عمل فرنسا بالمغرب “مواصلة التهدئة” 1914م
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
3- التهدئة (غياتة والدسول وبني وراين)
في الأسبوع الأخير من شهر يونيو 1914م تواصل تسجيل فصل جديد من عمليات الاختراق التي انطلقت بالمغرب بنجاح على جبهتي تازا في الشمال وزيان في الجنوب، بحيث لم تترك أية فرصة تفلت للانتقال من مكان لآخر.
في مجاز تازا، تواصل مشروع الربط بين المغربين وحسب تعبير الجنرال ليوطي بالعمل على توسيع مائدة القنطرة التي منذ 16 ماي تاريخ ربط المغرب بالجزائر.
نعرف أن التقاء الجنرال كورو بالجنرال بومكارتين قد تم تقريبا شمال واد يناون، الجنرال كورو سلك طريق (تيسا-الزراركة-واد أمليل)، وفي نفس الوقت لتهدئة تراب الدسول الذي سبق أن بذلت بها مراكز تيسا ومرنيسة جهدا كبيرا، وأيضا من أجل الوصول بسرعة لهدفه تازا من غير أن يتواجه مع بني وراين في الطريق المحاذية لهم مباشرة، هذه القوة الكونفدرالية تستولي على أرض خلفية، صعبة، جبلية، وليس من المهم الآن فتح مسألة بني وراين، وأيضا لأن عناصرنا واهتمامنا في مكان آخر، علاوة على ذلك فإن فخذات من هذه الكونفدرالية لها صلة مع مركز عين السبيت الذي ضمن حيادهم إذا لم نقم بمهاجمتهم داخل حدودهم.
لكن وضعية كهاته لن تدوم، لأن مقتضيات الجغرافية وإكراهاتها أرغمتنا على فتح طريق إيناون لأن الواجبات السياسية تقتضي ذلك.
بالمغرب من المستحيل احتلال نقطة، حراسة طريق، يجب العمل على الأرض تلك هي رؤية الجنرال ليوطي.
أيضا منذ وصولنا لتازا اعتقد أننا سنحتل القبائل المحيطة بالمدينة، بعض مستطلعي كلون كورو وبومكارتين سيجوبون شمال محور تازا فاس، بتزامن مع تجوالهم ستقوم قوات المغرب الشرقي بالقضاء على مضارب الشنكيطي، ثم تولي القوتان وجهتهما نحو الجنوب.
الجنرال بومكارتين جاء من مكناسة التحتانية والجنرال كورو من امليل والتقوا يوم 13 يونيو على واد اناون، الطريق كانت بالنسبة لكورو سهلة عكس ما لاقاه بومكارتين الذي خاض معركة حامية من أجل الوصول لقصبة بني امغار على بعد 16كلم غرب تازا حيث التقت القوتان، لكن قبائل المضيق فضلوا الخضوع دون مقاتلة قواتنا.
يوم 15 يونيو تجمع لأهل الطاهر تم تشتيتهم في 16.
الكولونان صعدا ايناون لغاية تازا دافعان بقوة تجمعات غياتة الذين شجعوا على قطع المواصلات بين قصبة بني امغارا وتازا.
الكلونان بومكارتين وكورو تعاونا في هذه اللحظة تحت قيادة الجنرال بومكارتين.
مجموعتي نيسين ولاردوميل احتلوا الروابي المتاخمة للطريق الكبيرة لتازا في حين أن الكولونيل بيرو استولى على فج الطواهر.
مجموعة بيلوكس بقيت في الاحتياط مكلفة بإبعاد حركة الأرض المتحكمة في قصبة بني امكارا، هذه الأرض الوعرة التي تتخللها منحدرات عميقة والمضيق الذي ينصب منه ايناون المرصع بالصخور.
مغاربة الكومندار بويميرو وسنغاليي الكومندار فرير جون اقتحموا مواقع الأعداء من الخلف ولاحقوهم في أماكن تجمعهم.
هذه المعارك المختلفة كلفتنا 17 قتيلا و77 جريحا، لكن النتيجة كانت هامة، فقد تم فتح الطريق الكبرى المسماة طريق السلطان من فاس لتازا وصارت آمنة.
يوم 19 يونيو جزء من الكلون تمكن من الذهاب لتازا في أمان، وأحضر منها تموينا هاما يوم 20 يتكون من قافلة بها 2000 بغل، و3000 جمل.
المغاربة حسب عادتهم لم يفوتوا فرصة مرور قافلة بهذا الحجم لاعتراضها وإطلاق النار على حراسها للإصابة مما بها كما يظنون مستفيدين من مواقع تواجدهم في المضايق، لكن تصدت لهم قوات الكولونيل بلوكس والكولونيل بوير الذين أمرا باحتلال مرتفعات الشمال والجنوب التي تتحكم في مضيق الطواهر لحماية تدفق القافلة المحمية من قبل الكولونيل نييسل.
الهجوم المتوقع لم يفوت القيام بدخول لأراضي أهل الواد فخذة من غياتة بالخيول على واد ايناون، جماعات هامة أعلنت عن مقاومتها لنا طبعا جهة الشمال.
أيضا الجنرال بومكارتن توجه بقوة في اتجاه موقعهم.
مجموعة بويير أمرت بانتزاع التلة الهامة المحتلة من قبل الأعداء في حين أن مجموعة بيلوكس سجلت تخلفها في المكان الذي غادرته جنوب الممر، حيث بقي الكومندار بويميرو في الاحتياط منتقلا لمكان بيلوكس، الهجوم حقق عائدا كان سريعا لمقاوماته بالرغم من المهارة التي أبداها الخصوم في الميدان، لكن ضجيج المعركة جذب عصاة بني وراين فساروا نحو المدفع لإسكاته والاستيلاء عليه، لكن قواتنا بذلت جهدا إضافيا لجعلهم يفرون عائدين من حيث أتوا بعد التحام معهم في معركة شاركت فيها مجموعة نيسيل التي كانت متوجهة نحو المعسكر تخفر قافلة هامة.
خسرنا في المعركة 4 قتلى بينهم ضابط و25 جريحا، أما خسائر الأعداء فقد كانت هامة قدرت بمائة قتيل من بني وراين خاصة.
زيادة على النتائج المعنوية، بني امغارى خارت قواهم ووهنت عزيمتهم بعدما منوا بهزائم متوالية وتم تدمير مشاتيهم ومحصولاتهم الزراعية فاختاروا عدم الرجوع للقتال وفضلوا التوجه للجبال بأبنائهم وما تبقى لهم من الأموال.
بني وراين ابتذلوا وعوملوا بشدة، هم أيضا هزموا وخارت عزيمتهم لاسيما وإمبراطورتينا بدأت تظهر في البلاد، ببداية إنشاء معسكر من قبل الجنرال كورو على الضفة اليسرى لواد ايناون مقابل ملتقى مصبه مع واد أمليل على جبل صغير كدية البيوض المحيطة بحافة عميقة بالجنوب على شكل حصن طبيعي.
في 28 يونيو حاول “كورو” بعث انتعاش جديد، بسرعة أعطى أمره للكومندار دولاردميل بأن يتحرك مع فوجي بيلوط وبروكس وبطارية بوشيت لتدمير مشاتي القناصة الأعداء الذين يهاجمون المعسكر.
في الساعة السادسة صباحا كانت بنايات المشاتي مسواة بالأرض بعدما تم قصفها بالمدافع من غير أن يترك للمغاربة فرصة للاحتماء بمواقع دفاعاتهم الصغيرة التي كانوا يتحصنون بها في المنحدر، وبينما هم يحاولون تنشيط العودة للأمام فوجئوا بحراب السنغاليين تهاجمهم في حركة مضادة من قبل ثلاثة أفواج ألجأتهم للفرار تاركين ستة بنادق وأكياس من الذخيرة، كما استولى فوج دوباس على علم اولاد عياش الذين أتوا للإنقاذ من جهة اليمين، تراجع قواتنا تم تحت حماية مجموعة نيسيل بسهولة، في حين أن المغاربة اندهشوا بالصراع القوي الذي خضناه ضدهم، وقد خسرنا في هذا الالتحام 8 قتلى و20جريحا، وخسر المغاربة 56 قتيلا وعددا من الجرحى، ولأول مرة لم يسمع صوت رصاصة طيلة الليل.
هذه المعارك المختلفة لم يكن لها فقط انعكاس محلي بل امتد أثرها للأبعد.
إذا كانت قبائل كصنهاجة وبني بويحيى أكثر بعدا منا فهي ليست بعيدة من إلقاء سمعها لطلبات النجدة التي تطلبها غياتة.
إذا كان المنشقون متشددين أمثال أولاد الطاهر فخذة اولاد عيسى رحّلوا غلالهم أقل من التسول ولحياينة. هوارة مطمئنون، عمليات القبائل تتابعت دون حوادث، وجولات ضباط الاستعلامات لم تعترضهم صعوبات، اولاد عيسى أعادوا بناء مشاتيهم وأدوا بقية غرامة الحرب التي خاضوها ضدنا، ما عدى الحجامي هو الذي واصل تمرده وفوضاه في لمطالسا، لكن التجمع المنجز في تيمسكانا بدأ يحل نفسه بنفسه، وجهود الثائر صار صداها في القبائل قليل.
كلون بومكارتين دخل لتازا في 5 يوليوز بعدما تبادل إطلاق النار مع الثوار في الوقت الذي كان يغادر مركز باب مرزوقة في حين بقي كلون كورو بمعسكر كدية البيوض.
احتلال اخنيفرة
في زيان الوضع يتطور ببطء، مما يسبب ارتفاع الحوادث التي تؤدي لمزيد من جلب القوات لقلب هذه الناحية.
من10 إلى 12 يونيو تركز السير نحو اخنيفرة من قبل كلون: واد يفران، وفرغال وبجعد، الذين وصلوا في الوقت أمام خنيفرة، وبعد معركة 12 يونيو تم احتلال عاصمة زيان التي شكلت مقدمة المهام المتتابعة.
نتيجة هذه الضربة التمشيطية القاتلة لتادلا مكناس، تراجع الزيانيون فجأة، تاركين بيننا وبينهم فراغا بعدما قاموا هم أنفسهم بحرق محاصيلهم الزراعية وقصباتهم، وهذه الوضعية إن شئت القول كانت مفيدة بالنسبة لنا ومربحة، إذ سمح لنا ذلك الفراغ المتحقق بلا قتال التمكن من بلاد جديدة وإنشاء تموينات، كما ساهمت في تأخير لمدة طويلة عملية تهدئة العناصر الزيانية الذين فروا للجبال الخلفية.
الأهالي يستطيعون السكن في الظروف غير المستقرة حقا على الأقل لغاية فصل الشتاء حيث يمكنهم مواصلة المناوشات والمهاجمة الليلية لمعسكرنا، ونصب الكمائن للقوافل من غير أن ترد عليهم القوات بشيء، ثم يختفون في الجبل تاركين فراغات جديدة أمام العمليات الكبيرة نوعا ما.
في حين أن الجنرال هنري لم يحاول فعل شيء قبل إقامة قاعدة عمليات يمكنها إبعاد ما أمكن من هؤلاء المغيرين بالتعاون مع القواعد القديمة في بجعد وفورغال وواد إفران عن القوات المرافقة للقوافل التي تبقى بعيدة عن خنيفرة لمدة ستة أو سبعة أيام قبل أن تصل لوجهتها وتحط أحمالها ولا تقوى على خوض العمليات والقيام بالحراسة في نفس الوقت.
الجنرال هنري بدأ في إنشاء مخزن للتموين في خنيفرة فبعث تباعا حيوانات الحمل لثلاث كلونات لكل قاعدة، وأرسل مستطلعين في أنحاء البلاد للبحث عن أحسن المسالك التي يمكن شقها أو إصلاحها في المستقبل لتسلكها القوات والقوافل في أمان من الكمائن والقنص والاعتراض من قبل المغاربة المعادين، وكانت أحسن طريق هي طريق بجعد كما أقام بخنيفرة عدة مصالح: إسعافات، استعلامات، إعاشة وذلك بعد تنظيف المكان.
وأخيرا قام الجنرال هنري بحملة تمشيط بين خنك الدفة والبرج حيث تتواجد أماكن اضطراب لكنه يحتوي على أحسن المراعي ومزروعات ناضجة قريبة الحصد، مما يعني العثور على مجال لإنشاء مركز بعيد عن الذي في فورغال الموجود في محور صعب قليل المياه.
تم تبادل إطلاق النار بالبنادق بين فينة وأخرى مع عناصر من فخذات صغيرة لكن أغلب الأهالي منهمكون في درس محاصيلهم الفلاحية غير مستعدين للصراع بالرغم من محاولات موحى واسعيد دفعهم لذلك، لكن دون جدوى، وفي غضون ذلك عقدت جماعة اشلوح بني ملال اجتماعا في أقلال عند وتحت رئاسة حسن ابن موحى وحمو، وفي أروكو اجتماعا آخر عند والده موحى وحمو من أجل التحضير لتجمع كارهينا من لمرابطين وزيان المتطلعين لتطويق وشيك.
الجنرال هنري خرج يوم 30 يونيو صباحا من على الضفة اليسرى لنهر أم الربيع متوجها للبرج، الطليعة مقادة من قبل الكولونيل كلود مكونة من سبعة أفواج وأربع بطريات وثلاث فصائل مختلفة من ست مجموعات.
على الرغم من صعوبة المنحدرات المتعاقبة وصل التشكيل لواد الملك رافد أم الربيع من جهة اليسار، مما جعل شوافة الأعداء المكلفين برصد تحركات قواتنا يشعلون النيران على قنن الجبل إشعارا للعصاة المنتشرين فيه بتحركنا للأمام.
حوالي الساعة السابعة تسربت مجموعة معادية لنا من الجناح الأيمن التي كانت مؤخرتها جيدة التسليح فأطلقت رصاص بنادقها نحوهم، كثرة الأعداء المعدون بالمئات سرعان ما تواروا بين الصخور وأعطوا انطباعا بأنهم قوة جيدة التموين والتسليح والتذخير والتأطير، مقدمين الدليل على وجوب التخوف والحذر منهم، فلم توقفهم لا المدفعية ولا الرشاشات في عدد من الجولات التي شارك فيها ثلاثة أفواج مما جعل قادتها يلجأون لاستخدام الحراب في الاقتحامات من أجل فك الحصار الذي ضرب عليها بقيادة ولد العيدي قائد الحرب في زيان، حسن ميامي ولد الفاسية، وموحى وحمو نفسه.
الزياني سبق له أن وضع في الجبهة نظامييه المتخرجين من القوات المؤطرة أحسن تسليحا من باقي المقاتلين.
حوسا عين آخر من الأعيان المشاركين في القتال كلف بالبقاء في المؤخرة بجنان ايمس لحماية تدفق الذخيرة والتموين للمقاتلين، لكن مرونة المجموعة ومهارة الكولونيل اكلوديل على المناورة في الجبل: رمى بالمغاربة في الجبل واختفوا من جانب القلعة ووالماس حاملين عددا من القتلى، أما نحن فقد خسرنا 17 قتيلا بينهم ضابط و77 جريحا دون أي قلق عند دخوله المعسكر الذي هوجم بشدة في العاشرة صباحا من قبل جموع من المشاة والخيالة السريعة الذين فروا من بعد نحو أقلال.
النتيجة المحصل عليها في هذا اليوم كانت مهمة: أخلي البرج، وفرت الدواوير نحو أقلال، تراجعات أكثر بعدا، عرفاء الطرق الذين ساعدوا على تمكين الحركة ضد المرابطين، وخاصة معركة البرج الدامية المؤدية لانحلال منطقة زيان.
أثناء المرحلة الأولى لعمليات التقدم تأسفنا لاختفاء الأعداء قبل تمكننا من إلحاق ضربات تحبطهم لأننا كنا نريد تهدئتهم قبل أي عقاب.
معركة البرج قدمت أول فرصة مثمرة تركت تأثيرا بليغا في الزيانيين عند ما طردوا من مجالهم
يوم 12 يونيو قامت الكلونات الفرنسية بفتح كل الجوانب المؤدية لخنيفرة، بالمقابل كان العياء قد أخذ من المقاتلين المنفذين لتعليمات قائدهم موحى وحمو خاصة في الشهور الشديدة الحرارة كما وقع في السنة الماضية لجيرانهم بني امكيلد.
من جديد في 4 يوليوز تعرضت قافلة محروسة لهجوم قرب البرج من قبل عصابة زيان فردت على أعقابها بعد اشتباكات معها فقدنا فيها 11 قتيلا بينهم ضابط و30 جريحا.
الجنرال ليوطي عقد اجتماعا في واد إفران مع الجنرال هنري حيث اتخذا على الفور عدة قرارات جديدة.
كلون كلوديل الموجود في آيت لياس توجه نحو الجنوب لإنشاء طريق نحو اخنيفرة وإقامة مركز في سهل امريرت التي ترتاده قبيلة امرابطين في فصل الشتاء للانتجاع، بني يوم 10 ودمر في غده من قبل جماعة معادية.
من جهة أخرى الكولونيل لافيردون مع قوة متحركة قضى يوما في ولماس ثم توجه طبعا نحو الجنوب لإقامة مركز في خنك الدفا وحراسة خط المواصلات المؤدي لخنيفرة من مرتفعات فوغالا، في نفس الوقت الكولونيل دولبيس بحث في جهة سيدي الأمين عن طريق تسمح بتجنب استخدام مضيق فم أكنور حيث دارت معركة 29 يونيو.
أخيرا جمع من الأعداء جاؤوا من جهة آيت اسحاق جنوب اخنيفرة وهاجموا يوم 13 يوليوز الجوانب الجنوبية والجنوبية الغربية من معسكر خنيفرة فقام الكولونيل أودري للقائهم بفوجين من الجنود مسلحين بالمدفعية والرشاشات مما جعلهم يتقهقرون للوراء نحو جهة الغرب بعد معركة حامية، وقد حاول البعض منهم العودة لمهاجمة القوات العائدة من المعركة من جهة الغرب التي تراجعوا لها فتصدى لهم فوجان جزائريان وأهالي خاضعين وأوقفوهم بعد ساعتين من بدء هجومهم علينا ففروا تاركين خمسة قتلى في الميدان وبندقيتين وعلمين وشعارين وعاد الكولونيل للقاعدة غير خائف بالرغم من محاولة فرسان آخرين ومشاة قدموا من جهة الجنوب الشرقي للإغارة عليه مجددا فتصدت لهم المدفعية والرشاشات وجعلتهم ينقلبون للجبال فارين وقد خسرنا 6 جرحى بينهم ثلاثة أوربيين.
في سوس
في سوس الجهة الأخرى من المغرب، لاحظ مخبر أن هناك مجهودا يبذل نحو الجنوب، في 8 يونيو الكولونيل دلاموت رئيس مصلحة الاستعلامات بمراكش رافق القبطان ميلي والطبيب الماجور شاتينيير في مهمة للقاء قائد الأهالي المعين من قبل المخزن كي يطلعهم على الحالة في قيادتهم وأحوازها.
تقدم الكولونيل أولا لأولوز عبر طريق دادس وبعدها نزل لسوس فوصل يوم 18 لتارودانت، وبعد توقفه عند بعض الشخصيات الهامة التي خصت له استقبالا هاما، تم استقباله في تارودانت من قبل القايد بن دحان قائد محلة تيزنيت قياد شيوخ هوارة كان عدد منهم من أنصار الهبة، من جهة أخرى ليوطنا ألبير من مصلحة الاستعلامات بأكادير انتقل لتارودانت دون مشاكل وجال شمالا عند اولاد اسعيد شمال تارودانت لغاية تيوت جنوب هذه المدينة.
واصلت البعثة طريقها قاطعة أراضي هوارة والقسيمة لتصل يوم 2 يوليوز لأكادير دون حوادث ثم واصلت طريقها لمراكش عبر الأطلس.
هذه الجولة كانت لها أبعاد سياسية وأمنية مكنتا البعثة من لقاء عدة شخصيات محلية وشيوخ وقياد مخزنيين، وتبين لها أن الأروبيين يمكن لهم التنقل بالناحية سواء كمسافرين أو تجارا في أمن وليس مثل تازا وخاصة خنيفرة، هذه الأوضاع أتاحت لبعض الفرنسيين القيام بعملية الحرث.
السيد دوري من مدة نصح وشجع على تعيين القايد حيد امويس باشا على تارودانت سنة 1913، لأنه القادر على الربط بين تارودانت وأكادير لسعة اطلاعه وكثرة معرفته وشجاعته وإخلاصه.
بحيث يولى على كل جبهات المغرب الغربي، وقد لوحظ التطور المتواصل لمجهوداتنا التي أبانت عن جدارة الجنرال ليوطي الذي جمع مع تدبيره المرن للعمليات المختلفة الملائمة لكل بؤرة سوداء الرجال المناسبين لكل منها على حدة، كورو، بومكارتين، هونري، ابرولارد، حيث يعتمدون تدابير طبيعية مختلفة، بها كثير من الدقة، تلائم الأشكال المختلفة للأوضاع المغربية”.
افريقيا الفرنسية 1914/ص299-302.