غزة.. غاصب وغاضب الفرقة نقطة

23 مارس 2025 19:59

هوية بريس – إبراهيم الطالب

الفرق بين الغاصب والغاضب نقطة، لكنها ليست كباقي النقط.

هي نقطة زائدة في مبنى الغاضب، ومحولِّة لمعناه من الغصب والظلم إلى الجهاد والمقاومة.

هذه النقطة جعلت الغاضب يعيش مع الغاصب جناسا غير تام في اللغة، يمنعه في الواقع من التطبيع مع ظالمه ومحاصِره ومجموِّعه.

وبهذا يكون التطبيع خيانة للغاضبين عونا للغاصبين.

هي نقطة إن تركتها أيها المسلم الغاضب لدينه وأمته تسقط، صرت متماهيا مع الغاصب، حينها تدخل جحر التطبيع الإجرامي مع كل نتن/ياهو.

إن النقطة الفاصلة بين الغاصب والغاضب هي في الحقيقة قنبلة حشوها الألم والمعاناة والقهر والأشلاء والدمار والظلم والحصار والتجويع، أجزاؤها آهات الثكالى ونواح الأرامل وصراخ الأطفال، الغارقين في بحور من دم أخواتهم وأمهاتهم وآبائهم؛ بحور حمراء لا يجفِّفها إلا الانتقام.

تلك العناصر والأجزاء التي تشكلت منها قنبلة الشّرف والكرامة، انصهرت كلها لتتحول إلى مادة كيميائية اسمها “الغضب”، إذا ضَغط عليها الغاضب الشهم انشطرت ذراتها لتدمر كل شيء بإذن ربها، سواء كان سلاحا أم جدارا فاصلا بناه غازٍ غاشم.

تلك النقطة قد تصير من لا شيء مثلثا أحمر يوضع فوق الميركافا أو على خوذة الغاصب، ليأتي بعدها صوت يعلو ليبلغ عنان السماء، وليُنزل الموت الأسود على قلوب المعتدين.

تلك النقطة الحمراء الشريفة إذا أحسن الغاضب استعمالها تمحو العار وترد الشنار، وقد تُبَلِّغ الغاضب الشريف دار القرار التي وعد الله المتقين الأبرار.

إننا نحتاج اليوم إلى أقلام ذات حبر شريف تعادي الغاصبين، وتضع فوق “صاداتهم” نقطا حمراء تدمرهم نصرة للغاضبين أصحاب الحق المحاصرين.

وخلاصة هذا كله أن “قنبلة الغضب” يجب أن ترميها الأمة بأجمعها في وجه الغاصب، انتقاما ودفعا لظلمه وكسرا لشوكته وإذلالا له جزاء لاعتدائه وتجبره.

قال الهيتمي في الزواجر: “قوة الغضب محلها القلب، ومعناها: غليان دمه لطلب الانتقام، وهذه القوة إنما تتوجه عند ثورانها إلى دفع مُؤذٍ قبل وقوعه، أو التشفّي والانتقام بعده”.

فهذا النوع من الغضب محمود بل واجب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يغضب، إلا إذا انتهكت حرمات الله.

فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: “ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط، حتى تنتهك حرمات الله، فينتقم لله”. البخاري.

فهل بعد كل هذه الانتهاكات تبقى القلوب مطمئنة لا يستفزها الغضب لتقوم في وجه الغاصبين!؟

فلا يتصور انتصار للدين ولا استنقاذ للأرض ولا حماية للعرض والمال دون هذه القوة الغضبية التي تردع المعتدي وتكف الظالم عن ظلمه.

وفي هذا السياق يجب وضع المعنى المشهور الذي ورد في الكلمة المنسوبة للإمام الشافعي: “من استغضب فلم يغضب فهو حمار”.

وقد شهد العالم أجمعه أن المسلمين قد استغضبوا، وحُق لهم أن يغضبوا.

فهل يرضى المسلمون أن يعيشوا حميرا؟؟

وما دام الصهاينة يعتبرون في تلمودهم أن الأغيار سوى اليهود هم دواب خلقت ليركبها “شعب الله المختار”، فأي تطبيع معهم هو رضا بالتحول من مسلم آدمي عزيز النفس إلى دابة تُركب وتهان.

وقد قال أحد شعراء العرب:

ولا يقيم على ضيم يراد به///

إلا الأذلان عير الحي والوتد

هذا على الخسف مربوط برمته///

وَذَا يشج فلا يرثي له أحد

وعير الحي هو الحمار الذي يركبه أهل الحي جميعا، يتناوبون في استعماله لقضاء حوائجهم، أما الوتد، فالمقصود به وتد الخيمة يضرب على رأسه بالقدوم، ولا يتحرك ولا ينتفض وإنما يزيد تسفلا في الأرض ونزولاً إلى القاع.

فهل يطلب من المسلمين أن يختاروا بين أن يكونوا حميرا يركبهم الصهاينة، أو يضربون فيسكتون ويقتلون فيخضعون؟؟

هذا الوضع لا يقبله الإسلام الذي لا يقبل الظلم ولا التعدي حتى على المخالفين له، ويدعو إلى الموت دون العرض والمال والأرض.

فأي سكوت عن هذا الحد أمام جرائم الصهاينة وتغلغلهم في جسد الأمة، وإهانتهم للكبير والصغير، هو إذلال لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

فلا يَترُك المسلم منسوب الغضب في نفسه يصل إلى درجة الصفر، حتى يستمرئ الخنوع والخضوع، فإن ذلك مذموم مرفوض معارض لكرامة المسلم الأبي.

قال الهيتمي في الزواجر أيضا: “ثم إن التفريط فيها (أي قوة الغضب) بانعدامها أو ضعفها مذموم جدا لانعدام الحمية والغيرة حينئذ، ومن لا غيرة له ولا مروءة لا يتأهل لشيء من أنواع الكمال بوجه من الوجوه”.

فالغضبَ الغضبَ، حتى لا تصبح بلاد المسلمين زريبة حمير يركبها أتباع التلمود.

وقد يحمل بعضهم كلامي على أنه دعوة إلى الفوضى، لا، إذ لا تنشئ الفوضى للحق استقرارا ولا نجاحا، في حين أن الغرب الصهيوني هو من يستعمل الفوضى لإسقاط حقوق الشعوب، كما فعل بوش الإبن وتوني بلير عندما أطلقوا حروب ما أسموه “الفوضى الخلاقة”، والتي من آثارها ما تعيشه العراق والشام واليمن.

أما الغضب الذي ندعو إليه هو الوقوف مع المظلوم من إخواننا وأهلنا، هو الاصطفاف مع الضعفاء الذين تجوِّعهم دول الديمقراطيين والحداثيين في غزة وفلسطين، باصطفافها مع الكيان الصهيوني الغاصب ودعمها لمجازره.

ندعو إلى غضب عارم حتى لا نفقد جميعا غيرتنا ومروءتنا، فإن فقدناهما فلن نكون أبدا أهلا “لشيء من أنواع الكمال بوجه من الوجوه”.. وحينها فلن نجد من يتحرك في بلادنا إذا ما صرنا إلى ما صارت إليه غزة وأهلها، ومن يطلع على سياسات الاحتلال الفرنسي في المغرب خلال 44 سنة يدرك أن خروجه كان بعد توفيق الله بسبب غضب المغاربة وغيرتهم ومروءتهم.

فدعوا المغاربة يغضبون، وبارك الله غضبا يدافع عن حرمات الله وهوية المسلمين وأعراضهم وأرضهم.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
16°
19°
أحد
18°
الإثنين
17°
الثلاثاء
17°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M