غرامات التأخير والشرط الجزائي

غرامات التأخير والشرط الجزائي
هوية بريس – متابعات
في كثير من العقود نجد بندا يسمى “غرامات التأخير”، ينصّ على أنه إذا لم يتم التسديد في الوقت المحدد، تتم إضافة مبلغ إضافي على الدين الأصلي ليؤدى فيما بعد.
وهذا البند محرم شرعًا لأنه من الربا بل هو ربا الجاهلية نفسه، حيث كانوا إذا جاء وقت سداد الدين قال الدائن للمدين: “إما أن تقضي وإما أن تُربي” ، أي إما أن تسدد الآن أو نزيد عليك في المبلغ مقابل التأخير. أو “زد وتأخر” اي زد في المبلغ وتأخر عن السداد .
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:278-279].
وبالتالي فكتابة مثل هذا البند في العقود غير جائز شرعًا، حتى لو قال بعض الناس: “أنا سألتزم بالسداد في الوقت” ثم أمضى على العقد؛ فإنه بذلك يدخل فيمن كتب على الربا.
وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، فقال: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء» رواه مسلم .
غرامات التأخير في العقود البنكية والتجارية.
الأبناك التقليدية: تعتمد في عقودها على بند غرامات التأخير بشكل صريح، حيث يتم فرض مبلغ إضافي إذا تأخر العميل عن السداد.
الليزينغ Leasing (التأجير التمويلي): يتضمن هو الآخر بنودًا مماثلة، إذ تُضاف غرامات على العميل عند التأخير.
العقود بين الشركات: كثيرًا ما نجد فيها أيضًا بنودًا عن غرامات التأخير كوسيلة للضغط على الطرف المدين بالدفع في الوقت المحدد .
الأبناك التشاركية: بخلاف ذلك، فهي لا تتضمن في عقودها أي بند من هذا النوع، التزامًا بالضوابط الشرعية التي تمنع الزيادة على الدين بسبب التأخير.
الفرق مع الشرط الجزائي
أما الشرط الجزائي: فهو مختلف تمامًا، إذ يُطبق في العقود التي يكون موضوعها تنفيذ عمل أو تسليم مشروع. فإذا تأخر المقاول أو المورد عن الموعد المتفق عليه، جاز أن يُلزم بدفع تعويض عن الضرر الحقيقي الناتج عن التأخير.
هذا النوع جائز شرعًا، لأنه ليس زيادة على دين مؤجل، وإنما هو تعويض عن ضرر حقيقي لحق بالطرف الآخر.
الفرق بينهما :
يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح.
وبناء على هذا، فيجوز هذا الشرط – مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع)، إذا لم ينفذ ما التزم به، أو تأخر في تنفيذه .
خاتمة:
ينبغي الحذر وعدم التعامل مطلقًا ببنود غرامات التأخير على الديون، لأنها ربا محرّم، بينما يُكتفى بالشرط الجزائي المشروع في العقود التي تتعلق بالأعمال أو المقاولات.
قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].



