله بن ياسين كانت بداية جيشه من أهل العلم والتقوى والصلاح، كان عددهم 1000 رجل من صفوة تلامذته وخيرتهم.
وكان هو من سماهم المرابطين، ولما تفقهوا ورسخ فيهم الدين، قام فيهم خطيبا فوعظهم وشوقهم إلى الجنة وخوفهم من النار وأمرهم بتقوى الله عز وجل، ثم بعد أن وعظهم ندبهم إلى جهاد من خالفهم من قبائل صنهاجة وقال لهم: معشر المرابطين إنكم اليوم جمع كثير نحو 1000 رجل ولن يغلب ألف من قلة وأنتم خيرة قبائلكم، وقد أصلحكم الله وهداكم، فوجب عليكم أن تشكروا الله على نعمته عليكم بأن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتجهادوا في الله حق جهاده.
ثم خرج الجميع ينصحون قومهم بالرجوع إلى صحيح الدين والبعد عن الشرك والبدع والتي منها أنه وجد قومه يتزوجون من النساء أكثر من أربع حرائر، فقال لهم: ليس هذا من صحيح السنة وإنما سنة الإسلام أن يجمع الرجل بين أربع نسوة حرائر فقط وله فيما يشاء من ملك اليمين سعة، وجعل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وكبحهم عن كثير من مألوفاتهم الفاسدة، وشدد في ذلك فاطرحوه واستصعبوا عمله وتركوا الأخذ عنه لما جثمهم من مشاق التكليف؛ فلما رأى عبد الله بن ياسين إعراضهم عنه واتباعهم أهواءهم، عزم على الرحيل عنهم إلى بلاد السودان الذين دخلوا في دين الإسلام يومئذ، ثم بدأت دعوته من جزيرة في النيل وقيل في مصب نهر السنغال، واجتمع له جنده كما سبق وأسلفنا ثم عاد بـ1000 رجل وقاتل كل القبائل التي رفضت الرجوع لصحيح الدين، وقتل منهم خلقا كثيرا فمنهم من اهتدى وعاد ومنهم من أصر على الموت وهو مبدل لما جاء به الإسلام من صحيح ما اتفق عليه العلماء من قبل.
والعبرة هنا أنه حسب فتوى المجاهد العالم عبد الله بن ياسين أن من يبدل دين الله وجب قتاله بعد دعوته أولا والصبر عليه عسى أن يرجع ويتوب وينوب.
وقد فتح الله الخير كله على الأمة الإسلامية من قول الشيخ وفعله حيث كانت بداية دولة المرابطين التي انتشر الإسلام بسببها من جنوب قارة إفريقيا إلى شمال أوربا مرورا بموريتانيا وببلاد المغرب الإسلامي، ثم من بعد ذلك كانت دولة المرابطين سببا في الحفاظ على بيضة المسلمين في الأندلس بقيادة المجاهد يوسف بن تاشفين، ومن بعده ابنه علي بن تاشفين.
فظل الإسلام يحكم أوربا لمدة 500 عام بعد موقعة الزلاقة الشهيرة، وسبب كل هذا المد والفخر هو رجل واحد ومعه ستة نفر من المخلصينـ ثم أصبحت الستة 1000 مجاهد، ثم فتح الله لهم البلاد وأخضع لهم الرقاب، وأذل الأعداء، وربما ما بقي الإسلام شامخا في إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي إلا بسبب جهاد هؤلاء الأعلام، وقرارهم الجريء بقتال قومهم إذ امتنعوا عن اتباع صحيح الاسلام.
ونتعلم من ذلك أن العالم ليس بكثير كلامه ولكن العالم الحقيقي بقليل فعله يكفي!
(المرجع: كتاب “الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى”).