عن اللواتي لا يكتبُ عنهنّ أحد
هوية بريس – ذ. أدهم شرقاوي
عن المستيقظاتِ فجراً، المُصلّياتِ فرضاً، التالياتِ ذِكراً، المُعدّاتِ فُطوراً ، المُجهِّزاتِ تلميذاً ، المُلبساتِ مريولاً ، المُسرِّحاتِ شعراً ، المُراجِعاتِ برنامجاً ، الجالياتِ صحوناً ، المُوضّباتِ فِراشاً ، الحانياتِ ظهوراً ، الكانساتِ أرضاً، الماسِحاتِ غبراً ، المُرتّباتِ بيتاً ، الطّابخاتِ غداءً ، المُنتظراتِ أولاداً ، المُطعماتِ حشداً ، المُنظّفات قُدوراً ، المُذاكراتِ دروساً ، الحالّاتِ فروضاً ، المصحِّحاتِ إملاءً ، المُسمّعاتِ استظهاراً ، المُحفّظاتِ قرآناً ، المُعدّاتِ للنَّوم أولاداً .
أنتنّ بطلاتُ العالم الحقيقيات وإن صادروا بطولتكنّ ، فهذا العالم لا يُقدّر إلا من يُصدرُ ضجيجاً ! تجمعُ نملةٌ مؤونة سنة فلا يدري عنها أحد ، وتستلقي ضفدعةٌ على شاطئ المستنقع تحت الشمس فـ تصدرُ نقيقاً كأنها مديرة كوكب الأرض !
أنتنّ نمل البيوت الذي يعمل بـ صمت ولا يدري به أحد ، وما تبقّى ضفادع تُصدرُ نقيقاً فـ يُمجّدونها !
عن الخبيراتِ الاقتصاديّاتِ اللواتي يتكيّفنَ رغم عجز الموازنة بينما تغرق أوطان كبيرة بالدّين !
عن الممرضاتِ اللواتي يقسنَ حرارة ولدٍ مريض بـ ميزان شفتين يطبعنه قبلةً على جبينه ، فيُشخّصنَ المرض ، و يعطين العلاج ، فـ نشفى ، ويموتُ عشرات الآلاف بالأخطاء الطبيّة !
عن المُدرّساتِ الخصوصيات مجاناً !
عن السّمكرياتِ توفيرا ً!
عن المرهقاتِ الآوياتِ لـ فراشهنّ ليلاً يسمعنَ صوت عظامهنّ تحتهنّ فلا يشتكين !
عن اللواتي لا يطبخن للانستغرام ، ولا يشترينَ الثياب للفيسبوك !
عن الصّابراتِ على وجع الظّهر لأنّ كشفيّة الطبيب أولى بها فاتورة الكهرباء في أوطان رغم خيراتها لا تشبع !
عن خشناتِ الأيدي لأنّ ثمن المُرطّبات و الكريمات أولى به أقساط مدارس الأولاد في أوطان تخلّتْ وعلى المرء أن يتدبّر فيها نفسه !
عن بطلاتِ العالم الحقيقيات !
أعرفُ أن مقالاً لن يشفي وجعاً في الظهر ، ولن يمحو بحَّةً في الصوت ، ولن يُزيل خشونةً في يدين ،
عن سِلال الغسيل الممتلئة لأنكنّ لا ترضينَ إلا أن يلبس أولادكنّ ثياباً نظيفة !
عن المجلى الممتلئ عن آخره بالصحون لأنكنّ تأبينَ إلا أن تُطعمنَ أولادكنّ طعاماً شهياً !
عن الألعاب المتناثرة هنا و هناك لأنكنّ ترفضنَ أن تسلبنَ أولادكنّ طفولتهم !
عن الصوتِ المبحوح والأعصاب التالفة لأنكنّ لا ترضينَ إلا أن يكون أولادكنّ الأفضل !
عن بطلاتِ العالم الحقيقيات ..
عن اللواتي ينسينَ أعياد ميلادهنّ .. عن اللواتي لا يُطالعنَ مجلات الأزياء .. عن الملائكة ، الملائكة حقاً ، الملائكة فعلاً!
لقد احسنت و انصفت
بارك الله فيك مقال رائع جدا ، شكرا جزيلا.
شكر الله لك
JAZAKA ALLAHO BALKAYRE