عيد بأي حال عدت يا عيد
هوية بريس – د.محمد عوام
في الثامن من مارس من كل سنة، اعتاد العالم أن يحتفل بما سمي عيدا للمرأة، حيث يكثر الصراخ والعويل والبكاء من أجل المرأة، والذي جرى به العمل في المؤسسات الوزارية عندنا أن يعمد المسؤولون إلى جمع النساء وتقديم لهن الورود الحمراء والحلويات والمشروبات مع شيء من الغناء، حتى يبردن على قلوبهن، وبعض الوزارات تقدم لهن قطعا من ذهب (سوار)، أو بعض جمعياتها تنظم لهن رحلات للاستجمام والراحة طوال يوم أو يومين.
وتنتهي الخطب الرنانة، وتذبل الورود، وتمضي السنة بكاملها، ووضع المرأة هو الوضع الذي يراه القاصي والداني، بؤس وحرمان، وعمل بالليل والنهار، بدون حقوق ولا واجبات، ولا شفقة ولا رحمة، تسحق أنوثتها، ويتجر بعرضها وشرفها، ويستغل جسدها في الإعلانات التجارية، والكبريات، ولا سمعنا المناضلات المشهورات يشجبن ويستنكرن استغلال جسد المرأة في الإعلانات التجارية، ولا نظمت وقفات احتجاجية من أجل تمتيع المرأة القروية التي تعمل بأجر زهيد في ضيعات الشركات الفلاحية، أو عند بعض المترفين. وكذا وضع المرأة في شركات النظافة والعاملات في القطاع الوزاري، يعملن أكثر من الوقت المنصوص عليه قانونيا، بل يوقعن على بياض، مع العلم أن هذه الشركات تتعاقد مع القطاع الوزاري. أما العاملات في البيوتات فحدث ولا حرج.
لقد كنا سنفرح بعيد المرأة لو أن الدولة اتخذت قرارات صائبة في صالح المرأة:
– بأن تعمل المرأة أقل من الرجل، يحتسب لها عمل البيت.
– تمتع بسنة كاملة للولادة، حتى يشتد عود طفلها وتسترجع صحتها.
أن يزاد لها في عطل الأعياد الدينية لما لها من صبغة اجتماعية، تحتاج المرأة معها إلى كثير من الترتيبات المتعلقة بأسرتها.
– أن يسمح لها في الغياب لمدة ثلاثة أيام من كل شهر أثناء دورتها الشهرية، خاصة عند بدايتها، لما تسبب لها العادة الشهرية من قلق وتوتر، ومراعاة لنفسيتها.
– أن لا تتقاضى الموظفة في القطاع العام مع أخيها الرجل أقل من 5000 درهم، فهل يعقل أن تتقاضى بعض النساء اللاتي عملن أكثر من عشرين سنة بأجر 3000 درهم، تصرف ثلثه في النقل، مع العلم أن غيرهن ممن يسمون “المناضلات” ويتخذن من قضية المرأة مرتعا للمتاجرة يتقاضين أجورا ضخمة. أنا لا أدعو إلى المساواة المطلقة، لا سيما في المجالات التي تختلف فيها الطاقات، ولكن على الأقل أن يكون هناك شيء من المعقول في الأجور.
– أن يصدر قانون صارم لحماية المرأة من التحرش الجنسي في الشوارع العامة، ومناهضة الزنا في البيوتات وغيرها.
– أن يصدر قانون لمحاربة التبرج الفاحش المخل بالحياء العام، أو تفعيل القانون المتعلق بالإخلال بالحياء العام.
– إصدار قانون إعدام الاغتصاب الجماعي، أو السجن المؤبد، وتفعيل ذلك في الواقع، حتى لا تسول للمجرمين أنفسهم التعدي على حرمات النساء.
– السماح للمرأة العاملة في الأمن أو الجيش وغيرهما، بارتداء الحجاب على غرار بعض الدول الأروبية، التي عادة ما يتخذها مسؤولو هذا البلد قدوتهم، وإلا فالقرآن الكريم واضح في تحريم التبرج، بشرط أن تكون المرأة العاملة في هذه القطاعات بعيدة عن السياسة أو الانتماء الحزبي، فهي مدينة لمؤسسة الأمة الأمنية والعسكرية.
إن مشاكل المرأة المتفاقمة والكثيرة، لا يحها يوم ثامن مارس، وإنما تحلها الجدية في تغيير حالها، والتفكير في معاناتها، وإلا سيبقى هذا اليوم مهرجانا لتدويخ المرأة والمتاجرة بحقوقها.