عن مظاهرة رحيل حماس.. بنكيران: إنها معركة وجود وحق وليست مجرد معركة راية أو تنظيم

26 مارس 2025 17:21

هوية بريس – د. رشيد بن كيران

أظهرت بعض التسجيلات -الله أعلم بها وبحقيقتها- أن بعض سكان غزة من خان يونس في لحظات الألم واليأس خرجوا يرفعون أصواتهم مطالبين حركة حماس بالرحيل، معلنين أنهم لم يعودوا يريدون هذه الحرب التي تفتك بهم وبمدينتهم.

عـبّـر هؤلاء بمرارة عن غضبهم وسخطهم على الحال الذي آلـوا إليه؛ فالحصار يخنقهم، والجوع والمرض يتفشيان، والدمار يحاصرهم من كل جانب، والقصف لا يفرق بين مقاوم وطفل، بين بيت ومدرسة أو مستشفى. قالوا بصدق: “نحن نريد أن نعيش، نريد الحياة… لا الموت تحت الركام”.

ولا شك أن حق الإنسان في الحياة والعيش الكريم هو حق مقدس لا جدال فيه. لكن ما لا يدركه كثيرون في لحظة الألم والخذلان، أن هذه المأساة ليست مجرد صراع مع حماس أو مقاومة مسلحة، بل هي جزء من مخطط أكبر، أوسع وأخطر.

فحتى لو انسحبت حماس الآن بكل قادتها وجنودها، ولو سـلّـمت الأسرى دون قيد أو شرط، فلن تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية، ولن يتراجع العدوان. فإسرائيل، كما أثبتت التجارب، لا تقصف غزة لأن فيها مقاومة فقط، بل لأنها ترى في الفلسطينيين جميعا -أطفالا ونساء وشيوخا- عـقبة يجب إزالتها من الأرض.

إن ما يجري في غزة اليوم يتكرر بصور أخرى في الضفة الغربية؛ مخيمات تُهدم، عائلات تُقتلع من جذورها، وتهجير قسري يستهدف نحو أربعين ألف فلسطيني في الأيام الأخيرة وحدها. هذا ليس صراعا مع فصيل أو تنظيم، بل هو مشروع صهيوني ممنهج لإعادة إنتاج النكبة وفرض واقع جديد على الأرض، واقع يطيح بكل حقوق الفلسطينيين في أرضهم وتاريخهم ومستقبلهم.

من السذاجة -بل من الغباء السياسي- أن يتوهم البعض أن زوال المقاومة سيجلب السلام أو يوقف آلة القتل والدمار. فإسرائيل لم تحتل فلسطين لأنها واجهت مقاومة مسلحة، بل احتلتها والشعب أعزل، لا يملك من أدوات الدفاع شيئا.
هجّرت السكان، دمّرت القرى، وارتكبت المجازر قبل أن يولد جيل المقاومة أصلا.

إنها معركة وجود وحق، وليست مجرد معركة راية أو تنظيم. معركة شعب يريد الحياة والحرية والكرامة فوق أرضه، ويواجه مشروعا استعماريا يسعى لاقتلاعه من جذوره. وهنا يتبادر السؤال الأصعب: كيف نحمي هذا الحق ونصون دماء أهلنا؟

لكن المريب والمخزي في هذه اللحظة أن كلما اقترب هذا السؤال من طاولة الحكام العرب، حلّ الصمت… صمت مخز يكاد يكون شريكا في الجريمة، بل هو كذلك. لا صوت يعلو، ولا موقف يعلن، وكأن على أفواههم أقفالا من خذلان وخوف. كأن الدم الفلسطيني لا يعنيهم، وكأن ما يُرسم لفلسطين من تهجير واقتلاع لا يدخل ضمن حساباتهم، إلا بقدر ما يرضي العدو أو يضمن لهم كراسيهم الهشة.

ويبقى الشعب الفلسطيني عموما وأهل غزة خصوصا وحدهم في الميدان، يواجهوان قدرهم، ويتمسكون بحقهم في الحياة، ويدافعون عن أرضهم، وعن المسجد الأقصى رغم كل هذا الصمت وكل هذا الجحود وكل هذا الخذلان.

اللهم اجعل لأهلنا في غزة فرجا ومخرجا من حيث لا يحتسبون.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
16°
22°
أحد
24°
الإثنين
20°
الثلاثاء
19°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M