ولنجعل استهلالنا من حيث أنهينا على بدء متكرر رسالي مقصود، وقد كتبنا قبل أيام مقررين:
أن تدبير أزمتنا تتلخص في عيش الظلام بإيمان راسخ وثبات مبهر قوي، ومدافعة أهل الظلام ومريديه بالحسنى، ومسابقتهم إلى نواصي الناس لملئها بإسلام الوحي وعقيدته الصافية النقية، ومن ثم ربط الناس بربهم وتوثيق علاقتهم به في سياق واحد لا إقعاد فيه ولا اعوجاج، وتلك ولا شك رسالة المصلحين من العلماء والدعاة والخطباء والأدباء والشعراء والسياسيين إن جاز العطف بهم في هذا الخصوص.
ـ إنّها رسالة تنقية المناخ من الشوائب وتطهير النفوس وإخراج كيرها والزيادة في حجم ماء فطرتها فإن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث.
ـ إنّها رسالة صناعة المناخ والبيئة البالغة نصاب استقبال ضوء النهار وعودة الحياة والصحة والعافية لهذه الأمة الموصولة بالله.
ـ إنّها رسالة يجب ألا تستعجل إسفار النهار على غفلة ونوم عميق ومرض عضال مستشر ومستوعب لكياننا البشري على اختلاف مستوياته، وكلها أمور ناقصة تأباها حركة النهار ومعاشيته وشروط النصر ومقتضياته.
ـ إنّها رسالة تعيد الاعتبار إلى قضية تحوير الأسماء وتحرير المصطلحات في أذهان الأجيال، حتى لا تُصاب بعمى الألوان فيختلط عندها الفساد والإفساد بالصلاح والإصلاح، والفاسد المفسد بالصالح المصلح، فتخوّن الأمناء، وتستأمن الخونة، وتكذب الصادقين وتصدق الكاذبين.
ـ إنّها رسالة تناور من أجل وضع أو إعادة الوهج إلى مفهوم القدوة وإدراجها في مشروع التربية والتخليق، ولا شك أنّها حاجة صارت تبعد وتحيد عن قبلة الأجيال ومهوى نفوسهم في ظل إعلام ظلامي بئيس يقدم ويمرر مشاريع الفساد وأسماء المفسدين باسم الصلاح وأسماء المصلحين.
ـ إنّها رسالة يجب أن يرابط الحاملون لتركتها الموروثة بالسند المتصل على رد الناس إلى الاكتيال بالقسطاس المستقيم، فبكفتيه ومعيارية التحكم فيهما حيث لا وزن ولا كلمة إلا لمحاسن الأخلاق ورجحان الفضيلة يتبيّن الغثاء ويتميّز عنه ما ينفع الناس.
ـ إنّها رسالة يجب أن تكون قواعد انطلاق المستأمنين عليها هي إيمانهم الراسخ بأن ثمة مؤامرات تُحاك للأمة ومكوّناتها من حكام ومحكومين وما يندرج ضمن الكل من دين وأرض وعرض وأرواح وأجساد.
ـ إنّها رسالة يجب أن لا ينتج أصحابها أو يعتمدوا على الحلول العدمية أو السرابية، بل يجب أن ينصب شغلهم الشاغل بالتركيز على المساهمة في ميلاد توليفة من التصورات والحلول والمقترحات ذات الطابع الوجودي والحركة الحيّة التي يؤمن رمادها ويحن إلى بؤرة الموقد الأول.
ـ إنّها رسالة يجب ألا يتحوّل فيها الدواء إلى غداء فإن الطبيعة كما لا تقبل الفراغ فهي تظل تأبى الإفراط والتخمة التي مادتها لا تنتج قيتا ولا طاقة ولا حركة إلى الأمام زحفا لا فرارا.
ـ إنّها رسالة يجب أن يفكر المنخرطون في سلكها ولو على تعاقب أجيال في أمل وبغية إنتاج مشروع نهضوي له ارتباط بواقع الناس ودنياهم، متوافق ومحكوم بالضوابط والقواعد الكلية للشريعة الإسلامية، ومناهض مدافع للمنظومة العلمانية واقف في وجه سيلها الجارف لنواصي المسلمين والمغالب لهم في عقر الدار ومسقط الرأس.
ـ إنّها رسالة يؤمن أصحابها أن كراهية الفكر العلماني ومعه جوقة العلمانيين للإسلام شعيرة وشريعة، هي كراهية ليس منشؤها ولا النافخ في كيرها هو مواجهة التطرف والإرهاب الديني، وإنما أصل الداء وأساس الخصومة والعداوة هو كون هذه الأجيال لا يزال وجودها يفزع كل حين إلى الالتزام بعرى هذا الدين العظيم، أو بعبارة قديمة جديدة أن تهمة هذه الأجيال هي من جنس الرمي بكونهم أناسيحبون أن يتطهروا.
ـ إنّها رسالة يجب أن ينأى ويربأ أصحابها بأنفسهم عن الانخراط في سلك وحلقات تلك السلسلة الشاذة من التوافقات أو بأدق تعبير الذوبان الذي يغلّب المصالح النفعية العاجلة وينبطح ليد كرمها وجودها المادي،ثم في غمرة سكرته يجمع لمرجوحية مشتهاه جيوش الأدلة مما هو من جنس متاع الآجلة باسم الترجيح بين المصالح والمفاسد تارة، وباسم جلد النفس وجعلها شماعة تسوّغ على أذرعها مظاهر ذلك السكوت الخائن، والحركة المنضبطة معنبضات الحرص المترادفة، نبضات التوجس والخيفة من فوات ذلك الحظ الدنيوي وحطبه الزائل بزوال علله ومسبباته.
ـ إنّها رسالة يجب أن يسعى الوارثون لها إلى بيان وتوضيح أنّهم ليسوا صورة مستنسخة عن تلك التي يسوّق لها الخصوم ويستشهرون لها أينما حلوا وارتحلوا، أي أنّهم ليسوا مفعمين بالحقد والكراهية أوأنهم ثابتون راسخة أقدامهم في موقع عدائي عدمي، أو أنّ نفسيتهم مهمومة متلبسة بالرفض من أجل الرفض والمخالفة من أجل المخالفة.
ـ إنّها رسالة يبقى على أصحابها رهان قائم مفاده توجيه المدافعة والردود قلّت أو كثرت في سياق يكون فيه القصد من ذلك السعي هو التدليل على الوجود لا تبرير الوجود.
ـ إنّها رسالة يجب ألا تحيد خطوط تماسها عن مقصود النفخ في روح قيّمنا الحضارية من أجل التخلص من شوائب الوهن وعذابات الفرقة، ودركات التخلف ومصائب التبعية العمياء، وآفات الافتتان بمدنية الغالب غلبا عرضيا ومؤقتا.
ـ إنّها رسالة يجب أن يخلص حاملوها فيها ومن خلالها النصيحة لله ولرسولهولأئمة المسلمين وعامّتهم، وذلك بأنفاس جماعية تنطلق من محاضن التوجيه النبوي ومثاله من استهام أصحاب السفينة بين شغر أعلاها وأسفلها واشتراكهم في منطق الحرص والصبر في تدبير أزمة سقيا الماء، وعلاقتها بالسير الصحيح السليم للسفينة والنأي بها عن أي تهور أو خرق ينفذ منه الماء ثم يهلك الجميع من سكان الأعلى وقاطني الأسفل.
ـ إنّها رسالة يفترض في أصحابها توجيه الناس والأخذ بيدهم من أجل بحث أسباب تخلف الأمة وتأخرها، وإرشادهم تحت إمرة الشرع وضوابط الولاية الشرعية إلى مواجهة أنفسهم في محاولة منهم لاقتلاع أدواء العسف والظلم والتظالم والبكاء والتباكي، والإقلاع عن فرط إيثار الحق الخاص على الواجب العام، والتخلص من الدروشة وعطالة وبطالة اليد السفلى، ذلك أن الأمر هو بين قول الله عز وجل: “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم” وقوله جلّ في علاه: “وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون”.
ـ إنّها رسالة لابد لحامليها أن يعيدوا لمكونات الأمة بريق الأمل ومستشرف ما وراء أكمة المحنة والعسر من حلول وتمكين ويسر، كما عليهم أن يبيّنوا ويُفهموا الأجيال الحالية أن أمتهم ليست أمة جاهلة ولا مريضة أو متخلفة،وأن ما يرونه من مؤشرات تؤكد هذا الاتهام وتعزف بكلماته السمفونيات والمطولات الملاسنة، لا يستقيم ضرره ولا يطول حبل اتهامه، وإلافهي بالحصر أمة خيّرة الجهل فيها عارض ومفروض بالنار والحديد تارة، وبالمكر والخداع والاستدراج تارة أخرى.
ـ إنّها رسالة يجب أن يبيّن مضمونها لكبرائنا وصغرائنا في دائرة الفضل لا الغمط حقيقة أن الأمم من حولنا ما فتئت تطمح في إصرار ومثابرة ومصابرة إلى امتلاك وتطوير القوة الرادعة وإحراز ـ عبر السعي إلى تحصيلها ـمفاوز القدرة على الانفراد بالقيادة والسيطرة وتسخير المدخرات الأرضية لصالحها واحتكار القرارات الكبرى خدمة لأطماعها والتحفظ على الصغرى إيثارا لمصالحها العدوانية، بينما نحن لم نبرح درك التصفيق والرقص للأعمى واتباع جنائز المغنومات منا من الضحايا والأنفال تلو الأنفال في صمت وسكوت مؤشر في مقام البيان على أننا راضون مطمئنون غير عابئين بهذه اللصوصية التي انتقل أصحابها من سرقتنا بالغلس إلى ممارسة سرقتهم الموصوفة في إسفار النهار ووضوح رؤياه.
ـ إنّها رسالة يجب أن لا يستصغر أو يستطيل أصحابها السير بالليل، ذلك أن المطلوب في هذه المرحلة الحرجة هو تقدير الممكن واستثمار المتاح والرضى بما يتحقق من انتصارات جزئية بسيطة فإن في ذلك بركة يعمل قليلها في صدور المناوئين من الخصوم والأعداء.
ـ إنّها رسالة يجب أن تنتج الحظوظ الوافرة من العلوم الشرعية والدنيويّةالكفيلة بمواجهة ومدافعة ما يحمله المشروع العلماني بين ثنايا طبيعته وأحشاء سخائمه من حساسيات عدوانية وخصومات لجوجة طويلة الأنفاس موجودة باسترسال في صميم الحياة العلمانية بكل أركانها وكامل مكوناتها.
إنها رسائل يؤمن أصحابها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيّا ورسولا، ويؤمنون بأن ما نمتلكه من زاد روحي ورصيد أخلاقي وانتساب عظيم وتاريخ مجيد… كلّها أمور قادرة حتى في غمرة هذا الظلام المهيمن على سد وردم الفجوة الكائنة بيننا وبينهم من جهة حقيقة تطورهم المادي وتفوقهم التكنولوجي الباهر…
سيدي محمد لك مني ومن المحبين لديننا المجيد دعوات صادقات أن يجزيك رب الأرضين والسموات بجميل الاعطيات على قلمك الناصح و رأيك الراجح
و همك الطامح لإصلاح بإذن الله ناجح .
سيدي محمد لك مني ومن المحبين لديننا المجيد دعوات صادقات أن يجزيك رب الأرضين والسموات بجميل الاعطيات على قلمك الناصح و رأيك الراجح
و همك الطامح لإصلاح بإذن الله ناجح .