غزو المغرب.. العمليات العسكرية في جريدة السعادة الصادرة منذ سنة 1904 بتمويل فرنسي (ج3)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

الاستيلاء على القصيبة (جريدة السعادة، 15/4/1922)

بعدما بسطنا لقرائنا الكرام برنامج العمليات التي تقرر إجراؤها لسنة 1922، وأخبرناهم بعد ذلك بالشروع فيها بنقطتين من جبال الأطلس الوسطى، الأولى من جهة الشرق حيث قامت العساكر الفرانساوية المغربية باستئصال جرثومة المتمردين الساكنين بالجبال الكائنة بين وادي كيكو (بأعلى وادي سبو) ووادي ملوية الوسطى، والأخرى تقوم فيها حملة تادلة الجوالة لإتمام الاستيلاء على القصيبة التي كانت مركزا حصينا لزعيم البربر القديم موحا واسعيد.

وقد تقدم لنا أن ذكرنا أيضا في إحدى أعدادنا السابقة أن عساكر تادلة قد استولت من جهة على نقطة الميس ومن جهة أخرى على نقطة مديونة (جنوب تاونات)، وأن خسائر العصاة كانت فادحة جدا من هاتين النقطتين، وها نحن نخبر اليوم قراءنا بأن عساكر تادلة قد استولت على القصيبة المركز المهم الذي أشرنا إليه أعلاه وذلك حسب التفاصيل التي نذكرها هنا أيضا:

وردت أخبار ناحية تازة مفيدة بأن الهدوء كان مشهودا منذ اليوم السادس من الجاري بمنطقة العمليات بالجهة الجنوبية بدائرة المراكز وقافلات ناحية مرموشة وقد وقع تأخير حركات تقديم الطاعات الجارية بسبب تشتيت الفخذات.

هذا وإن مائة عائلة من آيت سماح قد عادت لقصبة الميس واستقرت في مكانها، وأن مولاي محمد السغروشني قد طلب من أرباب السلطة العسكرية هناك أن يأذنوه في أن يقدم لهم بعض الفخذات من آيت يوسي وآيت سغروشن حيث وردوا عليه يطلبون تقديم طاعتهم لجناب المخزن الشريف.

أما منطقة العمليات بجهة الشمال فإن بني علاهم أصحاب الوادي قد دخلوا تحت طاعة جناب المخزن الشريف، وقد انتقلت اليوم الحملة الجوالة بالشمال من مديونة إلى تيزين نتيلغامين بعد أن قطعت أراضي بني علاهم الممتدة من الجنوب إلى الشمال ولم تلاق في سيرها أدنى حادث.

ومن جهة أخرى فإن عساكر تادلة قد دخلت إلى القصيبة بعد أن حصلت على نتائج مهمة للغاية تلقينا في شأنها الأنباء الأخيرة الواردة من ناحية تادلة وزيان مفادها أن العساكر التي تم دخولها لمركز القصيبة كانت مؤلفة أولا من الكوم الجوال الذي مشى على طول الجبل من طهل تافراوت وإيفرن بعد أن سبقه أتباع المخزن الشريف بدائرة بني ملال، وثانيا من أتباع المخزن الشريف من وادي زم أبي الجعد الذين خرجوا من آيت الروادي وطلعوا على العقة والنساريف، وثالثا من أتباع المخزن من الزيانيين بعد أن خرجوا من زاوية ابن الشيخ ومروا على سيدي عمر الجناني، ولقد فوجئ العصاة بقدوم هذه العساكر فسقط ما بيدهم وغامرتهم أيادي الاضطراب ولم يسعهم إلا تسليم أنفسهم والتخلي عن كل مقاومة ضد الحملة الجوالة وأتباع المخزن من أبي الجعد، ما عدا البعض منهم فقد حاولوا أن يعارضوا العمليات التي كان يقوم بها أتباع المخزن الشريف من الزيانيين المعززين بقوم زاوية الشيخ وآيت اسحاق ومخازنية الخنيفرة، ولكن ما كادت أن تصل الساعة العاشرة من ذلك اليوم حتى تم الاستيلاء أيضا على النساريف في الساعة الرابعة بعد زوال ذلك اليوم، وقد خيمت حملة تادلة الجوالة على بعد 500 متر من غرب القصيبة، وكان عدد الأموات الذين تركهم العصاة عظيما جدا خصوصا أثناء عمليات الزيانيين وكوم زاوية الشيخ.

ولقد تحصل من نتائج العمليات التي تم بها الاستيلاء على مديونة والميس مع دخول بني علاهم تحت طاعة المخزن السعيد.

إن حملات تازة الجوالة قد أنجزت بكل نجاح الجزء الأول من برنامج العمليات التي خص لها القيام بها وكان أيضا من نتائج هذه العمليات التي خص لها القيام بها وكان أيضا من نتائج هذه العمليات نفسها التي تعد خطوة كبيرة في استئصال جرثومة المتمردين أن العساكر الفرانساوية المغربية قد ظفرت في ظرف 25 يوما بتكسير شوكة قبيلتين بربرتين من أشهر القبائل المعروفة بالشجاعة وبتقدمها على 60كلم في أعالي جبال الأطلس بعد أن نشبت مع العصاة أربع ملحمات لم تحصل لها منها إلا خسائر طفيفة جدا، لا تعد شيئا مذكورا بالنسبة لما ألحقته بالعصاة من الخسائر الفادحة جدا.

كما تحصل من نتائج العمليات التي تم بها الاستيلاء على مركز القصيبة أن العساكر الفرانساوية المغربية قد ألحقت بعصاة الشلوح ضربة قاضية فوجئوا بها فاضطربت أفكار خاصتهم وعامتهم، ولم يقوموا بعدها بأي عمل يحمل على أن في نيتهم الرجوع إلى المقاومة، وذلك دليل قاطع على أن الضربة التي أصابتهم عظيمة جدا لا يرجى لهم النهوض بعدها.

وهكذا صارت الآن جميع العمليات متوالية على أحسن نظام في تكسير شوكة العصاة والمتمردين وذلك بفضل مهارة أبطال العساكر الفرنساوية المغربية.