عودة “الإسلاموفوبيا” والتعصب في المنحى المعاكس.. أي تفسير للظاهرة؟
هوية بريس- محمد زاوي
يزعم الغرب دفاعه عن حرية الرأي والمعتقد، وبهذه المزاعم يواجه سياسات وحكومات ودول، فيصنفها إلى دول تحترم حقوق الأقليات، وأخرى لا تحترمها. وعلى أساس التصنيف، تنطلق الضغوط التي لا تقف.
كل الأقليات يقام لها ويقعَد، إلا الأقليات المسلمة في بعض دول أوروبا. كل الأقليات الدينية ينتصَر لها حقوقيا، إلا أقليات بعينها في بعض الدول الأوروبية؛ هي تلك الأقليات التي تنطق الشهادتين، وتؤذن خمس مرات في اليوم للصلاة، وتصوم رمضان، وترتدي الحجاب، وتصلي العيدين… إلخ.
يدعي الغرب أن معركته موجهة ضد “الإسلام السياسي”، إلا أن الواقع غير ذلك. فقد تحولت كل الشعائر، في نظر جهات غربية رسمية وغير رسمية، إلى “إسلام سياسي”. فأين هو الإسلام إذن؟ أهي عقيدة الإرجاء الجهمية تعاد صياغتها بأيادٍ غربية؟ أمْ أن الإرجاء نفسَه سيرهق آخرين؟!
ولا نعلم، في الحقيقة، أيَّ الطرفين في أزمة، الإسلام أم الغرب؟ لم يهاجم الإسلام أحدا يوما باعتداء، ولم يدعُ إلى إرهاب مهما اتهِم بذلك وهو منه براء. الإرهاب صناعة تم التخطيط لها خارج أرض الإسلام، فأوذي منها الإسلام أكثر من غيره، وتأخرت بفعلها أمته لعقود أكثر من غيرها. فلِم الحملة العدائية على الإسلام إذن؟ لماذا كانت الإسلاموفوبيا ولم تكن فوبيا أخرى هي عين الحقيقة؟
ليس هذا كلاما في فراغ ومن فراغ، بل إن معادلة “إسلام-غرب” أخذت تفرض نفسها في أوروبا بالذات، وليست مواجهة “الإسلام السياسي” فيها إلا جزءا من كل.
لا يناقَش الإسلام في الغرب بعيدا عن: التغيرات الديمغرافية في القارة العجوز، والمصالح الاقتصادية لقلة غربية نافذة، والقرار السياسي الأوروبي، والنموذج الثقافي الغربي. كلها عوامل تجعل موضوع الإسلام ذا طابع خاص في الغرب، فيجمع على أهميته ومِلحاحيته السياسيون والمثقفون والاقتصاديون والسوسيولوجيون وأصحاب المصالح والقرار… الخ.
أعمالهم شتى، وخوفهم واحد: كيف سنواجه القوة الناعمة للإسلام؟ فلنجعل “مواجهة الإسلام السياسي” قناعا، ولنستثمر في “الإسلاموفوبيا” من جديد، ولنبحث عن “علاقة مفتعلة بين الإسلام والإرهاب”؛ هذا هو لسان حال كثيرين، وقلة ترى في ذلك تجاوزا وانقلابا للغرب على نفسه وقيمه الإنسانية التي لطالما صدّع رؤوس العالَمين بها.