على ضوء حادثة فاس.. موقف القانون من حراس السيارات
هوية بريس – خالد شهيم
أدى تغييب القانون إلى فوضى قادت البعض من مرتدي السترات الصفراء إلى تنصيب أنفسهم حراسا على السيارات المتوقفة، حتى بلغت هده الفوضى أوجها خلال أول أيام العيد بعد إقدام أحد الحراس على قتل شاب عشريني بسبب إتاوة ركن دراجته مثلما أفاد موقع العمق المغربي في خبره.
وإذا كان فرض الإتاوة أو الرسم على الشخص مؤسسا على موعدة للنفع يعدها إياه مثل الرسم على استخراج مواد المقالع، فإننا نتساءل عن طبيعة المنفعة المستخلصة من وراء رسم إركان السيارة على جنبات الطريق العام، والتي لن تكون بالتأكيد الحراسة من الآفات، وإلا لكانت مسؤولية الحارس التقصيرية قائمة.
وقد جاء في الصفحة 147 من تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2014 أثناء حديثه عن الجماعة القروية واويزغت بإقليم أزيلال، “أن القابض رفض تحمل الأوامر بالأداء المتعلقة بالرسم المفروض على وقوف العربات المعدة للنقل العمومي في غياب أسباب قانونية وعدم اتخاذ رئيس الجماعة لأي إجراء بهذا الخصوص، حيث قام القابض، بموجب رسالته المؤرخة في 16/04/2012، بتبرير رفضه تحمل الأوامر بالأداء المتعلقة بمداخيل الرسم على وقوف العربات لكون محطة وقوف السيارات من الصنف الأول لا تتوفر فيها الشروط اللازمة لذلك. في غياب أي تدخل من قبل رئيس الجماعة لفرض تحمل القابض لالتزاماته.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار، أن فرض هذا الرسم يرتبط أساسا باستعمال هذه الآليات للمجال الترابي للجماعة وتخصيص جزء منه للوقوف والتوقف وليس بوجود محطة قائمة الذات، وهو الرأي الذي ذهبت إليه أيضا السلطة الوصية عند استفسارها من طرف الجماعة حول مدى قانونية فرض هذا الرسم”.
وإن كان الأمر يتعلق في حقيقته بساحة تتوقف بها مركبات مهنيين النقل العمومي بقصد الانتفاع من توافد الركاب، على عكس ما هو حاصل للأصحاب السيارات غير المهنيين.
على أن الاحتلال المؤقت وفق قانون 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.74 المؤرخ في 3 ذي الحجة 1442 (14 يوليو 2021) لا يكون إلا بترخيص حسب المادة 22 التي تقول: “يحدد قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام على الخصوص ما يلي:
– اسم وعنوان المستفيد من الرخصة؛
– مساحة وموقع العقار؛
– مدة الاحتلال المؤقت؛
– مبلغ الإتاوة ونسبة مراجعتها؛
– طبيعة الأشغال والمنشآت التي يمكن للمستفيد أن ينجزها وآجال الشروع فيها والانتهاء منها؛
– آجال وكيفيات أداء الإتاوة.
كما يحدد قرار الاحتلال المؤقت شروط إرجاع العقار موضوع الرخصة إما كليا أو جزئيا إلى الجماعة الترابية عند انتهاء أجل الرخصة أو سحبها مع التمييز بين المنشآت التي يجب على المستفيد إزالتها وتلك التي يتعين عليه التخلي عنها مجانا للجماعة الترابية”
وبالتالي فالعبرة من فرض الإتاوة أو الرسم تكون بمقدار النفع الدي سيتم تقديمه، كالرسم عن الاحتلال المؤقت بمناسبة تقديم عروض وملاهي ترفيهية.
كما أن الفصل 8 من ظهير 1918 المتعلق بشغل الملك العام الجماعي مؤقتا كما ثم تعديله، قد سبق ونص على أنه: “يشترط في الرخصة المحافظة على حقوق الغير وتكون العهدة على المكترين وحدهم فيما عسى أن ينشأ من الضرر بسبب الأشغال”.
ومنه نستنتج أن الاحتلال المؤقت بغرض حراسة السيارات لا ينبغي أن يكون محل ترخيص من أصله، مادام وقوف السيارة يقع في الشارع العام المملوك لجموع المواطنين وليس في مرآب مملوك للغير، أضف إلى دلك ما يتم أداؤه عن السيارة من رسم سنوي يضع الدولة والجماعات الترابية في حرج من تهيئة الطريق بما يضمن وقوفا من غير مشاكل أو مضايقات.
وقد عبر القضاء عن موقفه الرافض لمثل هده المضايقات باعتبارها أفعالا غير قانونية، فجاء في هدا الإطار قرار المجلس الأعلى عدد 4402 الصادر بغرفتين بتاريخ 24 دجنبر 2008 في الملف عدد 3307/1/6/2006 ليقول: “حيث يستفاد من وثائق الملف أنه بتاريخ 18/9/2005 قدم ع.س مقالا إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط بوصفه قاضيا للمستعجلات عرض فيه أنه أوقف سيارته نوع … بشارع محمد الخامس بالرباط وذهب قصد تقطيع ورقة الأداء عن التوقف، غير أنه بعد عودته وجد أن العجلة الأمامية مثبتة بفخ، وبعد انتظاره مدة تجاوزت أربعين دقيقة لم يحضر أحد لفك الفخ الموضوع، ولأن ما قامت به المدعى عليها شركة الرباط- مستودع فضلا على كونه مخالف للقانون، فإن الحجز لا يتم إلا بناء على أمر قضائي طالبا إصدار أمر بفك الفخ المذكور تحت غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، واستنادا لمقتضيات الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية وفي غيبة المدعى عليها أصدر الرئيس المذكور أمره رقم 219 بتاريخ 19/9/2005 في الملف عدد 6/1017/2005 على المدعى عليها برفع الفخ المثبت على عجلة سيارة المدعي تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 50 درهما عن كل يوم تأخير عن التنفيذ…”.
لكل هذه الأسباب نرى على الجماعة الترابية أن تجد حلا لمعضلة هؤلاء العاطلين، بدل أن ترخص لبعضهم في أمر ليس من القانون في شيء حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى، وحتى لا يساء إلى سمعة هدا البلد كلما وفد إليه الأجانب بفعل ما يشهدونه من تهافت ومضايقات حارسي السيارات.